|
Re: موقف حول الحقوق السياسية فى سياق صعود الإسلاميين. الحاج وراق (Re: عبدالغفار محمد سعيد)
|
Quote: (2) الإسلامي "نصوصي" و"حركي :
يدعي الإسلامي أنه يريد تطبيق (الإسلام)، أى تطبيق النصوص، ولكن النصوص حمالة أوجه، واختلف المسلمون سابقا وحاليا فى تأويلها باختلاف معارفهم ومصالحهم وأمزجتهم، ولكن الإسلامي يرى فى تأويله التأويل الوحيد الصحيح، وفى حال تسلمه السلطة الكاملة فإنه يشيع فى المجتمع مناخا عاما من الإرهاب الفكري، مناخا يقمع التساؤل والنقد والمساءلة، وبذلك يهدد الصحة العقلية للمجتمع، ويقمع منافسة المشاريع والاختيارات، ويكبح تطور الفكر والعلوم، فضلا عن أنه يجعل معارضته معارضة لله تعالى! ولكن الإسلامي ليس "نصوصيا" وحسب، وإنما كذلك (حركي) يستهدف الوصول إلى السلطة، وكثيرا ما يتناقض تأويله لنصوصه مع مقتضيات حركيته، ولكنه فى الغالب الأعم لا يستند إلى ذلك لتطوير منهج متسق ونظامي لمعالجة النصوص، فيكتفي بانتهازية سياسية، تتغافل عن النصوص غير المرغوب بها فى الفترة المحددة، واستخدام ذات النصوص فى فترات أخرى بحسب المصلحة السياسية، وهذا ما يجعل استنارة أى إسلامي استنارة غير مأمونة وقابلة دوما للارتداد.
وفى ذلك يمكن إيراد أمثلة كحرية الاعتقاد، وحقوق النساء، وحقوق غير المسلمين، والموقف من العنف، فإذا كان الإسلامي أمينا لتأويله السلفى القاضى بالالتزام بالنصوص، بغض النظر عن مقاصدها وسياقها، فليس له سوى (الردة) لحرية الاعتقاد، و(الجزية) أو السيف لغير المسلمين، والتمييز ضد النساء، ولكن إعلان مثل هذه المواقف مكلف سياسيا، ولذلك إما يتم التحايل بإعلان خلاف ما يبطن، أو التغاضي عن النصوص غير المرغوبة فيها سياسيا وكأنها غير موجودة، بلا مناقشة معلنة وبلا منهج محدد، مما يجعل مثل هذا التغاضي غير مبذول لقواعد الإسلامييين أنفسهم، وقابل للتراجع فى أي لحظة!
(3) الإسلامي مفارق للأزمنة المعاصرة:
النظام الإسلامي بحسب تصور الإسلاميين نظام قائم على (تقوى) الأفراد، على .. صديقية أبو بكر، وعدل عمر بن الخطاب، وحلم عثمان بن عفان، وعلم على بن أبى طالب، رضوان الله عليهم أجمعين، وعلى هذا الأساس فإن مخطط الإسلاميين يرتكز على تربية أشخاص أتقياء يصونون حقوق الخلق بمراعاتهم حقوق الخالق عليهم.
ولكن (تقوى) الأفراد غير كافية لتأسيس نظام سياسي ملائم وحامل للقيم الإسلامية الأساسية، بدليل التاريخ الإسلامي نفسه، حيث اقتتل الصحابة رضوان الله عليهم حول الإمامة، رغم تقواهم الشخصية التي لا يتطرق إليها الشك، مما يؤكد الحاجة إلى المؤسسات الكفيلة بفض الخلافات على أساس سلمي، خصوصا فى العالم المعاصر القائم على المؤسسات بأكثر مما يقوم على الأفراد.
وفى مثل هذا العالم فإن استلهام عدل عمر رضوان الله عليه، مثلا، يعنى البحث عن نظام عادل فى المقام الأول، ومؤسسات تؤدى فى دينامياتها وتوازنها وتضابطها إلى تطوير قيمة العدالة، وذلك الكفيل بضمان عدل الأفراد، فإذا لم يكونوا عادلين يتناقضون مع النظام والمؤسسات العادلة، مما يؤدى عاجلا أو آجلا لإزاحتهم لعدم المطابقة. وهكذا فإن بحثا جديا عن نظام ملائم فى الأزمنة المعاصرة لا بد أن يتجاوز الحديث التبسيطى والاختزالى عن شروط (إمامة) الأشخاص، ليبحث فى خصائص النظم السياسية والمؤسسات، وفى ذلك لا يسعف أى كتاب أحكام سلطانية سابق.
|
|
|
|
|
|
|