توجيه المشاعر في قضية موت ومصارع الطغاة

Quote: الإطاحة بالقذافي من داخل الحرم! عطاف محمد مختار [email protected] لم أندهش للطريقة التي لقي بها السفاح القذافي مصرعه على أيدي الثوار الليبيين - الذين حرروا ليبيا من ظلم وبطش وجبروت الطاغية الذي طغى وتجبر وكاد أن يقول (أنا ربكم الأعلى) - الذين اصطادوه صيد الفئران، فسبحان الله الذي جعل كيده في نحره، وانقلبت عليه الآية بقوله (سنزحف عليهم بالملايين من الصحراء للصحراء، لتطهير ليبيا من الجرزان شبر شبر، بيت بيت، دار دار، زنقة زنقة، فرد فرد)، فزحفوا عليه بالملايين وسحبوه ذليلاً كسيرا من داخل مجاري الصرف... مصدر عدم دهشتي لمقتل القذافي، موقف عايشته مثل ملايين المسلمين الذين أكرمهم الله تعالى بأداء عمرة رمضان الماضي.. ففي يومي 21و22 أغسطس الماضي كان الثوار الليبيون يحاصرون طرابلس، واستبشر الناس خيراً... لكن فجأة ظهر نجل القذافي سيف الإسلام على القنوات الفضائية، بعدما ترددت أنباء عن مقتله، ليؤكد سيطرتهم التامة على المدينة، قائلا إن اقتحام طرابلس وباب العزيزة ماهو إلا مجرد أخبار كاذبة من الثوار، وقام بحملة في المدينة قتل فيها الآلاف من المدنيين والثوار، الأمر الذي جعل الإحباط يتسرب إلى نفوس جميع المسلمين في الأرض... في تلك الليلة كانت صلاة التهجد في الحرم المكي يحضرها أكثر من مليوني مصلٍّ، وعادة يختم إمام الحرم الشيخ عبدالرحمن السديس التهجد بصلاة الوتر وبعد الركعة الأخيرة وقبل السجود كان يشنف آذان المصلين بالدعاء - قرابة 15 دقيقة وتزيد في بعض الأحيان- ويرددون من ورائه آمين آمين... في ذلك اليوم وقبل ختم الدعاء دعا السديس بـ(اللهم احقن دماء المسلمين في كل مكان، في ليبيا وفي اليمن وفي سوريا وفي أفغانستان، اللهم عليك بالطغاة الظالمين، اللهم عليك بهم، اللهم عليك بهم فهم لا يعجزونك... سفكوا الدماء وقتلوا الأبرياء ونثروا الأشلاء، ولم يرحموا الصغير والكبير والمرأة والطفل والنساء... اللهم اجعل كيدهم في نحرهم... اللهم نعوزك بك من شرورهم..)... في هذه اللحظات ارتج الحرم واهتزت الأرض من تحتنا بسبب قوة أصوات المصلين التي ارتفعت وتيرتها بصورة عالية جداً وهم يبكون مع السديس ويرددون آمين آمين آمين... في مشهد مهول لا يوصف إلا لمن حضره وشاهده.... عندها أيقنت تماما أن القذافي لن تقوم له قائمة بعد الآن، جمعينا علقنا بأن بعد هذه الدعوات الصادقة من ضيوف الرحمن وفي بيت الله العتيق "خلاص القذافي انتهى أمره"... وفعلا مع صلاة الفجر اقتحم الثوار طرابلس واستولوا على باب العزيزية معقل السفاح، الذي صار مطارداً من قبل الثوار (جحر جحر). تلك النهاية الدراماتيكية للقذافي، لن تكون الأخيرة، فهم السابقون ـ بن علي هرب ومبارك خلف قضبان المحاكم ـ وبقية اللاحقين من السفاحين قادمون في الطريق لا محالة (بشار سوريا، وعلي اليمن)... فمهما طال الزمن، ستظل الدماء التي سفكوها من غير حق تطاردهم في الدنيا قبل الأخرة... (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا).. فما بالك بآلاف الأرواح التي أزهقت زورا وبهتانا بغير حق... (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ). صحيفة (السوداني) 22 /10/2011