|
Re: قضية الشهر/مايو:الديموقراطية والتنمية في السودان(سد مروي نموذجا) (Re: adil amin)
|
الأخ الكريم عادل .. أسمح لي أن أبدأ مداخلتي من خاتمة مقالك .. مع تقديري وإعجابي بما إنتهيت إليه من مقاربة ذكية بين غايات التنمية البشرية وتطبيقاتها المصاحبة لبرامج التنمية في السودان ، مجترحا مشروع سد مروي مثالا . غير أنك خصفت الخاتمة بصورة تقريرية هونت صراع الهوية رغم بعده الثقافي المتجذر في البنية الإجتماعية ، وجملت الأزمة في إثنتين : عجز توظيف الموارد بصورة علمية وعادلة . وعجز أحزاب السودان القديم في بلورة مشروع سوداني حقيقي عرفته بين قوسين بالدولة المدنية الفدرالية الديموقراطية السودانية ..
دعني أختلف معك بداية حول حصر تبعات الفشل في بلورة المشروع السوداني علي الأحزاب السودانية القديمة ، فكأنك تستثني غيرها من أسباب وهي عديدة ، ولعل حصر الفشل في الأحزاب وحدها لا يخل بميزان توصيف الفشل وتقيمه فحسب ، بل يقود لتأسيس فهم خاطئ هو عين ما ظللنا نتردي فيه طيلة السنوات الخمسين السالفة والي اليوم ، ولو أننا عدنا بالذاكرة الي الوراء إستعراضا للبيانات العسكرية الأولي لمجمل الإنقلابات التي حدثت ، نجدها تبرر إنقلابها بذات المقولة التي أوردتها ، ثم ما تلبث أن تغوص في ذات الوحل وتزيده ( خبوبا ) بهدر موارد البلاد دون رقيب او حسيب ، في مشاريع يغلب عليها ( الشوفونية ) التنموية ، فيأتي مردودها مبتوتا عند قياسة مع غايات التنمية البشرية . إن الفشل في تقديري المتواضع تتحمل تبعته الحكومات شمولية كانت أم دكتاتورية عسكرية أم ديموقراطية ، تقاسمهم قطاعات المجتمع ممثلة في نقاباته وتنظيماته المدنية والعسكرية ، ونخبه الفكرية والثقافية ممثلة في الباحثين والإعلامين والعلماء ، الذين استمرؤا حياة الدعة الوظيفة والوجاهة المهنية ، وعجزوا في قيادة ثورة تنويرية تنمي الوعي الإجتماعي ، وتوجه مفاصل عمل الدولة أيا كان نظامها بتجرد وشجاعة نحو تنمية بشرية فعلية ، وتقود بما تملك من قدرات إبداعية وعلمية التحول الإجتماعي ، فنري المجتمع الرعوي البدوي ينتقل متدرجا نحو الحياة الحضرية المستقرة ، وتنتقل القطاعات الريفية الزراعية التقليدية نحو أفاق متقدمة تأخذ بأسباب التطور التقني والإنتاج الموجه ، ويتحول مجتمع المدينة الغارق في البطالة ، الزاحف بقوة نحو الطبقية الإقتصادية - إن صح التعبير - بعد أن تمايز سكانها بين غلبة لا تملك أكثر من قوت يومها علي الأفضل وقلة مترفة محتكرة وغاصبة ، الي مجتمع تتساوي فيه الحقوق والواجبات ، وتتوفر لإنسانة فرص الحياة الكريمة . كل هذه المجاميع لها نصيب فيما جنيناه من فشل ، وكما قيل لا يستقيم الظل والعود أعوج . غير أن ذلك لا ينفي أثر الخلفية التاريخية الإستعمارية وإفرازاتها علي الواقع السياسي والإجتماعي في البلاد .
دامت لك الطيبات .
|
|
|
|
|
|
|
|
|