دور القذافي في اشعال نار دارفور

Quote: دلو القذافي الرئيس الليبي معمر القذافي، يأبى ألا أن يدلي بدلوه في مسألة حساسة مثارة دولياً، هذه المرة لم يقترب من المناطق الساخنة في الشرق الأوسط، ولا يسعى أصلاً بعبقريته السياسية إثارة حفيظة الغرب... هو ببساطة بات يتحرك ضمن الخطوط المرسومة له أو التي رسمها لنفسه (لا فرق) طالما أنها تبقي على عرشه باعتباره" الفاتح" وملك ملوك أفريقيا و ...الخ. نعم القذافي قال قوله في مسألة جنوب السودان، ونقل أنه كان يدعم حركة تحرير السودان الانفصالية منذ عهد جعفر النميري (نكاية به) في وقت كان عروبياً وحدوياً وثورياً!. وقد أفصح مؤخراً عن تأييده لحركة الانفصال الجنوبية، بل واستعداده للدعم والمساندة لقيام دولة خاصة بأهل الجنوب السوداني مستقلة عن الحكومة المركزية العربية المسلمة!. وقد ساق القذافي لرأيه هذا مبررات مثل أن أهل الجنوب ليسوا عرباً وليسوا مسلمين، وأن ليس ثمة ما يجمعهم بأهل الشمال لا اللغة ولا العرق ولا الدين، فعلى قاعدة الاختلاف اللغوي والعرقي والديني يبرر القذافي الانفصال، فهل تتحمل الدول العربية نتائج مثل هذا المنطق على إثنياتها المختلفة والمتنوعة؟ هل هي مقدمة تفتيت يشجع عليها القذافي.. ومَنْ وراءَهُ؟!. ثمة من يتساءل ما الذي نقل القذافي من موقع وضع نفسه فيه مع "الثوار" و"الوحدة" وقضايا الأمة والنضال... وما إلى ذلك، إلى موقع ما عاد يُسمع فيه صوتاً للقذافي في الثورية والتحرير والوحدة والنضال... بل لعله بات يتكلم ويده على رأسه ولسان حاله يقول: يا رب السلامة! ما يدفع إلى مثل هذه الصورة "التكويعة" الكاملة التي أجراها القذافي إثر سقوط صديقه صدام حسين... ذاك السقوط المريع الذي جف إثره حلق القذافي وطار لبه فما عاد يدري ما العمل!. القذافي الذي اعتبره قادة دول العالم "الكائن الزئبقي"، وسماه رونالد ريغان "ال###### المسعور" بات هادئاً وديعاً، مستقراً، على حال واحدة ابتكرها بحكم خبرته الطويلة في الحكم، فكان قراره: تسوية الأمور مع الغرب!.. فبدأ بفتح ملفاته النووية كاملة أمام الغرب بلا ولا سرّ!؟.. كل شيء بات أمام الغرب متاحاً للمعرفة من أسرار القذافي!.. ودفع تعويضات ضحايا طائرة لوكربي بكرم حاتمي، وأطلق الممرضات البلغاريات على الرغم من الأحكام القضائية بحقهن. وتم استقباله في مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل واستقبل في بلاده زعماء غربيين مثل بلير وشيراك وشرودر. أكثر من ذلك أمتنع عن الخوض في قضايا الشرق الأوسط الشائكة. وراح نحو أفريقيا يتناغم مع اللحن الغربي فيها بلا نشاز! وامتنع بأمانة عن دعم حركات الإرهاب والتمرد التي تسيء إلى الغرب وأطماعه. لقد استفاد القذافي مما آل إليه صدام حسين، ويرى بعض المراقبين أنه لو تحقق للسياسة الأمريكية أهدافها في العراق لآل مصير القذافي مآل صدام. لكن يبدو والحق يقال أن الرجل محظوظ!!. وعلى الرغم من النظرة الغربية إلى نظام القذافي بأنه لا يزال شمولياً وفاشياً وشخصياً، ألا أنه ابتعد عن الإرهاب، وتخلى عن تكتيكاته القديمة، وقد بات ذلك حقيقة واقعة وراسخة يدركها الغرب، بل إن القذافي بات حليفاً لأمريكا في مواجهة الإرهاب... وهكذا نجد في موقف القذافي من دعم انفصال الجنوب السوداني، اندراجاً في السياق العادي " لتكويعة" الرجل، واندماجاً في طور "التدجين القسري" الذي مارسه الغرب بحقه، لمجرد أنه تعلم الدرس القاسي من صدام حسين فبات الرجل لا ينطق للغرب إلا سلاماً ولا يدفع قدمه على أرض السياسة الإقليمية والدولية إلا هوناً!.. ولا يرتجي من سوط السياسة الغربية والأمريكية إلا... خلاصاً!!.