شيوعيين سودانيزاونلاين - اجتماع غير عاجل

Quote: ‎ابن المبارك والمتاجرون بالدِّين! رشيد الخيون تاريخ النشر 15/01/2012 12:00 AM ‎نظم القاضي عبد الله بن المبارك (ت 181 هـ) أكثر مِن قصيدة مستوحاة مِن اهتمامه بتربية الصُّقور والاتجار بها، وكان يُربي الشَّواهين والبازاة وبقية الأنواع مِن هذا الطير. إحدى قصائده كانت في الفقيه القاضي ابن علية، وقد ولي القضاء وهو لا يستحقه، لعدم نزاهته، مع أن منصب القاضي كان لدقته وخطورته لا يتسلم، أكثر القضاة، رواتب مِن الدَّولة، كي لا يكونوا تحت تأثيرها، ويشهد لآخرين أنهم أدعوا الجنون والبلاهة مخافة أن يُكلفوا بالقضاء، وتلك قصة كنا رويناها في مقال سابق. ‎قال القاضي الصَّقار ابن المبارك للمتاجر بالدِّين(ابن خِلكان، وفيات الأعيان): قد يفتح المرء حانوتاً لمتجره/ وقد فتحت لك الحانوت بالدِّينِ بين الأساطين حانوت بلا غلقِ/ تبتاع بالدِّين أموال المساكينِ صيرتَ دينك شاهيناً تصيد به/ وليس يفلحُ أصحاب الشواهين ‎ولما ولى ابن علية القضاء نظم فيه الآتي(الدِّميري، حياة الحيوان الكبرى): يا جاعل العِلم له بازياً/ يصطاد أموال المساكينِ احتلت للدُّنيا ولذاتها/ بحيلةٍ تذهبُ بالدِّينِ فصرت مجنوناً بها بعدما/ كنت دواء للمجانين أيبن زواياتك في سَردها/ لتركِ أبواب السَّلاطينِ أين رواياتك في ما مضى/ عن ابن عوفِ وابن سيرنِ إن قُلتَ أُكرهتُ فذا باطلٌ/ زلَّ حِمار العِلم في الطِّينِ ‎لعلو منزلته كان عبد الله بن المبارك إذا جاء إلى الرِّقة، في زمن هارون الرَّشيد (ت 193 هـ)، اجتمع النَّاس حوله وازدحموا، مع أنه لا يُقدم لهم طعاماً ولا ينفعهم في جاه. فقيل لشدة الزَّحمة عليه: «تقطعت النَّعال وارتفعت الغبرة». ونظرت أم ولد، مِن نساء الرَّشيد، مِن برج لها وسألت عمَّا جرى، ومَن القادم؟! فقيل لها: عبد الله بن المبارك جاء مِن خراسان، فقالت: «هذا والله هو الملك، لا مُلك هارون الذي يجمع النَّاس إلا بشرط (الشَّرطة) وأعوان»(ابن خِلكان، وفيات الأعيان). ‎على قاعدة الشَّيء بالشَّيء يُذكر أن والد صديقنا السَّيد محمود مهدي، حكى لنا أن أخوين كانا يتظاهران بالتَّدين والتقوى ويترددان على المسجد مِن دون انقطاع، فتحا لهما محلاً لبيع التلفزيونات، وكانت تجارة جديدة، إلا أنهما فكرا أن التلفزيون يأتي بالغناء والموسيقى فهو حرام، فماذا يفعلان! توصلا إلى حلٍ يحفظ لهما ثوب الدِّين عليهما، وهو إذا باعا تلفزيوناً يكتبان ورقة للمشتري: «لا يستعمل إلا لسماع القرآن والبرامج الدِّينية». لكن سعرهما كان يُزيد على سعر السُّوق بخمسة دنانير. ‎ليس هناك أثقل وطأة على الإنسان عندما يؤخذ باسم الدِّين، أو المقدسات على العموم، فهي تجارة مربحة، لا تحتاج سوى الى مسبحة ولحية وتظاهر، وحرص على الحج في كل عام. لكن يبقى الدِّين ليس تلك الأدوات والوسائل إنما أبعد مِن هذا بكثير. فـ «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» (حديث نبوي)، لا استخدامه بازاً للتَّصيدِ في السِّياسةِ والتِّجارة على حدٍ سواء. ‎مات عبد الله بن المبارك الحنظلي بهيت غربي العِراق، السَّنة 181 هـ، في زمن هارون الرَّشيد، وكان قاضياً، ولا عِلم لي هل له في تربتها ضريحاً يُزار أم لا، فقد فتشت في كتاب «مراقد المعارف» لمحمد حرز الدِّين (ت 1945)، وهو كتاب جامع مانع في هذا المجال، ولم أجد له ذِكراً. http://www.alesbuyia.com/inp/view.asp?ID=29700