|
الاستاذ الصادق الرزيقي يكتب: إقالة أو إستقالة عرمان..!!
|
لا تبدو الحركة الشعبية كالسفينة الغارقة، يقفز ركابها الواحد تلو الآخر، لكنها إلى حد بعيد تكاد تصل إلى هذه النهايات المريعة، ليس بسبب الأخطاء والكبائر التي ترتكبها كل يوم في حق نفسها والجنوب والوطن، ولكن لسبب بسيط للغاية وهو أنها صورة لمخلوق صغير ضخمته الدعاية السياسية والنظارات المكبرة التي يرتديها مرتادو الحياة السياسية السودانية، وهذه أزمة عميقة وضاربة في الحياة العامة وتطوراتها المتلاحقة. في هذا السياق فإن ياسر عرمان الذي ظل منذ وقت طويل، يسرب للناس خبر نيته في الإعتزال والسفر للخارج لمواصلة تعليمه والنأي بنفسه عن ما يجري في البلاد، لا يمكن تفسير ما جرى له من إقالة أو استقالة من الكتلة البرلمانية للحركة الشعبية، وقطاع الشمال الذي كان على رأسه، إلا في إطار أن هناك من خرق سفينة الحركة الشعبية ويدفع بها نحو الغرق، ففر من استطاع وبقي من بقي في إنتظار المحتوم!! ظل السيد ياسر طوال فترة الشراكة القائمة بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني، الأكثر ضجيجاً وجلبة بين كوادر الحركة الشعبية، وانغمس بلا وعي خاصة بعد وفاة د. جون قرنق الذي يعد عرابه الفكري والسياسي، إنغمس في الفجوات المظلمة داخل أنسجة الحركة الشعبية بقيادتها الجديدة التي نهضت بعد رحيل قرنق، ولم يفهم معادلات البقاء والرحيل التي كشطت عن طريق الحركة نيال دينق نيال أو عبد العزيز الحلو، أو تلفون كوكو أو حتى وليد حامد. ففي خبايا الحركة وجيوبها السرية شفرات لم تفك لدى بعض الشماليين فى الحركة، فمثلاً عندما تحدث عرمان ذات مرة في ندوة عامة حديثاً فيه تفهم ومزاج أقرب لمكوناته الثقافية، قاطعته جنوبية من كوادر الحركة: (انت جلابي مدسوس في الحركة. ولم يفهم وقتها لزوجة القطيعة النفسية والثقافية والإجتماعية التى ساهمت بقدر كبير فى تشكيل العقل الجمعي للحركة كتنظيم جنوبي ويحاول ارتداء ثوب القومية التنكري، ففي خضم تعقيدات الحركة وخلافاتها الداخلية وانكشاف هشاشة بنيتها التنظيمية والصدمة العنيفة التي رجتها رجاً، وتجربة الحكم والسلطة وانقشاع ضباب الطريق الطويل، تعرّت المواقف والمسالك.. وبان للناس خطل الاعتقاد السابق في الحركة التي حسبوها صورة مقربة لأطواق النجاة. ففى هذا الخضم المتلاطم، حاول عرمان الذي تعمل ماكينته بوقود الحزب الشيوعي، الدفع بأفكار أخرى لتمهيد الطريق الآخر لطموحات سياسي مؤدلج يريد الطفو فوق زيت السياسة والأحلام التي تتقافذ كالسناجب في خيال جامح وكان قطاع الشمال مدخلاً له، ليحلق على طريقة عباس بن فرناس فوق القباب والوهاد التى تتشكل منها تضاريس الحياة السياسية، وبنى الرجل آماله العراض ومشروعه الخاص على نجاعة الفكرة ونجاح تجربتها كرافد من روافد الحركة يمكن أن يتحول لزورق شراعي يحمله إلى ضفاف بعيدة شمالاً فى حال انفصال الجنوب وكان ياسر طوال فترة وجوده في الحركة يراهن الرهان المضمون، فقد كان مقرباً من قرنق وقريباً من دائرته الخاصة، فلم يحسب حساباً للأقدار ليس لأنه رجل لا يؤمن بالقدرية، ولكن لأن الأفق السياسي لديه ربط الحاضر والمستقبل بذلك الخيط غير المرئي من الإعجاب والتوافق الذي ربطه بجون قرنق، فعندما رحل هذا الأخير وانهار المعبد، شاقته التفاصيل الدقيقة الجديدة وعسُر عليه أن لا يتواءم مع واقع لا تنفع معه وخزات العوسج الحادة التي حاول هو وبعض مرتادي محراب قرنق إعمالها في جسد الحركة التي لم تختبر نفسها، فكان من الضرورى ان يجد نفسه محاصراً وجسماً ملفوظاً، وهذا هو نتاج صراعات الحركة الشعبية وخلافاتها، وخروجه عن رئاسة الكتلة البرلمانية او قطاع الشمال هو أمر طبيعي للغاية وفقاً لما عليه الحركة.. وعلى نفسها جنت براقش..!!
نقلا عن صحيفة الانتباهة http://alintibaha.sd
|
|
|
|
|
|
|
|
|