|
Re: قـُبلتي الأولى (Re: محمد ادم الحسن)
|
الجزء السادس- المرة الأولى التي ذهبت فيها إلى حانة في "آيماودن"، كنت بمعية صديقي الجديد المفضل كمال، ومصطفى. وكان ذلك مساء أحد أيام السبت، وكنا قد انتهينا لتونا من العمل. كان مصطفى يرى أن الوقت قد حان مرة أخرى لرؤية أحد المقاهي من الداخل. اقترحت عليه أن نطلب من كمال أن يذهب معنا.
فقال مصطفى بازدراء: "أوه نعم، فلتأخذ تركيك ذاك معك أيضا. ولا تنسى أن تذكِّره بالساز". كان مصطفى مختلفا عني بعض الشيء. فهو لم يكن يرى الأتراك بعد كأناس عاديين. عندما طلبت من كمال بإشارات اليدين والقدمين أن يأتي معنا إلى الحانة، بسط كمال يديه على صدره وانحنى عميقا وقال: "تشكرلر، آبي". فهمت في وقت لاحق أن ذلك معناه "شكرا، يا صديقي". ذهبنا إلى أحد المقاهي على الميناء. عند دخولنا، رأينا أن المكان كان ممتلئا بزملائنا الهولنديين من مستودع الأسماك. لما رأونا بدا وكأن البكم قد ألمّ بهم. الظاهر أن الغار الحالك الوحيد الذي يمكنهم أن يتخيلوننا فيه هو قلب سفينة صيد الأسماك. تصرف مصطفى وكأنه من الزبناء المألوفين في المقهى. اتجه مباشرة الى الطاولة الوحيدة الفارغة بالقرب من مدخل المرحاض، ورفع ثلاثة أصابع إلى الأعلى وهتف: "هاينكن، رجاءً!"، ثم ضرب بيده على الطاولة. تطلع من حواليه مبتسما وقال: "Ies agt lauk hier" ("الشوّ هنا هكيكة لتيف شِدّا"). "Iegt waar" ("بشدّ صهيه."). شيئا فشيئا بدأ الصمت يتحول إلى ضوضاء، ولم يمض بعد ذلك من الوقت الكثير حتى بدأ يُسمع الضجيج كما كان عليه قبل دخولنا. الكل عاد يهتم بما يعنيه هو. كنا أنا ومصطفى وكمال نطلب الجعة، الدورة تلو الأخرى. أما لغتنا المستعملة فكانت مزيجا من التركية والأمازيغية وبعض كلمات من الهولندية والكثير من الإشارات. بدأ مصطفى يحبذ لطافة كمال بعد كل دورة جعة، لدرجة أنه أمسك في لحظة من اللحظات بكتفيه وأعطاه أربع قبلات غليضة على وجنتيه. وقال له مصطفى "أنا أحبك، يا كمال". "أنت مثل أخ لي". تأثر مصطفى من وقع كلماته عليه ووقع في أحضان كمال يعانقه. وقد استغرق عناقهم الحميمي دقائق من الزمن. بعد بضع ساعات كانت طاولتنا الصغيرة مليئة بزجاجات الجعة الفارغة. كنا سكارى حتى الثمالة وكان بإمكاننا أن نستمر الليلة كاملة، ولكن فجأة أُشعِلت الأنوار في المقهى. كان وقت الإغلاق قد حان. على الجميع أن يغادر. ونحن في الشارع نظر بعضنا إلى البعض الآخر ورأينا في وجوه بعضنا ان الحفلة لم تنته بعد. إلا أنه لم يعد هناك في هذا الوقت ما يُمكن القيام به في(آيماودن). تسكعنا في فضاء الميناء، سكارى، ضاحكين وضاربين بأذرعنا على أكتاف بعضنا البعض. "الماكريل!"، صاح كمال بدون سبب. لم نستطع أن نتوقف عن الضحك. "الرنغة!"، صرخ مصطفى بدوره. "البلايس!" صرخت أنا. "البياض!" "القد!" "سمكة موسى!" ثم ركضنا بعد ذلك متعرجين في ربوع الميناء ونحن نصيح بكل الأسماء الهولندية التي كنا نعرفها للأسماك. كنا كصغار الكلاب تطارد بعضها البعض. لم يسبق لي أن صرخت بتلك القوة ولا سبق لي أن ضحكت بتلك الغزارة. صار صوتي مبحوحا وقدماي متعبتين من شدة الركض. قلت لنفسي: اذا كانت هذه ليلة خروج في"آيماودن"، فإني آمل أن أعيش مزيدا من مثل هذه الأمسيات.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
قـُبلتي الأولى | محمد ادم الحسن | 02-14-11, 11:02 PM |
Re: قـُبلتي الأولى | محمد ادم الحسن | 02-14-11, 11:03 PM |
Re: قـُبلتي الأولى | محمد ادم الحسن | 02-14-11, 11:05 PM |
Re: قـُبلتي الأولى | قاسم المهداوى | 02-15-11, 00:01 AM |
Re: قـُبلتي الأولى | محمد ادم الحسن | 02-15-11, 02:12 PM |
Re: قـُبلتي الأولى | محمد ادم الحسن | 02-15-11, 06:01 PM |
Re: قـُبلتي الأولى | محمد ادم الحسن | 02-18-11, 10:32 AM |
Re: قـُبلتي الأولى | محمد ادم الحسن | 02-20-11, 08:05 PM |
Re: قـُبلتي الأولى | محمد ادم الحسن | 03-03-11, 10:06 AM |
Re: قـُبلتي الأولى | محمد ادم الحسن | 03-20-11, 12:05 PM |
|
|
|