بل لا أتمّ الله لك ، وخاب سعيك يافضيلي !

Quote: بل لا أتمّ الله لك ، وخاب سعيك ! تعقيب على مقال فضيلي جمّاع : الجبهة الثوريّة تمام يا فندم ! هاشم الإمام فرجينيا / الولايات المتحدة يُقال :" لكلٍ نصيبُ من اسمه " ولكن فضيلي جمّاع ترك نصيبه من " الفضل " و "جمع الكلمة " ، وأخذ منه " الفضول " والتطفل على موائد دعاة العنصريّة ، ثُمّ " جمع "كناساتهم وصاغ منها مقالاً نتن العبارة ، يسعّر به نار الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق ، وهو آمن في مغتربه ، ضامن قوته وقوت عياله ، قد حيزت له الدّنيا ، متكيء على أريكته يكتب المقال ، ويقرض الشعر ، يحرّض بهما أهل كردفان على الحرب ويعرّضهم للبلاء . ولو كان هذا التحريض من شاب في شرخ شبابه ، ومقتبل عمره ، لقلنا : طيش الشباب ونزغه ، وإنّ الزمن كفيل بردّه عن غيّه ، ولكن أن يأتي هذا الكلام من رجل قد علا سنه ، فعلاه الشيب ، فذلك الذي يفتت الأكباد ، ويُفقد الثقة في مثقفي السودان ، وهل أضاع السودان إلا مثقفوه ! أليس لك يا فضيلي في علمك ، وأدبك ، وتجاربك ، وأسفارك ، ما يبصرّك بأدواء الحرب ،وسوء عاقبتها وينهاك عن التحريض عليها ؟! ألم تقرأ كلمة زهير بن أبي سلمى في الحرب : وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم وما هو عنها بالحديث المرجّم متى تبعثوها تبعثوها ذميمة وتضر إذا ضريتموها فتضرم فتعرككم عرك الرحى بثفالها وتلقح كشافاً ثم تنتج فتتئم أم على قلوب أقفالها ، لا أم أنّ وصفك لشيخك البروفسر عبد الله الطيّب ب"الذاتيّة " حجب عنك هذه المعاني ، ومنعك من تمثُّل هذه القيم نكاية به ، وبانحيازه للأدب الجاهلي !؟ هب أنّ سوءات " الإنقاذ " لتنوء بها الجبال الرواسي ـــ وما أُبرؤها من كل ما قيل فيها ـــ وأنه لا فكاك منها إلا بتفكيكها ، فهل إذكاء نار الحرب والتحريض على الدّمار هو وسيلة التغيير ، أما كان لك من علمك وأدبك ما يعصمك من التردي في مستنقع الحرب العنصرية الآسن ؟ ألا تستطيع أن تطرح رؤية سياسية نيّرة مستنيرة تخرج بها البلاد والعباد من نفق الحرب ؟ وإذا كنت تؤمن ــ وأنت حرّ فيما تؤمن به ــ أنّ الحرب هي الحل ولاحلّ غيرها ، فلم التقاعس وإيثار السلامة ، والعض على وظيفتك بالنواجذ ، وقضاء عطلة الصيف في الجزر البريطانيّة ؟ أهكذا النضال ؟! لماذا لا تترك وظيفتك وتحمل السلاح ، فإن لم تستطع فكن بين المقاتلين في مخيماتهم تداوي المرضى وتسقي الجرحى ، أم أنّ كلماتك التي يفوح منها عطر منشم كافية للنهوض بهمم المقاتلين ! كيف تبرّر دعوتك إلى الحرب ، وتحريضك عليها ، وأنت كما تزعم ضد دولة القمع ، ومصادرة حقوق الإنسان ! وهل تنتج الحروب إلا أنظمة القمع والاستبداد !!؟ وهل عبد العزيز الحلو ، ومالك عقار ، ومني أإركوي هم فرسان الخلاص ؟!! ألم يكن مني أركوي بالأمس مساعداً لرئيس الجمهورية ؟ أما بقي في هذا المنصب إلى أن أقيل ؟ ألم يكن مالك عقار والياً على النيل الأزرق فغلبت عليه مطامعه فأردته ؟ لماذا تمرّد ؟ أمن أجل السودان الجديد أم هي المطامع وأهواء النفوس ؟! ولما ذا تمرّد عبد العزيز الحلو ؟ ألم يكن مرشحاً لمنصب الوالي فلما أخفق خرج على الدولة ؟! هؤلاء هم قادتك الذين تقول لهم : تمام يافندم ، قد غرقوا في وحل الإنقاذ ، وانتفعوا بمالها ، وأثروا ، فهل في أمثال هؤلاء رجاء ؟ أم ترى فيهم وفي سلوكهم نفسك وسلوكك ؟ ِلم تدفع بأبناء جلدتك إلى الحرب ، وتدق لهم طبولها ؟! التي تترنم بها ، وهذه الألفهل تعلم يافضيلي أنّ هذه القوافياظ العذبة التي تروقك ، ستكونان أوّل ضحايا الجبهة الثوريّة ! وأنهم سيردون عليك شعرك ونثرك ومسرحيّاتك ويقولون لك : هذه بضاعة " جلابة " لا تلزمنا فابحث لها عن سوق في ضواحي الخرطوم ، وعندها ستذكر ما أقول لك . ألاتراهم كلما اختلف معهم الرفيق ياسر عرمان وصفوه على سبيل الذّم بأنه " جلّابي ". ليس مالك عقار ، وعبد العزيز الحلو ، وياسر عرمان ، ومني أركوي وغيرهم ممن قُسمت عليهم الرتب العسكريّة والألقاب السياسيّة ، جديرين بقيادة البلاد ، وتأسيس دولة العلم والعدل ، وإنما هم شرذمة أصحاب مطامع ، يتوسلون إلى كراسي الحكم بإثارة النعرات العنصرية والجهويّة ، فاربأ بنفسك أن تكون منهم ، وكن شاعر السودان وأديبه لا أديب طائفة سياسيّة ، ليس الأدب من همومها ، ولا من أولويّاتها .