البلد دي خيرا كتير (هدية لكيكي)

Quote: هذه الحكاية الإنقاذية وقعت أحداثها فى الصعيد ، فى ناحية من نواحي محلية سنار.. فقد زار المعتمد وإثنين من معاونيه حلة من الحلال فى ريفي سنار أيام كانت إنقاذ التسعينيات الإستنفارية على أشدها.. لن نذكر إسم القرية لأن أهلها ـ وفى مقدمتهم ( المستنيرين) ـ ما قصروا مع الضيوف الدولة الرسميين.. نزل المعتمد ومعاونيه من العربية الرسمية لتفقد الأحوال، و"إطمأنوا" على مبنى المدرسة الذي شلخته الأمطار وتناثرت داخله أشجار اللعوت، شكا أهالي سنار للضيوف الرسميين من هروب التمرجي ومن البعوض والملاريا.. إلخ.. وعدهم المعتمد خيراً وكان مع كل عبارة من عبارات الوعد يقول: (البلد دي خيرا كتير)..! مع هذه العبارة الانقاذية الجاذبة دخل أهالي الصعيد في أظافرهم!.. إذ لا يمكن أن يقدموا للضيوف الرسميين إفطاراً يتكون من أطعمة هي الكجيق، والكوَّل مدعوماً بـ (أُم رقيقة)، التي هي إدام- أو ملاح- للعصيدة فى الصعيد ، بينما الضيوف الرسميين ـ بعد تفقدهم للأحوال ـ قد تأكدوا أن الصعيد خيرو كتير..! ف وكيف لا يستحق هؤلاء الضيوف الرسميين كل معاني الكرم السامية والزيارة في حد ذاتها تعتبر إنتصاراً لقريتهم فى منافساتها مع رصيفاتها من القرى الأُخرى..!؟..لابد ــ إذن ــ لأهل الصعيد من القيام.. ولأجل القيام بهذا الواجب ضرب (المستنيرين) من أهل القرية وجميعهم ( تقريباً) ينتمي للحركة الإسلامية ، ضربوا الشقوق بين فرجات القطاطي باحثين عن هدية جماعية للضيوف.. فما وجدوا في الحِلة غير شوالات للفحم، والبتيخ الغُلاد ، وجنى الجداد.. وبما أن عدد الزوار ثلاثة شهود عدول يتمثلون فى (المعتمد، معاونه أو مستشاره، مضافاً اليهما المسئول المحلي (التنفيذي)..! بما أنهم تلاتة (كواكب) أو أقمار فقد أستقر رأي (المستنيرين) في الحِلة علي عزل أحسن ثلاثة شوالات من الفحم كهدية للضيوف، وثلاثة بطيخات من اللي بالك عليهو هدية لتلك (الكواكب) الساطعة ، وطلبوا من حريم الحلة طرد الجداد (الدانقة) وجمع (جنى الجداد)..! حمل (المستنيرين) شوالات الفحم، وثلاث بطيخات، وجردل مليان بيض ووضعوها فوق العربية ، ومن (تحت أظافرهم) قالوا للمعتمد: (معليش يا شيخنا ، دي هدية بسيطة ليكم، ما قدرنا نضبح ليكم، لأنو زيارتكم جات فجأتنلي كده)..! عندما سمع المعتمد هذا الإعتذار المبطن ، قدل بينهم بي عصاتو متنسماً هواء الصعيد وتحرك معهم نحو العربة، وتفحص ، فإذا به وجهاً لوجه أمام شوالات الفحم الثلاث، وبطيخات ثلاث، وجردل البيض.. وقال وهو( يرتكز على العصا ، بعد أن أشار بها الى مغانم الصعيد:"دا حقي أنا، طيب حق الجماعة ديل وينو"..!؟ (المسنيرين) في الحلة قالوا للمعتمد (بعد لعثمة) : حقهم قاعد، وهسع نجيبو..! وضرب( المستنيرين) دروب الحلة مرة أخرى.. تمكنوا من عزل ست شوالات فحم أخرى، وست بتيخات أخرى، لكن (يجيبو جنى الجداد من وين)..؟ عادوا إلى المعتمد ورفاقه الميامين، الذين كانوا يتآنسون مع رعيتهم خلال ساعة غياب ( المستنيرين) ،، كانوا بالتحديد يحدثون عن "مستقبل السودان بعد انفصال الجنوب، وإنتصار الإنقاذ على عاديات دول الإستكبار، ويفندون إدعاءات أوكامبو، وأكاذيب ويكيليكس..! وضع (المستنيرين) ملحق شوالات الفحم ، وملحق البتيخ فوق العربية.. وقالوا للمعتمد (من داخل أظافرهم):- والله يا شيخنا قدُر ما فتشنا جنى الجداد ما لقيناهو.. هسع دحين إنتو (أُخوان) ، بقيتو متساوين طاااب في الفحم والبتيخ.. كل واحد فيكم جبنا ليهو ثلاثة ثلاثة.. ودحين يا (أُخوان) جردل البيض دا إتقاسموهو بيناتكم (أخوان)!.. إبتسم المعتمد (نصف ابتسامة)، وأكد (للمستنيرين) من أهل القرية أن الكرم أصلوا وفصلو عند أهل القرى، واسترشد بقصيدة لـ (قيقم) ، وأقسم بالطلاق أنه سيجعلها ضمن المنهج الدراسي عندما تفرغ الإنقاذ لمهامتها الحضارية فى تصحيح مسار التعليم..هنا، عند إطلاق المعتمد لهذا التصريح بإدخال ابداعات ( قيقم) فى المناهج المدرسية ،إنبثق الطرب من تلقاء رئيس اللجنة الشعبية الذي بدأ يترنم بقصيدة (قيقم) ، بينما المعتمد ومرافقيه والحضور ينخرطون معه فى حالة النقزي ككورس بديع:- "لا تحزن بي ما جرى يا ضال الطريق.. ميِّل على أهل القرى"!.. بعد النقزي ، وتلاويح العصا المعروفة فى العرف الإنقاذي،غادر المعتمد الحِلة، يرافقه (المستنيرين) الى أطرافها التزاماً منهم بتقاليد البرتكول الانقاذي.. على مبعدة من الحِلة أوقف المعتمد العربية ، وهي ـ بالطبع لا تخضع لـ (جهاز رقابة العربات الحكومية) ، أوقف العربية ، وطلب من (المستنيرين) أن يأتوا إليه بماء من الكنار.. قال له (المستنير) الأكبر فى الحِلة من باب الحرص على حماية مسئولي الدولة الاسلامية ممثلة فى شخص المعتمد:- كيف تشرب موية الكنار يا شيخنا..!؟ أومأ اليه المعتمد أن يتبعه بجردل البيض الى دكة الكنار، محذراً بايماءة غليظة ( بعض الشيئ) تطلب تلك الأيماءة من ( المستنير) أن ينفذ أوامر الأمير دون نقاش.... فوق دكة الكنار كان المعتمد يشير بعصاه إلى ( المستنير) أن يملأ جردل البيض بالماء.. ظن الأهالي ـ من على البعد ـ أن المعتمد قد قرر أن يقف بنفسه على أحوال الري فى الصعيد ، فتقاطروا إلى حيث المعتمد مهللين مكبرين.. كان المعتمد فى بدلته التي يهبهبها بساط الريح فى شغل شاغل عنهم.. كان المعتمد ساعتها قد أدخل عصاه (برفق)! داخل جردل البيض..ادخلها برفق..! فطفح من البيض عدد ليس بالقليل.. ساعتها سمع الأهالي المعتمد يقول لمعاونيه:- جيبو مواعينكم.. (الطافح دا كلو حقكم)!.. غير أن (المستنير) الأكبر بعد أن رجع الى ذويه فى الحِلة قال لهم أن هذا المعتمد من أولاد دفعته ، وأنه امتحن الشهادة السودانية معاهو، وكان أشطر زول فى المساق الـ (علمي)!عشان كدى هو معتمد "مفتِّح"،، مش زي ناس فى الخرطوم اللي ما بيفرزوا البيض السمِح من (السيوس)..!