|
Re: سايكلوجية الوحدة والانفصال في الشعر والغناء (Re: الطيب شيقوق)
|
توجهت هذه المرة للقاعة (102) ووجدت الاستاذ قد وزع الاوراق ولم يكن هناك بد من مشاركة أحد الجالسين في النظر لورقته علي الرغم من المضايقة المتوقعة .. الا أن الحاجة الماسة قد تبرر (العصر علي الناس .. أحيانا) .. هذه المرة سمعت الاستاذ يتحدث عن مأساة المت بشاعر قديم يدعي "المرقش الأكبر" .. فهمت مما تلي من قول أن ذلك الشاعر كان متحدا في الحب مع فاطمة بنت النعمان بن المنذر بيد أن أمرا ما قد حدث فقررت فاطمة ممارسة خيار الانفصال عن المرقش الأكبر . استهل الشاعر قصيدته قائلا:- ألا يا اسْلَمي لا صُرْمَ لي اليومَ فاطما * ولا أبداً ما دام وصلُك دائما... الصرم هو القطع أو ما يمكن أن نسميه بلغة اليوم "الانفصال"... قال الاستاذ: تلاحظون أن الشاعر يقول (لاصرم لي) ويقول (وصلك دائما) وهذا لا يبدو- من أول وهلة - متوافقا مع حقيقة ما حدث.. لآن الانفصال قد حدث فعلا بين المرقش وفاطمة.. فما تفسير هذا القول؟ ... كيف يصر المرقش ويؤكد عدم حدوث الانفصال مع أن الانفصال قد حدث فعلا؟؟ .... صمت الطلبة فواصل الاستاذ قائلا: إن الشاعر كان في حقيقة الامر في حالة مناجاة داخلية إذ كان يعبر عن آمال نفسه في عودة الوصل بفاطمة... ولكنه كان مصرا علي السعي اليها مهما كان الثمن ويتضح ذلك في رمزية البيت الآتي:- وإني وإنْ كلَّتْ قَلُوصي لراجمٌ * بها وبنفسي، يا فطيمَ، المراجما ...القلوص هي الناقة.. والشاعر يقول أنه سيرغم نفسه وناقته للسعي نحو فاطمة سعيا قويا مندفعا كسرعة ما يرجم به من الحجارة والمقذوفات.. تعبيرا عن إصراره وعزيمته لعودة الحال الي ما كان عليه.... ... قالوا أن الشاعر حزن حزنا عظيما وندم ندما شديدا حتي عض أصبعه فقطعه وأشار الي ذلك بقوله:- ألم ترَ أن المرء يجذم كفَّهُ * ويجشم من لوم الصديق المجاشما.. ولكن كل ذلك .. وحتي قطع الاصبع لم يشفع للمرقش عند فاطمة... إذ يبدو أنها (قنعت قنع الطريفي من جملو) ... مضي الاستاذ في التحليل النفسي وقال أن ندم الشاعر امتد لدرجة تعمده ايذاء نفسه وتعذيبها ورمز لذلك في أحد الابيات حينما ذكر أن قافلة الابل التي رحل عليها:- تحمَّلن من جَوِّ الوريعةِ بعدما * تعالى النهار واجْتَزَعْنَ الصرائما ... قال الاستاذ أن هذا البيت فيه مفارقة للواقع السائد في ذلك الوقت فالابل لاتسافر نهارا وانما تسافر ليلا.. فهذه القافلة كانت قافلة نفسية ولم تكن بأي حال قافلة إبل حقيقية.. فلآن الشاعر كان يعذب نفسه ندما أسقط العذاب علي الابل الرمزية في هذا البيت فعذبها بجعلها تسافر نهارا تحت لظي شمس الصحراء والتي هي رمز للظي نار الهجر وقطع الوصل. .. واصل الاستاذ تحليله الدقيق لبقية القصيدة فوضح أن القصيدة خالفت بعض الحقائق الجغرافية والعلمية حين وصفت رحلة ناقته وزعمت أن الناقة كانت تصعد المرتفعات مع أن الابل لاتستطيع صعود المرتفعات وأن الجغرافية تثبت أن ذلك الجزء من جزيرة العرب لم تكن به مرتفعات وأضاف أن أن صعود الابل فيه معاناة لها لأن جبلت علي السير في الصحاري المسطحة.. لذا فإن تصوير الشاعر للابل علي ذلك النحو فيه تعذيب أيضا للإبل الرمزية وذلك يرمزلرغبة الشاعر في تعذيب نفسه المبتلاة بالندم والهجر والفراق . .... مضي الوقت ولكنني لم أشعر بمضية لشدة التشويق والمنهج التحليلي الفريد الذي يميز تلك المدرسة الفريدة في التحليل بيد أنني كنت أتوق لمعرفة ما إذا كان من الممكن استنباط منهج لإصلاح ذات البين ولم الشمل من هذه الرحلة..فظللت أتابع وأستمع..الي أن قرأ الاستاذ الابيات الآتية:- أفاطمَ إنَّ الحبَّ يعفو عن القِلى * ويجشمُ ذا العرضِ الكريم المجاشما ألا يااسلمي بالكوكب الطَّلْق فاطِما * وإنْ لم يكنْ صرفُ النوى متلائما ألا يا اسلمي ثم اعلمي أنّ حاجتي * إليك فَرُدِّي من نوالكِ فاطما أفاطم لو انَّ النساء ببلدةٍ * وأنت بأخرى لا تَّبَعْتُك هائِما ... قد بلغ الشاعر مرحلة من الاحتراق النفسي لدرجة أن روحه قد تسامت (كما تتسامي الغازات لحظة تعرض المادة لدرجة الحرارة العالية) .... ثم توجهت النفس وهي في هذه الحالة الغازية الي المحبوبة الهاجرة "فاطمة"... فهاهو الشاعر قد نقي نفسه عن القلي والكراهية وتوجه نحو فاطمة بكل مالديه.. موحدا وتائبا وتاركا جميع نساء الدنيا من أجلها... فيما يشبه حالة الوجد الصوفي... ... ولكن كل ذلك لم ينه الازمة بين الشاعر ومحبوبته "فاطمة" .... ولكن المحاضرة أنتهت... فخرجت أبحث عن كيفية استنباط منهج لإصلاح ذات البين ولم الشمل بين االمرقش وفاطمة من ناحية وبينذي الاصبع العدواني وبني عمه من ناحية أخري... ... وبعد تأمل ظننت أن الحل في الابيات التي انتهي بها هذا الحديث وذلك بتوجه النفوس نحو المحبوب بكل ما لديها بقلوب خالية من القلي والكراهية واللوم ..الخ.... موحدين وتائبين ..وقاصدين الاجتماع بالمحبوب بصدق وتاركين جميع الخيارات الأخري من أجله... فيما يشبه حالة الصدق الصوفي التي بلغها المرقش الاكبر في هذه القصيد الميمية الرائعة... وهكذا ظننت أن في أمكاننا أن نغير واقع الانفصال ونحقق الوحدة بلا شك...
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
سايكلوجية الوحدة والانفصال في الشعر والغناء | Mohamed Seddique Mohamed | 10-15-10, 06:50 PM |
Re: سايكلوجية الوحدة والانفصال في الشعر والغناء | nazar hussien | 10-16-10, 07:33 AM |
Re: سايكلوجية الوحدة والانفصال في الشعر والغناء | الطيب شيقوق | 10-16-10, 10:01 AM |
Re: سايكلوجية الوحدة والانفصال في الشعر والغناء | Mohamed Seddique Mohamed | 10-16-10, 02:48 PM |
Re: سايكلوجية الوحدة والانفصال في الشعر والغناء | Mohamed Seddique Mohamed | 10-16-10, 02:34 PM |
Re: سايكلوجية الوحدة والانفصال في الشعر والغناء | الطيب شيقوق | 10-16-10, 04:03 PM |
Re: سايكلوجية الوحدة والانفصال في الشعر والغناء | Mohamed Seddique Mohamed | 10-16-10, 07:54 PM |
Re: سايكلوجية الوحدة والانفصال في الشعر والغناء | الطيب شيقوق | 10-17-10, 06:11 AM |
Re: سايكلوجية الوحدة والانفصال في الشعر والغناء | الطيب شيقوق | 10-17-10, 08:47 AM |
Re: سايكلوجية الوحدة والانفصال في الشعر والغناء | الطيب شيقوق | 10-17-10, 11:21 AM |
Re: سايكلوجية الوحدة والانفصال في الشعر والغناء | Yahia Abd El Kareem | 10-17-10, 12:17 PM |
Re: سايكلوجية الوحدة والانفصال في الشعر والغناء | الطيب شيقوق | 10-17-10, 01:23 PM |
Re: سايكلوجية الوحدة والانفصال في الشعر والغناء | Mohamed Seddique Mohamed | 10-18-10, 06:56 AM |
Re: سايكلوجية الوحدة والانفصال في الشعر والغناء | الطيب شيقوق | 10-18-10, 07:38 AM |
|
|
|