حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-27-2024, 01:24 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-27-2012, 08:22 PM

عمر عبد الله فضل المولى
<aعمر عبد الله فضل المولى
تاريخ التسجيل: 04-13-2009
مجموع المشاركات: 12113

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي (Re: عمر عبد الله فضل المولى)

    الفصل الثاني
    الحلقة الأخيرة: تجمع سوبا- يوليو 2002م.
    يا الزعماء اللكان زعماء وباعوا الغالي وأصبحوا لا فكر لا رأي وراسهم خــالي
    زي موية الرهاب الما بتتطلع عـــــــالي مساك الدروب فضل يكون متــــــــوالي
    بشير عثمان
    لقد برمت جماعة المشاركة بدون ضوابطها بالحزب وأجهزته وقررت الانخراط في النظام، ولذلك فقد أقدمت على التخطيط سرا – وإن كانت المعلومات قد تسربت للقيادة – لما أسمته مؤتمرا استثنائيا، عقد في أرض المعسكرات بسوبا في الفترة ما بين 10 إلى 12 يوليو.
    حضر هذا التجمع حسب التقديرات 1200، ولكن حصر تلك العضوية وعلاقتها بحزب الأمة لم ترصد بدقة بعد- وهناك بعض التقارير تشير إلى أن جزء من عضوية هذا التجمع كانت من المؤتمر الوطني ومن العاملين بجهاز أمن الدولة. ومهما يكن، فإن جزء كبير من العضوية تابعة لحزب الأمة، ولكن وجدت أخطاء إجرائية وتنظيمية تخرج التجمع من كونه آلية تنظيمية لتجديد الأجهزة ورسم السياسات، إلى كونه محفلا لاستعراض خطب التأييد لقيادة معلومة ولخط سياسي معد سلفا، يسفر عن ولادة تنظيم سياسي جديد –وإن كان قادته ينتمون إلى حزب قائم تاريخيا ومعلوم الأجهزة والشرعية واللغة الفكرية، مع إضافة أن التنظيم الجديد المكون من أقلية في ذلك الحزب، يود تجريد الأكثرية من كينونتها ويحل محلها.
    أهم الملاحظات على ذلك المؤتمر هي:
    من الناحية التنظيمية:
    المؤتمر الاستثنائي اسم يطلق على المؤتمر الذي يعقد في غير وقته لضرورة أو أمر طارئ. وفي دستور حزب الأمة تتم الدعوة لانعقاده من رئيس الحزب أو ثلثي الأعضاء أو ثلثي أعضاء اللجنة المركزية . ومعلوم أنه في أية مؤسسة فإن الدعوة لاجتماع (الجمعية العمومية) أو أي جهاز يكون عن طريق القيادة الشرعية للمؤسسة، وعبر الأجهزة التنظيمية (قطاع التنظيم) كما يشرف على تمويله الجهاز المالي (قطاع الإدارة والمال). ولكن الدعوة للمؤتمر أتت من جماعة ليس لها أية شرعية تنظيمية ولا يحق لها الدعوة للمؤتمر الاستثنائي للحزب دون الآخرين. هذا باب للفوضى إذ أنه إذا حق لأية جماعة الدعوة للمؤتمر الاستثنائي لحق لجماعات أخرى غيرها ولانفتح باب للفوضوية بلا حد.
    لم يجر التحضير لذلك المؤتمر بانتخابات قاعدية. بل لقد أعلن السيد مبارك المهدي –المخطط الأول للمؤتمر- وأذيع في أجهزة الإعلام أن الحضور للمؤتمر كان أكبر من الدعوة إليه. أي أنه مؤتمر بالتنادي وليس بالعضوية المصعدة المنضبطة. وحتى ذلك التنادي فإن الدعوة له للقيادات الحزبية لم تجر بصورة مفتوحة بل كانت بصورة انتقائية محضة روعي فيها السرية.
    ملاحظة مهمة في هذا الصدد أيضا أن الدعوة للمؤتمر انطوت على خداع بعض المشاركين، والدليل على ذلك هو:
    • زار السيد الصادق المهدي وفد من حلفا الجديدة ومن المحيريبة والحلاوين- والجبلين عبروا عن أنهم خدعوا، وتمت دعوتهم على أن المؤتمر سيشارك فيه السيد رئيس الحزب والدكتور عمر نور الدائم.
    • أرسلت قيادات الحزب بكسلا مذكرة للحبيب السيد/ الصادق المهدي تؤكد أن المؤتمر كان فيه خداع. وقد وقع في تلك المذكرة ثلاثة من المشاركين في وفد المؤتمر من كسلا وهم: علي البشير وقيع الله- نقد الله مصطفى قسم الباري- ومحمد أبشر.
    • استلم السيد مدير مكتب السيد الصادق المهدي مذكرة من السيد نصر الدين الأمين عبد الرسول يؤكد فيها أن اسمه قد ذكر ضمن المشاركين في المؤتمر وهو ما لم يحدث.
    وإذا تحدثنا عن الشرعية، فإن جميع المنظمين للمؤتمر –بمن فيهم مبارك المهدي- لا يملكون أية شرعية انتخابية في آخر مؤتمر عام للحزب عام 1986 وهم جميعهم ممن أتت بهم آلية التراضي التي ينتقدونها. أما المشاركون فقد جاءوا بصورة سرية، وحتى الذين يتقلدون مناصب في التنظيمات الولائية لم يحضروا كممثلين لتلك التنظيمات، فتتالت بيانات فصلهم من داخل أجهزتهم بعد مشاركتهم في مؤتمر الزور. وغالبيتهم مجرد أعضاء بالحزب لا يملكون أية صفة تصعيدية من محلياتهم.
    ليس للمؤتمر أية شرعية تذكر بل حتى الشرعية "الثورية" التي تحدثت عنها المذكرة الأربعينية لم تستند على من نادت بهم: وهم الرئيس المنتخب والأمين العام، والذين تصدوا للعمل المعارض. بل كان كثير من الأعضاء المشتركين فيها هم من الأعضاء الذين وقفوا بعيدا –بل منهم من انخرط في لحظة سابقة في النظام المايوي ثم في الإنقاذ. من هؤلاء نذكر: البشير النعمة (الذي قدم كلمة الإقليم الأوسط) – جلال خالد شيخ الدين - الناظر عمر إدريس هباني (وهذان حيتهما المنصة في سوبا فلم يكنا حاضرين وحسب). ومنهم أمثال الهادي بيتو الذي كان ذا علاقة جيدة بقيادات المؤتمر الوطني في فترة الصدام معهم حيث نزل رئيس المؤتمر ببيته حين زيارته لدارفور في تلك الفترة. ليس ذلك فحسب بل لقد خرج تجمع سوبا في توصياته بالتوصية بتكوين لجنة لمصالحة كل من فصله الحزب في فترة الثلاثين عاما الماضية ، ومعلوم أن هؤلاء لم يتم فصلهم إلا لأنهم خرجوا على قرارات الحزب في التصدي للدكتاتوريات أو انخرطوا فيها.. إن جماعة المشاركة الانخراطية لم يبتعد عنهم غالبية المناضلين فحسب، بل إنهم كونوا قاعدة عريضة تبني بنيانهم من الذين ضاقوا بالتصدي للدكتاتوريات .
    من الناحية اللوجستية
    عقد المؤتمر بإمكانيات تفوق إمكانيات الحزب بكامله ناهيك عن جماعة فيه. أرسلت طائرات لجلب المؤتمرين من دار فور، ومن كردفان. كما تم توفير تذاكر السفر لوفود المدن المختلفة. وقد كان الانطباع للحضور أن الإعداد تم بأموال ضخمة صرفت على ملفات المؤتمر والأطعمة والأشربة وغيرها.
    دعمت الحكومة المؤتمر ماديا ومعنويا بصورة ظاهرة. تمت مصادرة جريدة الحرية ليوم 13 يوليو بدون إبداء سبب والمسئولون يرجحون أن يكون ذلك بسبب مهاجمة الانخراطيين ومؤتمرهم. فقد جاء في صحيفة البيان الإماراتية الآتي: "عطلت أجهزة الرقابة أمس صحيفة «الحرية» السودانية المستقلة عن الصدور. وأرجع الحاج وراق، الأمين العام لحركة القوى الجديدة الديمقراطية «حق» الذي يشغل منصب المدير العام للصحيفة السبب في التعطيل الذي تم بطريقة جديدة إلى الهجوم الشرس الذي شنته الصحيفة ضد مبارك الفاضل المهدي حليف الحكومة الجديد. وقال وراق لـ «البيان» أن عدداً من منسوبي جهاز الأمن وصلوا إلى المطبعة في تمام الساعة الثانية من فجر أمس وصادروا الصفحات الأولى بحجة قراءتها ولم يعيدوها إلا في السابعة والنصف صباحاً، الأمر الذي تعذر معه صدور الصحيفة. وشدد وراق على أن الصحيفة لن تتراجع عن موقفها ضد تشتيت القوى السياسية وتقسيمها رغم الخسائر التي تعرضت لها أمس من جراء عدم الصدور وتلف كميات كبيرة من الأعداد التي تمت طباعتها من العدد خاصة الصفحات الداخلية".. إلى أن قالت: "من جانبها أكدت الصحافية آمال عباس مستشار مجلس إدارة الصحيفة أن الخسائر التي تعرضت لها الصحيفة من جراء المصادرة لا تقل عن 15 مليون دينار سوداني". وبتاريخ 14 يوليو صدرت توجيهات من جهات الأمن لبعض الصحف بعدم التعرض بسوء للسيد مبارك المهدي وجماعته. فهل يصير موضوع مؤتمر سوبا من ضمن المواضيع المحظور التحدث فيها لدى الصحف؟.
    - بينما تمت تغطية المؤتمر تغطية إعلامية كاملة من الإذاعة والتلفزيون، فإنه لم يتم إجراء مماثل مع صلاة الجمعة التي أمها السيد الصادق المهدي بتاريخ 12 يوليو مع أنها كانت حدثا هاما في سياق الأحداث في سوبا وقد قامت بتغطيتها أجهزة الإعلام العربية الأخرى. هذا يؤكد الانحياز الرسمي لسوبا.
    - تعرضت السلطات الأمنية لوفد الجزيرة المروية المكون من سبعة حافلات يوم الثلاثاء 23 يوليو عند حدود العاصمة وذلك الوفد كان يزمع الحضور للتنديد سلميا بتجمع سوبا ويساند الشرعية في الحزب..
    أدبيات سوبا
    كان بسوبا العديد من كلمات الوفود بلسان أبناء الجهات التي أتت منها الوفود- ولكن "الجاكيت" الذي وزع للحضور كان يحتوي على الأدبيات الرسمية للاجتماع الآتي بيانها:
    قدمت اللجنة المنظمة للمؤتمر كلمة بلسان الزهاوي إبراهيم مالك، وقدم في المؤتمر سبع أوراق هي: "مفهوم التجديد في حزب الأمة" قدمها مبارك المهدي، الواقع السياسي الراهن وآفاق المستقبل- قدمها نجيب الخير، قضايا البيئة والتنمية- قدمها محمد أرباب- البترول في السودان قدمها أحمد خليل مسلم- التنظيم تحت راية الإصلاح والتجديد – تقديم الزهاوي إبراهيم مالك- الاتصال والخدمات في سودان المستقبل- تقديم الدكتور الفاتح محمد سعيد- ثم الهيكل التنظيمي المقترح تقديم أحمد بابكر نهار، والورقتين الأخيرتين وضعتا في البرنامج ولكن لم توزعا على الحاضرين. ونوقشت (حسب البرنامج) أربع أوراق عمل، ثم خرج البيان الختامي للمؤتمر. في هذا الباب نناقش أدبيات المؤتمر المذكورة.
    كلمة اللجنة المنظمة لسوبا
    احتوت الكلمة على لغة بلاغية قصدا لا فعلا، ولذلك كان الناتج ركاكة في الأسلوب وتناقضا في التصورات لا يشفي عنها إلا الاطلاع عليها إجمالا. ابتدرت الكلمة بتأكيد أن جماعة سوبا قررت "المسير على طريق التحديث والإصلاح والتجديد في حزب الأمة". وذلك "بوعي بعيد عن الإعلام المرعوب".. استطرد كاتب الكلمة قائلا: "نحن، سيداتي آنساتي لسنا أبناء صدفة ولا نتاج مرحلة، إننا دعاة الهجرة إلى المستقبل". مقتطفات من هذه الكلمة:
    - الأنصار كما تعلمون يقوم بمهمتهم أدناهم.
    - ليعلم الجميع بأن ساحة التجديد ليست بحاجة إلى نماذج معادة وأنماط وأساليب مكررة، بل إلى التحديث والتعصير.
    - إن تحقيق الأهداف الكبيرة يحتاج إلى عنصرين: لحظة تاريخية مناسبة وقيادة واعية قادرة.
    - تعلموا بحزب وصمت، فالعمل الشاق الشاق المفيد كدقات قلب الجنين في بطن أمه، وللعشوائية و(الشوفوني) صوت عال وضجيج.
    - في معرض الحديث عن التجديد قال: "إن أي دعوة لمزيد من الصبر والتحمل وضبط النفس هي رهان على الموت عجزا ومهانة وهو منا لا يقبل أحد أن يرضاه لنفسه أو يقنع به غيره".
    - واعملوا جميعا بأن من يعمل في السياسة اليوم بجد وإخلاص وصدق ونكران ذات: نبي أو شهيد أو بطل.. فكونوا ما تشاؤن، كونوا ما تشاؤن!.
    لم يفت كلمة اللجنة المنظمة الخلط بين الحزب وكيان الأنصار في مفهوم غريب " الأنصار يقوم بمهمتهم أدناهم!" والغرابة أن الحديث عن رسول الله  هو: " الْمُؤْمِنُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ" وهو لا يعني القيام بالمهام لأن القيام بالمهام في الإسلام "للقوي الأمين" وليس لأدنى الناس!. كما لا تخفى أخطاء اللغة "تعصير!" والطباعة والتعبير، أو لعلها هرطقات تلك الواردة حول أن عامل السياسة بينهم نبي أو شهيد أو بطل: فكونوا ما تشاؤن!. ثم الخلط بين المصطلحات العلمية غربية المنشأ مثل "الشوفينية" وبين اللهجة العامية "شوفوني". كلمة اللجنة المنظمة للمؤتمر تنبي عن مستوى متدن في الدرج العلمي الذي ينشدون.
    ورقة الإصلاح والتجديد في حزب الأمة- مبارك المهدي
    كتب السيد مبارك ورقته وزاد عليها شفاهة.
    الورقة المكتوبة بعنوان: مفهوم الإصلاح والتجديد في حزب الأمة (ملخص):
    ابتدرت الورقة نصها بآية من الذكر الحكيم: "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض" وإقرار أن التدافع بين الناس أمر كوني، كما أن وجود طائفة قائمة بالحق قدر محتوم أيضا، إنها مشيئة الله في إصلاح هذا الكون وتجديده. ليكون لكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال كما قال الإمام المهدي عليه السلام".. "الوقت والزمان والأوان متحركات تتطلب تغيير الحال وتجديد الرجال لتظل جذوة التغيير متقدة خروجا من الركود وحالات الشيخوخة والجمود التي أدخلت البلاد في أزماتها السياسية الراهنة".
    دعت الورقة للإصلاح والتجديد في النهج والأسلوب والعقلية. ثم تحدثت عن الفشل في التجربة السياسية في السودان منذ الاستقلال وعزته إلى:
    1- فشل المؤسسات الحزبية والسياسية في إرساء دعائم النظام الديمقراطي الفاعل.
    2- فشل الأحزاب في تطوير برامجها لتكون مؤسسات تتجاوز العصبيات وتسمو إلى رحاب الفكر والبرامج العلمية والعملية.
    3- تعثر الحركة السياسية في إقناع الجماهير وبناء حركة سياسية راشدة ومعالجة الضعف في:
    • انغماس الحركة السياسية بقياداتها الصفوية منذ فجر الاستقلال في الصراع على السلطة مما جر الجيش إلى حلبة الصراع السياسي في الأعوام 58-69-1989م.
    • لم تلتفت الأحزاب إلى كسر طوق الحلقة الشريرة وعجزت عن إيجاد صيغة مرضية للناس لإدارة البلاد.
    • فشل الأحزاب السودانية والنظم الشمولية التي تعاقبت على الحكم من إيقاف الحرب الأهلية المدمرة سلميا.
    رأت الورقة أن تلك العلل والأزمات توضح حجم القصور والضعف في أحزابنا السياسية المتمثل في:
    • ضعف المؤسسية، واعتماد نهج التبعية والولاء للفرد بصورة اختزلت ذاتية المؤسسية في شخص واحد.
    • قيام أحزاب صفوية بعيدة عن هموم المواطنين تتصارع حول أيديولوجيات مستوردة.
    • غياب البرامج والمناهج العلمية والفكر الواقعي في الأحزاب.
    • ضعف الارتباط بين القيادة والقاعدة والذي ولد شعورا أفقد القواعد الثقة في جدوى المؤسسات الحزبية- عزوف الحركة الطلابية كمثال.
    • غياب الديمقراطية الحقيقية واختلال المعايير في بناء المؤسسات وتشكيل المكاتب المتخصصة وتقسيم القيادة والمناصب.
    • عدم الالتفات لمعالجة قضايا القوات النظامية.
    تحدثت الورقة عن الإصلاح والتجديد في حزب الأمة بالاستفادة من تلك الدروس بإصلاح المنهج وتجديد الأسلوب وتطوير الممارسة لتحقيق الآتي:
    أولا: بناء مؤسسة حزبية ديمقراطية فاعلة تؤمن مشاركة حقيقية من القاعدة إلى القمة.
    ثانيا: العمل وفق برامج علمية مدروسة محورها القضايا الوطنية وقضية المواطن. بصورة موضوعية بعيدا عن الكسب الذاتي أو النظرة الحزبية الضيقة والتي لم نجن منها إلا البوار.
    ثالثا: العمل على بناء مؤسسات المجتمع المدني على أسس سليمة.
    رابعا: تأسيس قوات مسلحة محترفة للذود عن ارض الوطن.
    ختاما: إن الدعوة للإصلاح والتجديد في العمل السياسي بدأت بحمد الله تنتظم غالبية القوى السياسية نسأل الله أن تأتي ثمارا طيبة عما قريب.
    بعض مما زيد شفاهة:
    بدأ السيد مبارك عرض ورقته بحمد الله (بدون بسملة)، ثم خاطب الحاضرين (رجالا ونساء) بأنهم هم قادة حزب الأمة لا شك في ذلك- نعم لا يمكن أن نمثل حزبا كله بكامل عضويته ولكن نمثله بقادته وقادة أماناته السياسية وقادة الحزب في كل المحافظات والولايات. ثم قال: حزب الأمة هو الآن وسيظل حزب واحد. لأنك لا تصنع قيادات ولا تصنع كوادر في لحظات أو في أيام بل تنبع (بفتح الباء!) هذه القيادات وهذه الكوادر من قلوب الجماهير ومن الكد والنضال خلال سنوات، فهؤلاء هم الذين قادوا حزب الأمة في الأعوام الأخيرة- وهؤلاء هم أعمامنا الذين قادوا من الثمانينات والسبعينيات عمل الحزب.
    هذا المؤتمر لم يكن وليد تخطيط لزمن طويل- وهو كما التأم هنا أقرب إلى الخيال مما يؤكد عزم الرجال ومما يؤكد صدق النوايا ومما يؤكد مشيئة الله أن ننهض بحزبنا وبأمتنا.
    لقد ظللنا ننادي منذ أن بدأنا العمل العلني بعقد مؤتمر تأسيسي ينتخب جسما انتقاليا يقود الحزب في مرحلة الانتقال ويؤسس المؤتمرات الولائية القاعدية ولكن ذهبت مناداتنا أدراج الرياح. رأى أخوة منا أن يتنادوا إلى اجتماعات محدودة- في القاهرة 14 شخصا، فكونوا تنظيما انتقاليا كان المفروض يستمر 6 أشهر.
    هذا الجسم لم يكن يمثل تطلعات جماهير الحزب ولم يستطع أن يستنهض سواعد جماهير الحزب حتى ينعقد المؤتمر فظل الحزب عاجزا- وكما قالت لجنة الأمير نقد الله هذا التنظيم قد ولد ميتا وصار جزيرة معزولة ، وعندما تدهورت الأوضاع ووصلت إلى حافة الهاوية تنادينا نحن جميعا.
    انفجر الصراع حول التجديد منذ يناير هذا العام- كانت من داخل هذه الأجهزة دعوتنا أن تدعى القاعدة لمؤتمر استثنائي- ظللنا ننادي بمؤتمر استثنائي ومؤتمر قاعدي ولم تسمع آراؤنا- وأصبحت الإجراءات الطاردة تترى بالتجميد والطرد والتراشق في الصحف. نزلنا للقاعدة في يناير من هذا العام- نبصرهم ونتشاور معهم حول قضية الإصلاح- كان التجاوب كبيرا مما شجعنا على هذا المؤتمر. عندما حددنا الموعد ودعونا لهذا المؤتمر لم يتجاوز ذلك أسبوعين. جئنا من أجل هدف سام وهدف مقدس وهو بناء حزب الأمة وبناء الوطن.
    ثم تحدث عن الحلقة الشريرة في السياسة السودانية وقال: حينما نتحدث عن الإصلاح والتجديد نتحدث عن كيف نكسر هذه الحلقة الشريرة.
    لنا فيما نفعل أسوة فلقد قال الإمام المهدي: إنما لكل وقت ومقام حال.. هذه الكلمة الشهيرة هي التي تأسست عليها الثورة المهدية.
    هذه الورقة هي قراءة عميقة للأزمة السياسية التي مرت وتمر بها بلادنا.
    تحدث عن ضعف العلاقة بين القيادة والقاعدة. وعن انعدام الديمقراطية داخل الأحزاب. قال: "نتكلم عن أجهزة ومؤسسات شرعية تتخذ قرارات بالفصل والتجميد ولكنها عاجزة غابت الديمقراطية فغابت المؤسسية في هذه الأحزاب".
    قال أن الأحزاب ليست جمعيات خيرية بل هي للحكم، والحكم يتعلق بأمن الناس ومعايشهم. وتحدث عن ضرورة الأمن والمعايش في حياة الناس. ثم استشهد بسورة قريش "مغيرا" في آية بشطب رحلة الشتاء والصيف وزيادة اللام، قال: ربنا ذاتو لما قال في سورة قريش قال: (لإيلاف قريش لإيلافهم فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف).
    حزب الأمة دة تراث وضعوه الأجداد امتداد للثورة المهدية- كل واحد فينا عندو جدو جاهد أو استشهد – حزب الأمة بتاعنا كلنا.
    جاء في مطبوعة كتاب العودة: فشلنا في التنظيم- فشلنا في الإعلام- فشلنا في المال. إذن أنت غير قادر على قيادة الجماهير لتحقيق أهدافها.
    ثلاث مدارس في الساحة:
    المدرسة الأولى: المدرسة الحالمة: حالمين وعندهم أحقاد.عايشين في الماضي- عايشين في أحقادهم- عاوزين تصفية حسابات- واحد عاوز يعتمد على التناقضات والفرقة والحرب عشان يغير الأوضاع في البلاد- مدرسة ما عندها الرغبة في تغيير الأوضاع مشككة ومعوقة لعملية البناء وعملية الإصلاح
    المدرسة الثانية: المدرسة التقليدية: معوقة- مدرسة المدمنين مدمني الصراع إذا ما عاش في صراع ما بيجد نفسه- جيل الثلاثينات عندنا في السودان- مدمن الصراع عاوز يرهننا لهذه الصراعات ولهذه الطموحات التي لن تتحقق. مدرسة عاوزة تعيشنا في الصراعات والمرارت- هناك أجيال قامت ولا تعرف ماذا حدث وليست طرفا عاوزين يتعلموا وعاوزين يكون عندهم مستقبل.
    مدرسة الواقعية: ما دايرين نرجع لي ورا- نرجع لي ورا فقط حينما نفتش للأخطاء لنعتبر بها لكيلا نكررها لكننا لا نجتر الماضي ونرجع للوراء- نتعامل مع الواقع عاوزين نمشي لي قدام- إذا حاولنا نكرر الأخطاء وندفن راسنا في الرملة ما ح نبني المستقبل.
    في من الجماهير عمرهم وصل تسعين سنة كانوا عاوزين يجو- انتو بتمثلو تطلعات أجيال. نبني التنظيم ونبني وطن ونجمع الشمل احنا ما جينا نفرق كلمة جينا نوحد أهل السودان.
    عاوزين نكسر الاحتكار الفردي عاوزين نبني مؤسسة!!!!.
    بنقول لي أخواننا الليلة غضبانين وزعلانين مننا – إحنا كنا عاوزنهم يقودوا ويسلمو الراية للأجيال اللي بعدهم- إحنا اتقدمنا الصف وعاوزنكم تقفوا معنا بالرأي – احنا ما جينا نقصي حد جينا نجمع شمل حزب الأمة!!!!.
    الرجال بيبنوا وبيتركوا البناء لأحفادهم – بنقول لي أخواننا اللي ما جو احنا عاوزنكم تقيفوا معانا عشان يكون فعلا حزب الأمة رمز القوة. عاوزين نبني مع أخوانا في الحركة السياسية والقوات المسلحة- ح نناقش الحوار ببينا وبين اخوانا في الحكومة. كان أمامنا خيارات- مجموعة من القيادات في التنظيم القائم نعمل مؤتمر صحفي- لكننا اخترنا الطريق الصعب قررنا نرجع للقاعدة هم يناقشوا عاوزين نمشي الحكومة أم المعارضة- هذه الوجوه النيرة هي صاحبة القرار.
    تحليل الورقة وعرضها:
    وأول الملاحظات على الورقة أيضا كثرة الأخطاء المطبعية والأخطاء في النحو. وثانيها انعدام أي منهج علمي، ولو افترضنا أن الورقة اتخذت المنهج الوصفي لمسألة الإصلاح أو التحليلي لما خرجنا بشيء ذي بال. والورقة تخلط خلطا أساسيا في الآتي:
    - تسوق الورقة مفهوم التدافع كسنة كونية بين الناس لتتحدث عن مفهوم الإصلاح، وهذا مقبول. ولكنها تخلط بين مفهوم التدافع (كجدل قائم بين طوائف موجودة في زمان معين ومكان معين) وبين مفهوم التطور والتغير عبر الأزمنة والأمكنة على حد قول الإمام (لكل وقت ومقام..الخ). فالإمام المهدي هنا لا يتحدث عن تدافع بين نظريتين معاصرتين، بل يقول عن السلف الصالح من المجددين والمجتهدين من أئمة المسلمين "نحن رجال وهم رجال"، ويرد على الذين يحاجونه بما قاله الأئمة مناقضا لاجتهاده (ولا تعرضوا لي بنصوصكم عن الأقدمين، إنما لكل وقت ومقام حال). ويذهب لتأكيد ذلك –أي أن التغير في الاجتهاد ناجم عن تغير في الزمان والمكان - لا اختلاف في درجة إخلاص الرجال أو نبوغهم- أنه لو كان المصطفى حاضرا لأقره على ذلك- وأنه صاحب الزمان. كل تلك المفاهيم تخرج خروجا عن مفهوم "التدافع" لتصب صبا في مفهوم "الاستمرارية" و"الاتباع لا الابتداع"، وأن زمنه مندرج في زمن رسول الله (ص) (لا متدافع معه). لقد تسببت ذهنية (لكل وقت ومقام حال) في غرس ذهنية التطور (لا على أساس شجب الإرث) بل على أساس إقراره والبناء على جوهره وتغير مظهره فيما يوافق تغير الزمان والمكان، هكذا سارت المهدية في طورها الثاني مقرة بيعة المهدية –كما هي –إلا فيما يتعلق بمفهومي الزهد والجهاد- ومطورة نفسها في إطار تسامحي تعايشي مع الآخرين. وقد واجه الإمام عبد الرحمن في هذا الصدد معارضة كبيرة من العديدين وكان رده لأولئك لو كان الإمام المهدي حاضرا لقرني على ذلك ولاتبع سبيلي.. وهكذا سارت المهدية في طورها الثالث مقرة بيعة المهدية في طوريها، ومطورة إياها فيما يتعلق بالبناء المؤسسي، والدعوة لمأسسة التعايش بين الاجتهادات المختلفة على غرار "نداء المهتدين" وبين الأديان بوثيقة "نداء الإيمانيين" وللسلام العالمي بنهج يفصله "نداء حوار الحضارات"، وهي تعتبر أنها متبعة في ذلك الهدى المهدوي في طوريه لا مبتدعة مجددة لا مقلدة على نهج "إنما لكل وقت ومقام حال"، فلو حضر الإمام عبد الرحمن هذا الزمان لسار بسيرها الآن ولم يتدافع معها..المهم، أن خلط مسألة تغير الأزمنة والأمكنة مع مسألة التدافع خلط ينبي عن فهم فطير للنصوص القرآنية، وللسيرة المهدوية، بل للغة العربية نفسها.. إنه مؤلم للقلب هذا الحضيض الفكري السحيق.
    - تخلط الورقة (وعرضها) بين مفهوم المؤسسية والاستنفار. فقد تحدث مبارك عن تناديهم "للمؤتمر"، في أسبوعين فقط، وعن حضور ضعف العدد المتوقع. وأنهم وصلوا الجماهير ولم يصلها قبلهم أحد، وأنهم أتوا برأي الجماهير المغيبة. نحلة "الجماهير المغيبة" وتمثيل رأيها، واستنفار الناس كدليل على موافقتهم هو ديدن الشموليين، فلن يعدم أحد يبذل المال ويهون "اللوجستيات" لحضور الرجال والنساء بضع مئات أو حتى آلاف يستجيبون. ولكن المؤسسية (المبنية على أساس ديمقراطي) هي الآلية التي تضمن تمثيل الملايين (كما هم عضوية حزبنا) عبر التصعيد بالمؤتمرات القاعدية، لعضوية محددة منضبطة تقاس بنسب تمثيل الحزب في الولايات (استنادا على آخر انتخابات حرة عام 1986م). هذه هي المؤسسية، وهي لا تعني الاستنفار ولا التنادي بأي حال. والخلط الأكبر يتضح في حديثه عن السريةـ فقد اعترف في مقابلة مع جريدة الصحافي الدولي –بتاريخ 17 يوليو 2002م-أنه حجب الأمر عن رئيس الحزب تحوطا من إجراءات مضادة تقطع عليهم الطريق!. وحجب الأمر عن الرئيس يتبعه حجبه عن عشرات ومئات القيادات التي لا تحلف يمين الولاء (لمبارك) وإن سمعت لأوصلت الأمر للرئيس (المحجوب عنه). فكيف يقوم إثر دعوة سرية "مكلفتة" في أسبوعين فقط لا تتيح إجراء مؤتمرات قاعدية، ولا ورش عمل تحضيرية، ولا إعداد أوراق عمل حقيقية، وقامت بالتنادي فجاء ضعف العدد المتوقع (كما لو كانت لوليمة زفاف)، كيف يكون الحديث هنا عن مؤسسية أو "مؤتمر" إلا كالذي قام "مسخ عشوائي القسمات".
    - تحدثت الورقة عن ما أسمته "الفشل في التجربة السياسية منذ الاستقلال" فعزت ذلك الفشل كله تقريبا للأحزاب السياسية السودانية عامة –مع ذكر مقتضب للأنظمة العسكرية التي جرها للساحة الفشل الحزبي- وبعد ذلك تحدثت الورقة عن الضعف الحزبي في السودان بصورة عامة، وكان هذان القسمان هما الجزء الأكبر من الورقة. في هذا الجانب خلط بين الداء (الأسباب) وبين الأعراض (الظواهر). فشل الأحزاب السياسية هو ما تسوقه الأبواق الشمولية للحديث عن فشل الديمقراطية والذي يفترض أنه حدث نتيجة لأخطاء القيادة السياسية. أما اعتماد المفهوم على ثقافة سياسية ومدنية كأساس (دعامة) جماهيرية عامة فمفقود تماما. كان من الأجدى للسيد مبارك الحديث عن إطار للتنمية السياسية يركز على "محاولة دمقرطة" السودان، بدلا عن افتراض أن تعثر تجربة الأحزاب السياسية هي شيء مساو لفشل تلك الأحزاب ولفشل الديمقراطية.. إن الديمقراطية (وأحزابها) لم يتح لتجاربها أكثر من انتخابات تنافسية دورية كان يتاح لها أن تجرى لمرة واحدة أو مرتين بالكثير في كل تجربة ديمقراطية. فلم يسمح لها بالعيش واكتساب الخبرات والأقلمة..الخ . إن لحزب الأمة نظرية شائعة لخصها عنوان كتاب الصادق المهدي "الديمقراطية في السودان عائدة وراجحة"- وهو الكتاب الذي كتبه في سجن كوبر وسربه للخارج فقام الحزب بالخارج تحت قيادة السيد مبارك المهدي بطباعته ونشره- نظرية الحزب هي أن الديمقراطية على علاتها أرجح من الديكتاتورية وذلك بيانا بالعمل لا بالشعارات وبالأرقام والحسابات، فالفشل في الساحة السياسية السودانية لا يمكن أن يعزى للأحزاب وهي لم تتقلد سدة الحكم إلا أقل من ربع المدة منذ الاستقلال، فمن بين ثمانية وأربعين عاما لم تحظ الأحزاب بأكثر من تسعة أعوام، ولم يحظ حزب واحد بأغلبية مطلقة في الحكم.. فكيف يعزى الفشل في النتيجة للحكم الحزبي ويلبس الأوتقراطيين "الذئاب" ثياب الحملان؟. إن السيد مبارك في هذا الموقف لا يناقض شعاراته المعروفة فحسب، بل هو يتناقض مع تاريخه كقيادي في حزب الأمة منافح عن الديمقراطية وعن رجحانها في الحياة السياسية.. لأجل ماذا ينزع عنه ذلك التاريخ المجيد ويتمسح بتواريخ ستكتب ذات يوم بالرماد؟:
    شان ما يدوس على زندو.. ويوجه طلقة لي الضدو
    وقف بيـــــن بـــــــين ..وسمّ على العديل والزين ضبـــــــــــــــح جدّو.
    وما أدراك ما جــــــــدو..كأنو العوجة حزبية
    نسى التاريخ نسى الآداب.. لعلو سهى ولعل مشيو انبدل كغراب
    هجر زمن النضال الكان..قلب صفحاتو قال: بعدو
    ..وفرتق تاني حرية
    .نسج لي الميري من نشدو وما كانت في محرية
    وقف يتبرك المبدول.. قعد يتعرك المعلول
    على حيطة الشمولية
    - كما يوجد خلط بين النظام الديمقراطي –الذي يحوي ويتأثر بمعطيات شتى حزبية ونقابية وصحافية وإقليمية وعالمية وعسكرية ومجتمع مدنية- وبين النظام الحزبي فقد سيق كأن الأخير يعني الأول.. وهو خلط أتقنته النظم الشمولية في سعيها الدؤوب لتبرير انقلابها على الشرعية، ولتكوين شرعية قائمة على الوصاية. ففي هذه الورقة كفر بالأحزاب السياسية السودانية، وبما أن هذه الأحزاب تساوي الديمقراطية إذن: (فكفر بالديمقراطية).. والنتيجة أن الديمقراطية ليست محور الإصلاح والتجديد. هذا ما أدركه كل مطلع على أدبيات جماعة سوبا، قال الأستاذ تاج السر شبو: "ومن غرائب الأشياء أن كلمة الديمقراطية غابت تماما في أدبيات مجموعة الأمة "الحكومية" غابت كمصطلح، وكقيمة، وشعار.. حتى في مداولات المؤتمر "الفرقعة" و"الكلفتة" ".
    - ومثلما أجملت الورقة تحليل الفشل السوداني، والضعف الحزبي، فلقد تحدثت عن مرامي الإصلاح الحزبي العامة (المؤسسية الحزبية- النهج العلمي القومي- المجتمع المدني- والقوات المسلحة) ولكنها لم تفصل ما يعني حزب الأمة من كل ذاك. هذا القصور جعل الورقة مجرد ترديد ببغائي لشعارات "الإنقاذ" ومن قبلها "مايو" ونوفمبر بصورة تفتقر الإبداعية في الطرح الذي صب في أدبيات الشمولية ولم يسع لتطويرها ولا حتى مزاوجتها مع أدبيات حزبه, فالورقة لم تستفد من أدبيات حزب الأمة التي كان كاتبها يرددها من قبل. فقد كان مبارك المهدي يطلع على الأطروحات الفكرية الحزبية، كما كان يشارك في بعض ورش العمل الفكرية التي أكثر حزب الأمة من عقدها لرسم سياساته، وكان يدلي بدلوه، بل لقد قدم من قبل ورقة in Sudan Second Birth المقدمة لمؤتمر "حقوق الإنسان في الفترة الانتقالية" في كمبالا في فبراير 1999م، قدمها نيابة عن رئيس الحزب ودافع عن أطروحاتها. تحدثت تلك الورقة بالتفصيل عن تحليل الأزمة السودانية ودور الأنظمة الشمولية والديمقراطية في تركة الحرب. فخرجت تؤكد أن الأنظمة الديمقراطية مع عيوبها كدحت نحو الحل السلمي وكانت متطورة للأحسن، والأنظمة الديكتاتورية فجرت الصراع أو أججته وكانت متدهورة للأسوأ. في تلك الورقة أيضا ليس فقط تحليل المشكلة، بل تنظير للحل، عبر الحل السلمي القائم على ضبط علاقة الدين بالدولة، والمواثيق الثقافية والعسكرية، والتنمية المستدامة، والديمقراطية المستدامة، والعلاقات الدولية المتوازنة المحترمة للتنوع الثقافي والديني السوداني، والتعامل الواعي مع العولمة.. إلى آخر ما يسهم في التنظير لفك الحلقة الشريرة. تحدثت الورقة عن دور القوات المسلحة، والصحافة، والنقابات، ومنظمات المجتمع المدني، زائدا الأحزاب في الماضي وما يرجى منها في المستقبل.. هل نسي السيد مبارك كل ذلك لمجرد توقيعه على "البرنامج الوطني" فما عاد بجعبته غير تنظيرات "المؤتمر الوطني" أم ماذا حدث؟.
    إن تتبع ركاكة الورقة وتهافتها الفكري، وانبتاتها عن خطاب كاتبها نفسه قبل ثلاثة أعوام مثلا ممكن التبحر فيه أكثر. لكننا نكتفي بهذا القدر، لأن تلك الورقة أصلا لم يبذل فيها جهد ولا هي ذات بال تنظيري، ولولا ارتباطها بانسلاخ سوبا لما كان من داع لبحثها في الأصل. والسؤال الذي يؤرقني، نابع من مرارة أن هذا التهافت يأتي من رأس في حزب هو مصدر الرصانة في الساحة السياسية.. السؤال هو: هل هو قدر محتوم أن يتنازل المنخرط عن مبادئه في مبادئ الآخرين عن عقله وفكره ذاته كما قال بشير؟: وأصبحوا لا فكر لا رأي وراسهم خالي.
    إننا نفهم العقل شيئا كالبصر لا تفقده بتغيير "النظارة" وتغير لون صبغتها، وأفهم أن أخوتنا الذين خلعوا نظارة "الديمقراطية" ولبسوا "الأوتقراطية" سيظلون مبصرين برؤية الشمولية، ولكن لماذا جاء خطابهم حتى أدنى مما يسوقه الشموليون؟.. أم لعلها حتمية صنع الغراب:
    كما فعل الغراب فضل مشيا فما بلغ القديم ولا الجديدا...؟
    إن حادثة سوبا خير كلها وفاروق بين الحق والباطل وراحة من عناء "الحجامة" كما قال محمد المكي إبراهيم، ولو كان فيها "لكنة" فهي هذا السؤال الثقيل، ولو كان بيننا وبين أخوتنا في سوبا مناشدات لناشدناهم الله أن يرتقوا قليلا بخطابهم، وأن يكونوا أقل قليلا في سفور أهوائهم وجحوظ عينيهم "وقد وصف الأستاذ محمد عبد السيد هذه الحالة من جحوظ الأعين بدقة مخيفة في عمود داخله بجريدة الأيام".. لناشدناهم أن يكونوا بقامة تحترم تاريخا لهم ما كان هذا ديدنه. ولكن، قال شاعرنا الفحل عرمان:
    حقيقة ما بسمع نواح الصايحين ميت .. غريــــق
    أما عرض ورقة السيد مبارك –والذي أبرزنا جانبا منه- فلا يختلف عن الورقة نفسها إلا في زيادة تهافت الطرح. ولكن فيه أشياء تستحق الإشارة لها، منها:
    المدارس السياسية: نشير فقط إلى ذلك التصنيف (المدارس في الساحة) الحالمة والتقليدية والواقعية- وأي صاحب لب يعرف أن هذا نهج غرابي فالمدرستان الأوليتان وسما باسمين مختلفين وهما يتحدثان عن صفة واحدة: الصراع وإدمانه. شيء آخر هو حديثه عن "جيل الثلاثينات" وهذه أول مرة –في الفكر السوداني- يتم فيها تصنيف أجيال المفكرين والساسة والقادة حسب ميلادهم.. فجيل الثلاثينيات حسب التصنيف السوداني هو الجيل الذي برز عطاؤه في الثلاثينيات أمثال رواد مدرستي الفجر والموردة، وقادة مؤتمر الخريجين. والناس يتحدثون عن جيل الستينيات مفجر ثورة أكتوبر وقد برزت فيه دماء جديدة في غالبية الأحزاب السياسية كان منها في حزب الأمة الصادق المهدي وفي الحزب الشيوعي عبد الخالق محجوب وفي الإخوان المسلمون حسن الترابي.. والسيد مبارك أراد أن يرمي السيد الصادق بهذه الجملة المعلقة على هواء التصنيفات الفكرية السودانية بلا خيط واصل.. فهلا قال لنا ماذا فعل جيل الأربعينيات "جيله" حسب تصنيفاته المستحدثة؟.. السيد مبارك لا يملك آليات التحليل والفكر والتصنيفات العلمية، وقد قال الشاعر:
    لا يدرك الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها
    إن شعار (لا تنظير) و(الناس لا تأكل فكرا) يناسب مقدرات السيد مبارك. ومن الأفضل أن يلتزم ذلك الخطاب ومتطلباته من البعد عن الأسلوب العلمي ومحاولة صياغة الأفكار.
    الشرعية: لم تذكر الورقة مسألة تجمع سوبا وشرعيته ولا كيفية التصعيد أو الاختيار لبرنامج الإصلاح ، ولكن العرض تطرق لذلك شفويا، فابتدر السيد مبارك تقديمه لورقته مخاطبا الحضور بأنهم لا شك يمثلون قيادات حزب الأمة والمسئولين عنه في كل الولايات والمحافظات، ولم يذكر السيد مبارك كيف تحددت هذه الخاصية القيادية: هل بالاعتراف بالمؤسسات القائمة حاليا بالولايات؟ أم بتصعيد وانتخاب قيادات جديدة؟ فإذا وضعنا في بالنا أن الدعوة كانت سرية وبالاختيار . لعلمنا بمبلغ الشك بل تحوله إلى يقين، أن ذلك الجمع لا يمثل قيادات الحزب بل يمثل فقط "أنصار مبارك" داخل حزب الأمة وهم قلة قليلة بالنسبة لعضوية الحزب. وأكثر ما فضح إدعاء الشرعية التردد تجاه التعامل مع رئاسة الحزب الشرعية، والاضطراب البادي لدى المنصة وكل المتحدثين الذين كانوا يتوجسون خيفة من هجوم من الحزب الأصل "أشار له دكتور قطبي المهدي على أنه سبب الإجراءات الأمنية المكثفة في سوبا".. صدق من قال:
    ما قالولنا بالموعد قصـــــــد يا جــــاري
    ودسو على الخبر لكنو جــــــانا وجاري
    البي دقنو حين يرقص عليش بيــــداري؟
    دة الورل القدل خايف يجيـه عشـــــاري
    ويقود هذا للتناقض الواقع في حديث السيد مبارك عن "إخواننا" الذين كانوا يرغبون حضورهم لتسليم الراية، ولكنهم غضبانين وزعلانين ..الخ. فأولئك الإخوان لم يدعهم أحد بل لقد صرح السيد مبارك في جريدة الصحافي الدولي –كما أشرنا- إلى أنه أخفى الدعوة عن الرئيس قصدا، فهي مؤامرة.. قال الأستاذ شبو تعليقا على مهزلة سوبا: "إن المؤسسية والتآمر لا يلتقيان" ..
    تعليق أخير، أنه لم يغضب من سوبا أحد.. وما كان من داع لتلك الإجراءات الأمنية التي ذكرها الدكتور قطبي المهدي في برنامج في الواجهة بتاريخ 15 يوليو 2002م. إن حزب الأمة الذي ينبذ العنف لم يكن يزمع التعرض لتلك الجماعة بسوء، ليس فقط لأننا غير غاضبين، بل لأن جماهير الحزب ارتاحت من تلك الجماعة (ففي الناس إبدال وفي الترك راحة). لقد سممت تلك الجماعة الجو الحزبي لأكثر من عام، وهو ما شبه بخروج دم فاسد بدون عناء الحجامة، وما قال عنه دكتور صالح المتحدث من خارج مظلة حزب الأمة أن الاتجاهات الفكرية للسيد الصادق المهدي : "تجعله وبالفم المليان يقول لدعاة المشاركة- ودعناكم الله وفي أمان الله أيضا. "
    الانشغال بهموم الجماهير وخدمة جماهيرنا
    لقد تناول الأستاذ تاج السر شبو في مقال رصين سبق إشارتنا له الشعارات التي رفعتها جماعة سوبا و"أفصح" من دعا لها كان السيد مبارك وورقته المذكورة، قال شبو: "شعارات التيار الحكومي المخترق كلها كانت على النحو التالي: إصلاح وتحديث الحزب- الانتقال من وضع لا معارضة ولا مشاركة- البناء السياسي القديم غير قادر على حل الأزمة السودانية لأنه شمولي رغم رفعه لشعارات ديمقراطية- هدم الكيانات القديمة القائمة على القبلية والكاريزمية- على الكبار أن يتيحوا المجال لأجيال جديدة- الصراع على السلطة والصراع القديم جربناه 46 عاما ولم نصل فيه لشيء فالواجب التعامل مع الأمر بواقعية.. هذا كل ما ملكت أيمانهم من أفكار واجتهادات وطروحات فكرية فلسفية لمحاولتهم الاستيلاء على حزب الأمة القومي..نهارا جهارا"!.. ثم رد على تلك الأطروحات الفجة رديئة السبك واحدا واحدا، واختتم بتناول شعار الخدمات، قال: "الأستاذ البوني- يقصد الأستاذ عبد اللطيف البوني وعموده "حاطب ليل" بجريدة الرأي العام- أبدى حيرته لغرابة هذا الشعار ######ر منه وداخله مداخلة هزلية في نهاية عموده. وإن التيار الحكومي في حزب الأمة يدخل الحكومة بهدف تقويضها من الداخل.. وما إلى ذلك من الكلامات لا أرغب في مداخلة الشعار البائس اليائس و"فلفلته" ولكنها أول مرة في السودان تعلن جماعة سياسية تدعي "الحداثة والتجديد والإصلاح" إنها تدخل السلطة لحل مشاكل أهليها ومناطقها".. وهي نفس الجماعة الناعتة للكيانات القديمة والقبلية في حزبها مطالبة بهدمها!. .. إننا موعودون بإنتاج فكري سياسي عامر وغزير من "جماعة الأمة الحكومية" تقلب فيها الوضع السياسي رأسا على عقب!. إنها أول مرة في تاريخ العمل السياسي على وجه الأرض تكون فيه حلول مشاكل الجماهير الحياتية اليومية من مسئولية المعارضة.. وهي بالفعل فلتات فكرية لا تدانيها فلتات!."
    وفي ختام تحليلنا لورقة السيد مبارك، نورد أبيات من قصيدة الشاعر خضر عرمان نصحا له:
    أرجع مكانك يا فتى.. راجع حسابك كون رقـــــيق
    دفقت مويتك لي السراب مسكت في الخيط الرقيق
    سوي التقى زاد السفر ما تهنا بي أكل الدقــــــيق
    ما تفوتك العبرة الزمان هابيل سفك دم الشقيق
    يا الكنا قايلنك ركن أصحى انتبه جيّد وفـــــــــيق
    ركز لبابك إن سهى ثبت جنانك من خفـــــــــــيق
    ورقة: الوضع السياسي الراهن وآفاق المستقبل: نجيب الخير عبد الوهاب:
    وهي ورقة تحتوي على تبريرات الانسلاخ للانخراط في النظام، التي يسوقها الانخراطيون في مذكراتهم ومجالسهم وفي أجهزة الحزب. تبتدر الورقة بجملة: "ستة عشر عاما مرت منذ التقينا آخر مرة في هذا المكان في العام 1986م"، والمعلوم أن كاتب الورقة انضم لحزب الأمة في عهد "الإنقاذ" عام 1990م ولا يدرى إلى ماذا رمى بهذا الاستهلال؟!.
    تتحدث الورقة عن التحرك الأمريكي الأخير، والمبادرة المشتركة. ثم تقول أن الديمقراطية والسلام متلازمتان موضوعيا وليس على أرض الواقع فالمبادرات الخارجية تركز على السلام دون الديمقراطية، وإن الديمقراطية تصبح بذلك شأنا داخليا لا يتم إلا بالاتفاق مع الحكومة عبر الحوار أو بالضغط الشعبي. تتحدث الورقة أن موقف الحزب الاستراتيجي صحيح وتكتيكاته خاطئة، مما أفقده الفاعلية. وأنه اتخذ خط "المربع الثالث" بوسائل: الحوار الثنائي مع النظام (ولكن جمد الاتفاق الناتج عنه)، والتعبئة الشعبية (ولكن أقعدته إمكانياته القاصرة وتنظيمه الضعيف)، والمبادرة المشتركة والضغط الدولي وهاتين لا يملك سلطة عليهما. مما يتطلب أن يراجع حزب الأمة وسائله لتحقيق أهدافه.
    وسيناقش هذا الكتاب مسألة فاعلية الحزب، وقصور إمكانياته وضعف تنظيمه، في فصوله اللاحقة. لكننا نتطرق هنا لمسألة الطريق الثالث الذي دعا له الحزب مقترنا بالأجندة الوطنية.
    الطريق الثالث: دعوة دعا الحزب لها جميع القوى السياسية السودانية. وفي تنظيره أن ذلك الطريق يدفع ضده البعض ويعضده الآخر: " هذا الطريق الثالث ترفضه عناصر في الواقع السياسي السوداني أهمها عنصران: الأول: عنصر حريص على الإبقاء على الشمولية خوفا مما تأتي به المتغيرات ولذلك يسعى لبناء دفاعات ضد التغيير. الثاني: عنصر يعتقد أن الحرب تحقق له مكاسب ولا يأمن العمليات السياسية، ويحرص على مواصلة التصعيد العسكري. هذان العنصران مع أنهما متناقضان فإنهما يبرران بعضهما بعضا بحيث يمكن القول أن بينهما تحالف موضوعي وإن كانا متناقضين. لكنهما يواجهان تحالفا عريضا مضادا لهما قوامه:
    أولا: الرأي العام السوداني الشمالي والجنوبي الذي سئم الحرب وويلاتها وتبين وجود فرصة لحل سياسي شامل، لذلك سوف يزداد صوته في دعم الحل السياسي الشامل. هذا الرأي العام السوداني يرجى أن تقوم الصحافة السودانية بالتعبير الصادق عنه لا سيما والصحافة السودانية كانت رائدة في التمدد في هامش الحرية المتاح.
    ثانيا: لقد كان الرأي العام الكنسي قوي المواجهة للنظام السوداني وهو المسئول عن تعبئة الموقف السياسي الغربي ضد النظام. ولكن بدا لهم بوضوح أن استمرار الحرب سوف يؤدي لإفناء سكان الجنوب بالجوع والمرض والنزوح واللجوء وغيرها، لذلك قاد وسيقود اتجاها قويا من أجل السلام ووضع حد للحرب. كما اتضح لهم وجود استعداد أكبر لحل سياسي للنزاع.
    ثالثا: دول الجوار تبينت أن لها مصالح قومية في إبرام اتفاقيات ثنائية مع النظام تقوم على حسن الجوار.
    رابعا: الاتحاد الأوربي اتجه لاعتبار الحل السياسي الشامل في السودان أفضل الخيارات المتاحة.
    خامسا: لا أحد يدري ما سوف يكون الموقف الأمريكي لكن لا شك في المؤشرات الآتية: الحزب الجمهوري الأمريكي أقل تأثرا بلوبيات الأقليات التي لعبت دورا هاما في تشكيل سياسة الحزب الديمقراطي الخارجية في عهد الرئيس السابق كلينتون- اعتبار السياسة الأمريكية نحو السودان في عهد كلينتون فاشلة تماما وضارة بالمصالح الأمريكية- عدم الرغبة في مواصلة تناقض السياسة الأمريكية مع سياسة الاتحاد الأوربي نحو السودان- هذا التحالف العريض يرجى أن يشكل سندا قويا للطريق الثالث الذي يرجى أن تتجه نحوه العناصر الأكثر جدية والأكثر إحاطة والأكثر وعيا في السودان أيا كان موقعها" .
    لقد كانت هذه الرؤية صائبة، ولئن خطت قبل أكثر من عام، إلا أن الواقع صدقها وما اتفاق ماشاكوس الأخير إلا مصداقا لذلك. كما كذبت التطورات ورقة نجيب الخير التي قدمت قبل أقل من أسبوعين.. لقد ظهر في الاتفاق الاهتمام بالديمقراطية والذي جاء لاهتمام الأطراف العالمية التي رعت الاتفاق بها... هذه الأطراف قد رفدت رؤيتها بالرؤى الوطنية للحل والتي ساهم حزب الأمة في تكوين حيثياتها مساهمة لا يغفلها إلا العميان عن حركة الشعوب المغترون ببريق الصولجان فلا يعترفون إلا بالألقاب الرسمية.. ووفق بروتوكول ماشاكوس فستتكون حكومة انتقالية يوضع لها برنامج تعميري تعضيدي للوحدة ويجري استفتاء لتقرير المصير، وتعقب كل ذلك انتخابات ديمقراطية حرة ومراقبة.
    لقد خطط الحزب للدفع لصالح الطريق الثالث عبر الحوار مع النظام ليتخلى عن الأجندة الشمولية- ومع قوى المعارضة الأخرى لتتخلى عن الأجندة الحربية- ولتعبئة الرأي العام وتوجيه الصحافة لصالح الأجندة الوطنية- وللاتصالات الدبلوماسية بدول الإقليم والاتحاد الأوروبي وأمريكا لتكون تدخلاتها لصالح الأجندة الوطنية وبمفردات الرؤية السودانية لا التصورات الخارجية. وقد ساهمت جهوده في دفع الاتجاه الوطني والعالمي نحو مفردات الأجندة الوطنية كما رأينا. ولكن الحديث كأن الحوار الثنائي مع النظام هو للوصول لاتفاق ينفذ تحت أي ظرف فمعناها فتح الباب للحزب أن يكون من ضمن جنود الأجندة الشمولية، إن الديمقراطية لا تتحقق لأن بعض القوى المعروفة بالمناداة بالديمقراطية انضمت للحكم، "إنك لا تعرف الحق بالرجال، أعرف الحق تعرف أهله"، الديمقراطية تتحقق إذا كان من شروط الانضمام إجراء تحول ديمقراطي بضمانات مشهودة، حتى لا نخرج برياك مشار جديد، والقائمة طويلة في هذا الصدد! وكما قال شاعرنا بشير:
    يا بطل الفلـــــــــم ما تقول ممثل بارع زي لمح البرق قايــــم وجاري مسارع
    أحزر من ضباع وسباع وبعشوم فارع ياما بكرة تندم وتنجــــــدع في الشارع
    ورقة قضايا التنمية والبيئة: محمد أرباب:
    وهي تنظر لضرورة الاهتمام بالبيئة بصورة معزولة تماما عن أي دور يمكن أن يلعبه الحزب في هذا المضمار. وقد وجد في البيان الختامي علاقة بها إذ تم التخطيط تنظيميا لتكوين هيئتين متخصصتين إحداهما "المجلس الأعلى للبيئة". أما الورقة فلم يكن لها بعد عملي حزبي. وهي ورقة تصلح للنشر في الصحف على سبيل التوعية لا أن تقدم "لمؤتمر" يخرج بسياسات حزبية إصلاحية تنظيميا وسياسيا.

    يتبع
                  

العنوان الكاتب Date
حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-27-12, 08:17 PM
  Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-27-12, 08:19 PM
    Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-27-12, 08:21 PM
      Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-27-12, 08:22 PM
        Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-27-12, 08:24 PM
          Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-27-12, 08:26 PM
            Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-27-12, 08:30 PM
              Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-27-12, 08:32 PM
                Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-27-12, 08:34 PM
                  Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-27-12, 08:37 PM
                    Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-27-12, 08:41 PM
                      Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي عمر عبد الله فضل المولى08-28-12, 07:19 AM
                        Re: حتى لا ننسى.. الاختــراق والانســلاخ في حــزب الأمــة القـــومي ahmed haneen08-28-12, 08:10 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de