|
قصة السر بخيت وجون بيتر ، ممارسة تلقائية للوحدة الجاذبة !!!
|
جون بيتر و السر بخيت ، ممارسة تلقائية للوحدة الجاذبة ‼! كثيرا ما دارت هذه التجربة في خاطري ، قصة أو فلنقل قصتي مع جون بيتر والسر بخيت ، ولكن مهلا ، من حق القارئ أن يسأل : من هو السر بخيت ومن هو جون بيتر ؟ وما علاقتهما بالوحدة الجاذبة ؟ حسنا ، سأحكي القصة من أولها ، وبطريقة الحبوبات. في البداية أعلن وبكل وضوح أن جون بيتر والسر بخيت شخصيات حقيقية كانت لي معها تجربة عملية في سوق الله أكبر ، ورويدا رويدا تحولت هذه التجربة إلى معايشة إنسانية لتفاصيل علاقة فريدة جمعت بين اثنين من أفراد شعبنا الذين نطلق عليهم غرورا وتعاليا : أناس بسطاء ‼ أعاذني الله وإياكم من الغرور والتعالي. كان ذلك في نوفمبر من العام 2008م ، حين قررت أن ذلك الوقت الشتوي مناسب كي أقوم ببعض أعمال التحسينات بمنزلي في إحدى مناطق الإسكان الشعبي ، فكان أن توجهت إلى تلك المنطقة في زيارة استطلاعية للتعرف والبحث عن بعض عمال البناء المحليين الذين يمكنني الاتفاق معهم على إنجاز الأعمال المطلوبة. لم أكن أعرف أحدا في المنطقة ، وعليه فكرت أن أنسب مكان يمكنني الاستفسار فيه عن من يمكن أن يفيدني في العمل هو المكتب العقاري ، فكان أن توجهت إليه مستفسرا وطالبا منهم أن يقوموا بترشيح أحد عمال البناء المقيمين في المنطقة ، بشرط أن يكون صاحب خبرة ، وأمانة . وفورا جاءت إجابتهم ودون تردد : ( حا نوريك أحسن واحد في المنطقة دي ‼ ، زول خبرة و أمين جدا جدا ، ما بتلاعب ولا بتعبك ) ، ومن يعمل في البناء يدرك جيدا أهمية صفة الأمانة وعدم التلاعب ، وخطورة غيابها وما يمكن أن تسببه من استنزاف وصرف مفتوح. من ؟ ، قالوا : إسمه جون ، جون بيتر . تحرك معي أحدهم ، وبدأنا رحلة البحث عنه في بيوت المنطقة ، ولم تكن رحلة عشوائية ، فمرشدي كان على ما يبدو يعلم خارطة تحركات جون بيتر ، وما هي إلا دقائق معدودة حتى كنا في انتظار وصول جون بيتر الذي وصله خبر بحثنا عنه. وصل جون ، وكما توقعت من إسمه ، كان من جنوب السودان ، وحمدت الله في سري ، فقد رأيت رجلا في الخمسينات من عمره ، تبدو عليه سمات الهدوء والوقار ، ولاحقا سأعرف من خلال الأحاديث أنه قضى ربما معظم سنوات عمره في عطبرة قبل أن يأتي للعاصمة ، وعلمت منه أنه قد قام بالعمل في الكثير جدا من بيوت هذه المنطقة. كانت كل المواصفات والشروط التي أبحث عنها متوافرة في جون بيتر ، وجلسنا على الأرض النظيفة في الدار الخالية ، وتفاوضنا على الأسعار وكل التفاصيل ، وخلال عملية التفاوض أدركت شيئا فشيئا أنني لن أتعامل مع مجرد عامل بناء ، بل مع مستشار حقيقي يقدم النصيحة الصادقة حول ما يصلح وما لا يصلح ، وما يستحسن وما لا يستحسن من مواصفات وتكاليف وخلافه من تفاصيل وخيارات البناء التي تتعدد . في نهاية الجلسة تبادلنا أرقام الجوالات ، مع وعد بالاتصال خلال يومين للتجهيز لضربة البداية التي قررت أن أتفرغ لها تماما بإجازة لا تقل عن أسبوعين. ومع ضربة البداية ظهر في الصور السر بخيت ، فكيف كان ذلك ؟؟! هذا ما أعمل على ترتيب أفكاري وشحذ ذاكرتي لاسترجاعه وتوضيحه في سياق هذه التجربة الإنسانية ، وهي تجربة وإن كانت تبدو للكثيرين عادية جدا ، إلا أنها كانت بالنسبة لي ذات دلالات عميقة ، لهذا رسخت بالكثير من تفاصيلها في وجداني ، وأحببتها ، وأحببت استرجاعها بين الحين والآخر.
|
|
|
|
|
|