|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
أَنَّ لِلْكَلاَمِ شُرُوطًا لاَ يَسْلَمُ الْمُتَكَلِّمُ مِنْ الزَّلَلِ الا بِهَا، وَلاَ يَعْرَى مِنْ النَّقْصِ الا بَعْدَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: فَالشَّرْطُ الاوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْكَلاَمُ لِدَاعٍ يَدْعُو إلَيْهِ إمَّا فِي اجْتِلاَبِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضَرَرٍ. وَالشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَأْتِيَ بِهِ فِي مَوْضِعِهِ، وَيَتَوَخَّى بِهِ إصَابَةَ فُرْصَتِهِ. وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَقْتَصِرَ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ. وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَتَخَيَّرَ اللَّفْظَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ بِهِ.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
للكلمة دور في حياة الإنسان : إن الكلمة تشهد للإنسان أو تشهد ضده ، فالكلمة من قائلها بمعناها في نفسه لا بمعناها في نفسها وهو حين ينطق بها ، فإنها تحكم عليه أكثر مما يحكم هو عليها ، والكلمة حين تكون محكومة معقولة فإنها توضح حقاً أو تبطل باطلاً أو تنشر حكمة أو تذكر نعمة ، وأما حين تكون هوجاء طائشة فإنها قد تكشف عن جهل أو تسبب ضرراً أو تذيع سراً أو تتلف نفساً .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
.. ويقول الإمام سفيان الثوري: كلما إتسع الافق، قلت العبارة
و يقول الثوري في سياق آخر : إن النفوس لو حُملت ما لا تطيق .. اتت بما لا يليق اخي يوسف: صار الإسلام غريبا في ارض السودان ! تقول تجربة السودان : ان مستقبل الإسلام رهين بدولة مدنية ديمقراطية، دولة تتعدد فيها الأعراق و الاديان دولة سنامها العدل و الحرية و المساواة، دولة لا ينام حاكمها متخم شبعان حين ان فقراءها يلتحفون السماء، و يتضورون جوعا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
لك التحية مجدداً - أخي : أحمد طراوة أرسل الله محمَّدا صلى الله عليه وسلم مفطوراً على معاني الرحمة والإنسانية فكان عفوه ورحمته و حلمه سبباً في دخول كثير من الناس في الإسلام. قال تعالى : " ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضو من حولك " سورة آل عمران فلو كان فظاً غليظ القلب ما تألفت حوله القلوب, ولا تجمعت حوله المشاعر. كان صلى الله عليه وسلم يحمل هموم الناس ولا يعنيهم بهمه, حليم لا يضيق بجهلهم فأين أصحاب الإسلام السياسيي من ذلك ؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
يكن العرب غافلين عن دور الكلمة، وأنها أمانة في رقبة المتكلم؛ حتى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين توجه بالنصح إلى معاذ قال:" يا معاذ: أنت سالم ما سكتَّ، فإذا تكلمت، فعليكَ، أو لك،.. أجل.. فإن كلامك من عملك: يشهد لك أو يشهد ضدك، إن الكلمة من قائلها بمعناها في نفسه، لا بمعناها في نفسها، وهو حين ينطق بها، فإنها تحكم عليه، أكثر مما يحكم هو عليها، وهي حين تكون محكومة معقولة، فإنها تجيء لتوضح حقاً، أو تدحض باطلاً، أو تنشر حكمة، أو تذكر نعمة، وأما حين تكون هوجاء طائشة فإنها قد تكشف عن جهل، أو تسبب ضراً، أو تذيع سراً، أو تتلف نفساً ..... منقول
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: محمد الأمين موسى)
|
السلام عليكم - أخي : محمد الأمين موسى
Quote: أنا لي اعتقاد أن كثرة الكلام تبلد الإنسان، وتتناسب تناسبا عكسيا مع عمق التفكير والتأمل. |
الكلام ترجمان يعبر عن مستودعات الضمائر ، ويخبر بمكنونات السرائر ، لا يمكن استرجاع بوادره ، ولا يقدر على رد شوارده . فحق على العاقل أن يحترز من زلله بالإمساك عنه أو بالإقلال منه . روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { رحم الله من قال خيرا فغنم ، أو سكت فسلم } أسعدني مرورك , ومشاركتك أخي : محمد الأمين - مع ألف تحية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
قال بعض الحكماء : الزم الصمت تعد حكيما ، جاهلا كنت أو عالما . وقال بعض الأدباء : سعد من لسانه صموت ، وكلامه قوت . وقال بعض العلماء : من أعوذ ما يتكلم به العاقل أن لا يتكلم إلا لحاجته أو محجته ، ولا يفكر إلا في عاقبته أو في آخرته . وقال بعض البلغاء : الزم الصمت فإنه يكسبك صفو المحبة ، ويؤمنك سوء المغبة ، ويلبسك ثوب الوقار ، ويكفيك مئونة الاعتذار . وقال بعض الفصحاء : اعقل لسانك إلا عن حق توضحه ، أو باطل تدحضه ، أو حكمة تنشرها ، أو نعمة تذكرها . وقال الشاعر : رأيت العز في أدب وعقل وفي الجهل المذلة والهوان وما حسن الرجال لهم بحسن إذا لم يسعد الحسن البيان كفى بالمرء عيبا أن تراه له وجه وليس له لسان
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
كالذي حكي عن ابن عائشة أن شابا كان يجالس الأحنف ويطيل الصمت ، فأعجب ذلك الأحنف فخلت الحلقة يوما فقال له الأحنف : تكلم يا ابن أخي . فقال : يا عم لو أن رجلا سقط من شرف هذا المسجد هل كان يضره شيء ؟ قال : يا ابن أخي ليتنا تركناك مستورا . ثم تمثل الأحنف بقول الأعور الشني : وكائن ترى من صاحب لك معجب زيادته أو نقصه في التكلم لسان الفتى نصف ونصف فؤاده فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
ومما أطرفك به عني أني كنت يوما في مجلسي بالبصرة وأنا مقبل على تدريس أصحابي إذ دخل علي رجل مسن قد ناهز الثمانين أو جاوزها . فقال لي : قد قصدتك بمسألة اخترتك لها . فقلت : اسأل - عافاك الله - وظننته يسأل عن حادث نزل به ، فقال : أخبرني عن نجم إبليس ، ونجم آدم ، ما هو ؟ فإن هذين لعظم شأنهما لا يسأل عنهما إلا علماء الدين . فعجبت وعجب من في مجلسي من سؤاله وبدر إليه قوم منهم بالإنكار والاستخفاف فكففتهم وقلت : هذا لا يقنع مع ما ظهر من حاله إلا بجواب مثله . فأقبلت عليه ، وقلت : يا هذا إن المنجمين يزعمون أن نجوم الناس لا تعرف إلا بمعرفة مواليدهم فإن ظفرت بمن يعرف ذلك فاسأله . فحينئذ أقبل علي وقال : جزاك الله خيرا . ثم انصرف مسرورا . فلما كان بعد أيام عاد وقال : ما وجدت إلى وقتي هذا من يعرف مولد هذين . فانظر إلى هؤلاء كيف أبانوا بالكلام عن جهلهم ، وأعربوا بالسؤال عن نقصهم ، إذ لم يكن لهم داع إليه ، ولا روية فيما تكلموا به . ولو صدر عن روية ودعا إليه داع لسلموا من شينه ، وبرئوا من عيبه .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
قال النبي صلى الله عليه وسلم : { لسان العاقل من وراء قلبه فإذا أراد الكلام رجع إلى قلبه ، فإن كان له تكلم وإن كان عليه أمسك . وقلب الجاهل من وراء لسانه يتكلم بكل ما عرض له } . وقال عمر بن عبد العزيز : من لم يعد كلامه من عمله كثرت خطاياه . وقال بعض الحكماء : عقل المرء مخبوء تحت لسانه . وقال بعض البلغاء : احبس لسانك قبل أن يطيل حبسك أو يتلف نفسك ، فلا شيء أولى بطول حبس من لسان يقصر عن الصواب ، ويسرع إلى الجواب . وقال أبو تمام الطائي : ومما كانت الحكماء قالت لسان المرء من تبع الفؤاد وكان بعض الحكماء يحسم الرخصة في الكلام ويقول : إذا جالست الجهال فأنصت لهم ، وإذا جالست العلماء فأنصت لهم ، فإن في إنصاتك للجهال زيادة في الحلم ، وفي إنصاتك للعلماء زيادة في العلم .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
الشرط الثالث : وهو أن يقتصر منه على قدر حاجته . فإن الكلام إن لم ينحصر بالحاجة ، ولم يقدر بالكفاية ، لم يكن لحده غاية ، ولا لقدره نهاية . وما لم يكن من الكلام محصورا كان حصرا إن قصر ، وهذرا إن كثر . روي { أن أعرابيا تكلم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وطول فقال النبي صلى الله عليه وسلم : كم دون لسانك من حجاب ؟ قال : شفتاي وأسناني . قال : فإن الله عز وجل يكره الانبعاق في الكلام } . فنضر الله وجه امرئ أوجز في كلامه ، فاقتصر على حاجته . وحكي أن بعض الحكماء رأى رجلا يكثر الكلام ويقل السكوت فقال : إن الله تعالى إنما خلق لك أذنين ولسانا واحدا ليكون ما تسمعه ضعف ما تتكلم به . وقال بعض الحكماء : من كثر كلامه كثرت آثامه . وقال ابن مسعود : أنذركم فضول المنطق . وقال بعض البلغاء : كلام المرء بيان فضله ، وترجمان عقله ، فاقصره على الجميل واقتصر منه على القليل ، وإياك ما يسخط سلطانك ، ويوحش إخوانك ، فمن أسخط سلطانه تعرض للمنية ومن أوحش إخوانه تبرأ من الحرية .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
شكرآ د/يوسف....................لك التحية على هذه الدرر....
Quote: الشرط الثالث : وهو أن يقتصر منه على قدر حاجته . فإن الكلام إن لم ينحصر بالحاجة ، ولم يقدر بالكفاية ، لم يكن لحده غاية ، ولا لقدره نهاية . وما لم يكن من الكلام محصورا كان حصرا إن قصر ، وهذرا إن كثر . روي { أن أعرابيا تكلم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وطول فقال النبي صلى الله عليه وسلم : كم دون لسانك من حجاب ؟ قال : شفتاي وأسناني . قال : فإن الله عز وجل يكره الانبعاق في الكلام } . فنضر الله وجه امرئ أوجز في كلامه ، فاقتصر على حاجته . وحكي أن بعض الحكماء رأى رجلا يكثر الكلام ويقل السكوت فقال : إن الله تعالى إنما خلق لك أذنين ولسانا واحدا ليكون ما تسمعه ضعف ما تتكلم به . وقال بعض الحكماء : من كثر كلامه كثرت آثامه . وقال ابن مسعود : أنذركم فضول المنطق . وقال بعض البلغاء : كلام المرء بيان فضله ، وترجمان عقله ، فاقصره على الجميل واقتصر منه على القليل ، وإياك ما يسخط سلطانك ، ويوحش إخوانك ، فمن أسخط سلطانه تعرض للمنية ومن أوحش إخوانه تبرأ من الحرية . |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: ismeil abbas)
|
وقال بعض الشعراء : وزن الكلام إذا نطقت فإنما يبدي عيوب ذوي العيوب المنطق ولمخالفة قدر الحاجة من الكلام حالتان : تقصير يكون حصرا ، وتكثير يكون هذرا ، وكلاهما شين . وشين الهذر أشنع ، وربما كان في الغالب أخوف . قال النبي صلى الله عليه وسلم : { وهل يكب الناس على مناخرهم في نار جهنم إلا حصائد ألسنتهم } . وقال بعض الحكماء : مقتل الرجل بين فكيه وقال بعض البلغاء : الحصر خير من الهذر ؛ لأن الحصر يضعف الحجة ، والهذر يتلف المحجة . وقد قال الشاعر : رأيت اللسان على أهله إذا ساسه الجهل ليثا مغيرا وقال بعض الأدباء : يا رب ألسنة كالسيوف تقطع أعناق أصحابها . وما ينقص من هيئات الرجال يزيد في بهائها وألبابها . وقد ذهب بعضهم إلى أن الكلام إذا كثر عن قدر الحاجة ، وزاد على حد الكفاية ، وكان صوابا لا يشوبه خطل ، وسليما لا يتعوده زلل ، فهو البيان والسحر الحلال .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: Yahia Abd El Kareem)
|
الأخ الفاضل : يحي عبد الكريم المنبر ما زال بخيره , وهناك العديد من الأقلام الرصينة والواعية ما زالت تجود بما في قريحتها من علم وثقافة وأدب , وهذا لا ينفي وجود أقلام نقيضة للمذكورة ساهمت وبشكل أو بآخر في إفساد الذوق العام , ولكن لا يهمنا أمرهم , فالكلمة الأخيرة لقول الحق ... ومما يحمد له في هذا المقام موجة الاستنكار العامة التي تنتاب جل الأعضاء , وهم يدافعون عن شرف الكلمة , ويطالبون بإقصاء أصحاب الألفاظ البذيئة والتعابير المستفزة , فدعني أنتهز هذه الفرصة لأبعث بتحية حارة لسيد الحوش : الباشمهندس : بكري أبو بكر وهو لا يتردد لحظةً في الإسراع بسحب كل ما هو شائن وغير لائق بنا ... لك مني الشكر أجزله على مرورك ومشاركتك المفيدة - مع ألف تحية ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
وقال سليمان بن عبد الملك ، وقد ذم الكلام في مجلسه : كلا إن من تكلم فأحسن قدر على أن يسكت فيحسن ، وليس من سكت فأحسن قدر على أن يتكلم فيحسن . ووصف بعضهم الكاتب فقال : الكاتب من إذا أخذ شبرا كفاه ، وإذا وجد طومارا أملاه . وأنشد بعضهم في خطباء إياد : يرمون بالخطب الطوال وتارة وحي الملاحظ خيفة الرقباء وقال الهيثم بن صالح لابنه : يا بني إذا أقللت من الكلام أكثرت من الصواب . فقال : يا أبت فإن أنا أكثرت وأكثرت يعني كلاما وصوابا . فقال : يا بني ما رأيت موعوظا أحق بأن يكون واعظا منك . وأنشدت لأبي الفتح البستي : تكلم وسدد ما استطعت فإنما كلامك حي والسكوت جماد فإن لم تجد قولا سديدا تقوله فصمتك عن غير السداد سداد وقيل لإياس بن معاوية : ما فيك عيب إلا كثرة الكلام ، فقال : أفتسمعون صوابا أو خطأ ؟ قالوا : لا بل صوابا . قال : فالزيادة من الخير خير . وقال أبو عثمان الجاحظ : للكلام غاية ، ولنشاط السامعين نهاية . وما فضل عن مقدار الاحتمال ، ودعا إلى الاستثقال والملال ، فذلك الفاضل هو الهذر . وصدق أبو عثمان ؛ لأن الإكثار منه وإن كان صوابا يمل السامع ويكل الخاطر وهو صادر عن إعجاب به لولاه قصر عنه .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
ومن أعجب بكلامه استرسل فيه ، والمسترسل في الكلام كثير الزلل دائم العثار . وقال بعض الحكماء : من أعجب بقوله أصيب بعقله . وليس لكثرة الهذر رجاء يقابل خوفه ، ولا نفع يوازي ضره ؛ لأنه يخاف من نفسه الزلل ، ومن سامعيه الملل . وليس في مقابلة هذين حاجة داعية ولا نفع مرجو . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { أبغضكم إلي المتفيهق المكثار والملح المهذار } وسأل رجل حكيما فقال : متى أتكلم ؟ قال : إذا اشتهيت الصمت . فقال : متى أصمت ؟ قال : إذا اشتهيت الكلام . وقال جعفر بن يحيى : إذا كان الإيجاز كافيا كان الإكثار عيا ، وإن كان الإكثار واجبا كان التقصير عجزا . وقيل في منثور الحكم : إذا تم العقل نقص الكلام . وقال بعض الأدباء : من أطال صمته اجتلب من الهيبة ما ينفعه ، ومن الوحشة ما لا يضره . وقال بعض البلغاء : عي تسلم منه خير من منطق تندم عليه فاقتصر من الكلام على ما يقيم حجتك ، ويبلغ حاجتك ، وإياك وفضوله فإنه يزل القدم ، ويورث الندم . وقال بعض الفصحاء : فم العاقل ملجم إذا هم بالكلام أحجم ، وفم الجاهل مطلق كلما شاء أطلق . وقال بعض الشعراء : إن الكلام يغر القوم جلوته حتى يلج به عي وإكثار
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
اللسان عنوان الإنسان يترجم عن مجهوله ، ويبرهن عن محصوله ، فيلزم أن يكون بتهذيب ألفاظه حريا وبتقويم لسانه مليا . روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه { قال لعمه العباس : "يعجبني جمالك . قال : وما جمال الرجل يا رسول الله ؟ قال : لسانه " وقال خالد بن صفوان : ما الإنسان لولا اللسان هل إلا بهيمة مهملة أو صورة ممثلة ؟ وقال بعض الحكماء : اللسان وزير الإنسان . وقال بعض الأدباء : كلام المريد وافد أدبه . وقال بعض البلغاء : يستدل على عقل الرجل بقوله ، وعلى أصله بفعله . وقال بعض الشعراء : وإن لسان المرء ما لم تكن له حصاة على عوراته لدليل وليس يصح اختيار الكلام لا لمن أخذ نفسه بالبلاغة ، وكلفها لزوم الفصاحة ، حتى يصير متدربا بها معتادا لها ، فلا يأتي بكلام مستكره اللفظ ولا مختل المعنى ؛ لأن البلاغة ليست على معان مفردة ولا لألفاظها غاية ، وإنما البلاغة أن تكون بالمعاني الصحيحة مستودعة في ألفاظ فصيحة . فتكون فصاحة الألفاظ مع صحة المعاني هي البلاغة .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
وقد قيل لليوناني ؛ ما البلاغة ؟ قال : اختيار الكلام وتصحيح الأقسام . وقيل ذلك للرومي ، فقال : حسن الاختصار عند البديهة والغزارة يوم الإطالة . وقيل للهندي فقال : معرفة الفصل من الوصل . وقيل للعربي فقال : ما حسن إيجازه وقل مجازه . وقيل للبدوي فقال : ما دون السحر وفوق الشعر ، يفت الخردل ويحط الجندل . وقيل للحضري فقال : ما كثر إعجازه وتناسبت صدوره وأعجازه . وقال ابن المقفع : البلاغة قلة الحصر والجراءة على البشر . وسأل الحجاج ابن القرية عن الإيجاز قال : أن تقول فلا تبطئ وأن تصيب فلا تخطئ . وقال الشاعر : خير الكلام قليل على كثير دليل والعي معنى قصير يحوبه لفظ طويل وفي الكلام فضول وفيه قال وقيل وأما صحة المعاني فتكون من ثلاثة أوجه :
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
وقد قيل لليوناني ؛ ما البلاغة ؟ قال : اختيار الكلام وتصحيح الأقسام . وقيل ذلك للرومي ، فقال : حسن الاختصار عند البديهة والغزارة يوم الإطالة . وقيل للهندي فقال : معرفة الفصل من الوصل . وقيل للعربي فقال : ما حسن إيجازه وقل مجازه . وقيل للبدوي فقال : ما دون السحر وفوق الشعر ، يفت الخردل ويحط الجندل . وقيل للحضري فقال : ما كثر إعجازه وتناسبت صدوره وأعجازه . وقال ابن المقفع : البلاغة قلة الحصر والجراءة على البشر . وسأل الحجاج ابن القرية عن الإيجاز قال : أن تقول فلا تبطئ وأن تصيب فلا تخطئ . وقال الشاعر : خير الكلام قليل على كثير دليل والعي معنى قصير يحوبه لفظ طويل وفي الكلام فضول وفيه قال وقيل وأما صحة المعاني فتكون من ثلاثة أوجه :
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
أحدها : إيضاح تفسيرها حتى لا تكون مشكلة ولا مجملة . والثاني : استيفاء تقسيمها حتى لا يدخل فيها ما ليس منها ولا يخرج عنها ما هو فيها . والثالث : صحة مقابلاتها . والمقابلة تكون من وجهين : أحدهما مقابلة المعنى بما يوافقه وحقيقة هذه المقاربة ؛ لأن المعاني تصير متشاكلة . والثاني مقابلته بما يضاده وهو حقيقة المقابلة . وليس للمقابلة إلا أحد هذين الوجهين : الموافقة في الائتلاف والمضادة مع الاختلاف .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
فأما فصاحة الألفاظ فتكون بثلاثة أوجه : أحدها : مجانبة الغريب الوحشي حتى لا يمجه سمع ولا ينفر منه طبع . والثاني : تنكب اللفظ المستبذل ، والعدول عن الكلام المسترذل ، حتى لا يستسقطه خاصي ولا ينبو عن فهمه عامي . قال الجاحظ في كتاب البيان : أما أنا فلم أر قوما أمثل طريقة في البلاغة من الكتاب وذلك أنهم قد التمسوا من الألفاظ ما لم يكن متوعرا وحشيا ولا ساقطا عاميا . والثالث : أن يكون بين الألفاظ كالقوالب لمعانيها فلا تزيد عليها ولا تنقص عنها .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
وقال بشر بن المعتمر ، في وصيته في البلاغة : إذا لم تجد اللفظة واقعة موقعها ، ولا صائرة إلى مستقرها ، ولا حالة في مركزها ، بل وجدتها قلقة في مكانها ، نافرة عن موضعها ، فلا تكرهها على القرار في غير موضعها ، فإنك إن لم تتعاط قريض الشعر الموزون ، ولم تتكلف اختيار الكلام المنثور ، لم يعبك بترك ذلك أحد . وإذا أنت تكلفتهما ولم تكن حاذقا فيهما عابك من أنت أقل عيبا منه ، وأزرى عليك من أنت فوقه . وأما المناسبة فهي أن يكون المعنى يليق ببعض الألفاظ إما لعرف مستعمل ، أو لاتفاق مستحسن ، حتى إذا ذكرت تلك المعاني بعد تلك الألفاظ كانت نافرة عنها ، وإن كانت أفصح وأوضح لاعتياد ما سواها . وقال بعض البلغاء : لا يكون البليغ بليغا حتى يكون معنى كلامه أسبق إلى فهمك من لفظه إلى سمعك . وأما معاطاة الإعراب وتجنب اللحن فإنما هو من صفات الصواب والبلاغة أعلى منه رتبة ، وأشرف منزلة . وليس لمن لحن في كلامه مدخل في الأدباء فضلا عن أن يكون في عداد البلغاء .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: محمد سنى دفع الله)
|
السلام عليكم - أستاذنا الكبير : محمد السني دفع الله الكـلـمـة الــتــي تـنـطـلـق مــــن أفـواهـنــا أحـيـانــاً تـقـتــل ، كــمــا تـقـتــل الرصــاصــة المـنـطـلـقـة مـــــن فـــوهـــة مـــســـدس , أو بندقية فيجب التفكير جيداً قبل أن نتحدث مع الآخرين ... مع أهمية انتقاء كلماتنا جيداً قبل التفوه بها ... لأن الكلمة سلاح ذو حدين ...لك أو عليك ... خاصةً في حالة العتاب مع الذين نحبهم ...
لك عودة معك أستاذنا الكبير : محمد السني - مع ألف تحية . ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
حتى لا تذبل قيمنا ( أمانة الكلمة )
مقالة للدكتور محمد بن أحمد الرشيد نزلت بجريدة الرياض في عموده الراتب : حديث الثلاثاء كلام المرء يفصح عن شخصيته.
* لكل مقام مقال.
* لسان العاقل تابع لقلبه، وقلب الأحمق تابع للسانه.
* بمقدار الصمت تكون الهيبة.
هذه مقولات تراثية تضيء أمامنا الطريق إلى حقيقة أمانة الكلمة.. وبالغ أهميتها.. وما أثقل حمل أمانة الكلمة.. وأشد الحساب عليها. ... يتبع
* * *
إن الكلمة أمانة أمام الله ثم أمام الخلق، ولقد حذرنا الإسلام من القول بغير علم، أو الحديث دون صدق، أو النطق من غير حق.
قال أبو حيان التوحيدي نقلاً عن أستاذه السجستاني: «نزلت الحكمة على رؤوس الروم، وألسن العرب، وقلوب الفرس، وأيدي الصين».، وهذا يعني أن للكلمة العربية دقة بالغة مما يُحقق لها دقة أداء الأمانة وتحديد كمها ومداها.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
وليس لأحد إنكار أن الحضارة العربية قد أعطت فكراً، وعلماً، وفناً، وكان دور اللغة في كل ذلك بارزاً - وتعبير الكلمة عن كل ذلك واضحاً، حتى أن إعجاز القرآن للعرب ولغتهم هو الدليل على ما للكلمة من أهمية في حياتنا، وما لها من دلالات على حقيقة أنفسنا، ودواخل شخصياتنا.
* * *
لقد كانت الكلمة عند الإنسان العربي (سلوكاً) يرى فيه الرجل ترجماناً يعبر عن كل شخصيته، ولسان حالٍ ينطق باسم ذاته العميقة، ولهذا قالوا: «إن الكلام ترجمان يعبر عن مستودعات الضمائر، ويخبر بمكنونات السرائر، لا يمكن استرجاع بوادره، ولا يقدر على رد شوارده. يقول الناس اليوم» (لسانك حصانك إن صنته صانك، وإن أهنته أهانك).
* * *
لم يكن العرب غافلين عن دور الكلمة، وأنها أمانة في رقبة المتكلم؛ حتى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين توجه بالنصح إلى معاذ قال: (يا معاذ: أنت سالم ما سكتَّ، فإذا تكلمت، فعليكَ، أو لك،.. أجل.. فإن كلامك من عملك: يشهد لك أو يشهد ضدك، إن الكلمة من قائلها بمعناها في نفسه، لا بمعناها في نفسها، وهو حين ينطق بها، فإنها تحكم عليه، أكثر مما يحكم هو عليها، وهي حين تكون محكومة معقولة، فإنها تجيء لتوضح حقاً، أو تدحض باطلاً، أو تنشر حكمة، أو تذكر نعمة، وأما حين تكون هوجاء طائشة فإنها قد تكشف عن جهل، أو تسبب ضراً، أو تذيع سراً، أو تتلف نفساً).
* * *
وقديماً قال سقراط لشاب كان يديم الصمت: تكلمْ حتى أراكَ، وإلى هذا المعنى أشار الإمام علي - كرم الله وجهه - حين قال: تكلموا تُعرَفُوا، فإن المرء مخبوء تحت لسانه».
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
إنه لا شيء أولىَ بطول حبس من لسان يقصر عن الصواب، ويسرع إلى الجواب، لا حاجة بالعاقل إلى التكلم إلا لعلم ينشره، أو غُنم يكسبه.. فمن أمانة الكلمة حُسن استخدامها.. فهي الدالة على ما يريده صاحبها.. صادقاً أو كاذباً.. محقاً أو مرائياً..
* * *
وقضية هامة تطل عليّ الآن.. لماذا اشتهر الشعراء وعلت مكانة الأدباء؟ هل بأسمائهم - بمكانتهم الاجتماعية؟ بما لهم؟ أبداً.. إنهم لم يشتهروا ويعيشوا عصرهم والعصور بعدهم إلا بكلماتهم التي أودعوا فيها مشاعرهم وأفكارهم.. وطرحوا بها آراءهم.. فإن قالوا حقاً فقد وعوا الأمانة.. وإن نافقوا فقد خانوها.
* * *
إن دقة التعبير وشدة تحديد المراد واختيار الكلمات التي تُعبر عن هذه المعاني هو نوع من أمانة الكلمة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
وعلى سبيل المثال فما نال المتنبي شهرته الذائعة إلا بكلماته المنتقاة - ولغته المصفاة، ذلك لأن الكلام ميزان الرجال، وترجمان العواطف، وبوح الوجدان، وتتميز الكلمة في اللغة العربية دون سائر اللغات؛ بقدرتها على دقة التعبير دقة متناهية؛ ذلك لأن للمعنى الواحد عشرات من الكلمات أو أكثر، وفي معجم فقه اللغة للثعالبي ما يؤكد ذلك.. لكن هناك من علماء اللغة من رفض مقولة المترادفات في اللغة مؤكداً أن لكل كلمة معناها الخاص وإن تشابه مع غيره.. فالكرم غير الجود، غير السخاء، غير العطاء، والإعجاب، غير الحب، غير العشق، غير الوجد، غير الوله، غير الصبابة. والبخل غير الشح، غير التقتير.. وهكذا نجد في لغتنا تحديداً قوياً لمستوى المعاني الذي جاءت له كل كلمة.. مما يدل على الأمانة في دقة الوصف.. نقول: هذا الرجل سخي.. وهذا رجل معطاء، لكل منهما دلالة عملية وسلوكية.. فهي أمانة الكلمة حتى في وصفها للصفات المتشابهة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
هذه الأمانة بل هذه الدقة في استعمال الكلمة تشير إلى أهمية البيان حتى أن النقاد رفضوا الصورة الشعرية الخيالية التي فيها مبالغة غير مقبولة، ذلك لأن البيان يعتبر مقوماً من مقومات شخصية الإنسان، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال يوماً لعمه العباس: «يعجبني جمالك» قال: «وما جمال الرجل يا رسول الله؟» قال: «لسانه».. أي صدق الحديث، ودقة التعبير عما يراد دون مبالغة فيه.
وهكذا كان جمال الرجل في - رأي الرسول - صلى الله عليه وسلم - وثيق الصلة بفصاحة لسان الإنسان ورجاحة عقله. والفصاحة هي الصحة اللغوية والدقة في التعبير عن المراد.. وهي من أسمى شروط أمانة الكلمة.
من هذا نعلم أن العاقل لا يطلق لسانه إلا بعد مشاورة مع عقله وروية مع نفسه، والأحمق تسبق سقطات لسانه وفلتات كلامه مراجعة فكره.
لهذا كان العرب لا يستحسنون الإسراف في القول.. والاسترسال في الكلام، لأنهم كانوا يرون أن من أعجِب بقوله أُصيب في عقله، فضلاً عن أنهم كانوا على وعي بأن المسترسل في الكلام كثير الزلل، دائم العثار، ومن هنا كان أجدادنا العرب، ولا يزال الجيل الكبير من عصرنا يضيقون بالثرثار، ويكرهون الملحّ المهذار، وهذا ما يعنيه الجاحظ بقوله: «إن للكلام غاية، ولنشاط السامعين نهاية وما فضل عن الاحتمال، ودعا إلى الاستثقال والملال فذلك هو الهذْر».
ومن هنا قالوا: البلاغة الإيجاز، خير الكلام ما قل ودلّ، بل إن هناك من المعاني الواسعة التي تنطلق عليها
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
ومن هنا قالوا: البلاغة الإيجاز، خير الكلام ما قل ودلّ، بل إن هناك من المعاني الواسعة التي تنطلق عليها كلمة (الكلمة). مثل (كلمة التوحيد) وهي ليست كلمة لكنها عدة كلمات ٠- ويقال للشاهد قل (كلمة الحق) وربما تكون عدة أسطر أو مئات الكلمات. ومن هذا كله نرى أن أمانة الكلمة أمانة ثقيلة.. وعليه فإن الصمت ٠ في كثير من المواقف - من مسوغات أمانتها، فما دمت صامتاً فأنت محافظ على أمانتها، ويكون الصمت أحياناً خير تعبير عن موقف ذلك الصامت في بعض المناسبات.. وفي المقابل قد يكون الصمت في بعض المواقف خيانة للأمانة؛ إذا لم ينطق الإنسان بالحق الذي يعرفه ولهذا يُقال (الساكت عن الحق شيطان أخرس). لقد عرف الأئمة السابقون مدى خطورة أمانة الكلمة - فها هو الإمام مالك يقول: (من سئل عن مسألة فينبغي له قبل أن يجيب عنها أن يعرض نفسه على الجنة والنار - وكيف يكون خلاصه في الآخرة ثم يجيب فيها). وها هو القاسم بن محمد يقول: (والله لأن يقطع لساني أحب إليّ من أن أتكلم بما لا علم لي به).
* * *
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
وقد وضع الحكماء شروطاً للكلام الذي به تتحقق أمانة الكلمة.. وفي أول هذه الشروط: أن يكون القول لداعٍ يدعو إليه، إما في اجتلاب نفع أو دفع ضرر، وأن يأتي المتكلم بقوله في موضعه، ويتوخى به إصابة فرصته، وأن يقتصر منه على قدر حاجته. وأهم الشروط أن يتخير اللفظ الذي يتكلم به، خصوصاً وأن اللسان عنوان الإنسان، يترجم عن مجهوله، ويبرهن على محصوله، لهذا قال الشاعر: كفى المرء عيباً أن تراه *** له وجه وليس له لسان
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
وقد وضع الحكماء شروطاً للكلام الذي به تتحقق أمانة الكلمة.. وفي أول هذه الشروط: أن يكون القول لداعٍ يدعو إليه، إما في اجتلاب نفع أو دفع ضرر، وأن يأتي المتكلم بقوله في موضعه، ويتوخى به إصابة فرصته، وأن يقتصر منه على قدر حاجته. وأهم الشروط أن يتخير اللفظ الذي يتكلم به، خصوصاً وأن اللسان عنوان الإنسان، يترجم عن مجهوله، ويبرهن على محصوله، لهذا قال الشاعر: كفى المرء عيباً أن تراه *** له وجه وليس له لسان
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
وكم لكلمة اليوم من الأهمية التي قد تثير جدلاً محلياً أو حتى دولياً.. وكم يكون هناك نزاع شديد في المحافل السياسية حول معنى أو تحديد كلمة بل أن حرفاً من كلمة قد يغير المعنى ويبدل المقصود. وأذكر في هذا الخصوص ما دار في مجلس الأمن بعد هزيمة العرب مع إسرائيل واحتلالها المزيد من الأراضي العربية عام ١٩٦٧م.. إذ جاء في نص البيان: (انسحاب إسرائيل من أراضٍ عربية) فعارض ذلك جميع الأعضاء العرب هناك.. رافضين تنكير كلمة (أراضٍ) وطالبوا بأن يكون القرار: (انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية).. ليكون ذلك شاملاً كل الأراضي العربية التي احتلتها بعد الحرب، ولو كان المجلس مراعياً أمانة الكلمة لَعرَّفوها وحددوا بدقة المراد بها، ولما جعلوها عائمة الدلالة تحتمل بتنكيرها أكثر من معنى.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: " تكلموا تعرفوا " , فإن المرء مخبوء تحت لسانه... فضل الكلام والصمت (Re: د.يوسف محمد طاهر)
|
إنه ليس من أمانة الكلمة أن يحبس المُعلم بعض العِلم عن طلابه، ويكتفي بشرح موجز لدرسه. إنه ليس من أمانة الكلمة ألاّ تذكر كل حقائق ومقومات نظرية، أو شرح مهمة تكلف بها الآخرين.. وألاّ توضح تفاصيل العمل المراد للعاملين، وأنه ليس من أمانة الكلمة أن تدعي أن هذا العِلم أو هذه الفكرة أو هذه المقولة هي لك - مع أنها لغيرك. وليس من أمانة الكلمة الإعجاب بالرأي: الجرأة على الفتيا - وعدم تردد المرء في الاجابة عن الأسئلة التي تطرح عليه أو على غيره مع عدم تمكنه في العلم - وذلك لإحساسه أن يستطيع التحدث في كل موضوع. وهذا ما جعل الإمام أباحنيفة رضي الله عنه يقول: (لولا الخوف من الله أن يضيع العلم ما أفتيت أحداً، يكون له المهنأ وعليّ الوزر). * * * تلك هي أمانة الكلمة، ودقة استعمالها، وما يترتب عليها من أعمال قد تودي بالإنسان، أو تحقق له خيراً كثيراً. وما أحرانا أن نلتزم بدقة الحديث، واختيار مدلول الكلمات فإنها أمانة في أعناقنا.. عندما تخرج من ألسنتنا، وإني أدعو إلى عدم المبالغة في الأوصاف، وتجنب المدائح الممجوجة، أو الذم والقدح في أناس لأسباب شخصية، ولنتذكر دائماً أن الكلمة أمانة، وسنحاسب على كلامنا يوم الحساب، ولنعمل على إثبات أننا لسنا ظاهرة صوتية دون عناية بمدلول الكلمة ومعناها - كما جاء في كتاب عبدالله القصيمي (العرب ظاهرة صوتية). * * * وفقنا الله جميعاً إلى الخير والصواب والأخذ بأسباب القوة مهما غلا ثمنها، اللهم اجعل صدورنا سليمة معافاة، وأمِدَنا يا ربنا بتأييد من عندك وتسديد. د. محمد بن أحمد الرشيد
| |
|
|
|
|
|
|
|