|
Re: لا لتهجير النوبة: أنا أحد المهجرين وعشت مرارة المأساة (Re: Biraima M Adam)
|
فى المنطقة الجديدة، شبع الناس نوم، فقد أرتاحت أذنهم من عزير الراجمات والهوانات، فقد عرفوا أن الأمن لا يباع بثمن! لكن ماذا عن عذاباتهم الأخرى. وجد الأهل أنفسهم بلا مأوى والمنطقة شبه صحراوية ليس بها عشب جاف حتى يبنوا به القطاطى، وليس معهم بهائم، حتى يجدوا الألبان التى كانوا يستمتعون بها. قضوا هكذا فى العراء مدة سته أشهر، ما بين فبراير وبداية يوليو عام 1989م، حتى حضرنا نحن مع الأبقار والضعائن فى رحلتنا الموسيمية ناحية الشمال. فقد وجدناهم هزلت أجسامهم بصورة تثير التقزز، ضعاف كالمرضى، تبدو ضلوع الشخص من خلال قميصه أو جلبابه. فقد عرفت أنهم يعانون نفسياً من ألم التهجير القسرى. أضف إلى ذلك صراعهم من أجل البقاء وأنعدام الأراضى الزراعية التى سوف يفلحونها. دخلوا فى مشاكل الأرض مع الذين أستوطنوا تلك القرية وأمتلكوا مزارع أجدادنا. وقع الدواس من جديد والضرب والمشاكل فى الأراضى الزراعية. فى حين يقول أهلنا للأخرين غرباء، فى المقابل يسمهم الأخرون بالمهجرين.
ومن أغرب ملاحظاتى عنهم فقد أصابهم العمى الليلى بصورة مبالغة، تكاد تكون نصف القرية لا ترى ليلاً فهم يطششون أو يعشون كالخفافيش حول النار الملتهبة وترى عين الأنسان نظيفة وكاملة الأنفتاح ويجزم أنه لا يرى شيئاً. كذلك تزايدت أمراض الفشل الكلوى بصورة تفوق التصور بينهم نتيجة لملوحة المياة الجوفية فى المنطقة الجديدة.
وهكذا ظل أهل تلك المناطق متلقين للإغاثات والأعانات بدل أن كانوا ينتجون ويزرعون ويحصدون.
بريمة
|
|
|
|
|
|
|
|
|