"تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-27-2024, 09:25 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-10-2010, 00:08 AM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة (Re: عبد الحميد البرنس)

    على خلاف صلاح "زوج فاطمة" الذي ظل لوقت طويل كمن يتأرجح على الهاوية، أدرك أبي من خبرة أسلافه التجار أن المسئولين أصحاب الحل والعقد في المدينة كانوا "وراء نماء شجرة المحصول الحضاري الوفير"، فبدأ مبكراً في إخماد نار "التقاليد البالية" التي بدأت تشتعل في البداية على فترات متقاربة تحت مظهره كمفتش زراعي من الدرجة الثالثة، متغاضياً حتى عن انتهاك أشياء كان يراها من "الثوابت"، كأن يبارك رغبة أختي الكبرى في أن تعمل بمثابة "موديل" لطالب "موهوب جدا" كان يدرس في "كلية الفنون الجميلة" أثناء دراستها في الجامعة، "إسهاماً من جانبي" كما كانت تقول متأثرة بآراء خالي كفنان تشكيلي "غريب الأطوار" في "استكشاف جوهر جماليات الجسد الأنثوي الذي أخفاه ثوب التخلف التقليدي لقرون خلت ". أختي تلك، تعيش الآن في منفاها الاختياري البعيد في كندا على أعتاب شيخوخة باردة، وحيدة مع أحداثها الماضية، و بالكاد ترسم على وجهها إبتسامة باهتة لذكرى تلك الأيام البعيدة، بينما تتمعن في أشياء لا وجود لها، ظلت بدورها تهمي بتثاقل و تناغم مع خيوط الجليد المتتابعة وراء تلك النافذة الزجاجية في رتابة، و قد بدا لي أن وجودي إلى جانبها في ذلك المساء على هامش مؤتمر دولي كنت أحد المشاركين فيه كوجود شيء لا تريد أن تتذكره.

    ربما، أو لهذا "الوفاء الحضاري"، حسبما أوضحت "وكالة رويتر المحلية" مخففة من شواظ ظهيرة ألمت بمدير البنك في إحدى لحظات انقطاع التيار الكهربائي المتكرر، مُنح أبي ترقية استثنائية داخل "الهرم الوظيفي" مهدت له الطريق إلى العمل في المقر الإداري للمؤسسة الزراعية بعيداً عن الريف بمياه شربه "الراكدة" وهيئة سكانه التي كانت تذكره دائماً بحظه "العاثر" في الحياة. "أيها السادة زارعو بذرة الحضارة مَن قال من قبلي أنا شخصيا إن حقول السعادة يمكن أن توجد من غير أعشاب ضارة"؟. هكذا شرع أبي يتفلسف في عمله الجديد، مستشعراً وطأة الفراغ بين جدران مكتب فخم به ثلاجة صغيرة "فاضت قنواتها عن آخرها بعُلب المياه الغازية" تدخله فقط وعلى فترات متباعدة وجوه حليقة "معنوياتها لا تشبه بأية حال نضرة الأزهار الساحرة على حافة جدول صغير"، حتى أن أفكاراً غامضة حول الحياة والموت قد بدأت مثل الجراد "تُداهم تلك الحديقة المُبهجة في الربيع"، الأمر الذي لم ينقذه منه شيء سوى زيارة الأسرة إلى بيت مدير عام المؤسسة الزراعية في "عيد الحبّ".

    كانت سانحة طيبة أهداه خلالها المدير مجموعة أعداد "نادرة" من مجلة "مودة" اللبنانية، حيث بدأت تتكشف لديه شيئاً بعد شيء تلك "الموهبة"، التي ظلت مطمورة مثل كنز "تحت تربة بستاني" لسنوات قضاها "يا لضياع حصاد شبابي... بين ضراط بهائم الفلاحين الهزيلة". لقد بدأت بالفعل تتكون لديه كما قالت أختي الأصغر التي كانت بدورها تستعد لدخول الجامعة "ثقافة حضارية رهيبة المستوى الإنساني"، انصبت بدرجة أساسية على معرفة مختلف "أنواع وخصائص وأسماء العطور العالمية". كان ينتهز في مجالسه تلك أدنى بادرة، أدنى أدنى بادرة، كأن تقول أنت لا قدر الله "إن الهواء منعش ولطيف هذا المساء"، حتى يمطر آذانك بأسماء عطور وروائح زكيّة لا يعلم إلاّ الله ما هي؟. ثم لا يهم بعد ذلك وهو يشرع أمامك في بيان مميزات عطره هو المفضل نظريا إن كانت لديك وقتها الرغبة الأكيدة والملحة في الدخول إلى المرحاض بأسرع قدم لديك.

    في المقابل ، بدا أن لهذه "الحضارة" دموع قلّما رآها عالم المدينة الضيق، وإن سمع عنها حدَّ الرثاء أو الشماتةً في بعض الأحيان، وتلك هي دموع الجارة ... أو أحزان فاطمة "الخفيّة"، التي كاد أن يفضي بها "نجاح ماما المذهل" إلى "جنون خرافي"، على حد تعبير أختي الكبرى التي عادت ذات إجازة بوجه مستثار حاملة لأمّي أنباء عن أهمية قيام مظاهرات طلابية في "العام التالي" تطالب الحكومة بإصدار قوانين صارمة تتيح للزوجة أن ترفع ضد الزوج قضية طلاق وتعويض مالي ضخم في حالة ما إذا "ركب رأسه وصمم على ختان البنات"، لكنها أبداً لم تحدثها عن تلك الخطط السرية لتلك المظاهرات بشأن القانون "سييء الذكر" الخاصّ و "العياذ بالله" بكفالة حقوق "المثليين" في المجتمع. هذا ما أدركته قبل أشهر قليلة فقط في "دار الوثائق المركزية" أثناء بحثي وتنقيبي ومراجعتي في ظل موجة غامرة من الحنين لبعض "صحف ومجلات تلك الأيام".

    زاد من حزن فاطمة أن زوجها، "صلاح بتاع دكان التخلف الشهير مثل نجم أسود في رابعة النهار الحضاري العملاق"، قد عاد في ذلك الصباح إلى البيت يشمله حزن ثقيل مقبض. دلف وقتها صافقاً باب الحوش وراءه، و"سيبقى صدى هذه الصفقة المدوي يتردد طويلاً" في أنحاء المدينة. حدث ذلك بعد ذهابه إلى الدكان بنحو الساعة أو أكثر قليلاً، كانت وقتها داخل المطبخ، تعد "طعام الغداء"، ظنت في البداية أن ابنتها الوحيدة "أمل"، التي غادرت منذ دقائق إلى مدرستها، قد نسيت شيئاً ما، ثم عادت لتسترده على عجل، لكنَّ هاجساً غامضاً دفعها إلى الخروج وقتها لمطالعة ذلك القادم الصاخب.

    "المسكينة... لم يرد إلى ذهنها... حتى تلك اللحظة.... أن المرحوم والد صلاح زوجها... الذي كان يمتلك نسخة أخرى من مفتاح باب الحوش... قد يعود غاضباً ذات يوم... وقد أضجرته رقدة المقابر الطويلة المملة".

    على هذا النحو، خرج الكلام من فم "وكالة رويتر المحلية"، وهي تحاول جاهدة أن تضع بعض التوابل على حكايتها في محاولة لتبديد ما تبقى من كرب ارتسم على وجه المحافظ عقب "زيارة ذلك الوزير المتعجرف التفقدية... المفاجئة"، وقد لاحظ هو في أثناء إنصاته ولأول مرة تلك الشُعيرات البيضاء التي غزت رأس "وكالة رويتر المحلية" في وقت وجيز، عندما قالت له: "وذلك المسكين أيضاً.. يا سيادة المحافظ الهمام.. بعد أن قفل باب الحوش".. مشي ببطء .. وقد أحنى رأسه.. حتى أنه تجاوزها.. دون أن يُلقي عليها نظرة واحدة.. "و"قسماً بالله ثلاثاً".. كما يقول الحاج محمود.. لو بُعث المرحوم والده من القبر حيّاً .. لما تعرّف عليه داخل تلك الملابس.. التي فرضتها عليه زوجته فاطمة.. كما تعلم.. بعد عودة بنتي جارتها بعد قضاء إجازتهما الأولى في الخرطوم مع خالهما زوج "الخواجية".


    كان يرتدي بنطال "كوردرايت" أزرق ذا نهايات واسعة يعلوه قميص أحمر ذو أكمام جدُّ قصيرة أُطلقت عليه عبارة دارجة طويلة مفادها: "ذراعاه المشعرتان تحتضنان صيف حبيبة حضارية ماطر برغم الجفاف"، منتعلاً حذاء من "الكموش" الأخضر الباهت ذا قاعدتين مرتفعتين تحدثان لدى ملامسة الأرض "صوتاً مكتوماً"، ولربما.. أو لهذا الصوت تحديداً، كان الرجال يقبلون على شرائه، "صوت" أطلق عليه سادة الموضة في المدينة عبارة لا تقل اشتعالاً في جيشانها العاطفي عن سابقتها: "مشية الحضاري الأوروبية المُتقنة على أرض الأحلام".

    لقد تبدلت أسماء أشياء عديدة في تلك الأيام، حتى أن الحاج محمود قد وجد نفسه فجأة وهو يتساءل ذات يوم بغرابة شديدة، مخاطبا "وكالة رويتر المحلية"، بصوت نسجت نبراته الدهشة، قائلا بكل تلك الحيرة:

    "يا وكالتنا، من أين يأتون بأسماء الشيطان هذه"؟.


    يتبع:
                  

العنوان الكاتب Date
"تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-05-10, 04:58 PM
  Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-05-10, 05:11 PM
    Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-05-10, 06:15 PM
      Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة ابو جهينة12-05-10, 06:37 PM
        Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-06-10, 00:34 AM
          Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-06-10, 07:43 AM
            Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-06-10, 07:03 PM
              Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة بله محمد الفاضل12-06-10, 07:11 PM
                Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-07-10, 02:37 AM
                  Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة بله محمد الفاضل12-07-10, 08:00 AM
                    Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة بله محمد الفاضل12-07-10, 08:15 AM
                      Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-07-10, 10:58 AM
                        Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-07-10, 05:53 PM
                          Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-07-10, 11:47 PM
                            Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-08-10, 01:36 AM
                              Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-08-10, 09:57 AM
                                Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-08-10, 12:13 PM
                                  Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-10-10, 00:08 AM
                                    Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-10-10, 07:30 AM
                                      Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-10-10, 02:20 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de