|
|
 Re: مادة أمنية مسمومة للتشهير بمنظمات المجتمع المدني المستقلة (Re: طلعت الطيب)
|
مادة أمنية مسمومة للتشهير بمنظمات المجتمع المدني المستقلة
August 17, 2012
(حريات)
نشر موقع (سودانيز اونلاين) مادة تحت عنوان : ( الصحفي الامريكي اريك دريستر يكتب عن ما وراء تظاهرات الخرطوم والدعم الامريكي الذي يتلقاه أفراد ومنظمات سودانية) ، اليوم 17 أغسطس .
وصورت المادة المنشورة وكأنها عرض أو ترجمة لمقال الكاتب الامريكي اريك دريستر ، في حين اقتطفت بعض ما ورد في مقاله بتاريخ 19 يوليو ، مهملة أجزاء مهمة منه ، ومضيفة اليه أسماء منظمات مثل مركز الخاتم عدلان ، والدراسات السودانية ، وغيرهما ، وأرقام مبالغ بزعم انها تلقتها من صندوق دعم الديمقراطية الامريكي NED ، رغم ان هذه الإدعاءات لم ترد اصلاً في متن المقال ، والواضح انها أضيفت من جهة أمنية للتشهير بمنظمات المجتمع السوداني المستقلة .
وينطلق مقال الكاتب الامريكي من آيديولوجية (مناهضة الامبريالية) ، وهي آيديولوجية ماركسية تقليدية ، لها حدودها في التحليل ، لأنها تهمل الاسباب والتفاعلات الداخلية وتقصر نفسها على العوامل الخارجية وحدها ، وبسبب هذا القصور الفادح فانها تقود عملياً إلى تبرير أفعال الطغاة المحليين بدعوى عدائهم للامبريالية العالمية .
وغني عن القول ان تأييد نظام ما لمجرد ان (الامبريالية) تقف ضده خلل فكري وسياسي وأخلاقي ، لأن (الامبريالية) كثيراً ما تقف ضد أشياء تستحق العداء مثل (الايدز) و(الملاريا) و(السرطان) وهتلر وموسوليني وجوزيف كوني وميلوسوفيتش .
ومن أهم أطروحات مقال الكاتب ان الإحتجاجات الشعبية في السودان تحركها (الامبريالية) بهدف تغيير النظام ، وهي أطروحة خاطئة تنهض كثير من الشواهد على نقيضها ، فالإدارة الامريكية ضغطت على حكومة الجنوب لعدم إيقاف النفط ولأجل بيع الحركة الشعبية في الشمال وللإنسحاب من هجليج ، ورفضت الإدارة الامريكية ولا تزال ترفض الضغط الحقيقي من أجل القبض على عمر البشير ، وترفض تسليح الجنوب بالدفاعات الجوية والصواريخ المضادة للطائرات ( مصدر تفوق القوات الحكومية في الشمال) ، كما ترفض حماية المدنيين في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق بفرض منطقة حظر طيران ، فضلاً عن سعيها لحل مشاكل النظام الإقتصادية رغم العقوبات المفروضة عليه !
وأي منصف لابد ويلاحظ ان خلاف الإنقاذ مع (الامبريالية) لا يتعلق بالسيادة الوطنية ، فالإنقاذ ظلت دوماً على إستعداد لبيع كل شئ للامريكان ، تستجديهم الإستثمار في نفط السودان ، وسلمت (الملفات) و(الأخوان) لقاء رضائهم الذي لم يتحقق في المستوى الذي ترغب فيه الإنقاذ ، ليس بسبب عدم التعاون مع الأجهزة الإستخباراتية الامريكية وانما بضغوط المجتمع المدني المستقل .
وغض النظر عن موقف الإدارة الامريكية ، فان لشعب السودان الحق والمبرر في تغيير نظام صادر الحريات وارتكب انتهاكات واسعة وجسيمة وصلت حد الإبادة الجماعية ، وأفقر الشعب ، ونهب موارده ، وخان وحدته الوطنية ، وخرب مؤسساته وخدماته ومشاريعه ، ولوث بيئته المادية والإجتماعية والمعنوية والأخلاقية ، وإذا توصلت الإدارة الامريكية لأية أسباب تخصها إلى ضرورة تغيير هذا النظام فهذا مما يستحق الإشادة وليس اللعن .
ومع الأخطاء الفكرية والسياسية في مقال الكاتب الامريكي ، فان المادة المنشورة في (سودانيز اونلاين) تضيف إلى ذلك عدم النزاهة ، فلم تستعرض المقال عرضاً اميناً ، فحذفت اراءه بان الاسلاميين أحد أدوات السيطرة الامبريالية ، وان الربيع العربي الذي صعد بهؤلاء (العملاء) من تخطيط الامبريالية كذلك !!
وكذلك من ارائه المحذوفة التي تبدو فيها المفارقة واضحة ان الدكتور حسن الترابي من عملاء الامريكان !!
وإضافة إلى الحذف ، فان المادة المنشورة إعتمدت آلية غير نزيهة أخرى ، وهي الإضافة ، دون الإشارة إلى ان المادة المضافة لا علاقة لها بالمتن ، وهذا حد في انعدام النزاهة لا يليق سوى بعناصر جهاز الأمن !
ومن ( الاضافات) ان مركز كذا ومنظمة كذا يتلقون مبالغ من صندوق دعم الديمقراطية ، هذا في حين ان المنظمات التابعة للمؤتمر الوطني – باغطية مختلفة ومتعددة – هي الأكثر تلقياً للتمويل الامريكي ، مما يؤكد ان القضية ليست هنا وانما في مدى استقلالية المنظمات المعنية عن سلطة الإنقاذ . ثم ان تلقي منظمات المجتمع المدني السوداني لمنح من منظمات وهيئات امريكية ليس سراً ، ومتاح على مواقع الانترنت ، ولا يشكل في ذاته عيباً، وانما العيب في التنازل عن الأجندة الوطنية لصالح أجندة المانحين ، وأهم جند وطني يواجه البلاد حالياً هو جند الديمقراطية ، ولو ان المنظمات المشار اليها تنازلت عن ذلك واثرت السلامة وركزت على (بزنس) المنظمات دون (مطالب التحول الديمقراطي) لكانت محل احتفاء جهاز الأمن .
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
طلعت الطيب
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست