تكتب تقارير عن لمعان - اعين - العشاق عن رضاب انثي... تتوق الي العناق... و منازل خلفية تتهيأ للفرح الاسبوعي... يصفق زغبها...و تويجاتها - غلواً - و محارق لما تبقي من بخور - السلف و الطواطم -
قاسية هي تفاصيل اللعنة ، حينما تستغرقنا و تستهلكنا و تصرفنا عن مراقي الجمال ، الجمال الذي يمنحنا معادل الروح الموضوعي ، لكي نرى الضوء الحزين يتسلل امامنا ، ولا نستطيع أن نكحل به مآقي العين تلك التي تختار الرمد و التغاضي عن الشوف ، شوف الكلمة الوسيمة التي تكتبنا و تكتب تأريخ الوجدان فينا بكل مطباته/تعريجاته الحادة ، تلك التي تشكل حجر العثرات ، وليتنا فقنا و لو مرة امام عثرة ، عسى و لعل أن تخرجنا من دوامات الإستهلاك الإختياري..! هل هو اعتذار متأخر للغاية؟.. فليكن ..!
تصدق أولا تصدق.. هو ملف مفتوح في الجهاز و محفوظ..و كان قد بدأ في السنة 2009..اظنه مايو.. أي و الله مايو/ماي/ ايار.. شهر النار.. و كان عنوانه يجري هكذا (مأساة الحنين بلغة ، و الكتابة بأخرى.. تواصل مع نصوص مهتدي الخليفة محمد نور) ..و حينما توقفت في محطة اليوم ، تلك التي بذلتها انت هنا ، رن جرس اليقظة في اصقاع وجداني ، ففتحت الملف..واجهني البياض..!.. و تلك هي مأساة يا صاحب.. لمه كل هذا البياض؟..و لأن الإنسان ناسيا ابديا ، و لأنه خنوع ، و لأنه خواف ، فدوما يلجأ الى التطمين و خلق المبررات.. فقلت لنفسي الأمارة بالحزن و التلصص على مياسم الجمال العابرة: يكفي أنه جزء من اهتماماتي الصغيرة.. يكفي انني وضعت في الإعتبار التفاكر و التواصل مع عبارة كائن اسمه مهتدي الخليفة محمد نور..و لكن هل هذا يكفي؟..لماذا نقتل انفسنا و نقتل غيرنا ، نحن اهل دار ام سودان؟.. لماذا يلاقينا الفرح/الجمال/ المفارقة/ و تجميل القبح.. و نحن لا نعير كل ذلك التفاتا..؟!!.. أي خلق نحن..!!
ازمان و ازمان ، عبرت يا مهتدي يا خليفة .. و انا ارى المحاولات اليائسة لتأنيق الشعر السوداني..و كتر خير سيدنا اليوتوب قرب المسافات و اشياء اخرى (كان عبد الله على ابراهيم يظن أن السكة حديد هي من قربت المسافات و الأشياء الأخرى..و كان يرى عبير الأمكنة.. فهل يــُرى العبير أم يــُشم؟.. هي حالة الكائن الشعري يرى و يشم و يحس و يسمع ..!).. سمعتهم يا صاحب.. رجالا و نساءا..في الصالات الأنيقة.. الأضواء الأنيقة.. خلفيات الموسيقا التي تــُختار بعناية لتكون فضاءا اخر للكلمة المنطوقة..و لكنها تجارب لم تقنعني بالتوقف عندها ، حتى عثمان البشرى ( و هو مكون اساسي في وجداني الشعري و السمعي و الرؤيوي ، بفعل المجايلة..)..و لكن كانت عبارتك يا صاحب.. لها دودابها الخاص.. لها دربها الخاص.. الذي تدخل به القلب.. العقل.. الوجدان..و تمنحني الإحساس بانني كائن وسيم.. أي و الله كائن وسيم بالمرة.. ليس بمعنى القدرة على انجاز تلك العبارة ، و انما بمعنى القدرة على التقاطها من بين الركام..و التفاعل معها..اكثر التجارب التي تجعلني اتوقف عندها كثيرا.. تجربة كائن اسمه مهتدي الخليفة محمد نور..!!!
و النصوص هنا .. تحديدا في هذا التواصل الذي بذلته انت يا صاحب.. النصوص لم تكتفي بالمشاغبة الحميمة و خلق مفاهيمها الخاصات و احالاتها الوجدانية الملونة..بل هي تذهب الى نبض النبض.. الى عقر مملكة الحس فينا و تبعثرها و تتحداها في ان تكتشف المفارقة..و خلق حس التوقف / التأمل/ التفاعل..و منها باب الأسئلة المشرعة.. الأسئلة التي تنضد الوجدان و تزيل عنه اغبرة الإستهلاك..!!
ادهشتني الفكرة ، و كادت أن تجعلني اركع في محاريب الجمال الخاصة.. فكرة المجزوء/ القصيدة/ النص الذي وسمته (الزهور).. استغرقتني فكرة الجاسوسية..و كل ما تحمل من مدلولات سلبية.. كاستبطان الخوف/ الحذر المستمر بمبرر ولا مبرر / و فقدان اليقين..فحينما تكون (الزهور) مثلها و مثل جهاز امن صلاح قوش أو نافع على نافع أو غيرهم.. فهنا يا صديقي تتداعى الأشياء..!.. أي و الله تتداعى الأشياء ، كما حدثنا طيب الذكر النيجيري العملاق تشنوا اشيبي..و نذكر فيما نذكر وجداننا و ثقافة الخوف فينا من القمع بكل صوره و احالاته المتنوعة..الزهور تكتب تقارير (و اجهزة الجاسوسية خلقت على مبدأ كتابة التقارير)؟؟؟!!.. فأي شئ تبقى لنا؟.. أي طمأنية؟.. أي استقرار؟.. أي امن نفسي /وجداني/ عقلي.. تبقى لنا؟..هذه هي اللحظة التي فاتت على مؤرخي الحالة السودانية رجالا و نساءا.. هذه هي الحالة التي فاتت على مؤرخي الوجدان السوداني و صيرورة الثقافة/الفكر/ الجمال في السودان..و انت كتبتها بكل هذه البساطة العميقة الفاهمة للغاية..!!
ثم الحديث المتوارب عن مفهوم السـُلطة ، خصوصا في وجهها الأخلاقي/الجمالي/الإجتماعي..فمن يصادر حق العشاق في البراءة و التمتع بالجمال (و هو امر ، عندي ، لا يخرج عن مفهوم حرية التعبير العادي) لا يعجز أن يصادر حقهم في التعبير السياسي/ الإقتصادي/الإجتماعي / الثقافي/ الأخلاقي..أي بشر نحن يا صاحب..؟؟؟!! اشكالية الحب و الدين و السياسة و الأخلاق و الجمال.. جمعتها في هذا المجزوء بافصح ما يكون.. و انت تستبطن شاعرية اهلنا الصوفية..و قدرتهم الفائقة في اقتصاد الكلام و الحرص على عمقه..!!
تلك المحارق يا صاحب.. نتمنى..و نحن في زمان لا نملك فيه غير الحق في التمني..ان تحرق ما تبقي من السلف و الطوطم في ذوات انفسهم طرا..و كل النظم البالية (اخلاقية/دينية/ سياسية/ ثقافية/ اجتماعية/ جمالية).. لكي نعود عراة.. انقياء..لا نخشى شيئا الإ اقوالنا امام الله (كما قالو الفصيح ود المكي ، عليه السلام اين ما كان).. لأن تلك لا تنفع فيها المورابة و الدسدسة..و انما تجدي فيها الشفافية.. حتى لو كشفت عن ضعفنا و قلة حيلتنا..!!
نصوصك ، تذكرني باني انسان ، من حقي ان احاول جاهدا أن اتصالح مع الفرح/العمق/الشفافية و لو مرة واحدة ، بعدما ادمنت الحزن/ اليأس/القتامة لسنوات طويلة..!!..و هي قاسية.. قاسية لأنها تحتاجني ان افكر/ اتأمل/ التقط الخيوط و اربطها ببعضها البعض لأفهم الصورة..و من عجب انت تبذلها في الطرقات.. ثم تمضي ، تهز كتفيك.. و تقول للظل :هذا ما علّي..و ما عليهم أن يفهموا/ يعوا/ يتفاعلوا..و ما ابهاها رسالة يا صاحب..!! جاسوسية (الزهور)..؟!!.. دي ما سبقك عليه زول يا مهتدي..!!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة