"تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-27-2024, 09:05 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-08-2010, 09:57 AM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة (Re: عبد الحميد البرنس)

    كانت أضواء قوية تتلألأ على هامة الفناء كتاج أميرة، نسائم واهنة منعشة لها رائحة التربة تراقص فروع شجرتي النيم في الخارج بنزق، السماء خالية وراء الهالة الفضية أو تكاد، لابد أنها أمطرت خلف تخوم النهر حيث الأجمة المتناثرة من أشجار السنط و هي تنحدر من جبال العاديات قبل أن يبدأ عشب السهل الأخضر الكثيف ذو الفجوات الحجرية الواسعة.

    كان ثمة موسيقى صاخبة تخللها آذان العشاء تطغى على لغط المدعوين الملتفين حول الموائد الصغيرة المتقاربة، التي جُلبت نهارا من محلات "كزام للأفراح"، والتي تراءت على مفارشها الزرقاء زجاجات المياه والكولا وأطباق الحلوى وسلال الفاكهة، أخذت تنبعث من مكبرات الصوت على جانبي منصة خشبية قصيرة أخفتها سجادتان كبيرتان من الصوف الفارسي ذي التشكيلات الوردية الملونة منصوبة غير بعيد من منضدة طولية لاحت أعلى مفرشها الأبيض النظيف تلال من الأواني الصينية اللامعة، فضلاً عن تورتة المحتفى بها بطوابقها الخمسة المتصاعدة في شكل هرمي علت قمته المزدانة بكريمة الشوكولاته السمراء شمعة منتصبة وحيدة بجناحي ملاك على وشك التحليق، حالما أُشعلت توقفت الموسيقى وعم الظلام و راحت تتشكل على مرأى من عيون السماء النجمية تلك الحلقة باعثة الأمنيات القلبية والهدايا، قبل أن تُنهي الحناجر أغنية عيد الميلاد في تزامن عكس مدى الألفة الذي عمّ المكان حينذاك.

    "لماذا شمعة واحدة"؟.

    تساءل المحافظ بقامته البارزة من وسط الحلقة لحظة أن عاد النور، بينما تغضن وجه رئيسة التحرير الجاد في نشاز كاد أن يفسد الطابع المرح لسؤال المحافظ ويحوِّل الحفل بأكمله إلى حلقة نقاش ساخن حول "الطابع الذكوري للسلطة"، حسبما ظل يتردد في سياق إحدى الندوات التي ظلت تقيمها في دارها بصورة شهرية مجلة "نهضة المرأة"، لو لا أن اندفع في خضم الهمهمة المتصاعدة التي أثارها سؤال المحافظ و زاد من لغطها الوجه الصارم الجاد لرئيسة التحرير صوتُ أمين حزب التقدم معيداً الأمور في لمح البصر بحركة مسرحية متقنة إلى مجراها القديم: "تقول لماذا؟، ها ها ها، هييء هييء، هو هو.. تلك تكتيكات الآنسة الأزلية، يا رفيق"!.

    عاد المحتفلون إلى موائدهم فرادى وأزواج وجماعات، وبدا في ذلك المساء وكأن الكون برمته ضحكة مغناة يعزف لحنها المتناغم رنين تلك التعليقات المرح السعيد، إلا أن نمل الغيرة أخذ يأكل في قلب فاطمة ببطء وتلذذ متزايد سعيداً بالخفاء الذي ضربه الضجيج من حولها.

    كانت ترقب الأنظار بحسرة وهي تنصرف عنها تباعاً غير عابئة بالمرة بزينتها الفريدة والمكتملة أمام بهجة حفل لم تشهد المدينة مثله قطُّ، ناظرة بين الحين والحين من مقعدها الغارق في النسيان أو يكاد إلى "وكالة رويتر المحلية" التي ظلت تتنقل بين الموائد تحت أنظار عيني أمّي الفخورتين مثل فراشة قمحية في الربيع، إلى أن تناهى إلى مسامعها مثل طلقة الرحمة، صوتُ أختي ذات السبعة عشر عاماً، وهو يعلن من فوق المنصة عن بدء الحفل الراقص، وقد نشبت في أعقابه موجة من الصفير والتصفيق الحاد المتصل فيما بدا بلا حدود لانتهائه.

    مدت ذراعاً من داخل بلوزة بيضاء ذات أكمام قصيرة واسعة تدعى "مستقبل النساء الجميلات في عالم واعد"، كانت محشورة داخل بنطال من جينز أزرق ذي مقدمة مثلثة منتفخة قليلاً ومسحوبة إلى أسفل بشدة، وقد أزاحت الهواء الذي حبس أنفاسه على حين غرة بحركة نصف دائرية بطيئة متكسرة لامست صدرها خطفاً، قبل أن تأخذ رأس البنصر وضعاً مستقيماً شق طريقه بين الموائد متخطياً بلا هوادة المحافظ ومدير بنك الوحدة ورئيسة التحرير مشيراً بلطف ومحبة يعلم الجميع مقدار ما فيهما من زيف إلى عيني فاطمة الشاخصتين كعيني غريق بلا أمل في النجاة.

    في هذه اللحظة ، في هذه اللحظة تحديداً، يمكن للمرء وفق رواية "وكالة رويتر المحلية" لاحقاً أن يسمع "رنين إبرة الخياطة" إذا ما أُلقيت في "مكان ما داخل الحفلة"، حتى أن المحافظ نظر إلى عطسة مدير البنك المباغتة نظرته إلى رجل طرق باب بيته "أثناء الجماع"، و سرى صوتها الحاد الرفيع ذو المنحنيات المبحوحة عبر مكبرات الصوت أخيراً:

    "سيداتي آنساتي سادتي.. مشاعل حضارة هذه المدينة الواعدة.. مساء الخير الجميل وبعد.. وإنه ليسُر الأسرة الكريمة تشريفكم لها بالحضور.. بمناسبة حفل عيد ميلاد أختي الكبرى.. وبسبب صداقة الأسرة لطيار ماهر يعمل في خطوطنا الجوية الحبيبة.. أزفُّ لكم ذلك الخبر الجميل.. خبر وصول آخر أغنيات فتى أسبانيا الذهبي "خوليو" وأنشودة الحبّ الفرنسي الساخن "جيلبير". وأعتقد أن أمام هذين الرائعين لا مجال لمطرب متواضع آخر مثل عثمان حسين...

    "برافو... برافو برافو".

    هكذا في الوقت الذي اتجهت فيه أنظار الجميع إلى فاطمة التي لم تحتمل أكثر وحمل وجهها من علامات الغيرة ما يكفي لإشعال غابة من أشجار السنط الغضة اقتحمت المشهد على حين غرة صيحة مدير البنك الذي نال درجة الماجستير في "اقتصاد الدجاج" من جامعة "السوربون"، والذي لم يستطع أن يتمالك نفسه فيما بدا أكثر من ذلك فأجهش في البكاء بغتة، آنئذ ربت المحافظ الجالس إلى جواره على كتفه كمن أراد أن يعتذر بعد أن تسبب في أذى روح طيبة كان ذنبها الوحيد أنها عطست في موقف لا يحتمل سوى الصمت التام، بينما أمكن للمقربين سماع صوت رئيسة التحرير وهي تهز رأسها كمن يتفهم بأسى وتعاطف عميقين عذابات الروح الخفية للإنسان، أي إنسان، وهو يقول: "البكاء (أيها السادة) ليس عاطفة نسائية فحسب"!.

    مثل تحية صادرة عن قلب ملء نبضه الحبّ والأمل والمسرة و التفاؤل، مثل نسمة أوروبية تلثم مدارات خطّ الاستواء القائظة بعذوبة طفلة و رقة وردة، انساب حالماً مترعاً شفيفاً مطهماً بالمرح، تماما كيد المطر الخفيف الحانية، لحنُ رائعة جيلبير:

    "إيه مينتونان"؟.

    "وكالة رويتر المحلية"، التي سبق لها وأن ذهبت بنفسها "شخصيا" إلى البنك ذات نهار قائظ بعيد من شهر يونيو بعد أن تزايد الجدل في المدينة و احتدم حاملة في يدها مجموعة من "الطيور المريضة" قبل أن تدرك ذلك "الفرق" أو" الاختلاف القاطع" ما بين "اقتصاد الدجاج" و ذلك المدعو "طبّ الدجاج"، سألته باسمة عن سر كل "تلك الدموع الغزيرة وهي تفيض من عينيك أثناء الحفلة "، قال إنه تذكر وقتها " ليلة باريسية بعيدة "، و لم يُزد.



    يتبع:
                  

العنوان الكاتب Date
"تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-05-10, 04:58 PM
  Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-05-10, 05:11 PM
    Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-05-10, 06:15 PM
      Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة ابو جهينة12-05-10, 06:37 PM
        Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-06-10, 00:34 AM
          Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-06-10, 07:43 AM
            Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-06-10, 07:03 PM
              Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة بله محمد الفاضل12-06-10, 07:11 PM
                Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-07-10, 02:37 AM
                  Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة بله محمد الفاضل12-07-10, 08:00 AM
                    Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة بله محمد الفاضل12-07-10, 08:15 AM
                      Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-07-10, 10:58 AM
                        Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-07-10, 05:53 PM
                          Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-07-10, 11:47 PM
                            Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-08-10, 01:36 AM
                              Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-08-10, 09:57 AM
                                Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-08-10, 12:13 PM
                                  Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-10-10, 00:08 AM
                                    Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-10-10, 07:30 AM
                                      Re: "تداعيات في بلاد بعيدة" على أبواب الترجمة عبد الحميد البرنس12-10-10, 02:20 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de