|
هل تحزن الحيـاة على عشاقها بعد رحيلهم .....؟
|
أرسل لي العم الفاضل والصحفي المخضرم الاستاذ/ يحي العوض رسالة بقدر ماهي طريفة فهي تحمل شأنا يهم كل فرد منا.. أستأذنه نشرها إن لم يكن قد نشرها في مكان آخر بعد:
هل تحزن الحيـاة على عشاقها بعد رحيلهم .....؟
--- 1---
سجلات العملاق (قوقل )لا تترك صغيرة أو كبيرة الا واحصتها , لكنها أحيانا , دون قصد ظلامة للعبيد , تطفف فى موازينها , وتنسب اليك حسنات ومآزق او مساوئ الآخرين , ماداموا يحملون اسمك أو يشابهونه. والمفاجأة ان تنشر عنك خبرا من المستحيل ان تقرأه وانت على قيد الحياة !. جاء الخبر فى القائمة , أو المكتبة الخاصة للاسم يحيى العوض, على (قوقل), باللغتين العربية والانجليزية .. يقول الخبر : فى ذمة الله , يحيى العوض .... انا لله وانا اليه راجعون ( منتديات اوسلى , منتدى التعازى وعيادة المرضى , والبوست يحمل توقيع ابراهيم طه ابن عوف ).. بالطبع اصبت بخضة اظنها لم تتجاوز اربع درجات بمقياس ريختر! فالموت حدث نألفه ونعرفه ,لكنه يحدث دائما للآخرين ! , و المأساة عند البعض ليس فى مفارقة الحياة (ولكن ان يموت فينا شىء ونحن لانزال احياء) ! , ( بعض عمرك مالم تعشه , وما لم تمته , وما لم تقله وما لا يقال)! وعندما اجرى الشاعر صلاح جاهين عملية جراحية فى قلبه مقتربا من الموت قال آخر وصاياه باحساس شاعر مرهف: يامشرط الجراح أمانة عليك وانت فى حشايا تبص من حواليك فيه نقطة سودا فى قلبى بدت تبان شيلها كمان والفضل يرجع اليك ! فى تسعينيات القرن الماضى هرب الالاف من السودانيين من جحيم الترابى , بعضهم قضى نحبه وهو يهم بالفرار وبعضهم اخترق الصحراء الى مصر ولم يجدوا معينا ولا مأوى وانتشروا فى أزقة سوق العتبة (واضطروا لبيع الكلى كأثمن ما يملكون ,مواجهين فى كل لحظة خطر تلوث جراحهم مع الموت الصاقع ) بعضهم كان يعزى النفس بتحريف اغنية مشهورة للموسيقار محمد عبد الوهاب ويرقصون على انغامها : بيع قلبك .. بيع كبدك .. بيع كلوك .. شوف الشارى مين ؟ وزاد من مخاوفى وقع اعلان موتى المؤجل , على الاهل والاصدقاء , خاصة ويتصادف نشر الخبر, اثناء زيارتى للاسرة ب( اوسلو) والغريب, فان الموقع الذى اعلن النبأ اسمه (اوسلى)oslly.net وهو اسم بلدة فى شمال السودان,!. وحاولت الاتصال بادارته لمعرفة صاحب الاسم المشابه , وفشلت لانهم يطلبون منك كلمة المرور اذا لم تكن من اصحاب العضوية. والمفارقة الثانية , لاحظت ولاول مرة اتفاق حميع افراد اسرتى عندما اتنقل معهم فى قطارات وبصات اوسلو , تسليمى بطاقة يختلف لونها عن بطاقاتهم , وعندما استفسرتهم اجابونى بابتسامة ممزوجة باستحياء خفيف, ان تذكرتك اقل ثمنا بحوالى الثلثين من تذاكرنا لاننا نطلب لك تذكرة (هونور ).. واوضحوا ان الهونور بالنرويجية هو المسن الذى تجاوز الستين من عمره , لذلك يكرم ويصبح من حقه شراء تذكرة مساوية لتذاكر الاطفال !.. تذكرت لوعة الكاتب الكبير هشام شرابى فى مشهد مماثل , عندما لجأ الى المرآة مدققا فى ملامحه, , فعلت مثله بعد قراءة الخبر واستلام بطاقة الهونور :( مستعيدا ملامح هذا المسن , مدققا ومنقبا فى كل التفاصيل من الوجه الى الكرش , لم اشعر بالاسى او الشماتة. اشعر الآن بعطف نحوه , عادة لا نرى الا تلك الأنا الشابة التى نعيشها فى داخلنا الى ان ياتى اليوم الذى نكتشف فيه دون ان نصدق انها هى هذا المسن الذى ينظر الينا فى المرآة)! الشيخوخة والتقدم فى السن فى شرقنا تهمة عليك دائما انكارها !., :(مأساتها تكمن فى ان الانسان لايتخلى فيها عن احساسه بنبض الشباب ومايصاحبه احيانا من حنين جارف , لذكريات عذبة, لكنه يسكت فى الغالب عن التحدث عنها والمطالبة بها , وسكوته هذا هو الذى يوحى للكثيرين بأنه ودع, تلك الايام الى الأبد, لكنه فى الحقيقة سكوت المغلوب على أمره )! احترمت قرار ابنائى بتتويجى هانورا نرويجيا , وهى اشارة وتذكرة بانى والحمد لله لا انتمى لعالم الهوامير!. ويذكرنا القرآن الكريم ( ومن نعمره ننكسه فى الخلق أفلا يعقلون ) ( الله الذى خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير) فى كتاب اصداء السيرة الذاتية لنجيب محفوظ سئل الشيخ عبد ربه التائه : هل تحزن الحياة على أحد ؟ قأجاب نعم اذا كان من عشاقها المخلصين ! وروى انس بن مالك : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مامن مؤمن الا وله فى السماء بابان ينزل منه رزقه وباب يدخل منه كلامه وعمله فاذا مات فقداه فبكيا عليه " وتلى قوله تعالى " فما بكت عليهم السماء والارض وماكانوا منظرين ." لعل هذا ما قصده شيخ الروائيين العرب رحمه الله .
|
|
|
|
|
|