كوّه يوسـف كـوّه الشبل! بقلم. أدوارد لينو أبيى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-30-2024, 09:03 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-04-2013, 08:04 PM

Deng
<aDeng
تاريخ التسجيل: 11-28-2002
مجموع المشاركات: 52572

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كوّه يوسـف كـوّه الشبل! بقلم. أدوارد لينو أبيى (Re: Deng)


    كوّه يوسـف كـوّه الشبل! (2-4)


    أدوارد لينو وور أبيى

    ترجمة : د/ أرثر غابريال ياك

    ذات يـومٍ سـألني كـوه قـائـلاً: “كـوماندا، إت عنـدك ولـد زي أنا؟” قـلت لـه أن لـدي إبـن أكـبر منـه سنـاً، يـدعى قـوم. “هـو بيمشـي مـدرسة وين، في نيـروبي ولا لـوكي؟” ثـم قـدمت لـه بعض من صـور أبنـائي، فقـام بخطفهـا مني، وهـرع ليظـهرها إلـى والـدته وآخرون، وهـو يـؤكـد: ” هـييي تـعال، تعـال، تعال شـوف، شـوف يـال كـوماندا أدويت. هما حلـوين، أه! شـوف، شوف، شوفهم” مثـل هـذه الأشيـاء، دائمـاً مـا كانت تطـغي على محـادثـاتنا السطحيـة. علـى الـرغم من أن بإستـطاعة كـوّه أن يـكون مـزعجـاً، إلا أنـه كان طفل رائـع. كـان فضـولياً، ومحباً للبحث والتحقيق لإكتسـاب كلمـاتٍ وأشـياءٍ جديـدةٍ، ومن ثم يُعبّر عن نفسـه بإستخـدام مفرداتـه الـتي إكتسبـها حديثاً. كـان صـديقي لا يتردد، ولا يخـجل، ولا يخـاف أبداً في التعبير عن نفسـه. وقـد كـان، أيضاً، ميال لتـأكيد مـا تعلـمه. كـأن يُقـحم ويلصق الكلمـات، بـجديةٍ، وطريقةٍ مُضحـكةٍ، لخلـق جمـلٍ إلى أن يُصحح، كمـا يفعل الأطفال دائمـاً. وكـان دائمـاً ما يتصرف كالظمـآن، الـذي يبحث عن مـكانٍ يشـفي فيـه غليلـه للمـعرفة. حسن حـظه، كنت هنـاك بالقرب منـه، لأعطيـه مـا يريـد، في ظـل غيـاب والـده. كـان يتصرف كالمبتـدئ الـذي جمع مفـرداتٍ في البيت، ثم يخـرج لإكتسـاب الكثير منـها، في عـالمٍ ينتهـي بـطوق من السمـاء، كمـا يعتقـد الأطفـال بأنه نـهاية العالم.

    تعـود كـوّه أن يستيقـظ مبـكراً، ويـركض، مقـلـداً أي فعـلٍ يقـوم به الجنـود. فقـد كان محـارب فضولي صغير، ولكنـه ليس الجنـدي الطفل! وكأمـر ضروري، كـانوا يقطنون في معسـكر للجيـش، وذلـك لأن والـده كـان يقـود نضـال التحريـر في منطـقة جبل النـوبة، رئـاسته منطقـة لـومون؛ بسلسلـة جبالها العاليـة، في قلب السـودان. أسـر كثيرةً كـانت هنـاك. تعسـكر الناس في قطـياتٍ متفرقـةٍ، في لـومون، أعـلى وادٍ، كثيف الدغل، أخصبه، في منطقة مسـاحتها خمسـة عشر كيلـومتر مربع. لم يـكن للناس مـكان آخـر، آمن يلـجأون إليـه في منـاطق النـزاع بجبـال النـوبة، وإلا أصبحو عُرضةً للإعتقـال والسجن وسـوء المعـاملة أو التصفيـة وذلك إن لجـأوا إلـى مـدينةً قـريبة تُسيطـر عليـها أولـئك الإسـلاميين المتشـددين، عديمـي الرحمـة.

    كـانت “لـومون”، رئـاسة الجيش لتـحرير السـودان، محـروسة حراسـة مشـددة. وكـان الجيش السـوداني و “المجـاهدين” يعتـبرونـها أخطـر بقعـة في كـل جـبال النـوبة، علـى الإطـلاق. فقـد كانت، مـرتفعـات لـومون، بالنسبـة للحكـومة، هي المنطـقة ذاتها التي يقطـن فيـها الشيـطان. وأن القـائد يـوسف كـوّه مـكي، كـان هـو الشيطـان بعينـه، وذلك وفقـاً للإسـلاميين المتشـددين. وقـد كان ذلـك،هو التـحدي! لـذا كـان عـلى النـاس المـراقبة بحـذر. فأي محـاولـة يقـوم بهـا الإسـلاميون بالتسـلل أو خلـق عـدم الإستقرار في منطقـة لـومون والمنـاطق المجـاورة لـها، كـان يُرصَـد ويُصَـد بقـوة. كـل شـئ يـدعى “سيـارة” كان مرتبـطاً بالـعدو، يـتخبـأ منه النـاس، يهـاجمونـه، أو يفـرون منـه. إنـه ذلـك النـوع من الحيـاة المتسمـة بالفظـاظة والقسـوة؛ خشـونة وقسوة أثـرت علـى أطفالنـا بصورةٍ سلبيةٍ بالغـة. في كـل المنـاطق المحـررة، لم تكـن هنالك مـدارس ومستشفيات وأسـواق وسيـارات وملابـس، أو حتـى بطانيـاتٍ تقـي أطفـالنا من برد الشتـاء القارس. لـذا، كـان علـى الأطفـال العيش في تـأرجحٍ، بين الحـرمان الرهيب، وحياة العسكريـة القاسيـة. وكـان عليـهم، التعلـم، أو تقـليد أي شـئ يفعلـه الكـبار، الـذين دائمـاً ما يتحركـون خلـف أسلحتهم!

    لقـد كانت تلك الحـرب، طويلـة وقاسيـة وفظـة وأكثـر ضـراوةً، وبالطبـع، لا إنسـاني! عملـياً، كان النـاس لا يملـكون وسيلـة للمواصلات عـدا الحميـر، و ليس لـديهم مـا يكسـون به أنفسـهم. كـانوا يتنقلـون حفاة الأقـدام، بملابس مـرقّعة، وخِـرقُ ممـزقة. ولكـن، فوق كـل ذلـك، كـانوا يشعـرون بالرضـاء وهـم ينعمـون بالحـرية في أرضٍ مـحررةٍ. في أبشـع أيـام الغـزوات الجـهـاديـة، كان إبـادة شعب النـوبة، شـئ يتم بمـوافقة الله، وذلك وفقـاً لتفسيـرات الإسلامويـون الضحلـة، يقـودهم في ذلـك دكتـور الـترابي، والبشـير، وأيـاديهم العنيـدة، أمثـال أحمـد هـارون وطيـارة، الـذين نفـذوا خطـطٍ عنصـريةٍ عنيـفة بمشـاركة “المجـاهدين” و “والمراحيـل” اللإنسـانيين! بتـاريخ 24 أبـريل 1993 أصـدرت نخبـة من الأئمـة مرسـوماً ضـد النـوبة والجنـوبيون. مرسـوم يقضـي بإلاجـلاء والإبـادة، دون أي تمييـز، من علـى وجه الأرض، كمـا هـو مصدق عند الله، لأنـهم كـفار، و مـرتدين عُضـال، لا سبيـل لعجلاهـم. لـقد كان عـام 1993 في جبـال النـوبة، عـام في غايـة الفظـاعـة!

    كـان ذلك مصيـر صديقـي كـوّه وأقـرانـه، أن يـولـدوا ويترعرعـوا في بيئـة حربٍ، مجـهولـةٍ، ومعـزولـةٍ، وشـرسـةٍ. وكشـخصُ، تُـرك ليقـوم مقـام القـائد، شعـرتُ بحـزن عميق وأنـا أرى أطفـال بوجوههم البريئـة، وطلعاتهم السمـحة، بلا مـدارس، ولا يتلقـون عنايـةٍ طبيـةٍ، ولا ملبس يلبسـونه وبلا رعـايةٍ إجتمـاعيةٍ. لـقد كان ذلـك، بالضبط، هو الحـرب المفروضة علينـا من قبـل النظام في الخـرطوم لنخـوضها، حتـى نـكون أحـراراً. لـقد كانت تلـك الظروف المثيـرة للشفقة، أفضـل بكثير من حيـاة المـزلة في تلـك المـدن التـي تسيـطر عليـها رّعـاع النظـام الإسـلاموي! أنـه لمشـرفُ جـداً أن يلتحف المـرء ظلال الأشـجار، من أن يعيش في بيئـةٍ تطغـي عليها ممارسـاتٍ إجراميةٍ مخجلـةٍ يقـوم بها نفرُ من الإنتهازيين. سـوف لا يلـعق أطفـالنا أحذيـة الـدجال، البتة! كان كـوّه، كـوالـده، يعشـق التفاعل مع القادميـن الجـدد إلـى لـومون، ويسـألهم عن صحتهم ومن أين أتـوا، مـاذا فعلـوا وكيف كان حـال النـاس في البيت أو المعسـكر، ومـا شـابه ذلك من أسئلـةٍ. في تـلك اللحظـات، يصبح كـوّه أكثـر إنتبـاهاً.

    عنـدما ينسى النـاس كـوّه ولا يعبـأون به، خـاصةً عنـدما يـنهمـكون في لعبة ورق الكـوتشينة أو الدومينـو، يبـذل كـوّه أقصـى مـا لديـه من جهـد للفت إنتبـاهم، كأن يقـوم بخطـف ورقتين أو قطعتين من الدومينـو أو قطـعة شطرنج و يهرب بهـا. بغتـةً تقع علـى مسمعك أصوات اللاعبـة وهم يصـرخون: “جيبو، جيبو يـا كوّه! كوّه، جيبـو!” “جيبـو هسـه، هسـه ولا أنـا بكسـر رأسـك الصغير دا، آه!” “هـوي..! أمسـكو! أمسك ولـد دا!” “هـوي، مـا تخليـهو يجري بيهـو! أيـوه، أمسـكو!” كـانوا يصرخـون هكـذا وهم يركضـون، بإهتيـاج شـديد، خلـفه، لإنقـاذ مـا إختطفـه. تلـك هي اللحظـات التي تقـوم فيها والـدته بضربـه بخيزرانـة. معليش، معليش، يا صديقـي! ومن ثم تسمـع كـوّه يصرخ ويعـول بأعلـى صـوته، راكضـاً، متفادياً، ضربه بالخيزران، وصائحـاً، كصفـارة إنـذار سيـارة الإطفـاء في منتصف اللـيل!

    ومـع ذلـك، كان كـوّه الصغيـر ولـدُ نشيـطُ للغـاية. بـعد أن يفعـل ذلـك، كان يبحث عن شـئ آخر، بينما يظل هـارباً. كـان دائم الحضـور سـاعة إجـراء العرض العسـكري، خـاصةً، عنـد وصـول والـده من رحـلاته الكـثيرة. هكـذا يظـل كـوّه هنـاك إلـى أن يشعر بالتعب في المسـاء ويلـوذ بالمنزل وإلقـاء جسـده في السـرير. أحيـاناً يجـد المـرء، كـوّه الصغيـر، وقـد لـوّن بعشـوائيةً، ملطـخاً، وموّسخـاً جسـده بحسـاءٍ أو لبـنٍ أثناء تنـاوله طعـام غـداءه، أو غـارقُ في نـوم مسـائي عميـق! ومـا أن تـألفه مستيقـظاً، فلا بـد أن تـراه، غـالباً، في كـل مكـان، وفي نفس الـوقت؛ هنـا وهنـاك، كشخصياتٍ عديدةٍ، متنـاقضـةٍ ومضغـوطةٍ في شخصيـةٍ واحـدة. كـالعـادة، كان كـوّه محبـاً لتعلـم أشـياء جـديدة وفهـم كيفية تجلـيها للعيـان حتى يقـلدهـا. كان حب الإستطـلاع واحـداً من أهـم أسقـامه.

    هـكذا، بإستطـاعتك أن تـرَ كـوّه الصغير كـل صبـاحٍ، راكضاً، ومُغنيـاً متمـايـلاً، ومتحـدثاً، وفي بعض الأوقـات، تجـده يُحـدّق بيقـظةٍ ليغتنم حِيَل و بعض من الأشيـاء الجـديدة المُذهلـة، كل ذلك يفعلـه بحريةٍ في جـوٍ صحـي كان يترعـرع فيـه. لكن كـوّه كان قـد علـم أن الحيـاة مليئـة بأشياء غريبـة وغير مُستحـبة. فـذات مرة رأى كـوّه، صبـي مشاغب قد سقـط من فوق شجرةٍ، مرتطماً بصخـرةٍ كادت أن تشُـق رأسـه! وهـكذا أصبح حـذراً جـداً من أن يتسـلق شجـرةٍ بأطرافـه الصغيرة. وقع، كـوّه، في حب النقّيفـة (النبلة): تلك الأداة التي يقـذف بها الأطفال الحصـى والحجـارة، وقـد حـاول إستخـدامها، لكن دون جـدوى، فقـد كان صغره وضعف عضلاتـه تحـولان دون ذلـك. ومـا كان منـه إلا أن هجـرها مباشرةً بعـد أن رأى صبيـاً ضُـرب علـى جبهتـه وقـد إنبجس منـها الـدم وغـطى وجـهه. ” لا، لا، لا، النبلـة بطال خـالص. بطـال، وو، ووو…!” هـكذا تجـرأ في أن ينصحنـي، همسـاً. كان يمُـج الـدراجة الهـوائية، أيضاً، كأخـطر “الحيـوانات” مطيـةً، في وقـتٍ كان الأطفـال لا يمـلكون دراجات هوائية إلا تلك التي إمتلـكها قبل عـام. لم يستخـدم أقـدامه الصغيرة، البتة، في تحـريك بدالات الدراجـة الثقيلـة كما كان يتعشـم في قـرارته. كان يعشق كـرة القـدم، لكـنه، لم يستطع ركل الـكرة بقـوة وإحراز هـدفٍ. ذات مرة، أخـطأ صديقاً لـه في ركـل الـكرة فقـام، بـدلاً عن ذلـك، بتسـديد صخـرةٍ وخلـع ظفـره. واه! متضـامناً مع صـديقـه، إنتحـب الصغيـر كـوّه وأهـدر دمـوعاً غزيراً، بينمـا أخـذ صديـقه في القفـز والـركض برجـلٍ واحـدٍ، وقـابضاً علـى الأخرى بيـده! بـعدها، تـراه يتصبب عرقـاً، كـأنه يُـدرب أقـرانـه، يضحـك ويعـدو بسـرعةٍ علـى قصبةٍ طويلـةٍ يضعها بين فخـذيها، كأنه يمتطـي جـواداً. كانت تلـك، هـي اللعبـة التي يحبهـا كثيـراً، وقـد يمكـث ساعات في ممـارستـها. كـانت هنـالك الكثير من الألعـاب التي يلعبـها الأطفـال، ولكـن، مـاذا يفعـل صغيـرنا كـوّه برجليـه وذراعيـه الـصغيرتيـن! لقـد كـان العمـر هو التـحدي أمـامه، و واقـع لـم يكـن ليـدركـه!
                  

العنوان الكاتب Date
كوّه يوسـف كـوّه الشبل! بقلم. أدوارد لينو أبيى Deng04-03-13, 05:39 PM
  Re: كوّه يوسـف كـوّه الشبل! بقلم. أدوارد لينو أبيى Deng04-04-13, 08:04 PM
    Re: كوّه يوسـف كـوّه الشبل! بقلم. أدوارد لينو أبيى Deng04-05-13, 07:20 AM
      Re: كوّه يوسـف كـوّه الشبل! بقلم. أدوارد لينو أبيى Sameer Kuku04-05-13, 08:48 AM
        Re: كوّه يوسـف كـوّه الشبل! بقلم. أدوارد لينو أبيى Deng04-06-13, 07:43 AM
          Re: كوّه يوسـف كـوّه الشبل! بقلم. أدوارد لينو أبيى Deng04-07-13, 08:15 AM
            Re: كوّه يوسـف كـوّه الشبل! بقلم. أدوارد لينو أبيى Artiga Gilani04-07-13, 12:44 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de