|
Re: إضاءاتٍ لكتابات كانت في قيد الإكتمال .. و لكن. نسرين عبدالهادي ال (Re: ناصر احمد الامين)
|
إضاءاتٍ لكتابات كانت في قيد الإكتمال .. و لكن : دارة جدي الصديق : دينق هو الوحيد الصامت ، كان في هدوئه و صمته و زرقة لونه أشبه بنهر الجور عند المساء ، يذكرني بذلك عندما يجلس أيام الشتاء تحت وهج الشمس تحت الحائط و هو يحمل بيده اليمنى كوب الشاي و بيده اليسرى قطعة رغيف . قلت لمحمد الأمين لا تعكر صفاءه فأنت كثير الشجار معه و أنا أخشى أن ينقلب هذا الشجار في يوم من الأيام إلى صدام مسلح .. عندما يسمع المغني يقول : ( أنا أم درمان .. أنا أبن الشمال سكنته قلبي .. على إبن الجنوب ضميت ضلوعي ) كان يبتسم إبتسامة خفيفة شاردة و يطاطئ رأسه ، فربما أراد أن يقنع نفسه بذلك ... في سلام كانت تُمخر من أسكلة الخرطوم إلى الجبلين إلى الرجاف : و في الحديث عن هم الحب تتطابق معاناة قطار الغرب مع معاناة قطار الجنوب .. تماما هم الحب و هم الوطن يلتقيان ، فمن قال أن هم الحب لا يعادل هم الوطن في زمن البحث عن السلام الذي يتيح للشاعر أن يتابع مسار محبوبته من أسكلة الخرطوم إلى الرجاف دون خوف من فراق يقوم على أسنة رماح الحرب ، لقد كان ممكناً للشاعر أن يقتفي أثر محبوبته من الخرطوم عبر وطن شاسع و لكنه وطن موحد لا حاجز بين الدويم و ملكال ، و لا فرق مُسلحة بين الرنك و ملوط .. تترائ في خيال الشاعر جميع مدن السودان من شماله إلى جنوبه و هي متراصة في يديه كحبات المسبحة مترابطة و مرتبطة بأسار الحب الجميل ... ثمّ : في زمن الغياب : في قمة الشمس الصبية أمتي لفقتْ عَمائِمها و وثقتْ العباءة .. حضنت مصاحفها و خطتْ في السهول مَضارباً سوداً .. و أحكمتْ البناء .. كنا في إحدى المناسبات الإجتماعية و كانت هنالك حلقة للشيخ دفع الله الصائم تمدح الرسول ( ص ) و بجانب الحلقة و قفت فتاتان من بنات الجنوب يزغردن .. ناداني والدي من وسط الجمع و قال : أنظري إلى هذا المشهد ، فبينما الجماعة تمدح الرسول ( ص ) تزغرد الفتاتان رغم أنهما مسيحيتان ، ثم لاحت على وجهه إبتسامةٍ مُشرقة و قال : بلدنا بلد عجيب ... موكب إمكاناتٍ أمتنا : الرؤيا تَزحم عيني الرؤيا لفتتْ نظري ذات سنة من السنين الماضية الأعلام المعلقة في فضاء الكلية و كان قد مر على زمن غيابه الوقت القليل .. هي نفسها الألوان : أسود .. أخمر .. أخضر .. أبيض ، كان والدي قد نبهني في مراتٍ عديدة لتزاحم الأصوات و الألوان : يا قناعاً أسود .. و أنت يا قناعاً أسود بأبيض يا أقنعة الأركان الأربعة التي تهب منها الروح في صمتٍ أحييك ... و تتوالى دقات الطبول و تعلو صيحات الجماعة الصوفية في أسبوع التصوف في كلية الآداب بأم الجامعات ، و الألوان هي نفسها الألوان : سأعود اليوم يا سنار ، حيث الحلم ينمو تحت ماء الليل أشجاراً تعري في خريفي و شتائي ثم تهتزّ بنار الأرض ، ترفَضُّ لهيباً أخضر الريش لكي تنضج في ليل دمائي ثمراً أحمر في صيفي ، مرايا جسدٍ أحلامه تصعد في الصمتِ نجوماً في سمائي سأعود اليوم ، يا سنار ، حيث الرمز خيطٌ من بريقٍ أسودٍ ، بين الذرى و السفح و الغابة و الصحراء ، و الثمر الناضج و الجذر القديم
يتبع..
|
|
|
|
|
|