تدافع منقطع النظير في احتفالات المؤتمر الوطني بمنطقة الرياض الكبرى بمناسبة فوز البشير ( صور )

Quote: الإنتهازية و الإنتهازيون بقلم/نجم مطر 22 مايو 2007 تشتق كلمة "انتهازية" في معناها اللغوي من مادة (نهز) التي تعني اغتنم، والانتهاز هو المبادرة، ويقال انتهز الفرصة أي اغتنمها وبادر إليها، وهي في معناها الاصطلاحي أو السياسي لا تختلف كثيراً عن المعنى اللغوي المشار إليه فالإنسان العاقل هو الذي يغتنم الفرص ويستثمرها من أجل أهداف معينة تختلف باختلاف منطلقاتها. فقد تكون محدودة ضيقة الأفق لا تخرج عن إطار المنفعة الذاتية القصيرة الأمد أو أهدافا سامية ومثلاً عليا يكافح الإنسان في سبيل تحقيقها ويضحي بالغالي والنفيس على مذبحها وعند ذلك يصبح استغلال مثل هذه الفرص المتاحة عملاً مشروعاً بل واجبا قوميا . انتهاز الفرص ليس اذا مذموماً بمجموعه أي جملة وتفصيلاً والذي يهمنا في هذا المقال هو الانتهازية بمفهومها السلبي في الظاهر والمضمون والذي أصبح داءً عضالاً تعاني منه الأمم والحضارات وأدى إلى انهيارها في الماضي ولا زالت تقاسي الحضارات والمجتمعات من هذا المرض الاجتماعي الذي يسري بين جميع شرائح المجتمع سريان النار في الهشيم ويتحول المجتمع تحت تأثيره إلى مجاميع من الانتهازيين النفعيين الذين يفرطون بكل شيء من أجل تحقيق مآربهم الخاصة ومنافعهم التافهة ويعطونها الأولوية على كل ما يمس القيم والمبادئ،ونتيجة لذلك تتغير مفاهيمها ومدلولاتها بنقائضها كإفراز طبيعي لممارسات هؤلاء فيصبح الحق باطلاً والشرف وضاعة.. وهلم جرا. عندما يدرك هذا الفرد بأن لا وجود له بلا جماعة وبلا مجتمع متماسك يحميه ويحفظ له تطلعاته وعلى يديه تتحقق أمانيه في الحياة الكريمة السعيدة تزداد حماسته ويتنازل طوعا عن المصلحة الشخصية و يمارس نكران الذات تماشياً مع مصلحة المجتمع. بشّرت العقيدة القومية الاجتماعية بالمبادئ والقيم الإنسانية القومية-الاجتماعية، و كشفت عن حقيقة الوجود الإنساني و كون الإنسان في وجوده الكامل هو المجتمع و من ثم أوجدت علاقة من نوع آخر بين الفرد و المجتمع على ضوء الفهم الجديد للواقع الإنساني ، وأرست قواعدها الأخلاقية في ضميره ووجدانه، فوجد فيها ما يشبع طموحاته في الحياة وما يهذب نفسه من نزعات المصالح الذاتية وتحييدها ليصب في مصلحة المجتمع مع عدم إغفال الجانب الشخصي فيها… فأصبحت تلك التعاليم القومية الاجتماعية قاعدة لتحقيق المثل العليا والأهداف السامية التي يصبو إلى تحقيقها جميع أفراد المجتمع . وقد عانت في هذا المجال الكثير من المصاعب والمشاكل والعقبات من عدة جهات وجبهات، فكان عليها أن تحارب أعداء القيم والمثل ومن لف لفهم من الذين لا يرون فيها إلا تحطيماً لزعاماتهم وأهوائهم ، ومن فئات المجتمع التي لمّا يدخل الإيمان بالمبادئ و التعاليم إلى قلوبهم وإنما كان انتماؤهم للمبدأ والعقيدة ضعيفاً واهناً يتزعزع عند أول امتحان ويتلاشى عند الصعوبات و المحن. هذه الفئات التي ترجّح مصالحها الشخصية على المبادئ وجميع استحقاقاتها من الالتزام والتضحية والصبر على التضحية… تلك المصالح الشخصية التي كانت ستتحقق فيما لو لم يستعجل أصحابها و يسعوا لنيلها في الالتفاف على كل القيم والمثل وسحقها تحت الأقدام والقفز عليها أو التلاعب بمفاهيمها مما يسبب تشويهاً لها. فأصبحت هذه الفئات ولا زالت تشكل عقبة كأداء أمام مسيرة الأمة في طريق رقيها وتعاليها. فكان لابد من نظرة متعمقة لهذه الفئة التي تلاعبت بمقدرات الأمة وزرعت ثقافة تبريرية لممارساتها النفعية في أوساط المجتمع حتى صارت الوصولية والانتهازية من الآفات التي تنخر في أوصال المجتمع وأسسه ومعولاً هداماً سينقض على ما تبقى من القيم والمبادئ. مارس الانتهازيون ادواراً خطيرة على طول التاريخ البشري وكانت لهم سلوكيات أقل ما يقال عنها أنها تثير الاشمئزاز فلم يكن لهم لون واحد ولا استمروا على وتيرة واحدة وهذا هو دينهم دائماً .إن السلوك المنحرف يشذ عن السلوك القويم . أن عدم إشباع حاجات الفرد الناتجة عن عقد نفسية خاصة ، يؤدي إلى تعطيل عناصر التفكير السليم بشكل أو بآخر. و تبعث على هذا النوع من السلوك الغريب من نوعه عند الشخص الضعيف الارادة . سلوك الانتهازي إنما هو انعكاس طبيعي لما يختلج في نفسه من حب الذات والمصالح الشخصية ولكنها لا تشكل العامل الوحيد الذي تنشأ منه كل تلك الانحرافات وقد ترجع في بعضها إلى عدم تأصل المبادئ في عقيدته ذلك لأن العقائد فيما لو تأصلت في ضمير الفرد فإنها تستطيع أن تهذب الكثير من سلوكياته وترسم له طريقة تعامله مع كل ما يجري حوله وسيقيم وفقاً لمعطياتها علاقته مع المجتمع والأسرة والافراد. أن الفرد بطموحه يكون عادة تواق إلى ترقي المناصب والصعود ولكن عندما يصطدم هذا الطموح مع العقيدة يتنازل الفرد عنهلصالح عقيدته . فالانتهازية رأي لا أصالة له ولا يرتكز على ارض صلبة وإنما يتحول ويتبدل ويدور مع الريح أينما دارت ولا يقر له قرار. انه رأي الذي لا جذور له ولا أصالة… يبحث عن ذاته فلا يجدها فيتعلق باذيال الآخرين ويحاول أن يتلبس باصالة فلا يجد نفسه إلا وهو عاري الجسد حافي القدمين. يلجأالانتهازيون إلى خلق ثقافة تبريرية في اوساط المجتمع ويروجون لها ليتسنى لهم تبرير سلوكياتهم في الانتهازية والوصولية. ثقافة "الواقعية او التمشي مع العولمة" مثلا . فالانتهازيون في النهاية يتحولون إلى افراد عقولهم معطلة والسنتهم تنعق مع كل ناعق لا يختلفون عن الدواب التي همها علفها واشباع غرائزها الآنية بلا رأي ولا فكر ولا سلوك قويم و يدورون دائماً حول مصالحهم لا يرون عنها بديلا. هذا النوع من الناس موجودون في كل زمان ومكان لأن المساوىء تطرأ على الافراد.. فهم لا يستقيموا وإنما يظهرون غير ما في قلوبهم المريضة وليس فيها إلا الغدر والخداع والمصلحة الرخيصة فهم إنما يؤخرون المواجهة مع التيار الجديد لظروف خاصة تتعلق بالخوف من التفاف العقائديين حول القيادة واستعدادهم للتضحية والفداء. فهم مجبورون على مسايرة الوضع القائم مع ما تحتويه قلوبهم من الحقد والضغينة أحيانا والمنافع الخاصة دائماً. يتحينون الفرص للحصول على الامتيازات بأسهل الطرق لانهم ليس لديهم أي استعداد للتضحية ولذلك نجد أن للانتهازية انعكاسات خطيرة على المجتمع في الظروف الحرجة التي يمر بها . كسبهم هو هاجسهم وعلى ضوئه كانوا يتحركون أو ينظّمون إلى هذه الفئة أو تلك، لذلك كانت الانتهازية ظاهرة إنسانية خطيرة تطفح بشكل عنيف في النفوس الشريرة وتظهر على السطح في الظروف العصيبة ولها عواقبها وانعكاساتها السيئة على المجتمع كسائر الظواهر السلبية والآفات الاجتماعية الأخرى لأن الانتهازي يحطم صمودالجماعة ويجعلها في بلبلة شديدة ويفقدها قدرة التمييز بين الحقيقة والزيف بحيث تضيع عليها المقاييس والمعايير فتتمزق من الداخل وتصبح كالاشلاء تنهشها الغربان. ولما كان الحزب هو مجموعة من الرفقاء يشتركون في العقيدة والمبادئ ولهم أهداف واحدة في الحياة فلا مكان للنفعيين والانتهازيين في هذا التعريف وعليه سيكونون دائماً يشكلون طابوراً خامساً في داخل الحزب و المجتمع يتلبسون بلباس الحزب ويظهرون بمظهره من الخارج فقط وقلوبهم خواء. ومن ثقافة الانتهازيين والوصوليين كيل الاتهامات جزافاً وتشويه سمعة المخلصين من أصحاب المبادئ من اجل خلق أجواء معتمة وغائمة وتعكيرالمياه ليتسنى لهم التصيد فيها بسهولة ودون أن تنكشف نواياهم الشريرة . مما تقدم تبين لنا أن اهم صفة يفتقر إليها الانتهازيون هو الصدق بمفهومه الأعم الذي يشمل الصدق مع النفس ومع الغير. وتجد الكذب قد استشرى في وجود الانتهازي فاحاطه وتغلغل في كل خلاياه لا يجد منه مهرباً فاصبح جزءاً من ذاته لا تعرفه بغيره. فالصدق قيمة أخلاقية عليا تبني عليها الحضارات بنيانها والمجتمعات أسسها وبغيره سيصبح البناء بلا قواعد ينهار عند أول هزة وأضعف ريح تعصف به. والوفاء بالعهد لون من الصدق بل توأم له لا يتوفر عند الانتهازيين في زمان قد اتخذ أكثر أهله الغدر سلوكاً مغلفاً بمظاهر الاتزان والذكاء والشطارة يزيفون الحقائق فينسبهم أهل الجهل إلى حسن الحيلة ويعنون بذلك التدبير الجيد لكن الانتهازي ينتهز فرصتها ويغتنمها للوصول إلى غاياته الدنيئة. أما لماذا تتحول المفاهيم في المجتمع الفاسد بهذه الطريقة رأساً على عقب؟! فلها أسباب كثيرة يأتي في صدارتها ضعف الإيمان وتزلزل العقيدة في النفوس وتفشي الثقافة المتخلفة السلبية التي تنسجم مع ميول الفرد الاناني وخلوده للراحة وانشداده للمصلحة الذاتية. ولأن العديد من أبناء امتنا المعاصرة قد انحدرت من اجيال التخلف والانحطاط، ولم تحظ بتربية قومية-اجتماعية رصينة لذلك فإن الغالب في نفسيتهم الآن تتوالد فيها العقد، وتتفشى فيها السلبيات فالانانية والروح المصلحية هي السمة البارزة لنفوس أكثرية أبناء الامة، لا تهمهم المصلحة العامة، ولا يدافعون عن حريتهم، ولا يتمسكون بكرامتهم.. بل يحرص كل فرد على توفير الراحة والمتعة واللذة لذاته غير عابئ بواقع امته واوضاع مجتمعه .. ومهما تكن الأسباب والتي قد ذكر أكثرها إلا أن النتيجة واحدة وهي انقلاب المفاهيم والقيم وقراءتها بصورة مقلوبة. وهذا هو مركز الخطر الجدي الذي تزرعه الروح الانتهازية في المجتمع ومنها تنشأ جميع السلبيات والثقافات المشوهة والانتهازية في مواجهة الأحداث حينما يصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً، وتفقد الأمة قدرتها على الإبداع واثراء العالم بنتاجها الفكري والعلمي ويصبح التخلف هو الميزة الوحيدة التي تميزنا بعد أن تضرب بأطنابها في جميع مفاصل الحياة كانعكاس منطقي لزمان اتخذ أكثر أهله الغدر صفة ملازمة لسلوكهم.