|
Re: رسالة الصلاة - الأستاذ/ محمود محمد طه (Re: جمال المنصوري)
|
الـدين..
الدين ما هو؟ للدين معان كثيرة.. فهو يعني الإكراه، ويعني الطاعة، ويعني القهر والغلبة..هذا في مستوى.. وفي مستوى آخر هو يعني السيرة، والنهج والمعاملة.. ففي المعنى الأول، ورد قوله تعالى: ((أفغير دين الله يبغون، وله أسلم من في السموات والأرض طوعا، وكرها، وإليه يرجعون؟)).. وفي المعنى الثاني ورد قوله تعالى: ((ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن، واتبع ملة إبراهيم حنيفا؟ واتخذ الله إبراهيم خليلا!)) والدين في هذين المستويين دينان، بينهما اختلاف مقدار.. ويمكن تسميتهما بالدين العام، والدين الخاص.. ويمثل الدين العام حلقة، خارجية، محيطة، ويمثل الدين الخاص حلقة، داخلية، محاطا بها.. فأما الدين العام فهو شأن الخلائق جميعها، وإليه الإشارة بقول الله تعالى: ((تسبح له السموات السبع، والأرض، ومن فيهن، وإن من شئ إلا يسبح بحمده، ولكن لا تفقهون تسبيحهم.. إنه كان حليما غفورا.)) وهو بذلك يعني الإرادة الإلهية التي قهرت العناصر، وسيرت الخلائق إلى مصيرها المقدور.. وعن هذا الدين لا يشذ شاذ، ولا يخرج عليه خارج.. ولا تقع فيه معصية من عاص.. فليس في حقه إلا الطاعة.. وفي شرعه، من عصى فقد أطاع، في عين ما قد عصى.. وليس بطاعة الطائع فيه عند الله عبرة.. وأما الدين الخاص فهو دين الجن والانس ـ وهو بذلك دين العقول المكلفة بترويض الشهوة.. وهو إنما سمي دين العقول لأن في شرعه تقع المعصية.. والمعصية هي مخالفة الحكم الشرعي في العمل، أو القول، أو كليهما.. وحكمة الحكم الشرعي قائمة في العقل الكلى القديم، ومراد هذا الدين تسيير العقل المحدث في طريق مرضاة العقل القديم، ولذلك فان العبرة في العمل فيه بالنية.. والنية هي استحضار القصد من وراء العمل في العقل، قبيل الشروع في العمل.. وحين يمثل الدين العام إرادة الله يمثل الدين الخاص رضوانه.. وإنما يستصفى الدين الخاص، من الدين العام، كما يستصفى ماء الأنهار، من ماء البحار، بفضل الله، ثم بفضل حرارة الشمس التي بها تبخير الماء، وتصريف الرياح، وتسخير السحاب بين السماء والأرض.. فالله، تبارك وتعالى، قد أرسل رسله لاستصفاء رضوانه من إرادته، كما سخر شمسه لاستصفاء مائه العذب، من مائه الملح.. ومصافي الرضوان من الإرادة هي العقول البشرية.. ومن أجل أن تقوى هذه العقول على الاضطلاع بهذه المهمة أمدها الله بالعقول الملائكية ـ بالوحي ـ بجبريل ـ وإنما الوحي مرحلة، ريثما تستغني العقول عنه، بفضل الله، ثم بفضل تفجير الطاقة التي أودعها الله في البنية البشرية.. وهذا أيضا ما من أجله قلنا أن الدين الخاص هو دين العقول.. وليست هناك كرامة ترجى، لا في الدنيا، ولا في الآخرة، إلا والعقول طريقها..
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
رسالة الصلاة - الأستاذ/ محمود محمد طه | جمال المنصوري | 01-23-14, 07:18 AM |
Re: رسالة الصلاة - الأستاذ/ محمود محمد طه | جمال المنصوري | 01-23-14, 07:20 AM |
Re: رسالة الصلاة - الأستاذ/ محمود محمد طه | جمال المنصوري | 01-23-14, 07:24 AM |
Re: رسالة الصلاة - الأستاذ/ محمود محمد طه | جمال المنصوري | 01-23-14, 08:39 AM |
Re: رسالة الصلاة - الأستاذ/ محمود محمد طه | جمال المنصوري | 01-23-14, 08:41 AM |
Re: رسالة الصلاة - الأستاذ/ محمود محمد طه | جمال المنصوري | 01-23-14, 08:42 AM |
Re: رسالة الصلاة - الأستاذ/ محمود محمد طه | جمال المنصوري | 01-23-14, 09:36 AM |
Re: رسالة الصلاة - الأستاذ/ محمود محمد طه | جمال المنصوري | 01-23-14, 09:37 AM |
Re: رسالة الصلاة - الأستاذ/ محمود محمد طه | جمال المنصوري | 01-23-14, 09:38 AM |
Re: رسالة الصلاة - الأستاذ/ محمود محمد طه | جمال المنصوري | 01-23-14, 09:39 AM |
Re: رسالة الصلاة - الأستاذ/ محمود محمد طه | جمال المنصوري | 01-23-14, 09:40 AM |
Re: رسالة الصلاة - الأستاذ/ محمود محمد طه | جمال المنصوري | 01-23-14, 09:42 AM |
Re: رسالة الصلاة - الأستاذ/ محمود محمد طه | جمال المنصوري | 01-23-14, 09:43 AM |
|
|
|