|
Re: مساهمة الحزب الإشتراكي الديمقراطي الوحدوي في المؤتمر الشامل (Re: صديق عبد الجبار)
|
أولاً : مسألة الإستفتاء وتقرير المصير إن الوحدة الوطنية السودانية هي حقيقة واقعية وحتمية تاريخية إعترتها بعضأ من مظاهر الهشاشة والتميع نتيجة لإخفاقات النخب الثقافية والقيادات السياسية والزعامات الإجتماعية ، وتقويم وتصحيح هذه الإخفاقات لا يكون بالمفارقة ولكن بالمقاربة الصحيحة، ولذلك فإننا حذرنا وما زلنا نحذر من الخطأ التاريخي الذي ارتكبته النخب في التفسير الخاطئ لمبدأ حق تقرير المصير ، وما العصاب والتوتر الإجتماعي والسياسي الذي يعتري مجتمعنا هذه الأيام بسبب إقتراب أهم وأخطر إستحقاقات تسوية نيفاشا الثنائية من إستفتاء على تقرير المصير في يناير القادم إلا دليلٌ صارخٌ على ما ذهبنا إليه. إننا لا ننكر حق الشعوب في تقرير مصيرها كأهم حق من حقوق الإنسان المعترف بها دولياً ، ولكننا نختلف مع الآخرين في تفسيرنا لهذا الحق ، فإننا نؤمن بأن حق تقرير المصير للشعوب الواقعة تحت الإستعمار يختلف إختلافاً جوهرياً مع حق تقرير المصير للشعوب التي عاشت عشرات السنين متحدة في ظل دولة واحدة. فالشعوب المستعمرة من حقها أن تقرر مصيرها إما بالإستمرار تحت حكم الدولة المستعمرة على أي أسس تختارها أو الإنعتاق من ذلك الحكم و نيل إستقلالها السياسي كاملاً. أما تقرير المصير للشعوب التي عاشت موحدة لعشرات السنين فهو يعني حريتها في إختيار كيف تحكم نفسها بنفسها في ظل الدولة المتحدة وما هي الأسس القانونية والإجتماعية والسياسية التي تحكم العلاقة بين الدولة والمجتمع والأفراد ، وهذا ما يشار إليه بالعقد الإجتماعي أو الدستور القومي، وتفعيل أساليب الإستفتاءات العامة لإجازة القوانين والتشريعات والقرارات القومية والوطنية المصيرية مهما كان نوعها. وبما أننا إلتزمنا على مضض بإتفاقية نيفاشا وبالدستور الإنتقالي الذي انبثق منها وهو الذي يحكمنا الآن ، فإننا ملتزمون بما سينتج عن الإستفتاء المزمع قيامه في التاسع من يناير 2011م ، ولكننا نطالب بأن يلتزم الجميع معنا من جانبهم بما نصت عليه الإتفاقية والدستور ، وأن يجري الإستفتاء في جو من الحرية والشفافية والنزاهة، وأن يكون في جو ديمقراطي معافى وأن يرفع شريكي الحكم أياديهما من عملية إدارته ، وأن تكون مفوضية الإستفتاء مستقلة تمامأً وأهل للثقة وتتحلى بالنزاهة والأمانة. ما زال أمامنا بعض الوقت لنجعل الوحدة الوطنية الطوعية لأبناء وبنات شعب الجنوب خياراً مقبولاً، بل خياراً أوحداً وعلى جميع القوى السياسية الديمقراطية والمخلصة أن تعمل ما في وسعها لكسب الثقة المفقودة وإزالة الحاجز النفسي بين الشمال والجنوب ومحاولة إعادة الحركة الشعبية لتحرير السودان إلى صفوف التيار الوطني الوحدوي، وأن تعض على وحدة شعوب وأراضي السودان بالنواجز وأن ترفض أي إستهانة أو تفريط فيها أو المساس بها تحت أي ذريعة كانت، فإن لأبناء الجنوب الحق في وطن المليون ميل مربع بنفس القدر الذي لأي شخص في الشمال حاكماً أو محكوماً ، بل أن شعب الجنوب عليه التمسك بوحدة هذا الوطن أكثر من غيره لأنه قدم التضحيات والشهداء لأكثر من نصف قرن في سبيل الحصول على حقوقه كاملة ً غير منقوصة، فلن تكون من الحكمة أن يلجأ من قدم كل تلك التضحيات للخيار السهل وتقرير الإنفصال من أجل حفنة مارقة لا تمثل بأي حال من الأحوال ضمير المخلصين لهذا الوطن. عليه فإننا نقول أن لإستدامة الوحدة الوطنية السودانية إستحقاقات يجب توفرها ونلخصها في الآتي: 1. الإعتراف بالمظالم التاريخية كحقائق ثابتة وإخلاص النية للمصالحة الوطنية من كل الأطراف. 2. الإعتراف بحق شعوب السودان المختلفة في تقرير مصيرها وذلك بإعطائها حقها في تقرير الكيفية التي تحكم بها والقوانين التي تضبط مجتمعاتها. 3. الإقتناع التام بأهمية عدم تسيس الدين والقبلية ونبذ العنصرية. 4. إحترام أسس الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان والعدالة الإجتماعية والمساواة. 5. الإعتراف الواعي بالتعددية الثقافية واللغوية والدينية والعرقية وتحريم وتجريم النزعات الإستعلائية والإقصائية ، والحرص على أن تكون إدارة الدولة السياسية محايدة تماماً تجاه كل المجموعات السكانية بالسودان والعمل على إثراء ودعم الإنسجام بين الثقافات المتعددة وحثها ودعمها على تطوير نفسها ذاتياً بحرية وديمقراطية تامة وبدون هيمنة أو قهر من إدارة الدولة السياسية. 6. العمل على تضمين كل المعاني التي أشير إليها أعلاه في مناهج التربية والتعليم والخطاب الجمعي للمجتمع السوداني والحرص على إبرازه من خلال أجهزة الإعلام المختلفة وجميع الوسائط الجماهيرية. 7. التواثق على عقد إجتماعي يكون بمثابة دستور دائم للبلاد قائم على أسس النظام الديمقراطي الفدرالي الذي يقنن مبادئ حكم القانون وفصل الدين عن السياسة، ومن ثم مدنية التشاريع التي ترسخ للتعايش السلمي والحرية والعدالة الإجتماعية والمساواة وحقوق الإنسان، وإجازته بواسطة إستفتاء قومي عام.
|
|
|
|
|
|
|
|
|