|
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات (Re: عبد الحميد البرنس)
|
فجأة، سقط قلبي تحت أقدامي. ثمة شيء ثقيل يسحب روحي إلى أسفل. ثمة غلالة ملحية تعشي عينيَّ. لم أعد أسمعه. لم أعد أقوى حتى على الوقوف. وللحظة أظلم خلالها كل شيء من حولي، خيل إليَّ أن الحياة ليست سوى خيوط معلقة على ضحكة القدر الساخرة. وذلك ما حدث بالفعل.
بعد نحو شارعين، أوثلاثة، من تقاطع شارعي تورنتو وسيرجنت، توقف ياسر كوكو تماما عن الحديث. رأيته وهو يهرول بغتة نحو الجانب الآخر من الشارع. يكاد يقفز من فرحة بينما يُشرع ذراعيه نحو سمانتا رأسا. بدتْ هي في حضنه مرتبكة. وكنت أتابعهما من الجانب الآخر للشارع بكل ذلك العناء. كان صديقها الآسيوي بعينيه المبتسمتين يقف غير بعيد منهما. ولا يزال برغم دفء الجو متدثرا داخل بالطو الصوف الأسود الطويل. كما لو أن شعره المهمل أكثر ثقلا في ميزان الرهبة من سائر جسده الضامر النحيل. أخيرا، عاد ياسر يمشي إلى جواري. في عينيه فخر وتيه وإبتسامة لا نهائية ولسان حاله يقول بالنبرة القديمة الواثقة نفسها "انظر إلى أخيك، يا حامد، كيف يسحر النساء هنا، في كندا نفسها، أرأيتني، يا حامد"؟.
ثمة خوف، لا شيء آخر سوى الخوف، الخوف يملأ جوانح نفسي، يتدفق عبر مسامي رعشة فرعشة، ووخذ الأسئلة يثقب رأسي المثقلة في غير مكان. يا إلهي، "ما ألطفك"، قلت في نفسي.
هناك، عميقا، داخل تجويف صدري، لا يزال قلبي يواصل دقاته بعنفٍ وتسارع، بينما خيوط من العرق شرعت تنسكب تباعا من على جبيني، كما لو أنني أقف غير بعيد من فوَّهة بركان على وشك الانفجار في أية لحظة. بمشقة بالغة وصوت راعش، سألته أخيرا "ياسر، إنت شفت البت دي قبل كدا". قال بتلك الثقة الزائدة "كتير كتير، ها ها ها". قلت بيأس "عملت معاها شنو، يا ياسر"؟!.
قال "راجل ومرة في سرير واحد، يعملوا شنو"؟.
واصلت استجوابي له بصوت ميت هذه المرة:
"كم مرة ضاجعتها".
قال "ها ها ها، كتير، كتير كتير".
سألته متعلقا بخيط الأمل الأخير:
"كان عندك عازل طبي".
قال "دا بت نضيف، خلي عندك وجهة نظر، يا حامد"!.
واقتربنا كثيرا من جامعة وينبيك. بدا لي بورتيج بليس القريب في ثنايا تلك اللحظة الكابوسية القاتلة بعيدا ونائيا تماما. لم تعد قدماي تحملانني أكثر على المسير. حلقي جفَّ تماما. جلست على إحدى تلك الدرجات الحجرية المتعاقبة لبوابة الجامعة الخلفية مثل يتيم حار دليله. وضعت يديَّ على رأسي. وانفجرت في نوبة عالية من البكاء. كان صوته يتناهى إلى مسامعي من حين لآخر حائرا ملتاعا متسائلا في تعاطف وشفقة غامضين "حامد، يا زول، إنت كويس". كلما جاوبته في سري كلما زاد بكائي:
"هذه البنت مريضة بالإيدز، يا صديقي".
يتبع:
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 11-28-10, 04:31 PM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 11-28-10, 04:55 PM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | Abdalla Gaafar | 11-28-10, 06:59 PM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 11-28-10, 08:48 PM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 11-29-10, 04:21 AM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 11-29-10, 09:22 AM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 11-29-10, 09:39 AM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 11-29-10, 09:56 AM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 12-01-10, 00:04 AM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 12-01-10, 07:23 AM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 12-01-10, 11:17 PM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 12-02-10, 08:24 AM |
Re: حامد عثمان، الشهير بوليم، يقتله الظمأ بين ينابيع العابرات | عبد الحميد البرنس | 12-02-10, 05:53 PM |
|
|
|