|
Re: مولود باهى وجميل تحتضنه أماسى الخرطوم ... (Re: محمد عبدالرحمن)
|
الشاعر حسن عثمان الحسن: انتمي لتيار شعري معني بالتجربة الانسانية السودانية لذاتها 2009-06-04 02:54:55 حسن عثمان الحسن شاعر من جيل الثماننيات من القرن الماضي ، قدم للمكتبة الشعرية والادبية في السودان الكثير من الابداعات ، واحتضنه عمه الشاعر الكبير تاج السر الحسن ، عاد من جديد بعد طول غياب وكان لنا في ( الراي العام) هذا الحوار معه :
* لماذا الشعر؟ -
كأنك تسألني سؤال الوجود؟ الشعر موجود منذ أن وجد الإنسان، فالإرتباط الوشيج الأزلي بين إنسانية الشعر وشعرية الإنسان هو عملية الولوج العميق للفكرة في الروح وإلباسها خاصية الجمال بالترجمة التعبيرية إلى لغة شعرية، بمعنى أن الشعر هو في الأصل ظاهرة جمالية ملازمة للحياة الإنسانية مهما بلغت بها التعقيدات الشكلية والموضوعية لأن قيمة الشعر الحقيقية هنا هي قدرته على استكناه هذه التغييرات والتعقيدات الشكلية وإفراز طاقة تعبيرية موازية لإستيعاب مضامين أكثر رحابة. فالشعر ليس رهينا لليومي وليس من واجباته تقديم منافع مباشرة أو معارف جاهزة ولايمكن تحميله لوظائف أو أدوار فوق طاقته من شأنها أن تلغي طبيعته الجمالية، فالشعر لايبذل من أجل وظيفة معينة خصما على وظيفته الجمالية - بحسب ربما بعض المفاهيم الخاطئة- بقدرما يجب أن يكون مقصودا لذاته فهو في الإجمال الحقيقة الوجودية الجمالية الخالدة ويمكن تلخيص ما قيل في أنه الغاية وليس الوسيلة.
* أنت تكتب قطعا داخل تيار شعري ماهو ولماذا؟
- ربما أنتمي لتيار شعري معني بالتجربة الإنسانية السودانية لذاتها دون أن يصدر في ذلك بيان تأسيسيا أو يقع فريسة لحمى الشعارات الأيدولوجية الحارقة. تاريخيا ظهرت في التجربة الشعرية السودانية الداعية إلى تعددية ثقافية في ظل التعددية العرقية والأيدولوجية مجموعة من التيارات كان إفرازا لصراع المتلازمات والمتوازيات الثنائية في الفكر السوداني الحديث مثل العروبية مقابل الزنوجية نموذج الغابة والصحراء. في اعتقادي أن مقتضيات الحراك والصراع الفكري داخل الثقافة السودانية استوجبت خلق هذه التيارات وأرخت لحقبتين ما بين ما يمكن أن نسميه بالتقليدي في الفكر الإنساني عموما ومابين ما يمكن أن نسميه حداثوياً ابتداءا من جيل الخمسينيات الذى جنح إلى تيار قومي ثوري أملاه الشرط الزماني كان من إفرازاته تيار ستيني تبنى خطاب الهوية السودانية في شقيها الإفريقي والعربي أسس لمدرسة الغابة والصحراء وتيار الأكتوبريين لاحقا في نفس الظرف التاريخي تلك الجماعات أفرز منتوجها الإبداعي والفكري تياراً سودانويا بحتا تمثل في جماعة أبادماك التي لم يسلم معظم رموزها من مطبات الفخ السياسي المباشر والأيدولوجي الصريح في بواكير ظهور شعر السبعينيات في القصيدة السودانية. كل هذا المنجز الفكري في الشعر السوداني أنتج تيارا جديدا ربما يسميه البعض بتيار الحساسية الجديدة هو الذى أسس لصوت الثمانينيات في الشعر السوداني الحديث وهو الجيل الذي خرجت من صلبه، هذا التيار عمل على استيعاب واستثمار كل التجارب السابقة له في خلق فعل شعري جديد ذي خصوصية إنسانية مع استصحاب جوهر وقيمة هذا الإرث العظيم للتيارات والجماعات المكونة لملامح وخصوصية الشعرية السودانية، دون اجترار للقوالب الموروثة، لقد استوعب هدا التيار روح وحيوية هذا المنجز التراكمي العميق ووضع لبنته تأسيسا عليه، وأقول لتيارات تأتي من بعد هذا الجيل كتطور طبيعي ومنطقي ومطلوب أن تضيف لما هو موجود أفضل من أن تهدمه ولاتجد ما تبني عليه.
* هل من الممكن أن يبدأ الشاعر من العنصر أي أن تكون القصيدة بلا ذاكرة؟
- الشعر ليس ممارسة لغوية ميكانيكية صرفة، هنالك إشعاع روحي لايمكن اختزاله من التجربة، لايمكن للشاعر أن يبدأ من العنصر وينطلق في محازاة الروح دون الإلتفات لنبرتها الفلسفية وموقفها من العناصر المكونة لوجودها، فلا يمكنك مثلا الإندفاع نحو اللغة وحدها دون أن تسلك طريق الفكرة أولا لتكتسب قصيدتك خاصيتها الشعرية، فالشعر هو فن إلباس القصيدة روح المفردة التي ينفثها الشاعر من ذاته ليمنحها القدرة على الخلود في الذاكرة الإنسانية، عليه، لايمكن أن تصبح القصيدة بلاذاكرة إذا أنتجتها الذات الشاعرة بشروطها المعروفة وإذا فقدت القصيدة هذه الشروط وقعت في فخاخ النظم وفقدت الخاصية الجمالية التي يبعثها الشعر الحقيقي. إن مساحة الشعر قطعا أكبر من حدود القصيدة لذلك فإن الحساسية التي تشئ بروح الشعر هي ذاكرته التي تعيش في إطارها القصيدة.
|
|
|
|
|
|
|
|
|