|
Re: بين السودان وتونس ومصر (Re: عبدالدين سلامه)
|
نظرية المؤامرة التي اتسمت بها طريقة تفكير المنطقة ترى في الأمر ارتباطا بمفهوم ( الفوضى الخلاقة ) التي أطلقتها أمريكا بدافع إعادة ترتيب أوراق المنطقة . لا أحد يشك في أن أمريكا والدول الغربية تملك مختلف قنوات التأثير والتنسيق مع النخب السياسية ولكنها لا تملك آلية مباشرة للتنسيق مع تلك الشعوب التي انتفضت فجأة منذرة بإحراق المنطقة كلها بوابل من الثورات التي تمكنها من الوصول برؤيتها لشكل الحياة التي رسمتها للحاضر والمستقبل . الدراسات في هذا الميدان تشير إلى أن أمريكا ودول الغرب تستخدم أساليبا غير مباشرة تملك خاصيات أكثر تأثيرا من غيرها ؛ فنشر ألعاب العنف هو تربية لجيل قادم ؛ والأنترنت الذي تملكه بما فيه الفيس بوك الذي يستهلك أكثر من نصف حياة أولئك الشباب هو من صنيعتها وتحت إدارتها وتوجيهها ومنه كانت بدايتها الصبورة لشعاراتها المرفوعة بإعادة ترتيبات هذه المنطقة . لم تؤثّر منابع الأنترنت في أولئك الشباب بطريقة مفضوحة ولكنها تمكنت من تشبيعهم بثورة الغضب رويدا رويدا ؛ من خلال ما تطرحه من أمور تفتح أعينهم أمام الكثير من أوجه الفساد وهضم الحقوق ؛ وتفتح أمامهم الباب مشرعا لمحاورة أندادهم في دول أخرى تختلف ظروفها عن ظروف المنطقة ؛ ويوجد بها تأمين على حياة الفرد ؛ ومساحات واسعة لحرية التعبير ؛ وشروط أبقتها في صدارة أحلام الهجرة والانتماء ؛ وفي ذات الوقت تدفعهم بطرق مدروسة لتحقيق هذا الحلم في أوطانهم . إنه افتراض تحمله فئة كبيرة تدعمها قناعات الشباب المنتفض بأن للخارج يدا ؛ وأنه سيقاتل حتى آخر رمق لضمان مصالحه ؛ لذلك نحس بوكالات الأنباء تتلقف الأنباء التي تصدر من البيت الأبيض وتقيس عليها تحليلاتها ؛ وكأنها هي الأصدق من تلك التي تأتي من الداخل ؛ ومن صانعي تلك الأحداث . وقد بيّنت وسائل اعلام المنطقة بطريقة غير مباشرة وبما لايدع مجالا للشك أن الولايات المتحدة هي التي تحدد سقوط الأنظمة من عدمه ؛ وأنها هي التي تحدد إعلان إنحياز الجيش للشعب ؛ وأنها هي التي تقوم بتجهيز البديل أو على الأقل مباركته ؛ فقد كانت الأخبار الواردة عن أمريكا والغرب تؤخذ من وسائل الاعلام بجدية بالغة ؛ وتكمن الخطورة في أن وسائل الاعلام هي الأكثر التصاقا بالرأي العام والأقدر تأثيرا عليه .
ونواصل ...
|
|
|
|
|
|
|
|
|