حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-25-2024, 12:50 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-29-2010, 09:22 AM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات (Re: عبد الحميد البرنس)

    كنت أجلس، في الصالة، على تلك الكنبة، الوقت ظهرا شمسه باردة كحرارة شمعة في معبد رطب، حين غابت أماندا في غرفة النوم لدقائق، قبل أن تعود، وتجلس كما كانت ملاصقة لي.

    كانت ترتدي قميص نوم أحمر قصير من الشيفون أحاطت به حواف رفيعة مطرَّزة بالساتان الأبيض المورَّد. لا شيء آخر تحته. كانت حمّالتاه الرفيعتان تبين وتختفي أسفل شعرها المنسدل على كتفيها في تراخ وكسل. وأنا أحس بالدفء الخالد وهو يسري بعيدا، هناك، في أقصى دواخلي، مبددا بقايا وحشة بدت حتى عهد قريب مثل داء عضال لا فكاك منه، لمحتها من زاوية عيني اليسرى، وهي تفتح ما بدا لي ألبوم صور قديم. بطيئا مثقلا بكل ذلك الأسى والحنين، تناهى صوتها أخيرا:

    "وليم، هذه صور العائلة".

    كان وراء كل صورة حكاية ونظرة شاردة من عينيها إلى قطع الزمن المتجمد. أماندا على متن باص أصفر أيام مرحلة الأساس في رحلة ترفيهية إلى نواحي ضاحية "شيروودبارك".

    أماندا في نحو الخامسة، وهي تعتلي كتفي والدها أثناء مهرجان غنائي أقيم في حدائق "الفوركس"، ملتقى نهري ريد ريفر وواسيني بويني، بينما تشير بيدها اليسرى إلى نقطة ما تقع خارج إطار الصورة، لكن وجهها بدا منحنيا صوب وجه أبيها الذي لم يظهر منه سوى حاجبيه الكثيفين. هذه صورة لأماندا في نحو التاسعة، وهي بصحبة شقيقتيها مليسا ومليشا، كن يجلسن متقاربات ضاحكات أسفل شجرة قيقب نواحي "أوسبرن فيلدج". كان الحزن المقبض الثقيل يتزايد وتزداد وطأته حدة بعد مطالعة صور سمانتا المبتسمة الضاحكة الممتلئة في تناسق المترعة برحيق هذه الحياة وذلك أمر لم يحتمله كل منّا على حدة. أفردتُ كف يدي اليسرى. وأخذت أُسرِّحها على شعر أماندا بحنو شديد. مالت برأسها على كتفي. لا نأمة تصدر عنها. نامت أخيرا. شيئا بعد شيء، أخذت العتمة تخفي معالم الأشياء وراء نوافذ الصالة الزجاجية الواسعة. أخذ شخيرها يتعالى خافتا متوجعا. كنت أنظر إلى ألبوم الصور في شرود. في الآونة الأخيرة، حين أسير في شارع سيرجنت، حيث المومسات على نواصيه علامات لا تخطئها عين، كنت أرى سمانتا بينهن واقفة هنا أوهناك، ترمي بصنارتها عبر إيماءة وأخرى للمارة والسيارات، وعلى بعد أمتار قليلة منها لم يكن ثمة من أثر يدل علي صديقها الآسيوي ذي العينين المبتسمتين مثلما جرت عليه العادة قبل نحو العام أويزيد. لم أشأ السؤال عنه. أماندا لم تكن تطيق سيرته.

    كانت على قناعة تامة أن الآسيوي سبب بلوة شقيقتها الصغرى. لم أتوصل من جانبي في تلك الأيام أبدا إلى معنى تلك الإبتسامة التي ظلت تطل من داخل عينيه الواسعتين برغم ظلال العتمة عبر مختلف تلك المساءات البعيدة على شارع سيرجنت. أتشمم شعر أماندا الغارقة في نومها. أتذكر أنه في ذروة سعادتنا معا، أنا وأماندا، كان ثمة شعور غامض يطفو في داخلي من آن لآن، فأحسّ بشيء من الجزع كما لو أن أمرا ما يتهدد مسار تلك العلاقة في أية لحظة. لعله هاجس الخوف مما يدعونه "الفقد". هكذا، بدا وكأن سوس الوحدة قد أخذ ينخر في عظامي طويلا، وقد صارت الوحشة توءم روحي منذ أمد بعيد، حتى صار وجود أحدنا شرطا لوجود الآخر. أجل، كما لو أنني والعزلة صنوان، وتلك علاقة أبدية وراسخة، كما علاقة المشي بالقدم، الرحلة بالطريق، الطير بالفضاء، كما لو أنني في نهاية الأمر لم أعد أصلح مطلقا لأية رفقة بشرية من غير ذلك الحضور الكثيف لسيل الهواجس الذي لا يتوقف. كان كلما فكرت في ذلك، كلما أخذت تخطر في ذهني، ولسبب ما، تلك الصورة اليومية الساحرة من حياتنا معا: مرأى أماندا، وهي خارجة من الحمام، لا يسترها شيء، سوى قطرات الماء البلورية وهي تنساب منها كما تنساب قطرة ندى على جسد زهرة بُعيد بوابة الشروق. لست واثقا من أن أماندا تستقر منذ فترة داخل وجودي كمبرر حياة. لكنَّ المؤكد أنه لم تعد بي رغبة أخرى في معايشة ذلك الحنين الذي ظلّ يجتاحني في القاهرة من آن لآن إلى وجود مَن ستفتح لي باب بيتي من الداخل. وذاك صوت الشاعر أمل دنقل:




    يتبع:
                  

العنوان الكاتب Date
حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس11-28-10, 04:31 PM
  Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس11-28-10, 04:55 PM
    Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات Abdalla Gaafar11-28-10, 06:59 PM
      Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس11-28-10, 08:48 PM
        Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس11-29-10, 04:21 AM
          Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس11-29-10, 09:22 AM
            Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس11-29-10, 09:39 AM
              Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس11-29-10, 09:56 AM
                Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس12-01-10, 00:04 AM
                  Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس12-01-10, 07:23 AM
                    Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس12-01-10, 11:17 PM
                      Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس12-02-10, 08:24 AM
                        Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات عبد الحميد البرنس12-02-10, 05:53 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de