مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-23-2024, 01:21 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-03-2010, 01:22 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه (Re: عبد الحميد البرنس)

    في ذكري رحيل كاتب بديل


    طالب صديقنا الناقد علي أبوشادي رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة (قبل أزمة الوليمة والروايات الثلاث) بضرورة تكريم الراحل عبدالمعطي المسيري ومنحه درع الهيئة المذكورة. حدث ذلك في المؤتمر الرابع لأدباء مصر في الأقاليم الذي عقد في مدينة (دمنهور) مسقط رأس الكاتب الذي قضي قبل سنوات طويلة، دون أن يذكره أحد. ولأن القرار هذا ملأنا بالسرور المفاجيء، آثرنا المشاركة في المناسبة بالمشاهد التالية، تكريما للراحل البديل، ولكل الكتاب البدلاء، في هذا الوطن.


    ***

    كانت مقاعد القاعة التي أنشأها يوسف السباعي مشغولة بجموع من الأدباء والمتأدبين ، والمنصة يعتليها عدد من كبار ذلك الزمن، والكلام يدور حول بعض الأمور الملموسة، حين لمحت شيخا عجوزا يغادر مكانه، ويشق بقامته القصيرة النحيلة، ويصعد المصطبة الخشبية أمام المنصة، ويدق الخشب بعصاه وهو يتطلع من وراء نظارته السمكية حتي خيم السكون.
    تكلم الرجل متمهلا عن القصص التي يتم الاشتراك بها في مسابقة نادي القصة (أقدم المسابقات القصصية في مصر). قال إننا نعرف جميعا أن هذه القصص في مراحلها النهائية، يتم تحويلها إلي ثلاثة من الكتاب الكبار لكي يضعوا تقديراتهم لاختيار القصص الفائزة، وأن أعضاء اللجنة، بسبب من مشاغلهم، لايجدون وقتا للقيام بقراءة هذا الكم من القصص المقدمة، لذلك فإنهم يعهدون بها سرا إلي من يقومون بهذا العمل، ثم يعطونه نسبة من المكافأة التي يحصلون عليها من إدارة النادي، وأنا شخصيا واحد من هؤلاء المحكمين من الباطن.
    عند هذا الحد هاجت القاعة هياجا شديدا وهب كبار المنصة واقفين يزجرون الشيخ ويطالبونه بالعودة إلي مكانه فورا، ولكن الشيخ لم يلتفت. اعتمد بيديه علي رأس عصاه وراح يتطلع أمامه في مزيج من الهدوء والصبر العنيد. ومال حافظ وهمس في أذني قائلا:
    'ده عمك عبدالمعطي المسيري'.
    حدث ذلك عندما أخذني الصديق محمد حافظ رجب أوائل الستينات إلي دار الأدباء لكي أري الكتاب في اجتماعهم. وكانت المرة الأولي التي أحضر فيها اجتماعا أدبيا أو غير أدبي، كما كانت المحاولات التي جرت من أجل زحزحة العم عبدالمعطي قد باءت بالفشل، وبات واضحا أن الرجل يفضل الموت علي مغادرة موقعه. وهدأت الضجة قليلا بعدما واصل كلامه قائلا، وهو يدفع الأيدي عن نفسه، أنه لايريد بذلك أن يفضح أحدا، ولن يذكر أسماء، واستطاع بفضل الإيضاح هذا أن يخلص نفسه فعلا، وما أن تركوه حتي صرخ فجأة:
    'الأوان آن، ياإخوان، بعد هذا التاريخ الطويل، أن يتحول كل المحكمين من الباطن في هذا البلد، إلي محكمين شرعيين معترف بهم'.
    وفي قلب هذا اللغط العظيم، فشل الاجتماع تماما وخلت المنصة، فجأة من ناسها، بينما غادر العم عبدالمعطي موقعه، لايلوي علي شيء.
    أخذني حافظ واقتربنا منه، قدمني إليه، ورافقناه إلي الخارج.
    كان هاديء النفس كمن لم يفعل شيئا. وكان وجهه صغيرا حتي بدت النظارة السميكة كأنها لم تترك فيه مساحة أخري تكفي للتعبير عن شيء آخر ، يرتدي بدلة عتيقة كاملة، شعره مصبوغ ومشدود علي جمجمته الجافة الضامرة، ويلعب بشفتيه لكي يضبط طاقم الأسنان.
    أثناء الحديث عرفت أنه صاحب مقهي المسيري القديم في (دمنهور)، وهي واحدة من أشهر المقاهي الأدبية التي أمها عدد من كبار الأدباء المصريين والعرب، وذلك قبل أن يغلقها ويأتي إلي العاصمة تلبية لدعوة يوسف السباعي لكي يأخذ وضعه حيث صار واحدا من صغار الموظفين مع محمد حافظ رجب في المجلس الأعلي لرعاية الفنون والآداب، وانه يسكن الآن في إمبابة علي بعد شارعين من منزلي.
    عندما وصلنا علي أقدامنا إلي ميدان (الكيت كات) ووقفنا علي شاطيء النهر، أصر علي أن نذهب غدا إلي بيته لكي نشرب الشاي ويهديني شيئا من كتبه:
    'وتعرف البيت بالمرة'.
    حينئذ سألته (أيامها كان بوسعك أن تسأل دون حرج) منذ متي وهو يقوم بحكاية التحكيم من الباطن هذه؟
    قال أنه يقوم بها منذ مجيئه إلي القاهرة.
    وعدت أسأله عن سبب سكوته طوال هذه المدة؟
    وواضح أن الكاتب الكبير الذي يتعامل معه، قبض الفلوس هذه المرة من الخزينة وكتم عليها.. زاغ، وأضاف بابتسامة خفيفة:
    'شوف قلة الأدب'.
    كان العم عبده يسكن الطابق الأخير من أحد البيوت القديمة علي مقربة من مدرسة إمبابة الإسماعيلية التي حصلت منها علي شهادة إتمام الدراسة الإبتدائية، وكان حافظ قد سبقني علي السلم وراح يدق الباب حتي فتحت لنا سيدة عجوز في رداء أسود. واستقبلنا العم عبده في ثيابه الكاملة. وقال مخاطبا زوجته:
    'دول بقي ياستي، شباب المستقبل'.
    لم يمض وقت طويل حتي شعرت أن الأحوال لم تكن علي ما يرام، وصار العم عبده في نظري رجلا مبهما عن أمس، يقوم بيننا ويحاول أن يتحرك في المكان الضيق ولو علي مهل، دون جدوي، فيعاود الجلوس متنهدا كمن رضي بقضائه، لكن علي مضض.
    وبدأ صوته فاترا وهو يحدثنا عن سيرته الأدبية المعروفة، وعن المقهي الشهير عربيا منذ العقود الأولي لهذا القرن، وكيف أنه كان، كمقاهي ذلك الزمن، يستعين بواحد من شعراء الربابة المحترفين الذين ينشدون حلقاتهم اليومية من السير الشعبية المعروفة، وأن عبدالمعطي الصغير كان يدمن سماعه حتي استطاع أن يستظهر هذه السير تماما، وكيف أن والده ما أن اكتشف ذلك حتي وفر أجرة الشاعر ووضع عبدالمعطي علي الدكة بدلا منه، وكيف أنه قام بهذه المهمة خير قيام، ثم أوضح:
    'من غير ربابة طبعا'.
    وفي حضرة الأسماء البارزة التي زارت المقهي شب الولد محبا للأدب والأدباء. وبدأ يعد نفسه للدور الذي وهبه حياته كلها. أخبرنا أن كتابه الأول كان مجموعة من الفصول، كل فصل تقليد لواحد من أصحاب الأساليب المعروفة في ذلك الحين: طه حسين، العقاد، المازني، المنفلو طي، وغيرهم، وأن أي قاريء كان يظنها لهؤلاء الكتاب أنفسهم. وقال أنه طبع هذا الكتاب علي نفقته الخاصة، وأن عملية الطباعة هذه كلفته ثلاثين قرشا، والكتاب نفد بطبيعة الحال، ولكن هناك مجموعة قصصية نشرتها له مؤخرا الهيئة المصرية العامة للكتاب وأنه سيهديني نسخة منها.
    راح ينحني ويبحث تحت الدولاب والمقاعد المزنوقة وهو يثير ضجة لها ما يبررها، ثم انتصب وفي يده نسخة من كتاب صغير في عنوان 'مشوار طويل'. حينئذ أرتفع صوت بكاء علي مقربة منا، وجذب العم عبدالمعطي ستارة جانبية، كان هناك سرير عريض عليه عدد من الأولاد النائمين وقال:
    'مين اللي بيعيط يا أولاد؟'.
    وصعد علي ركبتيه.
    راح يهز هذا ويقلب ذاك حتي أيقظ الجميع. واختلطت أصوات البكاء علي نحو يصعب تقديره، ورأيته يهز واحدا مازال نائما. وطلب منه حافظ أن يتركه لأنه ليس من الضروري أن يوقظهم كلهم، ولكن العم عبده التفت إليه وهو يجلس وسط هذه المناحة وسأله:
    'أسيبه أزاي يا حافظ؟ هو فيه حد يعرف ينام في الدوشة دي؟ مش جايز يكون مات؟'.
    واستدار إلي الولد حتي جعله يقوم محتجا، حينئذ اطمأن وقال:
    'خلاص نام. نام'.
    وهبط من الفراش. جذب الستارة والتفت إليٌ:
    'عرفت البيت؟'.
    قلت:
    'آه'.
    'كويس. إبقي تعالي'.
    سبقنا إلي الباب وهو يكتب الإهداء.
    كان ذلك أول كتاب يهديه مؤلفه إليٌ. تناولته شاكرا.
    قال:
    'اقرأه'.
    قلت:
    'طبعا'.
    وأردت الانصراف.
    قال بشيء من الضيق:
    'إفتحه واقرأه'.
    وما أن بدأت التفكير في هذا الطلب الغريب حتي نبهني حافظ إلي أنه يقصد الإهداء. فتحته وقرأت:
    'إلي الزميل إبراهيم أصلان'.
    شكرته مرة أخري وأردت مصافحته إلا أنه رد في اقتضاب:
    'العفو'.
    وأغلق الباب.
    لم أعد إلي بيت المسيري بعد ذلك أبدا.
    كان حافظ يمر بي كل يوم تقريبا، وكان يقترح عليٌ أحيانا أن نذهب لزيارته لأنه يسأل عني عندما يلتقيه في المجلس الأعلي حيث يعملان، إلا أنني لم أكن راغبا.
    لم تكن ظروفه المعيشية الصعبة غريبة بالنسبة لي ولا لمن هم حولي من الناس، ولكن العم عبده أورثني، في تلك المرحلة المبكرة المشحونة بالأحلام قدرا هائلا من المضاعفات الواضحة، والارتباك. كان أكبر الكتاب الذين رأيتهم سنا، وتمثل لي باعتباره مصيرا قائما، وأنني أسعي نحو هذا المصير من دون أن تكون لي حيلة في رده أبدا. وفي شارع السوق التقيته وفي إحدي يديه لفة بها سردين وفي الأخري حزمة كبيرة من البصل الأخضر، وكانت سترته مفتوحة عن صدره الضامر، ورباط عنقه رفيع جدا.
    'إزيك يا عم عبده؟'.
    'الست ياسيدي، نفسها تاكل سردين وبصل أخضر'.
    وتأملني قليلا:
    'هيه. بتكتب ولا لأ؟'.
    'شوية كده'.
    'لازم تكتب. الكتابة هي الشيء المهم'.
    وتطلع في عيني بغضب:
    'أنا مش مقياس. فاهم؟'.
    شعرت بالدهشة والخجل ونحن واقفان وسط الزحام، لم أكن أظن أبدا أنه قادر علي معرفة ما يدور في رأسي. وما أن حاولت الكلام حتي قال:
    'سيبك من الكلام ده كله. أنا فاهم كل حاجة'.
    اقتربت أضع يدي علي كتفه كي أقبل جبهته الجافة ولكنه تراجع قائلا:
    'مع السلامة'.
    أثناء جلوسي في مقهي (عوض الله) كنت أفاجأ به يتمشي ليلا، بخطواته القصيرة المتصلبة، ورأسه الصغير الشامخ، هناك علي شاطيء النهر، عصاه في يد، والأخري علي صدره وقد تعلقت بها زوجته في ردائها القديم الداكن، وطرحتها الحريرية السوداء مشبوكة تحت ذقنها ومدلاة علي صدرها بعناية، تجر قدميها الحريرية السوداء مشبوكة تحت ذقنها ومدلاة علي صدرها بعناية، تجر قدميها بالجوارب السميكة القاتمة، يصعدان أكوام القمامة العالية من دون انحراف، ويهبطان من عليها بتماسك محلوظ. كنت أتابع هذا الترفع الذي يليق بأناتول فرانس أو السيد تشوسر أو ما شابه من أسماء كانت تحتل أدمغتنا في ذلك الزمن، وأنساه، لا أذكره إلا إذا صادفته يقوم بنزهته غير اليومية، وغاب زمنا، وسافر حافظ إلي الاسكندرية زمنا آخر، وعندما التقينا سألته عرضا عن العم عبده فقال:
    'ده مات'.
    تطلعت إليه غير مصدق، فلم أسمع بذلك، ولم أقرأ خبرا واحدا يشير إلي موته، ولكن حافظ أكد لي:
    'ده مات، وشبع موت'.
    'في دمنهور؟'
    'لأ. مات عندك في امبابة'.
    'وحدثني حافظ أنه لم يكن ممكنا أن يعرف أي واحد بموته، أو يحس به، لأنه مات في يوم من الأيام التي لايعلم بها إلا الله، وأن أهله لم يجدوا في الحي كله مخلوقا واحدا موجودا لكي يعاون في حمل جثمانه، ولم يكن ذلك كله إلا لأن العم عبده لم يكتف بما جري له، ولنا، بل أنه مات في اليوم نفسه الذي مات فيه عبدالناصر.


    نوفمبر 1999
                  

العنوان الكاتب Date
مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه عبد الحميد البرنس12-02-10, 00:57 AM
  Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه عبد الحميد البرنس12-02-10, 01:03 AM
    Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه عبد الحميد البرنس12-02-10, 01:04 AM
  Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه حيدر حسن ميرغني12-02-10, 01:06 AM
    Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه عبد الحميد البرنس12-02-10, 01:50 AM
      Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه عبد الحميد البرنس12-02-10, 02:10 AM
        Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه عبد الحميد البرنس12-02-10, 07:07 AM
          Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه ابو جهينة12-02-10, 07:46 AM
            Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه عبد الحميد البرنس12-02-10, 11:06 AM
              Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه عبد الحميد البرنس12-02-10, 02:12 PM
                Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه عبد الحميد البرنس12-02-10, 06:24 PM
                  Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه عبد الحميد البرنس12-02-10, 10:26 PM
                    Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه عبد الحميد البرنس12-03-10, 01:22 PM
                      Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه د.محمد بابكر12-03-10, 04:23 PM
                        Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه عبداللطيف حسن علي12-03-10, 06:52 PM
                          Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه عبد الحميد البرنس12-03-10, 08:12 PM
                            Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه ناظم ابراهيم12-04-10, 00:53 AM
                              Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه عبد الحميد البرنس12-04-10, 01:21 AM
                                Re: مع إبراهيم أصلان: المبدع في قمة نضجه عبد الحميد البرنس12-04-10, 08:11 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de