حركة منى مناوى ، الحلقة الضعيفة فى تحالف القوى الثورية/ تحالف كاودا

Quote: السفيرة نادية : أزمة الغذاء العالمية أكبر تحدي واجه المجموعة نادية محمد خير عثمان: مفاوض السودان في مجموعة الـ 77 والصين حوار : عبد الفتاح سعيد-الرأي العام نادية محمد خير عثمان، الوزير المفوض ببعثة السودان الدائمة في الأمم المتحدة بنيويورك، وهي ابنة المعلم والمربي ووزير التربية والتعليم السابق الدكتور محمد خير عثمان. كانت قد أكملت دراستها في الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة الخرطوم ثم التحقت بالسلك الدبلوماسي ، وابتعثتها وزارة الخارجية لنيل درجة الماجستير في العلاقات الدولية بالمملكة المتحدة، وتدرجت في سلك الخارجية حتي وصلت الأن عن جدارة الي درجة السفيرة، وهي تعتبر من اوائل الدبلوماسيات السودانيات اللواتي أطلعن بعمل اللجنة الثانية الخاصة بالعمل الإقتصادى والتنموى في الأمم المتحدة. وعملت خلال العام الماضي كمفاوض رئيسي عن مجموعة (77) والصين، ويتزامن هذا الحوار مع إنتهاء رئاسة السودان لهذه المجموعة ، فالي مضابط الحوار: * ما هي في نظرك أهم التحديات التي واجهت رئاسة السودان لمجموعة الـ(77) والصين ؟ أولا: في تقديري أن الخلفية العالمية والمناخ الدولي المضطرب مثلت تحدٍ كبيرا للسودان. فيجب أن نتذكر أن السودان قد تولى رئاسة مجموعة الـ77 والصين لعام 2009، في فترة تاريخية في غاية الدقة والتعقيد حيث تزامن رئاسة السودان مع تفاقم تداعيات الأزمة الإقتصادية والمالية العالمية التي طالت آثارها كل الدول، وإشتداد حدة الجدل الخاص بالإستجابة الدولية لها ودور الأمم المتحدة. ولقد شهد هذا العام عقد أول مؤتمر دولي للأمم المتحدة حول «الأزمة المالية والإقتصادية الدولية وآثارها على التنمية» في شهر يونيو 2009 ، ولقد أوضحت المفاوضات العسيرة الخاصة بالوثيقة الختامية لهذا المؤتمر حجم تباين مواقف الدول، خاصة داخل مجموعة الـ77 والصين وعمق الخلاف وحدة الجدل خاصة بين ما يمكن أن نطلق عليهم الدول «المعتدلة»، والدول «المتشددة» داخل مجموعة الـ77 والصين. حول القضايا المحورية وعلى رأسها طبيعة وعمق وحجم الإصلاحات الخاصة بالنظام المالي الدولي العالمي، والمؤسسات المالية الدولية، وكيفية الإستجابة الدولية لهذه الأزمات. ثانيا: من التطورات الهامة ذات الصلة بالنقطة السابقة، شهد هذا العام بروز وسطوة مجموعة العشرين (G 20) كقوة تطمع لفرض نفوذها على الساحة الدولية على خلفية الأزمة المالية الدولية. هو تطور يعد في غاية الأهمية ويجب التحسب لآثاره. بسبب عضوية عدد من الدول النامية (الصين، والهند، البرازيل، جنوب أفريقيا، إندونيسيا، المملكة العربية السعودية، الأرجنتين)، في هذا التكتل الهائل وبالتالي التحول الذي بدأ يطرأ على مواقف هذه الدول في القضايا المختلفة والتنازلات التي بدأت تبديها في العديد من القاضايا التي تمثل جوهر هموم الدول النامية، كالتجارة الدولية، وقضايا إصلاح النظام المالي الدولي، ومؤخرا، موضوع تغير المناخ وملابسات الإتفاقية الجديدة المحبطة للعالم والمثيرة للجدل في كوبنهاجن، خلق كل ذلك توترا داخل مجموعة الـ77 والصين وصعوبة التوصل لإجماع حول عدد من القضايا. * كيف أستطعتم إحتواء هذه التناقضات داخل دول المجموعة؟ حسناً، كانت ترى عدد من دول المجموعة في مجموعة العشرين قوة «إقصائية» تهدف لإحتكار عملية صنع القرار العالمي ليظل في ايادي عدد مختار من الدول ذات النفوذ، وربما تسعي في واقع الأمر لإضعاف الأمم المتحدة، والتي تعد المنبر الأممي الوحيد الجامع لكل دول العالم، صغيرها وكبيرها. وفي رأيي أن مجموعة الـ77 والصين ستواجه تحدٍ حقيقي في الحفاظ على وحدة، وقوة، وتماسك مواقفها المبدئية التقليدية المعروفة أمام هذا التطور الخطير. وبالـتأكيد أن إنضمام تشيلي (العضو في مجموعة الـ77 ةالصين) مؤخرا لمنظمة التعاون الإقتصادي للتنمية (OECD) يصب في نفس الإتجاه. الشىء الآخر، من المعروف أن هذا العام شهد أيضا المفاوضات الدقيقة والحساسة الخاصة بتغير المناخ، وتداخل موضوع تغير المناخ في كل القضايا التي تناولتها رئاسة السودان في الأمم المتحدة, وبذل السودان جهود جبارة للحفاظ على وحدة المجموعة في كل فعاليات تغير المناخ في نيويورك، إتساقا مع مواقف المجموعة في إطار مفاوضات تغير المناخ تحت أتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (UNFCCC). *ما الذى قمتم به فيما يتعلق بازمة الغذاء العالمية؟ تطورات أزمة الغذاء العالمية تعد من أهم القضايا والتحديات. ولقد شهد هذا العام احتدام الجدل العالمي حول موضوع الأمن الغذائي مع زيادة تفشي الجوع في العالم، بالرغم من إنخفاض أسعار السلع الغذائية عن معدلاتها الجنونية في عام 2008. وطفت إلى السطح قضايا معقدة تباينت الآراء حولها، مثل حوكمة الغذاء العالمي، وقضايا الإصلاح داخل منظمة الفاو، والتنافس ما بين المنظمات المتخصصة مثل الفاو وإيفاد ، وفريق الأمين العام الرفيع المستوى الذي كون في عام 2008 عند إندلاع أزمة الغذاء العالمية من جانب آخر، والخلاف حول قضايا التجارة ذات العلاقة بالأزمة مثل موضوع الدعم الزراعي، وفتح الأسواق، ومستقبل جولة الدوحة للتجارة الدولية، وموضوع آثار تغير المناخ. وتباينت مواقف مجموعة الـ77 والصين حول تلك القضايا ونجح السودان في إيجاد توافق للآراء حول معظم القضايا المحورية. * وما هو أثر كل هذه التحديات على رئاسة السودان؟ بينما شكلت هذه الأزمات تحديا حقيقيا لرئاسة السودان للدول النامية ممثلة في مجموعة الـ77 والصين والتي تعد أكبر كتلة تفاوضية في الأمم المتحدة، منحت في ذات الوقت السودان فرصة نادرة لأن يثبت كفاءة الدبلوماسية السودانية وقدراتها القيادية الفريدة في الدبلوماسية المتعددة الأطراف في مجال التنمية والتعاون الدولي. وبشهادة الكثيرين، أثبت السودان قدرته ليس فقط للتحدث والتفاوض بإسم المجموعة، وإنما لنجاحه في تحقيق مكاسب ملموسة للدول النامية خلال هذا العام، خاصة في مجال التنمية المستدامة، إلى جانب جهوده لقيادة أكبر تكتل في الأمم المتحدة لتلمس تضاريس الأزمة المالية وتداعياتها وسبل الإستجابة الدولية، في وقت يستكشف فيه العالم مناهج تنموية بديلة ويشتد فيه حدة الجدل حول إصلاح النظام المالي والإقتصادي الدولي. * نعلم انك قد كنت المفاوض الرئيسي لمجموعة الـ77 والصين في عدد كبير من القضايا الإقتصادية العالمية، ما هي التحديات التي واجهتك كأمرأة ، وكيف تغلبتي عليها؟ مما لا شك فيه أن عملي أثناء رئاسة السودان للدول النامية بطبيعته القيادية قد ساهم من جانب في إبراز وتسليط الضوء على دور المرأة الدبلوماسية السودانية بصورة إيجابية للغاية، ولكن من جانب آخر، لم تكن تجربتي خالية من التحديات ذات الطبيعة العامة التي يواجهها كل الدبلوماسيين الذين يعملون في إطار الدبلوماسية المتعددة الآطراف في الأمم المتحدة ، بصرف النظر عن النوع، خاصة الوفود التي ترأست مجموعة الـ77 والصين، بسبب ضخامة وعبء المسؤوليات. وبالرغم من أن المراة السودانية بصورة عامة قد حققت العديد من المكاسب، إلا أنها تجد نفسها تحت ضغوط متواصلة لإثبات نفسها والحفاظ على مكاسبها عبر العمل المضاعف. والعمل الدبلوماسي بصورة عامة يتطلب تقديم العديد من التضحيات على الصعيد الخاص، والمرأة الدبلوماسية تجد نفسها في وضع أكثر تعقيدا للحفاظ على تماسك عائلتها، ولا شك أن للزوج والعائلة دور كبير في توفير السند النفسي والعاطفي لتيسير عمل المرأة الدبلوماسية لتواصل عطائها . * ما هو أكبر نجاح لرئاسة السودان لمجموعة الـ77 والصين ؟ أن أكبر نجاح للسودان هو تمكنه من الحفاظ على وحدة وتماسك مجموعة الـ77 والصين، والتي وكما ذكرنا تمثل مجموعة كبيرة من الدول ذات المواقف والمصالح الوطنية المتباينة، أمام العديد من التحديات تحت ظروف عالمية معقدة ووسط جهود الإستقطاب الحثيثة من قبل الدول المتقدمة، وايضا على خلفية تطورات عالمية هامة ساهمت في إعادة تشكيل خريطة العلاقات الدولية والمصالح الوطنية. * هل يمكن أن تعطينا أمثلة لأهم المكاسب التي حققها السودان لمجموعة الدول النامية كرئيسا لمجموعة الـ77 والصين في إطار عمل اللجنة الثانية؟ من أهم نجاحات السودان إضافة للدور الفاعل المعروف لوفد السودان في مفاوضات تغير المناخ عدد كبير من الإنجازات الملموسة منها، تمكن السودان من إيجاد موقف مشترك لمجموعة الـ77 والصين ولأول مرة منذ عام 2004/2005 في موضوع الغابات (آليات التنفيذ للإدارة المستدامة للغابات) وكان موقف المجموعة المشترك قد إنهار أثناء المفاوضات الدقيقة والعسيرة الخاصة بالصك الغير ملزم قانونا لكل أنواع الغابات (The Non legally- binding Instruments for all types of Forests-NLBI) بسبب الخلاف بين المجموعات الجغرافية، مثل المجموعة الأفريقية واللاتينية. ونجحنا في لم شمل الدول النامية حول مقترح السودان الخاص بإنشاء صندوق طوعي عالمي لتمويل الإدارة المستدامة للغابات، وتبنته الدول النامية ليصبح مطلب رئيسي لها. وتولى السودان عبر رحلة طويلة وشاقة المفاوضات بإسم الدول النامية في مشروع القرار الخاص بآليات التنفيذ وهو الأول من نوعه في تاريخ منتدى الأمم المتحدة للغابات، الذي اعتمده المنتدى بتوافق الآراء. وتمكنا من تضمين أهم أولويات الدول النامية مثل قضايا التمويل ونقل التكنلوجيا والتمهيد لإنشاء الصندوق الطوعي. ومشروع القرار ذو طبيعة «تنفيذية « حيث يقضي بالبدء في عملية تيسيرية للمساعدة في إستقطاب الدعم المالي والتقني للدول النامية، وإنشاء فريق عمل مفتوح العضوية لدراسة آليات التمويل الحالية ودراسة مقترح إنشاء الصندوق الطوعي المذكور. وبالفعل بدأت تتقاطر بعض الموارد المالية للمنتدى عملا بهذا القرار. وتولى السودان أيضا عملية تنسيق مواقف مجموعة الـ77 والصين في الدورة الـ17 للجنة التنمية المستدامة والتفاوض بإسمها، والتي تناولت قضايا حيوية وهامة (الزراعة، والتنمية الريفية، والأراضي، والجفاف، والتصحر،وتحديات أفريقيا) وتم إعتماد الوثيقة الختامية بتوافق الآراء لتمثل إطارا عمليا عالميا لإتخاذ تدابير وسياسات تهدف لأيجاد حلول عملية للتحديات التي توجهها الدول، خاصة الدول النامية في مواضيع الدورة ووضعت اللجنة إطاراً لتنفيذ هذا القرار. و قاد أيضا السودان التفاوض بإسم مجموعة الـ77 والصين في أول بيان وزاري للمجلس الإقتصادي والإجتماعي اعتمد بالإجماع حول الصحة العالمية العامة و غطى البيان طائفة عريضة من المواضيع الهامة على رأسها صحة الأمومة والطفل، وتعزيز النظم الصحية، وضرورة وضع خطط محكمة للتصدي لمختلف الأمراض والأوبئة، خاصة الأوبئة الجديدة، «كأنفلوينزا الخنازير». وتناول الصحة العامة في ظروف النزاعات والكوارث الطبيعية، والتعاون الدولي، وتعزيز الشراكة الدولية للتنمية،وحقوق الملكية الدولية، والتجارة الدولية في العقاقير، وظروف العمل ونظم الحماية الإجتماعية، والصحة العالمية العامة والسياسة الخارجي. وأهمية إعتماد البيان الوزراي بالاجماع تكمن في عدم وجود موقف مشترك لمجموعة الـ77 والصين حول مواضيع الصحة العامة بسبب تشابكها مع قضايا إجتماعية عديدة تتباين حولها المواقف داخل المجموعة، إلا أن السودان تمكن من المحافظة على تماسك المجموعة والتركيز على القضايا ذات الأهمية المحورية لسائر الوفود، كما تعاونت الوفود مع رئاستنا من خلال تقديم بعض التنازلات الوطنية للحفاظ على وحدة المجموعة. * هنالك إعتقاد لدى البعض بأن رئاسة السودان لمجموعة الـ77 والصين قد حالت دون رعايته لمصالحه الوطنية، إلى أي مدى يمكن أن يكون ذلك صحيحا؟ ان الرئاسة تتطلب بالطبع التركيز وأعطاء أولوية لرعاية مصالح المجموعة وتنيسبق مواقفها والحفاظ على وحدتها ، ولكن في ذات الوقت لا يعني هذا تتنازل الدولة التي تترأس المجموعة عن رعاية مصالحها الوطنية بسبب ترؤسها للمجموعة، وتوجد أساليب كثيرة إتبعناها لضمان رعاية مصالحنا، منها أساليب مباشرة حيث قمنا مثلا مرارا أثناء ترؤس إجتماعات مجموعة الـ77 والصين، لدى بروز موضوع ذا أهمية إستراتيجية للسودان بنقل موقف السودان بصورة مباشرة. كما عملنا بالتنسيق مع وفود عديدة بصورة غير رسمية للدفع بقضايا معينة، والدفع بقضايا عديدة من خلال المشاركة الفاعلة ضمن المجموعة الأفريقية والتي كان قد تشرف السودان في عام 2008 بتقلد منصب نائب رئيس المكتب التنسيقي لخبراء اللجنة الثانية، ومجموعة الدول الأقل نموا والسودان نائب رئيس المكتب التنسيقي لهذه المجموعة من الدول. * كلمة أخيرة ؟ انتهز الفرصة للتعبير عن الوفاء والتقدير لعدد من الدبلوماسيين الذين كانت لهم بصمات واضحة في الأمم المتحدة في العمل التنموي، ومبادرات قيمة منهم السيد السفير عوض محمد الحسن، والسيد السفير عمر بشير مانيس، والسيد السفير مبارك رحمة الله. كما أود أن أعبر عن خالص الشكر والتقدير للسيد السفير عبد المحمود عبد الحليم محمد المندوب الدائم لبعثة السودان الدائمة في نيويوك للدور المحوري الذي قام به في قيادة البعثة بمهارة نحو تحقيق هذا النجاح الكبير ولمبادراته الشجاعة أثناء هذا العام.