تحية طيبة و شكرا للمشاركة هنا. أثرت نقطة هامة تتعلق بضبط و تعريف المصطلحات قبل بدء النقاش. فموضوع البوست يتعلق بتوقعات مجتمعاتنا من النساء و الرجال و دورهم/ن فى تكوين أسر
مصطلح الجندر أثار لغطا واسعا هنا فى المنبر كما ذكرت، و كتبت اخواتنا (مثل الجندريةـ و ندى أمين و غيرهن) هنا حوله بتوسع أيضا، بما فى ذلك ما كتبته الجندريات فى الرد على مقال د. نزار محمد عثمان. أما مصطلح "النسوية" أو الفيمنزم لا أعتقد أنه وجد النقاش الكافى هنا، و اتمنى أن تتاح الفرصة لذلك فى المستقبل.
مفردة "جندرية" و "جندريات" قرأتها فقط فى هذا المنبر، و لعل من أتت بها هى الأخت أمانى عبد الجليل، و اعتقد انه تخريج طريف لمصطلح الجندر -- للاشارة للمهتمات أو المتخصصات فى دراسات أو قضايا النوع أو الجندر -- و أتمنى أن تشرفنا الأخت الجندرية فى هذا البوست.
بالنسبة لرأيى حول تعريف الجندر، ابدأ بأن أقول أنه من الصعب مقاربة مفاهيم و مفردات تم صكها بلغات أخرى. و لهذا حتى الان لا توجد ترجمة متفق عليها فى اللغة العربية (و فى لغات أخرى) لمفردة "جندر". و قد شاركت فى منتصف التسعينيات و قبلها بقليل، فى لقاءات شاركت فيها ناشطات و باحثات فى قضايا النوع من مختلف البلدان التى تتحدث العربيه، حول قضايا و دراسات المرأة فى الشرق الأوسط و شمال أفريقيا، كانت دائما تبدأ بمحاولة ايجاد مرادفات فى اللغة العربية لمفردتى جندر و فيمنزم. و فيما يتعلق بمفردة الجندر، فقد فضّلت بعضنا استخدام مفردة "النوع"، و فضلت أخريات استخدام مفردة "الجندر."
بالنسبة لتعريف "الجندر"، فهو مصطلح، يختلف عن مفردة "الجنس" التى تشير للاختلافات البيولوجية بين الذكور و الاناث، و هو يعنى التشكيل الثقافى و الاجتماعى للاختلافات بين الجنسين، و الادوار و المهام المنوط للرجال و النساء القيام بها فى المجتمعات المختلفة -- أى أن الجندر مربوط بتعريف "المرأة" و "الرجل" و بعلاقات السلطة بين الرجال و النساء. الجندر يختلف باختلاف المجتمع و الفترة التاريخية، و بينما ينظر لجنس الانسان على أنه ثابت، يمكننا النظر للنوع أو الجندر و علاقات السلطة المربوطة به على أنها أشياء نتعلّمها، و هى متحولة، يمكن تغييرها بالعمل على تغيير العوامل التى تكرس لاضطهاد النساء مثلا فى المجتمع و فى الثقافات.
وأعتقد أن قصة حياة بطل/ة رواية "طفل الرمال" للطاهر بن جلّون، مثلا، هى من أفضل الأدبيات التى يمكن عن طريقها شرح ما يعنيه مصطلح النوع -- و دائما ما استخدمها لتبسيط مفهوم الجندر. و الرواية هى عبارة عن حكاية تاجر غنى لم ينجب غير البنات، و كان يتوق لأن يكون لديه ابن (وريث) ذكر. و عندما أنجبت زوجته البنت السادسة أو السابعة لم يعد يحتمل ثقل توقعات مجتمعه المغاربىّ، فقرر وزوجته أن يعلنا عن ان المولود الجديد ذكر، و قاما بتنشئة البنت على أنها ذكر. و عندما كبرت البنت، و رغم انها بايولوجيا أنثى، الا أنها أصبحت تتعامل و كأنها رجل، بما فى ذلك قيامها بالسيطرة على اخواتها البنات (اللائى لم يكن يعلمن أنها انثى، و ضربهن كما يفعل الشباب الاخرون فى مجتمعها.
و أخيرا عندما نتحدّث عن الجندر فاننا لا نتحدّث عن النساء فقط، لكننا نتحدّث عن النساء و الرجال و علاقات السلطة بينهما، و نتحدّث عن قضايا تهم النساء و الرجال، و تؤثر على النساء و الرجال بطرق مغايرة.
و خلال العقد الماضى بدأت النسويات يتحدثن عن أن قضايا الجندر تتقاطع مع قضايا أخرى مثل العنصر و الطبقة الاجتماعية والانتماء الجغرافى (لما يسمى بالعالم الثالث مثلا) و الجنسانية (بما فى ذلك قضايا المجموعات المثلية، و التحديات الجسدية (ما يسمى بالاعاقة) و غيرها.
فيما يتعلق بال"اتهام" ان الجندر و النسوية يرتبطان بالمثلية الجنسية (ما يسمى بالشذوذ) فهذا عادة يتم بغرض التقليل من شأن المنظمات و المجموعات النسويةـ خاصة فى المجتمعات غير المتسامحة تجاه المثلية الجنسية.
شكرا لك مرة أخرى و اتمنى أن تتاح لى فرصة قراءة البوست الذى أشرت اليه و التعقيب عليه، و من قراءتى للعنوان أقول لك: نعم للعدالة و للمساواة بين النساء و الرجال.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة