|
Re: يومٌ من أيام العُمر (Re: طلال عفيفي)
|
عزيزنا الكاتب ، رقيق الحِس والتعبير :
طلال عفيفي
تحية لك ونحن نذكر صديق مشترك نُعزه ، وأنت تغزونا بألمعية المُفردة وغوايتها المُدهِشة من حرفك .
هذه صفحة من التاريخ :
قدم خطاب إليَّ بدماثته المعهودة ، ورقته الفائضة ،و بين يديه لفافة ورق فيها قصيدة كتبها في ريعان تخلُقه شاعراً. بَرْق أحرُفها يخطُف من وهج الإبصار . طلب مني بلُطف أن يطلع عليها صديقنا الشاعر ( مبارك بشير ) رغبة منه في رؤية شعره بعين شاعر أغانٍ مُجرِب .
لقد تخير شاعراً أسهم بحق في تطوير لغة الأغاني ، فمبارك بشير عندما كان في السنة الجامعية الثانية ( أي في عُمرالتين ادجرز )كتب الأغنية المعروفة التي لحنها و تغنى بها الفنان محمد الأمين وهذا جزء من نصها :
عويناتِك تُرع لولي وبِحار ياقوت مناحات ريد حزاينية بَغازل فيها مأساتي وفي شرف العُبور ليها بموت واكسِر شراعاتي
وقبعت الأغنية غير مُجازة من لجنة النصوص زمناً طويلاً ،ولم يتوقف محمد الأمين عن تغنيها ما سمحت له ليالي الطرب ، والسبب أن مُفتشي اللغة الشِعرية في لجنة النصوص كانوا يرون أن العوينات جمع في حين أن للأنثى عينان لا غير !
نعود لصديقنا خطاب، إذ لم تترك لنا الدنيا نصيباً لنمضي معه في نفق الحياة ، فقد فرقنا مُفرق الدروب .
ما حكيناه عن خطَّاب هو وجه من وجوه إبداعاته المتنوعة التي تستحق أن تُعرف ، أما البقية فالوسط الفني أعلم بدقائقها ، ومُعاشروه كذلك . كان ذلك في زمان السبعينات من القرن الماضي ، فأي البحار يُمكن لشاعر مثله أن يجوب فيها كدلفين الماء ، وكم أمواه يا تُرى قد عَبَر ؟ ، وأي الفضاءات قد تحلَّقت فيها أقماره الفتية الناهضة بثمارها اليانعة ؟ ، فمعهد الموسيقى والمسرح وبيئته الصحية في ذلك الزمان، قد افترع في نفوس مُبدعينا النثر والشعر والموسيقى والمسرح والسينما والمحبة فاردة الجناح .
كان التجريب فطنة المُبدع ، وكان نثر الأحاجي بين الأقران ، ورؤية الإبداع بعيون الآخرين قفزة من قفزات الحِزَم البشرية التي التقت ذات زمان وأبدعت .
الآن في دنيا المهجر أو المنافي ، تدور العجلة أسرع مما ينبغي ، فتطحن القشور ، وتبقي الألباب ناضرة أو ربما تُشوش عليها، رغم ما يُحكى من سطوة رأس المال المُتعولِم ،وتُروسه المُتوحِشة التي لا ترحم ... لخطَّاب مشروع يأمل هو فيه خيراً قيد تدفئة الدراسة ولمسات الإخراج نتمنى له كل توفيق مُمكِن .
لمن تآخى مع كون ( خطاب ) فقد تجملت دُنياه في ثوبها القشيب ، يبدأ سماع الرنين البهي للإنسان المُبدع وهو يتخطى آلام المخاض لميلادٍ أفضل .
هنا نسكُت عن الكلام المُباح
|
|
|
|
|
|
|
|
|