نبض الحروف

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-27-2024, 04:57 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-21-2013, 09:28 AM

الطيب عبدالرازق النقر
<aالطيب عبدالرازق النقر
تاريخ التسجيل: 06-14-2007
مجموع المشاركات: 1955

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نبض الحروف (Re: الطيب عبدالرازق النقر)

    .
    إقامـــة المجتمــع الفاضـل..الطيب النقر
    التفاصيل
    نشر بتاريخ السبت, 26 كانون2/يناير 2013 13:00
    إن من أهم مقاصد الشريعة، سعادة الناس فى دنياهم وآخرتهم، وذلك بإيجاد المجتمع الفاضل الذي يأمن الناس فيه على دينهم و أنفسهم وأموالهم وأعراضهم وعقولهم دون تمييز، لذا حدد الشرع هذه الضرورات وحرص على حمايتها بوضع عقوبات صارمة وشديدة لكل من يعتدي على أي منها، لا فرق بين رئيس ومرؤوس، ولا بين غنى وفقير وإنما الجميع سواء أمام أحكام الله فيما شرع وحدد لتحقق المساواة التامة بين الناس فلا يطغى قوي، ولا يعصف سلطان بضعيف. كما أن الشارع الحكيم يريد أن تكون هذه العقوبات المحددة كالشواهد الهادية إلى عقوبات الجرائم الأخرى فمثلاً من ارتكب أى جريمة من جرائم الحدود أو جرائم القصاص حُكم عليه بالعقوبة المقدرة من غير زيادة أو نقصان هذا إذا كانت الجريمة كاملة أى مستوفية لكل شروطها فإذا لم تستوفِ الجريمة كل هذا اهتدى القاضي إلى العقوبة المقدرة بحيث يخفف على الجانب بمقدار ما فقدت جريمته من مقومات أو شروط الكمال لهذه الجريمة، فكلما اقتربت جنايته من حد التمام اقتربت كذلك عقوبته من حد الكمال، وكلما ابتعدت جنايته من الجريمة الكاملة ابتعدت عقوبته كذلك بنفس النسبة، فالعقوبة تكبر وتصغر بكبر الجناية وصغرها مهتدين فى تقدير ذلك بالعقوبات المشروعة والمحددة.
    وإذا بدا فى بعض الحدود شيء من الشدة في نطاق ضيق محدود فإنها تفضي إلى رحمة واسعة شاملة بالنسبة للمجتمع كله، وإذا خولت العاطفة للبعض أن ينظروا إلى الجاني في جرائم الحدود بعين العطف، فإن الأجدر بهذه النظرة هو المجتمع الذي يجب أن يعيش أفراده في أمن وطمأنينة، ومع هذا فالإسلام تشدد في وسائل إثبات الحدود. فالإسلام يوفر الضمانات الكاملة والكافية لكل متهم حتى لا يؤخذ بغير دليل ثابت، ولذلك كان من المبادئ المقررة في الشريعة أنه لا يصح الحكم بالعقوبة إلا بعد التثبت من أن الجاني ارتكب الجريمة، فإن كان هناك شك في ارتكاب الجانى لجريمته ولم تتقرر بالنسبة له أدلة الإثبات وجب العفو عنه، وأصل ذلك المبدأ قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الإمام إن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة». ومن جهة أخرى نجد أن أدلة الإثبات التي قررتها الشريعة فى الحدود دقيقة قلما تثبت إلا على محترفي الإجرام، فهي في الزنا مثلاً الإقرار أو أربعة شهود رجالاً يقرون برؤية الفعل، فإذا لم يتكامل العدد أربعة وأصر واحد أو اثنان أو ثلاثة على قولهم اعتبر من أصر قاذفاً ويحد حد القذف، وفي القذف بشهادة اثنين أو بالإقرار بعد الدعوى، وفي السرقة الاعتداء على مال الغير المتقوم المحرز خفية...الخ تلك الشروط. ولا بد معها من الإقرار وشهادة اثنين. وفي الشرب مثل السرقة بالإقرار أو بشهادة اثنين، ومثل هذه الشروط لا تنطبق إلا على المصر المجاهر بمعصيته الذي تكررت منه حتى أمكن أن تقع منه علناً، ويضبط متلبساً بها، ومن حق المجتمع أن يحمي نفسه ممن لا يأبه بحرمة الله دون استثناء لأي اعتبار كان، ولذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقيم الحدود دون مجاملة.
    وزيادة على ذلك، فإن من الأمور التي تدل على كون الشارع لا يقصد العقوبة إلا للمجاهر بمعصيته الضارب بشرع الله عرض الحائط أن الشريعة رغّبت في الستر، وحثت عليه سواء من قبل الجاني بأن يستر على نفسه أو من اطلع على معصيته أن يستر عليه، فقد ورد «عن زيد بن أسلم: أن رجلاً اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط فأُتي بسوط مكسور، فقال فوق هذا، فأُتى بسوط جديد لم تقطع ثمرته، فقال: بين هذين، فأُتِىَ بسوط قد رُكب به فلان، فأمر به فجُلِد، ثم قال: أيّها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله، فمن أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله، فإنه من يُبْدِ لنا من صفحته نُقِمْ عليه كتاب الله عز وجل». ولقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم أن من ستر مسلماً أصاب حداً وحثه على التوبة مقدماً على إقامة الحد عليه.
    ولم يكتف الشارع بأمر الجاني أن يستتر بستر الله، بل حثّ من اطلع على معصية أخيه أن يستره، ورغّب في هذا العمل بأن يكافئ من فعل ذلك فيستره يوم القيامة والجزاء من جنس العمل. فقد أخرج الترمذي في سننه «عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نفس عن مسلم كُربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسّر على مُعسرٍ في الدنيا يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر على مسلم مسلم في الدنيا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
    فضلاً عن ذلك فليس للشارع هدف في إلصاق التهم بالمنضوين تحت لواء الدين الإسلامي الحنيف، فلا يستحق العقوبة إلا من ثبتت إدانته، وكل متهم بريء حتى يثبت اقترافه الجرم، فالحدود تدرأ بالشبهات، وقاعدة درء الحدود بالشبهات هذه من القواعد التي أوردها المحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بروايات متعددة في مسائل كثيرة وقعت في أوقات مختلفة، وهي قاعدة مؤداها أنه حيث قامت لدى القاضي شبهة في ثبوت ارتكاب الجريمة الموجبة لعقوبة من عقوبات الحدود وجب عليه ألا يحكم على المتهم بعقوبة الحد، وقد يجوز مع ذلك الحكم على المتهم بعقوبة تعزيرية في حالات معينة، فالشبهة كما تؤدي إلى الحكم ببراءة المتهم مما أسند إليه، قد تؤدي إلى تغيير وصف التهمة بحيث يدان المتهم في جريمة أخرى غير التي رفعت عليه الدعوى عنها، فمن لم تقم البينة على ارتكابه الجريمة الحدية بالصورة التي يقتنع معها القاضي ويصل اقتناعه إلى حد اليقين بأن الشخص الماثل أمامه قد ارتكب الجناية الحدية التي أُقيمت بينتها عليه، لم تلزم هذا المدعى عليه عقوبة الجناية الحدية ووجبت تبرئته من هذه الجناية لأن الأصل فيه البراءة.


    فقه العقوبة: إصلاح حال الجاني..الطيب النقر
    التفاصيل
    نشر بتاريخ السبت, 22 كانون1/ديسمبر 2012 13:00
    تقوم العقوبة في الشريعة الاسلامية «على مبدأين عامين، الأول يعنى بمحاربة الجريمة ويهمل شخصية المجرم، الثاني يعنى بشخصية المجرم ولا يهمل محاربة الجريمة. ويكون الغرض من الأول حماية الجماعة من الإجرام الخالص، وأما الغرض في الثاني فهو اصلاح الجاني».
    وربما يلوح للناظر أن هناك ثمة تضارب بين المبدأين وأنه من الاستحالة بمكان أن يُحمى المجتمع من شرور الجريمة التى تثير الذعر فى أوصاله دون إهمال شأن المجرم الذى تسبب فى إثارة تلك البلبلة والهلع، كما أن العناية بشأن المجرم تؤدى إلى التفريط والتهاون بأمن وسلامة المجتمع.
    وقد جمعت الشريعة بين المبدأين بطريقة تزيل ذلك التناقض والتضارب الظاهر، تُمكِن المجتمع من أن يكون آمناً فى سربه وتجعل أفراده مقيمين تحت سماء الأمن ويتقلبون على مهاد الدعة، وفى ذات الوقت لا تهضم المجرم حقه من الرعاية والاهتمام.. «ذلك أن الشريعة أخذت بمبدأ حماية الجماعة على إطلاقه، واستوجب تحققه في كل العقوبات المقررة للجرائم، فكل عقوبة يجب أن تكون بالقدر الذى يكفى لتأديب المجرم على جريمته تأديباً يمنعه من العودة إليها، ويكفى لزجره وزجر غيره عن التفكير بمثلها، أما مبدأ العناية بشخص المجرم فقد أهملته الشريعة بصفة عامة فى الجرائم التى تمس كيان المجتمع حيث إن حماية الجماعة اقتضت إهمال شخص المجرم. لكن الجرائم من هذا النوع قليلة ومحددة وما عدا ذلك من الجرائم ينظر فى عقوباتها إلى شخص المجرم ويكون محل تقدير القاضي عند الحكم بالعقوبة.
    ومن المظاهر التى تدل على أن من أغراض العقوبة فى الفقه الاسلامى إصلاح الجاني، وأن القصد منها ليس الانتقام من المذنب نظير الجرم الذى ارتكبه بل الإصلاح والتهذيب وكما قال الماوردى فى العقوبة: «أنها تأديب استصلاح وزجر يختلف بحسب اختلاف الذنب». والدلائل على ذلك أكثر من أن يحصيها بنان أورد منها «ما اشترطه الفقهاء فى الآلة المستعملة فى تنفيذ القطع والجلد بحيث يكون تنفيذ العقوبة بالجانى زاجراً وليس مهلكاً له.
    كذلك يشترط الفقهاء عند توقيع عقوبة الجلد فى جرائم التعزير أن لا يؤدى الى الإتلاف، فإقامته مقيدة بشرط السلامة». فالعقوبة إنما قررت لاصلاح الجانى، لا للانتقام أو التشفى منه، «فالمجرم إذا شعر بالألم وأحس به فإنه سيشعر حتماً بمقدار ما تسبب به للآخرين من الألم، مما يولد حالة صحوة الضمير فى نفسه، ذلك الذى يدفعه إلى تأنيبها مما يؤدى بالنتيجة إلى الإقلاع عن الأعمال الإجرامية». بينما يختلف الأمر فى الشرائع الوضعية التى ترمى شريعة الإسلام السمحاء بالإيغال فى الوحشية نجد أن «طابع العقاب فى التشريعات القديمة، يميل إلى البشاعة والانتقام، وكان التنفيذ قاسياً محاطاً بالكثير من ضروب التنكيل فتنفيذ عقوبة الإعدام، كانت تسبقه أنواع من التعذيب التى لا مبرر لها، وكانت وسيلة التنفيذ فى حد ذاتها تتضمن تعذيب الجانى لا مجرد إزهاق روحه». ووسائل الشريعة الإسلامية فى إصلاح حال الجانى كثيرة ومتعددة، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر أن معظم الأحكام التى تصدر عليه بدنية ولا تتجاوز بدنه إلى غيره فلا تشمل مصادرة ما يملكه أو الحكم عليه بمبلغ مالى ضخم يجعله هو وعترته يتكففون الناس، وعند الحكم عليه بالحبس راعت الشريعة التضييق فى المدة للأضرار التى ربما تنجم من طول حبسه إذا كان عائلاً ومتزوجًا أو له والدان ولت شدتهم وذهبت منتهم وبلغوا ساحل الحياة وليس لهم ابن يتعهدهم بالعناية سواه، وكذلك للأخطار التى قد تحدث له جراء طول مدته فى السجن كاختلاطه بعتاة المجرمين وسفلتهم فيزيد أمره ضغثاً على ابالة. إلى جانب ذلك نجد أن الشريعة الاسلامية تشجع المجتمع أن يتقبل الجانى، بعد تنفيذ العقوبة وتحث على عدم التعرض له بالأذى والتضييق عليه فى سعيه للرزق، وأن تتغاضى عن سقطاته التى كان فيها وتعينه على أن ينأى بنفسه عن دائرة السوء، وتدفعه لانتهاج الطريق القويم، والتزام المنهج الربانى الذى يكفل له السعادة في الدارين .


    شفاء غيظ المجني عليه..الطيب النقر
    التفاصيل
    نشر بتاريخ السبت, 19 كانون2/يناير 2013 13:00
    السمة الواضحة فى الشريعة الإسلامية أنها راعت حقوق العباد، وكفلت لهم ما تشرئب إليه مهجهم ومكَّنتهم من إطفاء نيرانهم المتأججة وإخماد ضرام سخائمهم المتقدة التى ذكاها مجرم خارج على الشرع تعدّى فيها على شرف أثيل أو أزهق روح إنسان نبيل، فالشرع الإسلامى عظيم الصولة والأخذ، شديد القوى والأسر، لا يتوانى فى ردع كل صائل متعدٍ وبتر هامته وجعله مثلاً مضروباً ونكالاً مرهوباً، ولا يعد ذلك انتقامًا اللهم إلا إذا حسبنا أن إشاعة العدل بين الناس انتقاماً، والشريعة الإسلامية فطنت لتلك المشاعر التى تعتري من ذاق مرارة الظلم والرغبة الجامحة فى التشنيع والتنكيل التى تجتاح من ذُلت ناصيته واستُِبيحتْ محارمه من الخليع الذى لا يردعه توبيخ والممعنّ الذى لا ينفعه تعنيف وربما لا يقتصر الأمر على الجاني فقط بل قد يتعداه ليشمل ذويه وعترته، فجريمة القتل الأولى قد تتبعها أخرى طلباً للثأر، ويتبع الثانية ثالثة للسبب نفسه وهكذا تتوالى سلسلة الجرائم ويعيش المجتمع في أتونها وحرها، لأجل ذلك شُرِع القصاص حتى ينقذ المجتمع من العطب والدمار، القصاص أو العقاب بالأحرى الذي يشفي غيظ المجني عليه وأفراد أسرته من الحيف الذي طالهم.
    ولقد «كان القصاص العقوبة الأساسية في الإسلام بالنسبة للجرائم الواقعة على الأشخاص؛ لأنه يشفي غيظ المجني عليه؛ وذلك لأن مفقوء العين لا يُشفي غيظه مال من الجاني مهما كان قدره، ولا سجن مهما كانت مدته، ولكن يشفي غيظه أن يجده مفقوء العين، ومن لطم في مجتمع عام لا يشفي قلبه غرامة مهما زاد مقدارها، ولا سجن مهما يكون أمده ولكن يشفي غيظه أن يلطم وجه المعتدي على ملأ من الناس وهكذا فإن قانون المساواة يوجب أن تتساوى العقوبة مع الجريمة، وأن يتساوى الأذى الذي نزل بالمجني عليه مع الأذى الذي ينزل بالجاني عقوبة له على ما اقترف والبادئ بالشر أظلم، بل لا ظلم في القصاص، والظلم كل الظلم في أن يُترك الجاني من غير قصاص». والقوانين الحاضرة التى ابتدعتها طائفة من البشر لا ترقى إلى السمو والكمال الإلهي فالقوانين الوضعية يحيط بها القصور من كل جانب لأن القصور والخطأ من شيم البشر والكمال صفة لا يتصف بها إلا الرب عز وجل، وخير دليل على قصور تلك القوانين وفشلها في درء الجريمة وشفاء غيظ المجني عليهم أن الجرائم تترى في تلك المجتمعات التي تُطبق فيها تلك القوانين الوضعية، بينما تنعم المجتمعات التي أقرت بشريعة الله وارتضت بأحكامه بسكينة وطمأنينة، لأن الشرع الإلهي يعلم مكنون تلك النفس وما يجيش في دواخلها من مشاعر ورغبات، قال تعالى: وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً الإسراء:33 وهي بذلك تغلق الباب أمام الإحن والمصائب التي قد تنجم من الرغبة في الأخذ بالثأر والتي لم تنجح قوانين البشر في اقتلاعها وإطفاء جذوتها، ولا يفكر المجني عليه أو من لحق به الضيم في الثأر والانتقام.
    إن تمكين المجني عليه أو أولياء الدم من الجاني لاستيفاء حقهم في القصاص من شأنه أن «يساهم في تهدئة الخواطر والنفوس المضطربة وبسبب برودة الأعصاب والدماء الثائرة، ومن ثم شفاء غيظ المجني عليه أو أولياء الدم مما يخفف من رغبة الانتقام والأخذ بالثأر، على العكس مما لو لم يُمكَّن المجني عليه أو أولياء الدم من استيفاء حقهم في القصاص حتى لو عوقب الجاني بالحبس أو الفراق، فمن شأن ذلك أن يزيد في ثورة النفوس والدماء والغضب فيدفع هؤلاء باتجاه الانتقام والثأر استجابة للدواعي المذكورة في أنفسهم». ولعل هذا الأمر تفردت العقوبة الشرعية، بخلاف القوانين الوضعية التي أغفلت هذا الجانب، وفاتها بذلك صون الكثير من الدماء التي أريقت طلباً للثأر وإقالة عثرات الكثير من العباد الموتورين الذين تراصوا لنداء الانتقام بعد أن امتلأت صدورهم سخماً وضغينة. ومع أن الشريعة الإسلامية «جعلت العقاب لشفاء غيظ المجني عليه إلا أنها لم تهمل الحق العام أي «حق المجتمع». فاعتبرت الشريعة أن من قتل شخصاً بغير حق فكأنما قتل الناس جميعاً، قال الله تعالى: ِمنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعا المائدة:32. ولتحقيق المعنى الشخصي جعل الشرع لولي الدم الحق في رفع الدعوى وإسقاطها، والعفو»، وقال الله تعالى فى القصاص: َمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ البقرة:178


    لتشريع المفترى عليه..الطيب النقر

    التفاصيل
    نشر بتاريخ الأحد, 28 تشرين1/أكتوير 2012 13:00
    هناك قاعدة فقهية أعملها جمهور الفقهاء في المجال العقابي هي أن الحدود تُدرأ بالشبهات، فمتى وُجدت شبهة لم يعد في إمكان القاضي الحكم بالعقوبة الحدية لهذه الجريمة التي خالط أحد أركانها أو دليل إثباتها شيء من ذلك، وهي صورة مثلى من من صور الاحتياط والتدقيق في تنفيذ الحدود في الشريعة الإسلامية كما أنها تمثل ضمانة لحقوق الإنسان وعدم أخذه وعقوبته بما لا يكون ثابتًا عليه ثبوتًا بينًا لا شك فيه». وبقدر ما تشددت الشريعة الإسلامية في العقوبات التي فرضتها لجرائم الحدود، بقدر ما حرصت على التضييق من نطاق توقيع هذه العقوبات، ويبدو هذا الحرص جليًا في الشروط الخاصة للإثبات التي تتطلبها الشريعة الإسلامية، كما يبدو في الندب إلى ستر العيوب وعدم التطوع بالإبلاغ عنها أو الإقرار بها» فليس المراد بالحدود التشفي والتشهي وإيقاع الناس في الحرج وتعذيبهم بقطع أعضائهم أو قتلهم أو رجمهم وإنما المراد هو أن تسود الفضيلة، ومن هنا نجد أن الشرع الشريف ييسر في هذه الحدود، فقاعدة «درء الحدود بالشبهات» تجعل الظن والشك في صالح المتهم» ولذلك لم يوجب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه القطع عام الرمادة حيث عمَّت المجاعة، ولم يقطع كذلك في حادثة خاصة، عندما سرق غلمان حاطب بن أبي بلتعة ناقة من رجل من مزينة. فقد أمر بقطعهم، ولكن حين تبين له أن سيدهم يُجيعهم، درأ عنهم الحد، وغرَّم سيدهم ضعف ثمن الناقة تأديبًا له. وهكذا ينبغي أن تُفهم حدود الإسلام، في ظل نظامه المتكامل، الذي يضع الضمانات للجميع لا لطبقة على حساب طبقة والذي يتخذ أسباب الوقاية قبل أن يتخذ أسباب العقوبة».
    وبناء على ذلك، يجب علينا دراسة التشريع الجنائي الإسلامي دراسة مقاصديّة تُبرز حِكمه والمصالح المنوطة به لإثبات خلاف ما ادعاه أعداء الإسلام بأنه نظام قديم بائد موغل في القسوة والتشفي، وحتى نعيد الاعتبار لهذا «الجزء المنبوذ والمظلوم في الشريعة الإسلاميّة»، وإزالة ما أُثير حوله من شبهات وأباطيل. ولقد عبّر عبد القادر عودة رحمه الله عن هذا الموقف العدائي من التشريع الجنائي بقوله: «أما القسم الجنائي فهو في عقيدة جمهور رجال القانون لا يتفق مع عصرنا الحاضر ولا يصلح للتطبيق اليوم، ولا يبلغ مستوى القوانين الوضعيّة. وهي عقيدة خاطئة مضللة» لأنها مبنيّة على جهل بنظام العقوبات الإسلامي، والغاية من إيقاعها على الجناة المعتدين على حدود الله.



    عدالة الشريعة الغراء..الطيب النقر
    التفاصيل
    نشر بتاريخ السبت, 02 آذار/مارس 2013 08:02
    بسط العدل وإقراره هو أهم الدعائم الأساسية التي يقوم عليها صرح الدين الإسلامي، فالعدل أساس الحكم، والنبي الخاتم عليه الصلاة والسلام تحرى القسط والسويَّة في كل معاملاته، وفي شتى ضروب حياته، وبتتبع سيرته الزاخرة بالعظا والعطاء نجده قد دعا إلى العدل في الحكومة، وحَسَم مادة الخصومة، وآثر الإنصاف، ولزم حلسه، ونزع الخلاف، واتقى الجور والشطط، والعدل هو قاعدة من قواعد الشريعة الإسلامية فالله سبحانه وتعالى يقول: ( َقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ). الحديد:20. وقال عز من قائل ِ: (إنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ). النمل:9.
    والعقوبة هى «عبارة عن ردة فعل المجتمع تجاه العدوان الذي وقع عليه أو وقع على بعض أفراده، بدون وجه حق، والعدوان في مواجهة العدوان يعتبر عدلاً، لأنه قضاء على أسباب هذا العدوان ومنع انتشاره فى ربوع المجتمع وإنقاذ سفينته من أن تهوي في أعماق البحار».فالعقوبة إذن من شأنها أن تعيد العدل والحق إلى نصابه كقيمة ثابتة يفنى المجتمع ويتناحر دونها، ويعتدي القوى منهم على الضعيف المهيض الجناح، وتجعل قانون الغاب هو السائد على ظهر البسيطة، وإضافة إلى ذلك فإن الجريمة «تثير شعور هذه الانفعالات الجماعية بإنزال العقاب على كل من يعتدي على قيم المجتمع، وإلا اتخذت هذه الانفعالات الجماعية شكل الانتقام من الجاني أو ذويه».
    ومن شعائر العدل المساواة في الشريعة الإسلامية أنها عامة تشمل جميع شرائح المجتمع شريفهم و########هم، أميرهم وخادمهم، دون النظر إلى شرف المذنب الأثيل، ومجده الأصيل، أو علمه الغزير، بل نجدها تطبق على كل من اجترح ذنباً، أو اكتسب إثماً، ضاربة بهيبته ومكانته الاجتماعية عرض الحائط »، حتى إن الدية المقدرة في الشريعة الإسلامية حقاً للمجني عليه أو ولي دمه في جرائم القتل والجروح، وإتلاف الأطراف تساوي بين الناس أياً كان المركز الاجتماعي للمجني عليه، فهي لا تزيد ولا تنقص بزيادة أو نقص قدره».
    ومبدأ المساواة في العقوبة لم يكن في شريعة الإسلام مجرد نظريات تحفل بها طيات الكتب، وثنايا الفكر، وخطفات الأحاديث، بل كان واقعاً ملموساً عاشته البشرية على أوسع نطاق في عهود الإسلام الزاهرة، فالسيرة العطرة لخير البرية عليه أزكى الصلاة وأفضل التسليم، وخلفائه البررة الميامين، وصحابته الأجلاء عليهم رضوان الله ورحمته، تخبرنا عن أبواب الجور التى كانت موصدة، ونيران الحيف التى كانت خامدة، وسيول العسف التى كانت هامدة، تلك الحمم والنيران التى لم تستعر وتفدح كاهل الأنام فى شتى أرجاء المعمورة بالمؤن المجحفة، والأجعال الثقيلة، والعدوان الموبق، إلا بعد أن طوى الزمان خيرة القرون الثلاثة، فهناك الكثير من الأحداث والوقائع التي سجلها التاريخ بكل فخر وإعزاز، تروي عظمة هذا الدين وسعيه الدؤوب لتطبيق دعائم العدل والإنصاف، ويكفي أن القرآن الكريم ذلك الكتاب المحكم السبك، الدقيق العبارة، الذي يأخذ بعضه برقاب بعض، قد حوى بين دفتيه على أعظم برهان يدعو للعدل ويطبقه بتجرد ضارباً بالسخائم والأحقاد عرض الحائط، يتجلى فى قوله تعالى: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ). المائدة:8.
    أما السنة فهي حافلة بالأمثلة التى تدعو إلى نهج الهدى وسواء السبيل «فعن عائشة رضى الله عنها أنّ قريشاً أهَمّهُمْ شأن المرأة المخزومية التى سرقت فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حِبُّ رسول الله، فكلمه أسامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتشفع فى حد من حدود الله؟) ثم قام فاختطب فقال: (إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايْمُ الله لو أنّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها). وفى رواية: (فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (أتشفع فى حد من حدود الله؟) قال أسامة: استغفر لى يارسول الله، قال: ثم أمر بتلك المرأة، فقُطِعت يدها). وأيضاً قوله عليه الصلاة والسلام فى حجة الوداع: (يا أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ولا فضل لعربى على عجمى، ولا عجمى على عربى، ولا أحمر على أسود، ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى، إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم، ألا هل بلغت؟ فليبلغ الشاهد الغائب)، إن هذا المبدأ السامى الذى وضعه نبى الإسلام هو الذى جعل وفود الناس تترى طائعة مختارة لحمى الدين الخاتم، لائذة به من مرائر العنت والجور، ففى ذلك العهد مات ضمير الإنسان، وتأسنت روحه وسادت معالم الظلم والشطط على قيم العدالة والإخاء، فى تلك الحقبة تغول الجبابرة ووجهاء القوم على مهيضى الجناح ممن لم يرزقوا منعة القبيلة، أو عزوة الحسب والمال، فسلبوهم حريتهم ######روهم لإرضاء نزواتهم وشهواتهم، وقيض الله لهم الحرية على يد هذا الدين العظيم الذى أبان فيه نبيه المعصوم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم أن أساس التفاضل ليس النسب الرفيع أو المال الوفير، أو نفوذ القبيلة وسطوتها بين القبائل، وإنما أساس التفاضل قيمة سامية هى التى تحدد مكانة الشخص ورتبته عند الخالق عزوجل وعند عباده فالتقوى والورع هو الذى يقود العبد إلى مقامات رفعية، وفضاءات لا يحلق معها جاه عريض، أو شرف تليد.
    والمساواة هى أهم عامل جذب أولئك القوم لاعتناق الإسلام، والذود عن حياضه، بعد أن لاح لهم أن الناس كافة شريفهم و########هم أمام الشرع سواء، وأن الدين الخاتم لا يكترث لتلك التقاليد الممجوجة التى كانت سائدة قبل فترة وجيزة فيفضل عرقًا على عرق، ويعضد لونًا على لون، بل الناس جميعهم باختلاف مشاربهم وسحناتهم سواء، «لا فضل لعربى على عجمى إلا بالتقوى» ففى هذا الحديث نستشف حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على توطيد مبدأ المساواة، ومحاربة عادات تغلغت فى الصدور، ورسخت فى الأفهام، وصارت سجية يزاولها الناس دون اكتراث أو استهجان، وهى قضية التباهى بالأنساب وتصنيف الخلق إلى طائفتين الأولى ذات شرف باذخ، وعزوة تناطح النجوم، وتزاحم موكب الجوزاء، وأخرى ########ة النسب، موصومة الحسب، ينظر لها ذوو السيادة ومن ينزعون إلى عرق كريم، كما ينظر الرجل إلى قلامة ظفره، لقد كانت هذه الفوارق غائرة فى أعماق المجتمعات، ولعلها ما زالت و لا يحطمها إلا تقرير هذا المبدأ السامى الذى يرد الناس جميعهم باختلاف مشاربهم وسحناتهم إلى رب ذرأهم من عدم، وأنشأهم من فراغ، ولهذه الأحاديث صور تفوق الإحصاء.
    ولقد سعت التشريعات الحديثة أن تقتفى أثر الإسلام في هذا التطبيق من حيث المبدأ، لكنها «لم تبلغ ما بلغه الإسلام من الكمال فى التطبيق حتى فى أرقى الدول المتقدمة وأشدها حرصاً على الديمقراطية، فالتعويض عن المجنى عليه يتفاوت بتفاوت الوضع الاجتماعى للمجنى عليه، وللعقوبة حد أدنى وأعلى كما للقاضى سلطة تقديرية فى أن يختار منها مايراه تبعاً لمصلحة الجانى أو مراعاة الصالح العام».
    إن الحكم الإسلامى يلزم الراعى والرعية على حد سواء بحقوق وواجبات، يخضع لها الأقوياء فضلاً عن الضعفاء، وتسرى أطرها على الناس قاطبة تدفع عنهم شراً، وتورد عليهم سروراً بقدر متساو، ولا تكون حكرًا على عرق دون عرق، ولا على طائفة دون أخرى، فالجميع أمام شرع الله سواء.
    ومن أوجه العدالة، فى عقوبات الحدود والقصاص والتعازير، أن العقوبة تتناسب مع الجريمة تناسبًا تاماً، فلم يشرع سبحانه وتعالى كما يقول ابن قيم الجوزية في «الكذب قطع اللسان ولا القتل، ولا فى الزنا الخصاء، ولا فى السرقة اعدام النفس، وأن ما شرع لهم فى ذلك ما هو موجب أسمائه وصفاته من حكمته ورحمته ولطفه واحسانه وعدله، ومن المعلوم أن النظرة المحرمة لا يصلح الحاقها فى العقوبة بعقوبة مرتكب الفاحشة، ولا الخدشة بالعود بالضربة بالسيف، ولا الشتم الخفيف بالزنا والقدح فى الأنساب، ولا سرقة اللقمة والفلس بسرقة المال الخطير العظيم».
    وينبغي أن نلاحظ أن الشريعة الإسلامية الغراء لم تكفل العدالة للمعتدى عليه فحسب، بل شملت المتهم والجاني أيضاً، فلقد وضعت ضوابط ومعايير حتى لا يعاقب الشخص بدون جريرة أو دليل دامغ، فالأصل براءة الذمة والحدود تُدرأ بالشبهات، كما وضعت أحكاماً خاصة فى طرق إثبات الجناية.


    الرياضة ضرورة يقتضيها الدين ..الطيب النقر
    التفاصيل
    نشر بتاريخ السبت, 01 كانون1/ديسمبر 2012 13:00
    نحن إذا أمعنا النظر في شريعتنا الغرّاء لوجدناها حافلة بالكثير من الشواهد والأمثلة التي تحفِّز على مزاولة ضروب الرياضة التي نجدها الآن قد ملكت الألباب وأثارت الإعجاب وفجّرت الحماسة بين نواطير الشباب وكهولهم، والأصل في الشريعة الإسلامية أن كل ما يزجي نفعاً للأمة تتعهده المحجة البيضاء بالرعاية وتحيطه بالاهتمام وتأمر شيعتها بالتهافت عليه، فالرياضة ضرورة ملحة تدخل على المؤمن فيضاً من الترويح يؤهله لمعاودة العبادة والتحنُّث بعزم لا يكلُّ وجهد لا يفتر، كما أنها تجنبه شآبيب البلاء ومنازلة الداء فقد برهن الطب الحديث أن الرياضة تقي البشر من المهالك والحتوف حتى ينقضي الأجل ويأفل نجم صاحبه وأن من انقطع عنها سقاه الكسل الصاب والعلقم وجرّ عليه عللاً ما أنزل الله بها من سلطان، والرياضة أيضاً تحافظ على متانة المؤمن وشدته وتجعل منه رجلاً قوي البنية عظيم التجاليد فـ«المؤمن القوي خير وأحبّ إلى الله من المؤمن الضعيف»النسائي:السنن الكبرى. كما أخبر خير من صاغه الله من عدم، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
    وأراني لا أشطط إذا زعمت أن الرياضة تحافظ على اعتدال المرء وانسجامه مع نفسه، لذا لم ينكر الرسول صلى الله عليه وسلم أو يشنِّع على من يمارس أنشطة الرياضة لما تشتمل من جوانب ترويحية وإجمام للنفس، فقد مرّ عليه الصلاة والسلام «بقوم يربعون حجر أي يرفعونه ليعرفوا الأشد منهم فلم ينكر عليهم» ومن المعلوم أن عدم إنكاره صلى الله عليه وسلم عليهم فيه إقرار وموافقة على ما كانوا يفعلونه، فلو كان فيه محذور شرعي لنهاهم عنه، لأن النبى صلى الله عليه وسلم «كان في سفر مع الحميراء عائشة رضي الله عنها فسابقته على رحلها فسبقته قالت: فلما حملت اللحم سابقته فسبقني فقال: هذه بتلك». وسابق سلمة بن الأكوع رضي الله عنه رجلاً من الأنصار بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم في يوم ذي قرد و«صارع النبيُّ صلى الله عليه وسلم ركانة فصرعة».المغني: ابن قدامة المقدسي.
    ونجد أنّ النبيَّ عليه صلاة الله وسلامه عليه في الحديث الذي رواه عقبة بن عامر رضي الله عنه يعاتب من حذق فن الرماية ثم هجره فقد قال عليه الصلاة والسلام:«من عَلِمَ الرمي ثم تركه فليس منا أو قد عصي».صحيح مسلم. والإمام الشوكاني ــ رحمه الله ــ قد علّق على هذا الحديث قائلاً: «وفي ذلك إشعار بأن من أدرك نوعاً من أنواع القتال التي ينتفع بها في الجهاد في سبيل الله ثم تساهل في ذلك حتى تركه كان آثماً إثماً شديداً، لأن ترك العناية بذلك يدلُّ على ترك العناية بأمر الجهاد، وترك العناية بالجهاد يدل على ترك العناية بالدين لكونه سنامه وبه قام». ومن يقع في مثل هذا الخطأ الفادح لأوجعته الأوزام ولنالت منه الأقزام فلقد قاده نسيانه لتلك المهارة التي يترتب عليها الذود عن بيضة الدين لهذا المنحدر الوعر الذي تردى فيه، وتعلُّم الرماية وغيرها من ضروب الرياضة فرض كفاية أي إذا قامت به ثلة من المسلمين سقط عن غيرهم وإن كان تعلم فنون القتال أوشك أن يكون فرض عين على المسلمين قاطبة ولا خيار لأمة محمد صلى الله عليه وسلم في الأخذ به أو تركه أمام تعدي الغرب الصارخ بعرصة الدين وتحرشهم بديرته، « وعلى هذا تكون الفروسية بما يدخل تحتها من ضروب المهارة والقوة والتفوُّق فرضاً من فروض الكفاية وواجباً على الأفراد ليس لهم أن يتخلوا عنه».عودة: التشريع الجنائي الإسلامي مقارناً بالقانون الوضعي الجزء الأول.
    ولعل اليقين الذي لا يخامره شك والواقع الذي لا تسومه مبالغة أنّ الإسلام قد تصدّى لهذه الألعاب التي يُنتفع بها في نكاية العدو وسداد المسلمين، فقّلم مخالب الفتنة وهشّم أنياب الخلاف التي تكمن فيها ومدّ ساعده المجدول فخضدّ أشواكها وبنى آجامها ونظم أطرها وقوانينها وفق مشكاته التي تترسم صلاح الفرد وعافيته في دنياه وعاقبة أمره. فنهى عن تحري الطرق الملتوية حتى تستولي فرقة على غاية الأمد، ونهاية المدى والعدد، لتتشدق بفوز غير مستحق على الفرقة الأخرى، كما حرّم استعمال القوة والعنف مع الخصوم في الألعاب التي لا تقتضي القوة والصلابة بين اللاعبين ليس فقط لأن ضروريات اللعبة لا تتطلب ذلك بل لأن الإسلام يبغض الجموح والطغيان كما يكره الحرص الدنئ والصلف العاتي. فمن ألحق أذى أو ضرراً بخصمه تحمّل تبعة فعله وجاز للمنكوب أن يطالبه بالتعويض عن الضرر الذي أصابه من جرّاء خشونته وتعديه وأن يقاضيه إذا تعنّت في الدفع.

    نهج الإسلام في تربية الأبناء

    الطيب عبد الرازق النقر


    الإسلام الملهم في دياجير الأخطاء أخبر قبيلة الأباء بالكيفية التى ينبغى أن ينتهجوها في تربية الأبناء حتى يحجزوا فلذات أكبادهم عن النار ويقيموهم على سبيل الأخيار، فلقن الأباء أن يعززوا الدين في دواخل أولادهم ويؤصلوه في تركيب فطرتهم حتى ييأس الشيطان من زواله وانتزاعه، وأوضح لهم أن من يتفانى في تربية أبنائه ويتصدى لمعالجة العيوب والمآخذ التى تعترى سلوك عياله ويسخر لهم الحياة الهانئة الوادعة وينوء بهم عن قبح القالة وسوء الجهالة كانوا له ستراً وحجاباً من النار خاصة , وكما قال الرسول الكريم :" من ابتلى بشئ من هذه البنات فأحسن صحبتهن كن له ستراً من النار " كما قال أفضل من وطئت أقدامه الثرى صلوات الله وسلامه عليه فالبنت بالطبع تحتاج إلى الكثير من الرعاية والعناية أكثر مما يحتاجه الذكر، ونجد أن تربية الأبناء تربية سديدة تضاهى التصدق والإنفاق في سبيل الله فالنبى عليه الصلاة والسلام جعل تأديب الأبن في مرتبة أعلى من الصدقة فقد قال خير من تفوه بكلام: " لأن يؤدب أحدكم ولده خير له من أن يتصدق كل يوم بنصف صاع ".
    ولعل تربية وتأديب الصغار تحتاج إلى شئ من الضرب الطفيف الذى لا مناص منه لقصور إدراك الصغير وتعنته في الكثير الغالب وعدم طاعته لوالديه الأمر الذى يستوجب ضربه حتى يعى أعوجاجه وهو أمر رخص الإسلام فيه فقد حثّ خير من صاغه الله عدم ولاة الأمور على تعويد أطفالهم الذين لم يشارفوا الإحتلام المداومة على الصلوات والحفاظ عليها فقال:
    " مروا صبيانكم بالصلاة لسبع وأضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع ".
    و"هذا التأديب المشروع في حق الصبى لتموينه على الصلاة كى يألفها ويعتادها ولا يتركها عند البلوغ". ولعل الحقيقة التى لا يمارى فيها أحد أن تهذيب الأباء لأبنائهم والذى يعد واجباً عليهم لينشأوا نشأة صالحة يقتضى الضرب الذى لا يؤدى إلى تلف أو اعاقة ولا يسع الأب أن يترك صغيره يفعل ما يحلو له دون تقويمه وتهذيبه لأنه مكلف بذلك شرعاً بل تعد تنشئته على مكارم الأخلاق والتزام حوزة الدين من صميم واجباته نحوه وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
    ولكن الشئ الذى يجب أن نوضحه ونجليه ثم نؤكد عليه أن ضرب الأبناء وعقابهم ينبغى ألا يتنكب حدود الضرب المشروع من وجهين: من حيث قدره ومن حيث الغرض منه.
    فأما عن قدره فلا يجوز أن يتجاوز الثلاث وألا يكون بغير اليد كالسوط والعصا وأن تتقى به المواضع المخوفة من الجسم كالرأس والوجه وألا يكون فاحشاً والفاحش من الضرب هو الذى يكسر العظام أو يمزق الجلد ،
    وأما عن الغرض من الضرب فيجب أن يكون مقصوداً به التأديب أو التعليم وإلا كان غير مشروع.
    عن موقع رابطة أدباء الشام


    نبض الحروف
    خطأ الطبيب في ميزان الشرع
    حفز الإسلام من تعلم الطب ورفع المعاناه عن كاهل المريض الذى يشكو الوصب وتشتد عليه العلة ويشق عليه المرض، فالمريض الذى نهكته الحمى أو اعتراه مرض ثقيل تراه يهش لمقدم الطبيب هشاشة السائل المعدم للمال الذى يسد عوزه ويعالج فقره، لأنه يحسم عنه الداء ويشفيه بإذن الله من ويلاته وآلامه المبرحة لذا نجد أن المجتمعات تتسابق إلى وداد الأطباء وتتنافس على رضاهم، وتعلم الطب فرض من فروض الكفاية فهو واجب على كل شخص ولا يسقطه عنه إلا إذا قام به غيره، كما هو فرض عين على الطبيب الذى زاول هذه المهنة وسبر أغوارها وألمّ بشتى تفاصيلها ودقائقها ولكنه لا ينفك متزايلاً ضجراً منها لكثرة المرضى الذين يلوذون ببابه، فمثل هذا الرجل يكون التطبيب واجباً عليه طالما لا يوجد فى المكان الذى يعيش فيه طبيب آخر،" وقد أجمع الفقهاء على عدم مسئولية الطبيب إذا أدى عمله إلى نتائج ضارة بالمريض،وسبب رفع المسئولية عنه هو إذن الحاكم وإذن المريض ثانياً، فإذن الحاكم يبيح للطبيب الإشتغال بالتطبيب، وإذن المريض يبيح للطبيب أن يفعل بالمريض ما يرى فيه صلاحه، فإذا اجتمع هذان الإذنان فلا مسئولية على الطبيب مالم يخالف أصول الفن أو يخطئ فى فعله".
    فالطبيب إذا كان همه منصرفاً لصلاح المريض وعلاجه من سقمه ولم يخالف القواعد والأطرالتى يجب اتباعها والتقيد بها حتى يتعافى السقيم من وجعه فإنه لا يسأل عن الخطأ الذى يقع منه فى هذه الحالة لأنه خطأ يصعب التحرز عنه. فإذا حدث وأن وصف الطبيب الحاذق دواءاً لمريضه وهذا الدواء هو الوصفه المتعارف عليها بين الأطباء والصيادلة لعلاج ذلك الداء الذى يشكو منه العليل، فنجم عن تناولها تسمماً حاداً للمريض أودى بحياته ففى هذه الحالة لا يتعرض الطبيب لأى عقوبة أو سؤال من الناحية الجنائية والمدنية فلقد قام بواجبه على الوجه الأكمل ويستوى فى الحكم إذا تقّمص المريض لباس العافية أو قضى نحبه أو حتى كفّ بصره، وفى هذا الصدد يقول الإمام الشافعى رحمه الله":"وإذا أمر الرجل أن يحجمه أو يختن غلامه أو يبيطر دابته فتلفوا من فعله، فإن كان فعل ما يفعل مثله مما فيه الصلاح للمفعول به عند أهل العلم بتلك الصناعة، فلا ضمان عليه، وإن كان فعل ما لا يفعل مثله من أراد الصلاح، وكان عالماً به، فهو ضامن".
    فالطبيب لا يسأل عن خطئه إلا إذا كان خطئاً فاحشاً، والخطأ الفاحش هو ما لا تقرره أصول فن الطب ولا يقرره أهل العلم بفن الطب. والفقهاء "أجمعوا على أن الطبيب إذا أخطأ لزمته الدية، مثل أن يقطع الحشفة فى الختان، وذلك عنده إذا كان من أهل الطب، ولا خلاف أنه إذا لم يكن من أهل الطب أنه يضمن لأنه متعدّ، وقد ورد فى ذلك مع الإجماع حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَنّ تطبّب ولم يُعْلمْ مِنْهُ قبل ذلك الطّبُّ فهو ضامن". والدية فيما أخطأه الطبيب عند الجمهور على العاقلة، ومن أهل العلم من جعله فى مال الطبيب، ولا خلاف أنه إذا لم يكن من أهل الطب أنها فى ماله على ظاهر حديث عمرو بن شعيب".
    وفى عصرنا الحاضر نجد أن القوانين الوضعية لا تلاحق إلا" الأطباء الذين يلجأون إلى طرق علاجية مهجورة فالإلتجاء إلى طريقة فى التوليد يقدر الخبراء بأنها أصبحت مهجورة وتمثل خطورة بالنسبة إلى الجنين يشكل خطأً فادحاً من جانب الطبيب المولد.ونفس الشئ بالنسبة للطبيب الذى يتجاهل المبادئ الأولية فى التشخيص ومعرفة حال المريض والطبيب الذى يلجأ لطريقة خاصة فى العلاج تعتمد على محض الصدفة بدلاً من اتباع الطرق التقليدية المعروفة". فمهنة الطب مهمة جسيمة لما يترتب عليها من أخطار قد تؤدى لضياع حياة البشر لذا ينبغى ألا ينتحلها إلا من يحسنها وقمين بالطبيب الذى لا يحسن الجراحة إذا شاهد شخصاً به العديد من القروح والكلوم التى ينبجس منها الدم أن يتصل بالطبيب المتخصص وأن يقتصر دوره على وضع الرفائد التى توقف نزيف الدم ويقوم بتضميد الجرح وتعقيمه ريثما يحضر الطبيب الضليع فى هذا المجال.
    الطيب النقر

    (عدل بواسطة الطيب عبدالرازق النقر on 07-21-2013, 10:58 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
نبض الحروف الطيب عبدالرازق النقر07-08-13, 02:41 PM
  Re: نبض الحروف الطيب عبدالرازق النقر07-08-13, 03:28 PM
    Re: نبض الحروف الطيب عبدالرازق النقر07-08-13, 04:07 PM
      Re: نبض الحروف الطيب عبدالرازق النقر07-10-13, 02:27 AM
        Re: نبض الحروف الطيب عبدالرازق النقر07-11-13, 04:55 AM
          Re: نبض الحروف الطيب عبدالرازق النقر07-17-13, 01:49 AM
            Re: نبض الحروف الطيب عبدالرازق النقر07-17-13, 04:13 AM
              Re: نبض الحروف الطيب عبدالرازق النقر07-17-13, 05:48 AM
                Re: نبض الحروف الطيب عبدالرازق النقر07-18-13, 10:34 AM
                  Re: نبض الحروف الطيب عبدالرازق النقر07-21-13, 08:15 AM
                    Re: نبض الحروف الطيب عبدالرازق النقر07-21-13, 09:28 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de