شهد العالم صباح اليوم انتهاء أكبر وأعقد عملية لانقاذ عمال المناجم فى سان خوسيه شمال تشيلي بنجاح ودون حدوث أى مفاجآت غير سارة .
بدأت القصة - كما يعلم الكثيرون - عندما كان 33 عاملاً من عمال المناجم فى تشيلى فى مهمة روتينية على عمق ما يقرب من 700 متر تحت الأرض فوقع حادث فى نفق المنجم فى الخامس من أغسطس الماضى فانسد على اثرها مخرج المنجم وفقدوا الاتصال بالعالم على مدى 17 يوماً فظن ذويهم انهم قد لقوا حتفهم قبل أن تحدث نقطة تحول هامة عندما تبين أنهم كلهم على قيد الحياة.
فشلت كثير من محاولات الانقاذ فى الوصول اليهم ولم تنقطع المحاولات على مدى أكثر من شهرين .. وبفضل جهود مختلفة ساهمت فى حشدها الحكومة التشيلية تمكن عمال الانقاذ من حفر بئر بعمق يفوق ال600 متر وصل الى عمق المنجم حيث يوجد العمال المحاصرين .
وبدأت عملية الانقاذ برفع كل العمال المحاصرين – واحداً تلو الآخر – عبر كبسولة تم تصميمها خصيصاً لهذه المهمة ، حتى تم رفع آخر عامل صباح اليوم بعد حوالى 24 ساعة من بداية العملية.
كل ما سبق ذكره هو خبر عادى يمكن قراءته فى أى موقع انترنت اخبارى أو جريدة او متابعته فى اجهزة الراديو والقنوات التلفزيونية.
ما يهمنا هنا العبر التى يمكن استخلاصها من هذه العملية .. حيث يمكننا استخلاص عشرات العبر الهامة ومنها على سبيل المثال:
رباطة جأش هؤلاء العمال وعدم القنوط واليأس التحلى بالصبر والأمل والتعلق بالحياة بقاء العمال متعاونين فيما بينهم وحصولهم على الدعم المعنوى من بعضهم البعض الايثار فى استهلاك الأكسجين والماء والغذاء داخل المنجم وأهم من كل ذلك: اهتمام الدولة وعلى أعلى مستوياتها بمحنة هؤلاء العمال عدم اعتبار العمال المحاصرين اموات حتى بعد انقضاء 17 يوماً دون أن يعرفوا عنهم شيئاً حشد الدولة كل امكانيتها فى سبيل اخراج هؤلاء العمال على قيد الحياة انتداب وزير للمتابعة اليومية لسير عمليات الانقاذ حضور الرئيس شخصياً لعمليات الانقاذ وبقائه فى مكان الانقاذ لأكثر من 24 ساعة. اهتمام المعارضة السياسية بالأمر وحضور زعيم المعارضة لعمليات الانقذ جنباً الى جنب مع الرئيس احتضان الرئيس لكل فرد منهم لحظة خروجه وتقديم الشكر له لصبره حضور الرئيس البوليفى من بلاده لمكان الانقاذ فى تشيلى ليشهد انقاذ العامل البوليفى الوحيد الموجود ضمن العمال التشيليين وأخذه معه الى بلاده بالطائرة التفاف كل الشعب والمنظمات المدنية مع أسر هؤلاء العمال واهتمام المنظمات الانسانية بهم وبظروفهم النفسية تشييد مستشفى خاص لاستقبال العمال حال خروجهم من المنجم بغرض تقييم حالتهم الصحية والنفسية يمكننى أيضاً أن اقول ان الحكومة التشيلية استفادت كثيراً من هذه العملية التى كلفت أكثر من 10 مليون دولار واكتسبت احترام العالم أجمع كما زادت شعبية الرئيس التشيلى سيباستيان بينيرا بشكل ملحوظ كما استفاد العالم الذى تابع الحدث بأن أرواح البشر لا تقدر بثمن وأن قيمة الانسان فى الدولة مقياس التطور والنجاح والنمو.
جدير بالذكر أن عملية الإنقاذ حظيت بتغطية إعلامية كبيرة حيث عمل نحو 1700 صحفي على نقل الوقائع لمختلف وسائل الإعلام التي بثت على المباشر أطوار عملية إخراج العمال المحاصرين
ان كنتم تحبون الجمال وتقدسون العواطف وتؤمنون بالانسان ... فأنتم من عشاقى
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة