أطلقوا سراح الصديق الجميل جمل هُمدْ..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-27-2024, 07:31 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-28-2011, 03:04 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أطلقوا سراح الصديق الجميل جمل هُمدْ.. (Re: احمد ضحية)

    سطوة الأسئلة .. حيرة الأجوبة .. جمال عثمان همد

    { … هذا الاقتراب لم يعطني الخيار .. لم يسألني متى وكيف ولماذا يجيء؟ بل جاء دافئا .. عنيفا في حميمية . لأن ما بيننا يا صديقي تعدى زرقة البحر ، أضحى يانعا لذيذ الطعم . ليس ذنبي ياعزيزي أنني لا أفقه كثيرا فى تدبيج المداخل والمقدمات لكي أقول أن هناك فرحا عذبا ينمو فى داخلي ، يتصاعد فيّ ، وهناك إنسان جميل منحني هذه اللغة الفاضحة كى أبدو بها أمام عينيه سافرة ومتهورة وعنيفة وعذبة . عزيزي إذا جاءك سفوري هذا حادا كنصل ، عذبا سلسبيلا
    وغيثا مذهلا ، حاتميا ومباغتا ، فالعذر لي، لأنني بكل تضادي جئت .. بفرحي العنيف جئت . لأنك ملأت شوارعي وجاراتي وأزقتي ، فتغيرت شوارعي وأزقتي ، وجاءت فصولي دون مواقيتها المعتادة } .

    طوى الرسالة بحرص شديد أعادها إلى ـ باحتفاء ـ إلى المغلف ، وبزهو تمعن فى حروف اسمه المخطوط برشاقة أنثوية . عبأ صدره بالهواء البكر …… أحس برأسه ضخما كفيل … تحسس رقبته فألفاها هى أيضا قوية وراسخة .برخاء خريف ضخ القلب دماء جديدة ، فاستقبلها الجسد بضراعة شاكرة . إنه .. إنه إذا … يا الله ، ماذا لو قرأت الرسالة دفعة واحدة . الفجر ندي .. رطب ومرحب … امتلأ صدره حبورا لاحد له وإقبالا على الحياة .

    - إنها الحياة ! ….

    تنامت الحياة فى جوانب المعسكر .. تدفقت مياه كثيرة فى دورات المياه ، ضجت الممرات …. أوصل الصبح ما انقطع من صلات بين القاطنين . مطّ رقبته مستفيدا من طولها وسط الرؤوس المشرئبة والأجساد المتزاحمة والواقفة على أمشاطها عند المدخل الصغير للبناء ، سقط بصره بانحراف إلى الأسفل { إصابة بليغة في مؤخرة الرأس .. كسر في الفك السفلي .. خدش طفيف على الحاجب الأيسر … جسد فارع الطول مدد بعناية ، وقد تجمدت ملامحه ، عينان شاخصتان فى الفراغ بالتياع حزين ، وقد أبانت الإصابة الأسنان السفلية وخط التبغ خطوطا صفراء . }

    كان الجسد يرقد باطمئنان وسكينة مريبة. أزكمته الروائح المنبعثة من الأفواه خاصة رائحة الخمر البائت الذى يخالطه النوم والتمباك. وريقات مطوية تصل من الجيب العلوي لقميص ذي لون زيتي حديث لا يبدو أن صاحبه تعارك أو تشاجر ليلة البارحة. هبطت عيناه بامتداد الذراع كف مبسوطة مستريحة على الفخذ خدش قديم على ساعة اليد ـ الجسم الوحيد النابض فى الجسد ـ خيط قان رقيق امتد من تحت الرأس وتوقف غير بعيد مشكلا بحيرة متخثرة.

    الرائحة الكريهة شلت المكان.. حبس تنفسه تخشب لسانه المتراجع فى حلقه أغلق فمه.. جالت عيناه بحركة دائرية فى الوجوه التى أفسدت الفجيعة صباحها،وقد جحظت العيون.. وارتخت الذقون، أصبحت ترتعد كعشب فى مهب الريح عندما أقلعت سيارة الإسعاف وهى تعوي كذئب جريح خلفت وراءها صباحا متقطع الأوصال…

    موغلا فى البلاهة مضعضع الروح. ورائحته بارود قديم تحشو الأنوف. عيون مذهولة تتجرأ أسئلتها فى فراغ معتم أشعة شاحبة تطل من خلف الغيوم تهيمن على سماء المعسكر. " كأننا حديثو عهد بالموت" .

    استفزته اللغة الميتة، والصوت الأحبش اللزج. التفت إلى مصدره فبدد اشمئزازه الوجه المفكك والبلاهة الطافحة في العينين والذقن ############ة. وجد نفسه وحيدا غائم الخطوات، ذاهلا.. مشوش الذهن قريرا وقد لفظته الحانة الشوارع مستريحة ومغسولة برزاز ناعم. دخل حانة " النجم الذهبى " دافئة هادئة بإضاءتها الحالمة وموسيقاها التى تنساب لطيفة. لفت دخوله الصاخب الرواد. أحس أنه ليس موضع ترحيب عاند إحساسه أناخ جسده عند أول طاولة.. وجوه حليقة ناعمة. أكتاف عارية مكتنزة.. سترات لامعة وموائد جامعة.. مسح وجهه وتنفس بعمق . رفع رأسه .. واجهه الرجل الجالس أمام صاحبة الحانة البدينة بابتسامة باهتة فبادله بأخرى مغتصبة وخجلى صاحبتها هزة خفيفة من رأسه. صبت له النادلة كأسين وهى تشير إلى الرجل ( الحساب خالص) . رفع الرجل كأسه مؤكدا.. فرفع يده شاكرا..

    عندما شرب جرعة كبيرة من الكأس توقف السائل السحري في حلقه كغصة.. حاول ابتلاعها وبصعوبة هبطت دوائر ساخنة.. تململ.. ألحقها بجرعة ثانية وعوضا عن تهدئة ذلك الرعب الذي داخله هذا الصباح أججت فيه الأسئلة السرية والعلنية وزاد حصاره أيقظت فيه آلآم المثانة والظهر. التى لازمته منذ شهور.. عند مدخل سفرة الطعام الجماعية لفت نظره إعلان بارز فى ورق مصقول ومروس بأسم المشفى العسكرى. " بتكليف من إدارة الأمن العام والشرطة العسكرية تم إجراء الكشف على المناضل… وبالتشريح السريري والمخبري تبين أن السيد المذكور أعلاه قد فارق الحياة عند الساعة الرابعة والأربعين دقيقة تقريبا من صباح يوم / / 1992م متأثرا بإصابة مباشرة في الرأس جراء جسم حديدي( السلم الخارجي للمبنى) مما أفقده التوازن ليصطدم بالحائط المقابل للسلم والأرضية الخشنة للبلاط. وقد تسبب ذلك في حدوث نزيف داخلى حاد لا أثار لعنف أو مشادة فى بقية الجسم مما يدل على أان الوفاء حدثت نتيجة لما أشرنا إليه آنفا. وهذا ينفي أي جناية للحادث".

    الدكتور ……………رئيس قسم التشريح بالمستشفى العسكري الخاتم …… التاريخ ……………………………

    تعليق المحقق: بناء على التقرير الطبي أعلاه يقفل ملف القضية ويسمح بالدفن بعد إجراء اللازم… بجانب الإعلان ، علق نعي موقع من إدارة المعسكر.

    و( دورماى): هتف بكنيته عسى أن يستمد صمودا ومداريا خيبته… طوقت الحلق دوائر حنظلية كلما بلع دائرة تلتها أخرى أعاد قراءة الإعلان والنعي ترقرقت المفردات ترجرجت أحبارها ثم سالت ضاحكة بوقاحة شامتة.

    عافت نفسه وجبة الإفطار، اكتفى بكوب شاي ،وخرج، بدت له المباني ذات الطلاء الأصفر عدوة وبشعة استشعر ثقل الموت وعدوانيته لاذ بالذي مضى حينا وبالحسرات حينا.. رق القلب بحزن غامض . عبأ رئتيه بالهواء عسى أن يطرد الهواء الثقيل الذي سكن صدره منذ صباح البارحة رغب فى أن يتبصر في الأشياء التي تحدث أمامه لاذ بالنكوص إلى أزقة طفولته جريا على عادته.. إلا أن النوبة داهمته يقوة هذه المرة .. انحنى فجاء كأنه انقصف فجأة من وسطه .. انفصل النصف الأسفل من الجسد.. كتم صرخة وحشية ارتج لها صدره..ترددت في مجاهل وديان سحيقة متفتتة.( لابد من الطبيب) كانت مخارج الحروف واضحة، ونبراته حاسمة، وآمرة بقوة، إلا أنها لانت أصبحت راجية . لم يرتح هذه المرة لزيارة المشفى العسكري .. خامره شعور غامض.. خوف الصباح الذى ينفذ إلى القلب مباشرة..

    ( خوف أول النهار يجعل النهار كله جحيما مرتقبا .. حدوث البلاء فيه يكون وجها لوجه ، ولا يأتي من حيث لا تحتسب) . الضجيج الذى تحدثه الحافلة العتيقة ذات الماركة الإيطالية يزيد توتره. دفقات كبيرة من مياه تتدافع من مكان ما لتنفجر فى البطن ، أو لتختنق فى البلعوم وتتلاشى تاركة لعابا حارا ومالحا عصى الابتلاع .. هم أن يترجل من البص رقم

    - 6 -
    المتجه إلى المشفى العسكري .. تعلقت عيناه بيد الطبيب التى ترفع صورة الأشعة في مواجهة النافذة التى تنسكب منها الأشعة الفضية وهبطتا إلى الأسفل في مواجهة الطبيب الذي انكب على التقارير المخبرية للفحوص
    تنحنح الطبيب وهو يدون :

    - لابد من العملية… وقريبا

    - وهل يمكنني الإنجاب بعد ذلك؟

    - سيكون أداؤك الجنسي ضعيفا

    كسر هدوئه ارتطام الباب خلفه .. ارتج ظهره انسكب ماء بارد فى كل جسده انتفض.. ارتعش دفعة واحدة .. ارتخت قبضة يده المضمومة .. تحسست أنامله الرسالة النائمة في جيب السترة ألفاها باردة والقلب الذي كان يرفرف كلما قرأ الرسالة … وأنفاسها التي كانت تتدافع بين الأحرف والجمل تتفتت ، تمضي بعيدا .

    غامر باتجاه المدينة .

    هتاف أول العمر بالأمنيات يتقطع في الجو ..يتفتت ..يتطاير كعصف مأكول تنسل الأمنيات الكبيرة وأسرار العمر المخبأ خلف تلافيف وشغاف القلب وزوايا الجوانح . تداعب أنامله وجه طفل نضر بزيه المدرسي ، يساعده على اجتياز الإسفلت ، يودعه الطفل شاكرا ، بعينين تنفذان إلى داخله الذى يتهدم . وينقسم العمر إلى قسمين : يبدو الأول بعيدا مديدا وزاهيا والثاني قريبا باهتا وسرابا مغلقا .

    - ماذا يحدث نموت والفاعل مجهول .. تحاصرنا الأمراض والخمور البلدية ّ والفلسّ الذي شوه حياتنا ، والمدينة التى استقبلتنا بحبات البوشار ورفع القبعات والزغاريد وأكاليل الغار ترمينا الآن خلفها لتستقبل فاتحين جدد … ماذا يحدث ؟؟؟ على تالة { حزحز} تتجزأ الأسئلة وتزيد سطوتها . كان يرنو إلى المقابر أسطح المنازل الزنكية الصدئة وانتشار القرميد المحدود .

    لماذا يلجأ إلى هذا المكان كلما ضاقت به المدينة وضاق بها ؟ .

    عندما توسط صدر المدينة وفي مدرج الكاتدرائية كانت جموع الموظفين قد انسلت من مكاتبها دفعة واحدة إيذانا بانتهاء الدوام الصباحي , والظلال تلفظ أنفاسها الأخيرة …وظله يموت تحت رجليه .

    ديسمبر1995م كسلا

    (عدل بواسطة احمد ضحية on 10-28-2011, 03:06 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
أطلقوا سراح الصديق الجميل جمل هُمدْ.. احمد ضحية10-28-11, 02:30 AM
  Re: أطلقوا سراح الصديق الجميل جمل هُمدْ.. احمد ضحية10-28-11, 02:56 AM
    Re: أطلقوا سراح الصديق الجميل جمل هُمدْ.. MAHJOOP ALI10-28-11, 03:01 AM
    Re: أطلقوا سراح الصديق الجميل جمل هُمدْ.. احمد ضحية10-28-11, 03:04 AM
      بعض من تيه الروح شىء من ارتجاج الجسد ... احمد ضحية10-28-11, 03:10 AM
        Re: بعض من تيه الروح شىء من ارتجاج الجسد ... Abdlaziz Eisa10-28-11, 03:47 AM
          Re: بعض من تيه الروح شىء من ارتجاج الجسد ... احمد ضحية10-28-11, 04:31 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de