|
Re: مساهمة الحزب الإشتراكي الديمقراطي الوحدوي في المؤتمر الشامل (Re: صديق عبد الجبار)
|
ثالثاً : الأزمة الإقتصادية وغلاء المعيشة: إن الوطن لم يعد مفهوماً رومانسياً أو عاطفياً خالي من من معاني الأخذ والعطاء ، خاصة بعد تسيد عصر العولمة وانتشار ظاهرة الهجرة واللجوء السياسي والتنافس على الحصول على الكارت الأمريكي الأخضر الذي يبشر شباب العالم الثالث بالحلم الأمريكي المثالي الذي يرونه في أفلام الفيديو والقنوات الفضائية ، فإن مفهوم الوطن صار مرتبطاً لدى الفرد بمدى ما يجده من رعاية إجتماعية وتحقيق لطموحاته وضمان لمستقبله، فكما هو معلوم فإن الوطن كدولة ؛ فإنه يتألف من ثلاثة أضلع هي الحكومة والأرض والمواطن، والمعادلة التي تربط هذه الأضلع الثلاثة ببعضها البعض هي معادلة الأخذ والعطاء ، فالأرض تعطي الخيرات والموارد الطبيعية وتأخذ الإهتمام والمحافظة على البيئة والإستثمار الأمثل ، أما المواطن الفرد فيعطي ولائه للوطن ويدفع ضرائبه وينخرط في مؤسساته العسكرية للدفاع عن حدوده وأمنه ، ويأخذ في المقابل الحفاظ على سلامته وأمنه والحرص على رعايته الإجتماعية و تأمين الحد الجيد من العيش الكريم والتمتع بضرورات الحياة والمحافظة على كرامته، أما الحكومة فتأخذ أصوات المواطنين وإخلاصهم وتأييدهم وفوق كل ذلك تأخذ الضرائب والرسوم المتعددة وفي المقابل يجب أن تعطي الأمن والأمان والعيش الكريم والكرامة المصانة لذلك المواطن. فإذا حاولنا إسقاط هذا المفهوم العادل للوطن والمواطنة فإننا نجد أن العلاقة في السودان بين الأضلع الثلاثة للوطن غير سوية على الإطلاق وأن المعادلة التبادلية منهارة تماماً ، فإن حكومة السودان الحالية تأخذ ولا تعطي ، إنها تأخذ جهد أبنائها الجسدي ثم تلهب ظهر هذا الجسد المنهك بشتى أنواع وأسماء الضرائب والجبايات والزكاة والأتاوات ، وفي المقابل لا تعطيه شيئ على الإطلاق ، لا علاج ولا تعليم ولا سكن ولا معيشة رضية من أكل وشرب ، وبالطبع ليس هنالك أمل في حق الترفيه والراحة ، أما البنى التحتية فحدث ولا حرج؛ مياه الشرب وبشهادة معمل "استاك" ملوثة وبها مواد مسرطنة ، الطاقة الكهربائية وقطوعاتها مازالت تراوح مكانها، الطرق وأنظمة الصرف الصحي حالها يغني عن سؤالها، مرتبات العاملين في الدولة وعلى قلتها وعدم تغطيتها لأبسط ضرورياتهم الحياتية فإنها تصرف بعد شق الأنفس وأحياناً لا تصرف للشهور ذوات العدد. كل ذلك يحدث ليس لأن السودان وطن فقير ، بالعكس فالسودان وطن غني بكل ما يمكن أن يجعل منه دولة محترمة وتحترم مواطنيها ، ولكن ذلك يحدث لتفشي الفساد وعدم المسئولية والفشل الأخلاقي الذريع من المنتسبين للحزب الحاكم الآن في السودان. إن الأزمة الإقتصادية في السودان هي نتاج طبيعي لفساد الحكم وهي عبارة عن حلقة واحدة من عدة حلاقات متداخلة تمثل في مجموعها أزمة السودان الشاملة، لذلك فالحديث عن الأزمة الإقتصادية وغلاء المعيشة بمعزل عن أزمة الوطن الكلية لهو ضرب من ضروب التسطيح والقراءة الخاطئة لحقائق الأشياء. يجب على جماهير الشعب السودانية وبقيادة منظمات المجتمع المدني الديمقراطي والقوى السياسة المعارضة أن تجبر النظام الحاكم على؛ إما تغيير وجهه القبيح وسياساته المدمرة أو الذهاب غير مأسوف عليه إلى مزبلة التاريخ كما سبقوه الذين كانوا من قبله. إننا في حشد الوحدوي نرجو أن يتبنى مؤتمر السودان الشامل لقضايا الوطن خارطة طريق واضحة لتفعيل كل أسلحة الإحتجاج المدنية التي ظلت في غمدها لفترة طويلة حتى قربت أن تصدأ ويلحق بها الموات، وإننا إذ نرجو ذلك علينا أن نبين بإختصار المسائل الأساسية التي يجب علينا أن نواجهها ونطالب بتنفيذها على وجه السرعة وتحت الضغط الجماهيري المتواصل حتى أن يتحقق النصر : 1- الإجتثاث الفوري للفساد والمفسدين من أجهزة الدولة ومحاسبتهم. 2- وقف بيع أراضي الوطن والتفريط في مؤسساته بواسطة الخصصة غير العلمية ومراجعة الصفقات المشبوهة السابقة وإلغاء عقودها. 3- تقليص جهاز الدولة الإتحادى والولائي السياسي وتقليص الصرف عليه للحد الأدنى. 4- وضع ميزانية الدولة على رأسها وتعديل الأسبقيات الخربة التي تنهجها الدولة حالياً ، فلا يمكن أن تصرف الدولة أكثر من 70% على المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية بينما تصرف أقل من 4% على الصحة والتعليم. 5- حل مشكلة المفصولين تعسفياً إما بإرجاع من هو قادر على العطاء إلى عمله وتعويضه عن ما سبق ، أو بالتعويض الكامل والمنصف للذين تخطوا السن القانونية للمعاش أو الذين لا يستطيعون العطاء بسبب أمراض ألمت بهم. 6- مراجعة الأجور دورياً ومقارنتها بالأسواق ورفع الحد الأدنى لها ، والتحكم في أسعار السلع الضرورية ودعمها بواسطة الدولة. 7- تنفيذ ما نص عليه الدستور من مجانية التعليم الأساسي والعناية العلاجية الأولية من إستقبال للطوارئ وتأمين الخدمات الإسعافية السريعة. 8- مراجعة السياسات الضرائبية التي أفقرت الناس وجعلت غالبية شعب السودان يتسولون لدى منتسبي حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وذلك بمراجعة سياسة الربط الضريبي مع مراجعة أداء ديواني الضرائب والزكاة وتنقيتهما من الفساد والمفسدين.
|
|
|
|
|
|
|
|
|