مدونة الشتاء : عشرة الراعي و حريم الزمن الجديد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-26-2024, 12:49 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الأول للعام 2007م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-22-2007, 08:23 PM

sudania2000

تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4044

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مدونة الشتاء : عشرة الراعي و حريم الزمن الجديد



    السلام عليكم

    الدكتورة المغربية فاطمة المرنيسي تقول في مقالها :

    دخلت ذات يوم إلى أحد محلات بيع الملابس في مدينة نيويورك لشراء بعض الأغراض، ففاجأتني البائعة بأن حجمي كبير جداً ولا تناسبني المقاسات المحددة للنساء الرشيقات التي تخصصوا في بيعها. هذه الحادثة آلمتني جداً وأوضحت لي بجلاء أن مفاهيم الجمال في الغرب يمكن أن تسبب ألماً رهيباً للمرأة.
    لم تتحرك البائعة من مكانها وكانت تنظر لي بسخرية واستهزاء، وأفادتني بأن مقاس «6» الذي يعتبر معياراً لتحديد رشاقة المرأة لا يمكنه أن يستوعب حجمي الكبير. ظننت في البداية أنها متعبة أو غير راغبة في مساعدتي. قلت لها بتعجب: «في كل هذا المحل الضخم لا يوجد شيء يناسبني؟ لا بد أنك تمزحين»، فردت عليَّ بحسم شديد وكأنها تصدر فتوى نهائية: «أنت ضخمة جداً»!!
    قلت لها: «ضخمة مقارنة بماذا؟ وعلى أي معيار؟»، شعرت في تلك اللحظة بوجود حاجز ثقافي هائل بيننا.
    ردت البائعة: مقارنة بمقاس«6».
    كانت تتعامل معي وكأن مقاس «6» من المعايير البديهية التي لا يجوز الجدال حولها. أكملت قائلة: «المقاسات التي تناسبك تُباع في محلات مخصصة».
    كانت تلك هي المرة الأولى التي يفاجئني فيها أحدهم بأن حجمي الكبير «نسبياً» يمكن أن يكون مبرراً لوصفي بالقبح.
    الناس في وطني الأصلي «المغرب» لا يأخذون الأمور بتلك الصورة. هذا رغماً عن أن بعض المفاهيم بدأت تتغير نتيجة للتمازج الثقافي الحاضر بين الشرق والغرب. يبدو أن سكان هذا الكوكب بدأوا يشتركون في بعض الأفكار. وصفني أحدهم ذات يوم بـ «الزرافة» نسبة لطول عنقي.
    كنت واثقة من نفسي طول عمري. رغم علمي بأنني لست جميلة، إلا أن ذلك لم يكن مصدر قلق بالنسبة لي. كنت مشغولة بما هو أهم. سخر أحد الزملاء ذات مرة من مظهري فقلت له: «كل ما أحتاج إليه لكي أبقى على وجه الأرض هو الخبز. إذا كان شكلي ليس جميلاً في نظرك فهذه مشكلتك أنت ولا دخل لي بها».
    كل ما صادفني في الماضي كان شيئاً عابراً وبسيطاً، فمفاهيم الجمال في وطني نسبية وكل شيء قابل للنقاش. لكن ما حدث لي في ذلك المتجر الأميركي كان مفاجئاً ومؤلماً. دخلت إلى ذلك المحل وأنا واثقة من نفسي. كنت أتعامل بإحساس المستهلك الذي يريد إنفاق نقوده. شعرت بأن كلمات تلك البائعة كانت هجوماً شديداً على شخصي.
    عانيت في طفولتي من سخرية المحيطين بي بسبب بدانتي. قالت لي أمي ذات يوم: «عليك أن تهتمي بتعليم نفسك. تعلمي أي شيء تستطيعين تعلمه، من الأدب وحتى التطريز، وذلك كي توسعي من فرصة حصولك على زوج في المستقبل».
    قلت لها: «إذا كنت قد خُلقت بهذه الصورة فهذا قدري». هذه الحجة التي كنت أرد بها على من يسخر مني، أعطتني قدراً كبيراً من الثقة بالنفس.
    تداعت عليَّ كل تلك الذكريات وأنا أقف في ذلك المحل. قلت أمازح البائعة: (من قال إن كل الناس ينبغي أن يكونوا ملائمين لمقاس «6»)؟
    قالت وهي تضغط على حروفها بأسنانها: «الكل يقول ذلك. في الصحف والتلفزيون وحتى في الشارع. صُنَّاع الموضة ومصممو الأزياء حددوا هذا المقاس. إذا كانت المحلات تعرض ملابساً بحجم مقاس «14» أو «16» وهو ما تحتاجينه، فمن المؤكد أنها سوف تفلس وتغلق أبوابها».
    أضافت وهي تحدق في وجهي بتمعن: «من أي مكان في العالم أتيت؟ آسفة فأنا لا أستطيع مساعدتك». قالت ذلك واتجهت نحو إحدى العميلات مرحبة بها. كانت العميلة الجديدة في مثل سني تقريباً، لكنها كانت رشيقة وجذابة الشكل وترتدي ملابس أنيقة أكسبتها مظهراً شبابياً.
    قلت لها: «أتيت من بلاد ليس فيها مقاس محدد لملابس النساء. كنت أشتري الأقمشة التي تروقني وأذهب بها لمن تخيطها لي بالشكل الذي يناسبني، وإن كانت لا تعرف مقاسي ما دمت أدفع ضرائبي في وقتها وأقوم بالتزاماتي بطريقة مرضية. أصدقك القول أنني مازلت لا أعلم مقاسي».
    ضحكت البائعة بشدة وقالت لي: «ما ذكرته يصلح لأن يكون مادة دعائية جيدة عن النساء العاملات في بلدك». ثم قالت لي مستفسرة: «هل تعنين أنك لم تقومي بوزن نفسك»؟ حملقت في وجهي ملياً وقالت بصوت خافت وكأنها تحدث نفسها: «كثير ممن يعملن في بعض الوظائف المرموقة التي تتطلب المظهر الحسن قد يفقدن وظائفهن إن لم يحافظن على رشاقتهن».
    قالت هذه الكلمات بعفوية، وكان الخوف الذي حملته هذه الجملة بين حروفها واضحاً. أحسست لوهلة أن مقاس «6» يمثِّل قيداً على المرأة الغربية أكثر مما يقال عن القيود التي توضع على النساء في الشرق.
    غادرت المحل على عجل، لأنني لم أكن راغبة في مزيدٍ من الحديث غير المجدي مع البائعة، كما أنني خشيت أن ينحرف كلامنا ونتطرق للتمييز الذي تعاني منه المرأة الغربية في الرواتب مقارنة بالرجل، لاسيما أن كاميرات المراقبة كانت منصوبة في المحل.
    أدركت عند ذلك أنني وجدت الإجابة على تساؤلاتي العديدة عن وضع الحريم، وما يُقال عن أن التقاليد في بعض المناطق تجعل من المكان عاملاً لفرض السيطرة والهيمنة وإبعاد المرأة عن الحياة العامة، يمكن أن يُقال مثله تماماً في الغرب، حيث يراهن الغربيون على عاملي السن والجمال. المجتمع الغربي يقرر أنه إذا كانت المرأة تريد أن تظل جميلة، فعليها أن تظهر كما لو كانت في الرابعة عشر من عمرها. أما إن بدت في سن الخمسين أو الستين، فهذا يعني ببساطة أنها خارج دائرة الضوء.
    بتركيز الاهتمام على عاملي السن والجمال، فإن الغرب ببساطة يطبِّق نظريات إيمانويل كانت في القرن التاسع عشر، بأن على المرأة التي تبحث عن الجمال أن تبقى طفولية وبلا عقل. إذا اهتمت المرأة بتثقيف نفسها وتعليمها فإنها تحكم على نفسها بالقبح. لذلك فإن جدران الحريم في أوروبا قسمت مجتمع النساء إلى جمال ساذج وقبح ناضج.
    وضع المرأة في الغرب - في نظري- مذرٍ أكثر من وضع نظيرتها في الشرق، ذلك أن السلاح المستخدم في تحجيمها وعزلها هو عامل الزمن، وهو سلاح غير مرئي، فهو أخطر من عامل المكان. الرجل الغربي يستخدم عنصر الجمال لكي تبقى المرأة حبيسة فترة المراهقة. لذلك تتصور المرأة أن تعاقب السنوات عليها يحط من مكانتها، فتظل في حالة لهاث دائم وراء الموضة ومساحيق التجميل.
    كذلك تكمن خطورة السلاح المستخدم في الغرب لتحجيم المرأة، في أن الهجوم لا يكون على سنها بصورة مباشرة، إنما يتركز على شكلها ومظهرها الخارجي. لم أشعر في ذلك المتجر الأميركي أنني قبيحة فحسب، بل شعرت بأنني عديمة الفائدة أيضاً. إذا كنت غير رشيقة فهذا يعني ببساطة أنك خارج الصورة.
    يكون الرجل الغربي بإصراره على سجن المرأة في مرحلة المراهقة قد حكم على الناضجات والمتعلمات بأنهن قبيحات. هذا التصور أرعبني وأصابني بالقشعريرة.
    تتفاوت معايير الجمال من بلد لآخر. في الصين مثلاً يقررون أن المرأة الجميلة هي من تكون قدماها صغيرتين! هم لا يجبرون المرأة على تصغير قدميها، ومع ذلك فإنهم يعطون أهمية كبيرة لصاحبة القدمين الصغيرتين. في الغرب يؤكدون أن المرأة الجميلة هي الرشيقة فقط. لذلك ينصب تركيز النساء في معظم بلاد العالم على كيفية جذب انتباه الرجال ونيل رضائهم.
    في العالم الإسلامي نصوم شهراً واحداً كل سنة وهو شهر رمضان. لكن المرأة الغربية المغلوبة على أمرها تجد نفسها مضطرة لأن تصوم العام كله، وذلك باتباع الحمية القاسية. لذلك فإن غالبية النساء ممن هن في مثل سني يظهرن كالمراهقات.
    تقول الكاتبة نعومي وولف إن أحجام النساء في العالم الغربي تناقصت بشكل كبير خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي، وتشير إلى أن وزن العارضة الرشيقة في الماضي كان في الغالب يقل عن وزن المرأة العادية بمقدار 8%. هذه النسبة زادت مؤخراً حتى وصلت إلى 23%. وتؤكد وولف أن اتباع نظام الحمية الصارم تسبب في كثير من الأمراض المنتشرة في أوساط النساء الغربيات حالياً.
    هنا تتضح فكرة «الحريم في الغرب». التأكيد على أن الجمال هو الشباب في المفهوم الغربي يقابله إقصاء المرأة عن كل جوانب الحياة العامة في المفهوم الشرقي. والنتيجة واحدة وهي إشعار المرأة بأنها ينبغي أن تعيش في الهامش وتنشغل بنفسها.
    تكمن قوة الرجل الغربي في قدرته على تحديد ما ينبغي على المرأة الغربية أن ترتديه من ملابس وما يبدو عليه شكلها الخارجي. الرجل يسيطر على كل صناعة الموضة في الغرب، من مساحيق الجمال وحتى الملابس والعطور. في رأيي يمكن أن يُعرَّف الغرب على أنه هو المكان الذي يسيطر فيه الرجل على كل شؤون المرأة.
    في المغرب - على سبيل المثال- تتحكم المرأة في شكل ملابسها وكيفية حياكتها، وتناقش في ذلك من يقومون بالحياكة. لذلك فالأزياء عندهم شأن شخصي. هذا الوضع لا ينطبق على الغرب.
    تقول نعومي وولف في كتابها «خرافة الجمال» إن الرجل الغربي يستأثر لنفسه بالأرباح الطائلة التي يجنيها من صناعة مستلزمات المرأة. صناعة الحمية في العالم تدر دخلاً يقارب 33 بليون دولار سنوياً، مستلزمات التجميل تدر 30 بليون دولار سنوياً، جراحات التجميل تحقق 300 بليون دولار سنوياً.
    أشعر بكثير من الاستغراب وأنا أتلقى هذه المعلومات. كيف ترضى المرأة الغربية لنفسها بهذا الوضع؟
    من بين كل المبررات التي استنتجتها أجد نفسي أقرب إلى الاقتناع بما ذكره عالم الاجتماع الفرنسي بيير بوردو في كتابه «الهيمنة الذكورية»، وذلك ما سماه بوردو بـ «العنف الرمزي» وهو نوع من الممارسات الذكورية التي توقع بالمرأة أذىً شديداً. أشار بوردو إلى أن الرجل يستعمل نوعاً من السيطرة تقبلها المرأة على نفسها وكأنها أمر عادي.
    بعد قراءة ما كتبه بوردو بالتفصيل، شعرت بأنني أقدر على تفهم نفسيات الرجل الغربي أكثر من أي وقتٍ مضى. تساءل بوردو عن الأسباب التي تدعو المرأة إلى استصغار نفسها واحتقارها إلى هذا الحد؟ لماذا تقبل أن يكون الرجل أكبر منها سناً وأكثر طولاً وأضخم حجماً؟ أشار مسح أجري في فرنسا إلى أن الفتيات يفضلن أن يفوقهن الرجل في كل شيء. ويؤكد بوردو أن المرأة رضيت أن تكون تابعاً للرجل بفعل هذه القوة الخفية.
    توصل كل من بوردو ونعومي إلى أن كل هذه الممارسات الذكورية أدت إلى إشغال المرأة بنفسها، ومن ثم أصبحت غير قادرة على منافسة الرجل في ميادين التعلم والثقافة والعمل العام. ذلك أن قواعد اللعبة تتغير باستمرار، والمرأة أصبحت تصرف قدراً كبيراً من مقدراتها في اللهث وراء تحسين شكلها الخارجي.
    في رحلة العودة من باريس إلى كازابلانكا، راجعت هذه الأفكار في رأسي، وحمدت الله على أننا أفضل حالاً في بلادنا من نظيرات لنا في الغرب، وإن كانت النساء هناك يدعين غير ذلك.

    (عدل بواسطة sudania2000 on 01-22-2007, 09:42 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
مدونة الشتاء : عشرة الراعي و حريم الزمن الجديد sudania200001-22-07, 08:23 PM
  Re: مدونة الشتاء : عشرة الراعي و حريم الزمن الجديد رأفت ميلاد 01-23-07, 07:27 AM
    Re: مدونة الشتاء : عشرة الراعي و حريم الزمن الجديد wadalzain01-23-07, 08:20 AM
      Re: مدونة الشتاء : عشرة الراعي و حريم الزمن الجديد sudania200001-23-07, 09:50 AM
    Re: مدونة الشتاء : عشرة الراعي و حريم الزمن الجديد نجوان01-23-07, 08:43 AM
      Re: مدونة الشتاء : عشرة الراعي و حريم الزمن الجديد sudania200001-23-07, 09:21 AM
        Re: مدونة الشتاء : عشرة الراعي و حريم الزمن الجديد نجوان01-23-07, 08:49 PM
      Re: مدونة الشتاء : عشرة الراعي و حريم الزمن الجديد عبده عبدا لحميد جاد الله01-23-07, 09:30 AM
    Re: مدونة الشتاء : عشرة الراعي و حريم الزمن الجديد sudania200001-23-07, 09:53 AM
      Re: مدونة الشتاء : عشرة الراعي و حريم الزمن الجديد sudania200001-23-07, 09:59 AM
        Re: مدونة الشتاء : عشرة الراعي و حريم الزمن الجديد sudania200001-23-07, 10:08 AM
          Re: مدونة الشتاء : عشرة الراعي و حريم الزمن الجديد sudania200001-23-07, 07:36 PM
            Re: مدونة الشتاء : عشرة الراعي و حريم الزمن الجديد khaleel01-23-07, 08:22 PM
  Re: مدونة الشتاء : عشرة الراعي و حريم الزمن الجديد mamkouna01-23-07, 09:42 PM
  Re: مدونة الشتاء : عشرة الراعي و حريم الزمن الجديد mamkouna01-26-07, 02:22 AM
    Re: مدونة الشتاء : عشرة الراعي و حريم الزمن الجديد sudania200004-03-07, 07:27 PM
      Re: مدونة الشتاء : عشرة الراعي و حريم الزمن الجديد هشام آدم04-03-07, 07:39 PM
        Re: مدونة الشتاء : عشرة الراعي و حريم الزمن الجديد sudania200004-03-07, 09:34 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de