|
Re: إلى الكاتب القاصّ المميز صلاح الزين (Re: عبد الحميد البرنس)
|
في اليوم الأول، أجلسني الدكتور ريسان الكوفي على مكتبي فيما يشبه الطقس الاحتفالي. حدد لي مهامي أثناء فترة الحصار على نظام صدام حسين بالبحث في مجمل تاريخ الحزب الشيوعي العراقي منذ بداياته وحتى مآله الذي بدا وقتها ماثلا مثل بيت آئل للسقوط في أية لحظة. آنذاك، والحق يقال، قررت بيني وبين نفسي أن أكون مخلِصا لريسان الكوفي في عملي. أنا سوداني لفظه وطن "يعشق القتلة" وهو كندي من أصول عراقية. فليكن إذن فيما أقوم به نفعا لصانع قرار يقبع وراء المحيط الأطلسي متأهبا في أية ثانية لسحق قوم إلى الشرق بيني وبينهم آلاف الأميال. لست أبالي طالما أن تلك الجنازة ليست في نهاية المطاف جنازتي "الشخصية". كان ريسان قد جاء إلى الجامعة الأمريكية أستاذا زائرا من احدى الجامعات المرموقة في غربي كندا. قال بينما يتفقد ملابسي الرثة إنه سيهبني منحة للدراسة في كندا. "ولو شئت أمريكا أولندن". قال "خذ هذا المبلغ لتعتني بهيئتك العامة أكثر". كدت أبكي. كان ذلك أمرا يقع خارج مستوى طموحاتي السابقة. المنفيون في القاهرة تجذبهم عادة أشياء صغيرة للفرح، مثل رائحة شواء تتسلل من مطعم في الجوار، ظهر ساق أنثى ترتفع عنه حافة الفستان قليلا بينما تهم بالركوب إلى متن عربة عامة، وهذا الرجل بدا لي منذ الوهلة الأولى كما لو أنه يضع في يدي مفاتيح الكون برمته. "لدي خطط عظيمة بشأنك، يا حامد". "أنت شاب ذكيّ". لاحقا، أدركت أن ريسان ظلّ يستخدم معي طوال الوقت سلاحا لنعومته لم يخطر من قبل على ذهني مطلقا: سيف الوعد القاطع.
يتبع:
|
|
|
|
|
|
|
|
|