أيها السياسيون كفى فهناك تفاوض

Quote: أعتقد أن هناك رابطا قويا بين مشكلتنا مع حكومة جنوب السودان والمباحثات التى انتقلت برمتها الى مجلس الأمن تحت البند السابع وبين سياساتنا الخارجية والداخلية والوضع الاقتصادي الذي سيشهد الفترة القادمة قرارات خطيرة ستؤثر حتما على المواطنين فى معاشهم. سياستنا الخارجية يكتنفها غموض كثير إن لم يكن بها تناقضات واضحة، خذ مثلا هل نحن مع الثورة السورية أو مع النظام السوري بعكس دول عربية مثل قطر والسعودية وتونس وليبيا التى تقف مع الشعب السوري وثورته بصورة حاسمة ومعلنة. هل نحن مع علاقات قوية وواضحة مع الصين وإيران وروسيا وكأننا دخلنا هذا الحلف الثلاثي بكل أبعاده الدولية الخطيرة أم محايدون فى سياستنا الدولية؟. ثم ينشأ سؤال هام ومفصلي: كيف يمكن أن نجد رافعا دوليا لمواجهة مشكلتنا مع حكومة الجنوب، هذا الرافع الدولي الذي افتقدناه فى مباحثات نيفاشا يضاف إليه الرافع الوطني حين ذهب الوفد الحكومي الى نيفاشا وهو على خلاف عميق وصراع مع القوى السياسية السودانية ذات الوزن اللهم إلا من أحزاب ذات قواعد متواضعة أو منشقة منشفة من أحزابها فجاءت نتائج نيفاشا كما رأينا لا وحدة ولا سلام بل حروب جديدة مع دولة ذات سيادة وعضو الأمم المتحدة والحليف للمجتمع الدولي تنفذ أجندته المعروفة ولها مطامعها الخاصة.. إن ما يحدث مع الجنوب وتأخر المباحثات فى أديس أبابا والتى من المتوقع – حسب الأجندة الدولية – أن تتأخر حتى نهاية الثلاثة أشهر التى قررها مجلس الأمن قد يكون أمرا مطلوبا ينفذه المفاوض الجنوبي. لقد صرحنا بقوة بعد الاعتداء الغاشم على هجليج أننا لن نفاوض ولن ننسحب من أبيي ولكن حدث العكس.. فهل تم استدراجنا بذكاء وعناية الى مواقع مكشوفة ديبلوماسية وسياسية؟ مجرد سؤال. ثم نحن نواجه وضعا اقتصاديا مفصليا وخطيرا فهل نتوقع أن يساعدنا أي رافع دولي وسياستنا الخارجية تتأرجح بين المجتمع الدولي والإقليمي؟ ما هو الحل إذاً؟. الحل فى تقديري هو الاعتماد – بعد الله – على الشعب السوداني والقوى السياسية الفاعلة فيه فتكون هي الرافع الحقيقي فى مواجهة الآخرين. كيف جاز للحكومة أن تترك القوى السياسية ذات الوزن والمجتمع المدني الى الحركة الشعبية بهذه السهولة؟ بل لماذا وكيف تدفع الحكومة قوى سياسية إقليمية ومجتمع مدني واسع لقمة سهلة لحكومة الجنوب مثل حركات دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وربما غيرها؟ ألم يكن من الأفضل كسب أكبر تجمع سوداني وأوسع قوى سياسية بتكريس حل سياسي شامل؟. وهنا ينشأ سؤال كيف يكون الحل الذى يجعل الرافع الوطني مفيدا وفى صالح الوطن. الحل هو أن يتخذ نظام الإنقاذ استراتيجية جديدة، استراتيجية تختلف تماما عن استراتيجيتها منذ مجيئها للسلطة فهي الآن قد أكملت ثلاثة وعشرين عاما بنهاية هذا الشهر فهل يمكن أن يأتي خطابها رأبا للصدع الوطني والدعوة لمؤتمر مصالحة وطنية حقيقية وليست تكتيكية كما فعلت كثيرا فى السابق حتى لم يعد يصدقها أحد؟ الحل النهائي هو أن تفعل مثلما يحدث فى جنوب افريقيا وفى دول الربيع العربى مثلما يحدث فى مصر من إعلان الحريات العامة وحل مجلسي التشريع وتكوين حكومة انتقالية مقبولة من الجميع برئاسة شخصية مشهود لها بالاستقلالية والحيدة والكفاءة والنزاهة يعهد له بتشكيل الحكومة بعد المشاورة مع كل القوى السياسية، ثم الدعوة لمؤتمر قومي يشارك فيه الجميع لوضع خارطة طريق لمستقبل الوطن خاصة وضع دستور جديد وسياسة اقتصادية وسياسة خارجية تخرجنا من هذا النفق السياسي والاقتصادي.. إلا تفعل الإنقاذ ذلك فستكون الأوضاع لا يمكن التنبؤ بها.. هذه نصيحة خالصة لله ورسوله ولأهل الوطن.

(عدل بواسطة Waly Eldin Elfakey on 06-14-2012, 07:16 AM)