كلام والسلام
أمين محمد سليمان
[email protected]عنوان العمود : حسين خوجلي و طمس هوية الناس
التعدد الأثني و تعدد اللغات و اللهجات المحلية مصدر قوة و فخر لأي بلد إلا السودان ، فالدولة لا تكتفي بالصمت تجاه محاولات طمس هويتنا بكل اختلافها و مكوناتها بل تساعد في قبر موروثات الناس الثقافية عيانا بيانا و إن شئت فاقرأ تصريح رأس الدولة والذي يفترض فيه أن يكون حاميا لثقافات الناس إذ يقول في ديسمبر الماضي "في حالة انفصال الجنوب سنقوم بتعديل الدستور لذلك لا مجال لحديث عن التعدد الثقافي والاثني." و كأنما التعدد الثقافي والاثني جريمة و مسبة في حق الناس وجب وأدها و مواراتها الثري حتي يضحي الناس في سوداننا الذي نحب كلهم أحفادا لسيدنا العباس رضي الله عنه، حتي يرضي عنا سيادة الرئيس و من معه .
و إن كان قادة بلادنا المنكوبه لا يهمهم سوي البقاء في الحكم و تسليمها للسيد المسيح كما قالو مرارا و تكرارا ، فما بال مثقفينا - أو من ظنناهم كذلك - يدندنون حول نفس الكلام البائس ؟ و مناسبة هذا الحديث هو كلام الأستاذ حسين خوجلي بصحيفة الوان قبل أيام ، حيث كتب : ( أتمنى أن يأتي اليوم الذى تنقرض فيه رطانات الحلفاويين والدناقلة والمساليت والزغاوة والهدندوة وتسود لغة الضاد الموحدة فلسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين.. هذه معركة ذات نطع وغبار أطلقها في الهواء الطلق لصالح الثقافة المركزية، نعم معركة فلقد سئمنا المقالات المسطحة التي لا تكسب الفكر عدواً ولا صديقاً.
< نعم أتمنى سيادة العربية «ولعن الله أقواماً يحسدوننا على عطر الأماني» ) ! و إذا تقاضينا عن لغة الاستعلاء التي ينضح بها هذا الكلام و ما فيه من أمنيات سقيمة بمحو الأخر و طمس معالم هوية الناس لا لسبب سوي أن لهم ثقافة مختلفة و اثنيات مختلفة و لغة مختلفة يفخرون بها ، إذا تقاضينا عن ذلك و قرأنا هذا الكلام مقرونا بحديث السيد الرئيس، يتضح بجلاء أبعاد المشروع الحضاري الذي تحمله الانقاذ و كيف أنه يقوم علي طمس هوية الناس و ثقافتها المحليه في بلاد قائمة علي التعدد الحضاري و الثقافي و اللغوي.
ذهب الجنوب بنفس هذه العقلية الاقصائية و جاء الدور علي كل من لا يتحدث العربية لغة و لا ينحدر من أصل عربي . هذه بلادنا مثلما هي بلاد هؤلاء الأستعلائيين الذين يتمنون إنقراض لغة الناس، فاما إن نعيش كلنا تحت شمسها الحارقة مواطنين سودانين مختلفين شكلا و متعددين اثنية و لغة أو فليذهب هذا الوطن الذي لا يحترم هذه التعدديه .
إن التعدد الأثني و الثقافي الذي لا يود سيادة الرئيس أن يتحدث عنه الناس و اللهجات التي يتمني حسين خوجلي انقراضها كان يجب أن تكون مصدر فخر و إعزاز و مدعاة لزيادة إنتماء الناس لهذا الوطن ، إذ كيف يفخر الناس بوطن يحارب تعددهم الأثني و الثقافي و يجاهر مثقفوه بالاماني أن تندثر لغتهم و مورثوهم الثقافي ؟
فليعلم حسين خوجلي و كل من يحمل جينات الاستعلاء العرقي و يشر بها و يسعي لطمس هوية الأخر الذي يشاركه عناء الأنتماء لهذا الوطن القائم علي تعدد إثني و ثقافي بان رطانات الحلفاويين والدناقلة والمساليت والزغاوة والهدندوة و كل اللغات و اللهجات الأخري باقية ما بقينا إرثا تليدا ، فخرا و عزا و إنتماء نحمله معنا إلي قبورنا، نعلمه لابنائنا و بناتنا، لا نستعلي به علي أحد و لا ننتظر يوما (تنقرض) فيه لغات الناس الأخري، لا نعتقد بسيادة اثنية علي أخري و لا بعلو ثقافة علي أختها و لا لهجة علي صاحبتها ، سودانيون كلنا نحب هذا الوطن و نتوق ليوم تغسل فيه بلادنا المنكوبة من درن هذه العقليه الحاكمة و مثقفيها أمثال حسين خوجلي.
و لان شر البلية ما يضحك ، تذكرت و أنا اكتب في هذا العمود نكتة المسطول الذي لا يصوم :
- يا وليه قومي جهزي لينا السحور .
- سحور شنو يا راجل و إنت صيام ما بتصوم ؟
- الله ...... يعني لاصيام لا سحور خلاص بقينا كفار للدرجة دي !!
فساد و غلاء و سوء حكم يخلي الحليم حيران و سيادة الرئيس يتحدث عن لا تعدديه اثنيه و ثقافيه و حسين خوجلي ( أحد أبواق الأنقاذ و إن إختلفت المصالح يوما ما ) يتمني إنقراض لغات الناس !!
الله .. يعني لا تعدديه اثنيه و لا رطانة خلاص بقينا كفار للدرجة دي ؟
!!