الميدان العدد (2187) بتأريخ 23.02.2010قضية دارفور ليست كرتا انتخابياابراهيم ميرغنيمن المتوقع أن يشهد اليوم توقيع الاتفاق النهائي بين الحكومة وحركة العدل والمساواة
بالدوحة، على خلفية الاتفاق الإطاري الموقع بينهما بالعاصمة التشادية أنجمينا. وعلى
الرغم من الزخم الإعلامي المحلي وتهليل المؤتمر الوطني وأشياعه لما تم في أنجمينا واعتباره
حلاً نهائياً لمشكلة دارفور، إلا أن المراقبين ينظرون للتداعيات الراهنة فيما يتعلق بهذا
الاتفاق الإطاري من ثنائيته وعدد الحركات الرافضة له أو غير المعنية به. فالسودان جرب
الاتفاقيات الثنائية خاصة فيما يتعلق بدارفور وخير مثال لذلك اتفاقيات أبوجا الأولى
والثانية والتي لم تحل قضايا دارفور فأزدادت الأوضاع الأمنية والاجتماعية والاقتصادية
تردياً وزادت أعمال العنف ومازالت المعسكرات موجودة حتى الآن رغم مرور سنوات طويلة
.» مناوي » على توقيع اتفاق أبوجا مع فصيل فالاتفاق ثنائي بين طرفين أحدهما لا يمثل كل
شعب دارفور والآخر لا يمثل كل شعب السودان بل أن سمة المؤتمر الوطني في كل الفترات
السابقة هي نقض العهود والاتفاقيات.
ما سيجري في الدوحة هو سيناريو شاركت فيه قوى أجنبية ومحلية. فرنسا مثلاً هدفها
استقرار النظام في تشاد ومنطقة الحدود بين دارفور وتشاد بما يضمن عدم شن هجمات
المعارضة التشادية من داخل الحدود السودانية. وللولايات المتحدة اهتمام بالسودان يتمثل
في النفط ومكافحة الإرهاب الدولي والمحكمة الجنائية الدولية..الخ. ومصر لها مصالحها
الإستراتيجية المعروفة في السودان ، أما قطر والسعودية فلهما أجندتهما الخاصة بالحفاظ
على وجود النظام السوداني. أما ليبيا فإن لهاأجندتها المعلنة والخفية فيما يتعلق بالصراع
السوداني الشادي والحرب الدائرة في دارفور وهي بالتالي تعمل على تحقيق مصالحها
الخاصة على حساب استقرار دارفور. عليه نود أن نقول أي ترتيب لحل مشكلة دارفور
مهما كثرت الأطراف الخارجية أو الداخلية فيه لن يحل الأزمة إذا لم يستجب لمطالب
أهل دارفور العادلة وهي الإقليم الواحد والتعويضات الفردية والجماعية ومحاكمة
مجرمي الحرب ورجوع الحواكير لأهلها ونزع سلاح الجنجويد.
الضجة الإعلامية والاحتفالية بهذا الاتفاق تأتي في أتون تداعيات سياسية أهمها
تعقيدات المسألة الانتخابية والمطالبة الواسعة بضمان انتخابات حرة ونزيهة وإلغاء السجل
الانتخابي وإعادة التعداد السكاني في جنوب السودان وجنوب كردفان ورفض الانتخابات
الجزئية التي تستثني دارفور. ثم الخلافات التي تعصف بالمؤتمر الوطني ومرشحيه
في معظم الدوائر مما يوفر غطاء لتأجيل الانتخابات لحين ترتيب الأوراق بدواعي
إحلال السلام في دارفور مع الأخذ في الاعتبار بروز تطورات جديدة في هذا الشأن أهمها
مذكرة الاتهام ضد رئيس الجمهورية وقبول الاستئناف فيما يتعلق بتهم الإبادة الجماعية
ثم مسألة وجود طعون ضده وإمكانية تنفيذ المذكرة الصادرة من المحكمة الجنائية في أي
وقت. كما أن رئيس الجمهورية ليس حراً في تحركاته. وعلى ذلك تؤمل الحكومة أن يوفر
الاتفاق لها أرضية صلبة للتفاهم مع الإدارة الأمريكية التي رحبت بالتطورات الأخيرة من
أجل إيجاد مخرج من ملف المحكمة الجنائية الدولية.
أخيراً قوى الإجماع الوطني بما فيها الحزب الشيوعي أكدت أكثر من مرة أن قضية
دارفور قضية سياسية من الدرجة الأولى وليست كرتاً انتخابياً وأن حلها يكمن في تنفيذ
المطالب التي تم ذكرها وعقد مؤتمر للحوار الدارفوري/ الدارفوري ثم المؤتمر القومي
الدستوري الجامع لحل كل قضايا السودان. بدلاً من السياحة حول عواصم العالم.
http://www.midan.net/almidan/wp-content/uploads/2010/02/m2187.pdf[/center]