وداعا (Howard Zinn ) - هوارد زن .... أعظم مؤرخى المهمشين .

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-29-2024, 08:51 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2010م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-29-2010, 05:43 AM

Salwa Seyam
<aSalwa Seyam
تاريخ التسجيل: 04-12-2004
مجموع المشاركات: 4836

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: وداعا (Howard Zinn ) - هوارد زن .... أعظم مؤرخى المهمشين . (Re: Khalid Kodi)

    سلام يا خالد كودى
    ومزيد من المعرفة عن هوارد زن ..


    المؤرخ الأمريكي الشهير «هوارد زن» في حوار هام: الحدود القصوى للإمبراطورية

    حمد العيسى
    21 أبريل 2006

    « إنني أعتقد أن 11 سبتمبر قد يمثل بداية انحلال الإمبراطورية الأمريكية. وهذا يعني أن ذات الحدث الذي بلّور المساندة الشعبية للحرب فوريًّا، قد يمثل في المدى الطويل – وأنا لا أدري كم سيستغرق ذلك – بداية إنهاك وتفتت الإمبراطورية الأمريكية » … هوارد زن

    يعتبر هوارد زن أهم مؤرخ يساري أمريكي على الإطلاق. كما يُعد مع نعوم تشومسكي من أبرز مفكري اليسار ونشطاء حركة مناهضة الحرب في الولايات المتحدة الأمريكية.
    ولد زن عام 1922 في بروكلين، نيويورك، لأبوين مهاجرين يهوديين من الطبقة الكادحة. عمل في شبابه في حوض لتصليح السفن، ثم شارك في الحرب العالمية الثانية. شكّلت مشاركته في الحرب بداية وعيه السياسي الذي عُرف عنه فيما بعد.
    حصل على الدكتواره في التاريخ من جامعة كولومبيا عام 1958، وعمل في التدريس منذ ذلك الحين. أصدر عام 1980 كتابه الكلاسيكي غير المسبوق «تاريخ شعبي للولايات المتحدة: 1492 – الآن» الذي روى فيه تاريخ أمريكا – لأول مرة – من وجهة نظر المحرومين والمستضعفين. نجح الكتاب الضخم – الذي يقع في 768 صفحة – نجاحاً ساحقاً، وأصبح من أكثر الكتب مبيعاً. قال ملحق مراجعة الكتب الشهير في جريدة نيويورك تايمز عن الكتاب: «المؤرخون سيعتبرونه – بحق – خطوة في اتجاه نسخة معدّلة ومتماسكة من التاريخ الأمريكي». أعيد طبع الكتاب مرات عديدة، وفي ربيع عام 2003، أقيم احتفال خاص بمناسبة بيع النسخة رقم مليون منه.
    يقول زن عن الحياد في كتابة التاريخ: «في عالم يمضي في طرق محددة سابقاً، حيث الثروة والقوة محددة سلفاً، الحياد يعني قبول الأشياء كما هي عليه الآن. إنه عالم من المصالح المتضاربة – حرب ضد سلام، وطنيّة ضد عالميّة، عدالة ضد جشع، وديمقراطيّة ضد نخبويّة – ويبدو لي الأمر أنه من المستحيل وأيضاً غير المرغوب فيه أن تكون محايداً في هذه النزاعات. أنا لا أدعي أنني محايد.. ولا أريد أن أكون كذلك. أنا أحاول أن أكون عادلاً بطرح الأفكار المتضادة وعرضها بدقة».
    ألّف زن أكثر من 20 كتاباً منها ثلاث مسرحيات، كما أُنتج عنه فيلم وثائقي بعنوان «لا يمكن أن تكون محايداً في قطار منطلق». يعمل حالياً أستاذاً فخريًّا في جامعة بوسطن. زار موقعه على الإنترنت www.thirdworldtraveler.com في عام 2005 أكثر من ثلاثة ملايين شخص.
    التقاه الصِّحافي توم ديسباتش في 8 سبتمبر 2005 وحاوره في مواضيع سياسيّة وتاريخيّة هامة. نُشر الحوار في موقع www.tomdispatch.com الذي يصفه توم بأنه يقدم مادة صحفية مضادة لـ «سُمِّ» الإعلام الأمريكي السائد!
    وفيما يلي نص الحوار:

    إنه طويل ونحيل وشعره أبيض كثيف. عمل قاذفَ قنابل من الطائرة في الحرب العالمية ضد الفاشية. مناهض محنك ضد حروب أمريكا منذ ذلك الحين. اشتهر مؤلفاً للكتاب غير المسبوق «تاريخ شعبي للولايات المتحدة»، خبيراً لأصوات المقاومة غير المتوقعة التي جعلت نفسها مسموعة عبر التاريخ. في الثالثة والثمانين، رغم أنه يبدو أصغر بعقد من الزمن. هو من نتاج قرن عاصف، ولكن ليس هناك ثمة شيء من الماضي فيه. صوته هادئ، يضحك بخفوت أحياناً ساخراً من ملاحظاته. من وقت إلى آخر، إذا أعجبته فكره، يضيء وجهه المجعد بابتسامة سعيدة.. يبدو كطفل!
    جلسنا إلى طاولة خلفية في مدخل مقهى صغير صباح يوم عطلة. كان أمامه كرواسان وقهوة. اقترحت عليه أن نبدأ بعد الفطور، لكنه أكد لي أنه لا يوجد تعارض بين الأكل والكلام. ولذلك، بدأت بتجهيز جهاز التسجيل. وفي هذه الأثناء، قام بإبعاد الكرواسان (التي أكل نصفها) ولم يعد إليها مطلقاً! ثم بدأنا الحوار:
    ديسباتش: أنت وأنتوني أرنو أصدرتما توًّا كتاباً جديداً «أصوات تاريخ شعبي للولايات المتحدة» مبرزين أصوات مقاومة أمريكية منذ لحظاتنا الأولى إلى ليلة أمس. الآن.. لدينا صوت مقاومة جديد ومدهش.. سيندي شيهان. أنا أتساءل عن رأيك فيها؟ (المترجم: سيندي شيهان (ولدت 1957) امرأة أمريكية بيضاء من ولاية كاليفورنيا. قُتل ابنها المجند في حرب العراق. أصبحت ناشطة شهيرة في حركة مناهضة حرب العراق).
    زن: دائماً حركة الاحتجاج التي تكون قائمة – والحركة الحاليّة المناهضة للحرب بدأت قبل حرب العراق – تحصل على زخم خاص.. شرارة معينة.. من عصيان شخص مفرد. أنا أفكر – مثلاً – بـ «روزا باركس» ومعنى ما فعلته. (المترجم: روزا باركس (1913-2005) امرأة سوداء من ولاية ألاباما. أمَرَها سائق باص في 1955 أن تترك مقعدها لرجل أبيض ولكنها رفضت. قُبض عليها، وُحوكمت، ووجدت مذنبة بتهمة «التمرد المخل بالنظام والمخالف للقانون البلدي». فُرض عليها دفع غرامة مقدارها 14 دولاراً، لكنها رفضت، واستأنفت الحكم على أساس أنه عنصري ومخالف للدستور. كانت هذه الحادثة هي الشرارة التي أججت حركة الحقوق المدنية بقيادة الدكتور مارتن لوثر كينغ حتى كُتب لها النجاح بعد سنوات. نالت قبل وفاتها أرفع الأوسمة، وأصبحت أسطورة حقيقية في التاريخ والثقافة الأمريكيتين).
    ديسباتش: هل تتذكر أشخاص مثل سيندي شيهان من تاريخنا قادوا حركات مشابهة؟
    زن: لم يكن هناك شخص واحد بمفرده في حركة مناهضة حرب فيتنام. ولكن عندما أفكر في الماضي البعيد.. في حركة مناهضة الرق.. «فريدريك دوغلاس» كان شخصاً هامًّا في هذا الخصوص. عندما أتى إلى الشمال، هارباً من الرق، وتكلم للمرة الأولى إلى مجموعة من مناهضي العبودية، بدأت حركة ضد العبودية. وليام لويد غاريسون كان قد بدأ قبله، ولكن فريدريك خدم القضية بطريقة أفضل: مظهره الدرامي.. بلاغته.. لقد كان بمثابة الشرارة في حركة تحرير العبيد. (المترجم: فريدريك دوغلاس (1818-1895) رجل أسود ولد عبداً في ولاية ميرلاند، ولكنه هرب في العشرين من عمره إلى نيويورك حيث وجد حريته. عمل صحافيًّا في جريدة «المُحرر» التي يملكها وليام لويد غاريسون وتعاونا في مناهضة العبودية. برع في الصحافة واكتسب شهرة كبيرة خطيباً بليغاً ضد العبودية. تعرف على أبراهام لينكولن وساعد في إقناعه على إصدار إعلان تحرير العبيد. يوصف بأنه مؤسس حركة الحقوق المدنية الأمريكية.) ، (المترجم: وليام لويد غاريسون (1805-1879) رجل أبيض ولد في ولاية ماساتشوستس، واشتهر بمناهضة العبودية. أنشأ جريدة «المُحرر» المناهضة للرق واهتم بالإصلاح الاجتماعي).
    ديسباتش: أنا أعتقد أن سيندي شيهان أيضاً تمثل شيئاً لا يستطيع أي شخص آخر تمثيله تقريباً.. في الحقيقة: لا يمكن تمثيله! الجندي المقتول.. ابنها!
    زن: إنه شيء مثير. هناك أمهات أخريات تكلمن، لكن سيندي قررت على الفعل الذي له رنين، وهو ببساطة معرفة مكان ذهاب بوش للعطلة (يضحك على نفسه) وعمل مواجهه بين قطبي هذه الحرب: صانعها ومعارضته. لقد أوقفت سيارتها قرب مزرعة بوش وأصبحت مركز اهتمام الأمة.. مركز الثقل الذي التف حوله الناس.. مئات ومئات من الناس.
    ديسباتش: إدارة بوش لديها استراتيجيّة بعيدة المدى تقوم على عدم المغامرة بوضع الرئيس بوش في أي مكان يمكن تحديه فيه.. لكن الآن، إذا لم يكن المكان قاعدةً عسكرية، أنا أشك أن يكون في مأمن من تحدي أي شخص له.. وحتى في القاعدة.. [مقاطعة]
    زن: هل قرأت عن عمدة سالت ليك سيتي الذي تكلم أمام ألفي شخص منتقداً الرئيس هناك؟ هذا بالضبط ما بدأ يحدث في حرب فيتنام. بعد بعض الوقت، [الرئيس ليندون] جونسون و[نائب الرئيس هبرت] همفري لم يستطيعا الذهاب إلى أي مكان باستثناء القواعد العسكرية. وأرى أن سيندي شيهان ليست صوتاً معتدلاً أيضاً. أقصد أنها تقول: «إننا يجب أن ننسحب من العراق» بجرأة وقوّة إلى درجة أن شخصاً مناهضاً للحرب مثل [كاتب نيويورك تايمز] فرانك ريتش يصف موقفها بالمتشنج! وهذا شيء فظيع، لأنه بخصوص الانسحاب، سيندي تعبر – كما أظن – عن الرغبة غير المعلنة لعدد ضخم من الناس، وهي تجرأت وقالت ما لم يتجرأ الكثير من السياسيين والصحافيين على قوله.
    ديسباتش: كشخص كتب عام 1967 «فيتنام: منطق الانسحاب».. كيف تقارن نقاشات منطق الانسحاب في هذه اللحظة مع تلك الأيام؟
    زن: في وقت مبكر من حرب فيتنام.. كان هناك وضع لم يوجد فيه شخص واحد ناقد للحرب.. لم يكن هناك شخص مهم يدعو للانسحاب الفوري. كان الجميع يقولون كلاماً مطاطاً: يجب أن نتفاوض.. يجب أن نتوصل إلى تسوية.. يجب أن نوقف القصفَ عند خط طول كذا. أعتقد أننا في موقف مشابه الآن بعد أكثر من سنتين على غزو العراق. عندما صدر كتابي عام 1967، كان قد مضت سنتان على التصعيد الذي حدث في بداية 1965 حيث أرسل جونسون الدفعة الأولى من قواتنا العسكرية إلى فيتنام بصورة ضخمة. وجه الشبه – كما أظن – هو النقاشات.. سابقاً والآن. حتى اللغة متشابهة: يجب ألا نَفِرَّ دون إنجاز المهمة.. يجب ألا نهديهم نصراً.. يجب ألا نفقد سمعتنا في العالم.
    ديسباتش: المصداقية كانت هي الكلمة السحرية إذن؟
    زن: نعم.. بالضبط. المصداقية. سيكون هناك فوضى وحرب أهلية إذا غادرنا.. [مقاطعة]
    ديسباتش: وحمام دماء.
    زن: نعم.. وحمام دماء؛ لأن الطريقة الوحيدة لتبرير كارثة هو التهديد بحدوث كارثة أعظم إذا لم تستمر الكارثة الحالية! لقد رأينا هذه الخدعة السيكولوجية مرات ومرات عديدة. لقد رأيناها – مثلاً – في حالة هيروشيما. لقد قتلنا مئات الآلاف من اليابانيين لنتجنب كارثة أعظم: قتل مليون شخص أثناء غزو اليابان!
    من المثير أنه عندما غادرنا فيتنام أخيراً، لم يتحقق شيئ من تلك التحذيرات الرهيبة. هذا لا يعني أن الأمور كانت جيدة بعد مغادرتنا. الصينيون طردوا. وكان هناك مشكلة الفيتناميين الهاربين من الشيوعيين بواسطة القوارب، ومعسكرات إعادة التعليم، ولكن كل هذا لا يقارن بالمذابح التي ارتكبتها القوات الأمريكية عندما كانت هناك. ولذلك، أعتقد أن من المهم أن أقول إنه بينما لا يستطيع أحد أن يتنبأ بما سيحدث عندما تقوم الولايات المتحدة بسحب قواتها من العراق، فنحن أمام خيارين: الأول: كارثة مستمرة ومؤكدة بالفوضى والعنف اللذين يحدثان في العراق اليوم، والاحتمال الثاني: لا نستطيع توقعه، ومن الممكن أن يكون سيئاً. ولكن ما قد يكون سيئاً هو غير مؤكد.. والسيئ في احتلالنا هو مؤكد! الأمر يبدو لي كالتالي: إذا كنت ستختار بين الاثنين، يجب أن تخاطر بخصوص ما قد يحدث إذا أنهيت الاحتلال. في نفس الوقت، بالطبع، يجب أن تفعل كل ما تستطيع لتخفيف الآثار السيئة الناتجة عن مغادرتك.

    ديسباتش: أريد أن أعود قليلاً إلى سيندي شيهان. خلال سنوات حرب فيتنام الأخيرة.. كان الجيش الأمريكي غير قادر – تقريباً – على القتال. وبالرغم من وجود عائلات عسكرية مناهضة للحرب، فإن المقاومة الرئيسة للحرب أتت من المجندين الجدد أنفسهم. الآن.. لدينا جيش كامل يتكون من متطوعين. نحن نعرف أن الروح المعنوية في الحضيض، وأن هناك حالات عديدة من المقاومة – رفض العودة إلى العراق مثلاً – داخل الجيش، ولكن أغلب المقاومة هذه المرة يبدو أنها تأتي من عائلات الجنود. أنا أتساءل إذا كانت هنالك سابقة تاريخية مثل هذه؟
    زن: أنا لا أعرف أية حرب سابقة حدث فيها مثل هذا الشيء في الولايات المتحدة. الأقرب لهذا – ربما – هو ما حدث في الحرب الأهلية، عندما تمردت زوجات الجنود لأن أزواجهن كانوا يموتون وأصحاب المزارع يربحون من بيع القطن، رافضين زراعة القمح ليأكله المدنيون.
    لكن في حالة الاتحاد السوفيتي، ربما تكون هناك مقارنة أقرب. الأمهات الروسيات احتججن على الحرب في أفغانستان.. أو «فيتنامهم»! أنا لا أعلم مدى تأثير ذلك في قرار الانسحاب السوفيتي، ولكن من المؤكد أنه كان أمراً دراماتيكيًّا.
    كانت لدينا أمهات رائعات مناهضات لحرب فيتنام، ولكنهن لسن مثل سيندي شيهان. ولأن جيشنا في العراق يتكون في الغالب من متطوعين.. فإن الاحتجاج تُرك للعائلات بطريقة غير مسبوقة. أولادهم وبناتهم ليسوا في موقف يسمح لهم بالاحتجاج بسهولة، ولهذا أنا أعتقد أنه سيكون هناك المزيد من احتجاج الجنود طالما استمرت الحرب. هذا أمر حتمي. أنا أعتقد – وهذا أمر لا يمكن إثباته – أنه يوجد بالفعل في الجيش احتجاج واستياء تحت السطح أكثر مما تم الإعلان عنه.. ربما أكثر بكثير مما يمكن الإعلان عنه.
    عندما أحاول التفكير فيما يمكن حقًّا أن يجبر إدارة بوش على الخروج من العراق.. الشيء الوحيد الذي أفكر فيه هو عصيان في الجيش. ديڤيد كورتريت [مؤلف «جنود في ثورة: مقاومة المجندين خلال حرب فيتنام»] يعتقد أن بوادر تمرد بعض المجندين في فيتنام كانت عاملاً حاسماً في إخراج الولايات المتحدة أخيراً من فيتنام.
    ديسباتش: وماذا عن مقاومة الجيش في القمة بدلاً من القاعدة؟ إذا عدنا إلى الحرب الكورية، كان هنالك شعور بين الضباط وهو كونهم موجودين في الحرب الخطأ والمكان الخطأ والوقت الخطأ، وهذا تكرر في فيتنام. من الواضح أن قادة الجيش في العراق يعرفون منذ زمن طويل أنهم متورطون في كارثة. إنهم نفس الأشخاص الذين بدأوا يتكلمون مؤخراً عن تقليص القوات والانسحاب بدون إذن إدارة بوش!
    زن: إنه تطور هامٌّ جدًّا، لأنه عندما تحدث التصدعات في القمة التي كان يُعتقد سابقاً أنها صُلبة، يصبح من الصعوبة الشديدة الاستمرار في نفس الطريق. هناك مَثَلٌ يمكن طرحه – رغم كونه ليس حربيًّا – وهو «المكارثية». عندما بدأ [السيناتور المناهض للشيوعية جوزف] مكارثي يطارد شخصيات هامة في إدارة [الرئيس دوايت] إيزنهاور.. عندما تعقب الجنرال جورج مارشال؛ واستمر في الصعود نحور القمة في مطارداته.. انفض عنه الناس. وهذا كان أمراً حاسماً في سقوطه. هناك سخط واضح في الرتب العليا في الجيش منذ بعض الوقت. على سبيل المثال، الجنرال [المتقاعد أنتوني] زيني بدأ ينتقد بجرأة ووضوح منذ البداية. لبعض الوقت، كنت أشعر بالقلق للتشابه بين اسمينا (يضحك)، لكنني أشعر بالرضا الآن بعد أن تكلم بهذه الطريقة!ديسباتش: والجنرالات المتقاعدون مثله يتكلمون دائماً نيابة عن زملائهم داخل الجيش.
    زن: هذا صحيح. إنهم في وضع يسمح لهم بقول ما لا يستطيع الآخرون قوله. كانت هناك مقاومة في الجيش في الكثير من حروبنا، ولكن حتى حرب فيتنام، لم تصل – بالفعل – إلى درجة تغيير السياسة. كان هنالك الكثير من حركات التمرد ضد واشنطن في الجيش الثوري. في الحرب المكسيكية، هرب الكثيرون من الجيش ولكن الحرب لم تتوقف. لا أستطيع أن أتذكر أية مقاومة في الجيش في الحرب العالمية الأولى. بالطبع.. الولايات المتحدة دخلت الحرب لفترة قصيرة.. سنةً ونصفاً تقريباً. بالتأكيد الحرب العالمية الثانية كانت حالة مختلفة. هذا ما يجعل فيتنام ظاهرة تاريخية بالفعل. لقد كانت أول تجربة نشاهد فيها حركة في الجيش كان لها دور هام في تغيير سياسة الحكومة. ومن المثير للانتباه أننا خضنا حروباً قصيرة فقط منذ ذلك الحين – باستثناء العراق –، وتلك الحروب صُممت عن قصد لتكون قصيرة حتى لا يكون هناك وقت لقيام حركة مناهضة للحرب. في حالة العراق، أخطأوا الحسابات. الآن.. أنا لا أعتقد أن السؤال هو «إذا»، بل «متى». متى.. وكيف. أنا لا أعتقد أن هناك أي مجال للشك في كون الولايات المتحدة سوف تُجبر على الانسحاب من العراق. الأسئلة هي: كم سيستغرق ذلك؟ كم من الناس سيموتون؟ وكيف سيتم ذلك؟
    ديسباتش: دعني أتحول إلى قضية أخرى كتبتَ عنها في الستينيات.. جرائم الحرب. لقد كانت «جرائم الحرب» آخر تهمة تصل إلى «الإعلام السائد» في هذه السنوات.. وأول ما غادرها! نحن عاصرنا جرائم عديدة بكل تأكيد في السنوات الأخيرة، من أبو غريب وغوانتانامو إلى أفغانستان. أنا أتساءل: لماذا لا تعلق، كفكرة، بذاكرة الأمريكان؟
    زن: إنها تبدو عسيرة كفكرة. جرائم حرب.. جرائم حرب.. صعبة الإمساك! هناك استعداد للقول إن القيادة مخطئة، ولكن الأمر يحتاج إلى قفزة هائلة للقول إن القيادة شريرة. مع الأسف، مايزال في الثقافة الأمريكية نوع من الفكرة الملكيّة، وهي أن الرئيس وأعوانه هم أناس من فئة خاصة، وبينما يمكن أن يرتكبوا أخطاءً، لا يمكن أن يكونوا مجرمين! حتى بعد تحول الناس ضد حرب فيتنام، لم يكن هناك كلام بكثرة عن كون جونسون و[وزير الدفاع روبرت] مكنمارا والبقية [من معاونيهم] من مجرمي حرب! وأنا أعتقد أن هذا يعود إلى ثقافة أمريكية تقوم على تقديس الرئيس ورجاله.. ويرفض الناس مجرد التفكير بما وراء هذه الثقافة!ديسباتش: كيف يمكن لما يسمى بـ «الاستثنائية الحضارية الأمريكية» أن يؤثر في هذا الأمر؟
    زن: أنا أعتقد أن أغلبية الأمريكان الذين ناهضوا الحرب في فيتنام كانوا – مع ذلك – يعتقدون أن جوهر هذا البلد هو الصلاح. لقد بدت لهم حرب فيتنام كانحراف «فردي شاذ» عن الطريق السَّويّ. القلة فقط في حركة مناهضة الحرب استطاعوا أن يتوصلوا إلى الحقيقة ويروا الأمر كجزء من سياسة مستمرة من الإمبريالية والتوسع. أعتقد أن هذا الوضع صحيح اليوم أيضاً. إنه أمر في غاية الصعوبة أن يتخلى الأمريكان عن فكرة كونهم أمة طيبة. إنهم يرتاحون عندما يفكرون بهذه الطريقة! يعترفون بالأخطاء لكن يعتبرونها فردية وشاذة. أنا أعتقد أننا نحتاج إلى قدر عظيم من الوعي السياسي لكي نربط نقد سياسة ما أو حرب ما إلى تقييمٍ عامٍّ سلبيٍّ للبلد وتاريخها. إذا تحقق هذا؛ فإنه سيجعل الكثير من الأمريكان يعيدون النظر في نبل المقاصد الأمريكية.
    بالطبع.. هناك أمر هام، وصحيح في نفس الوقت، وهو وجود مبادئ جيدة تؤيدها الولايات المتحدة.. أو هكذا هو المفترض. ولكن المشكلة أن الناس يخلطون بين المبادئ والسياسات، وطالما استطاعوا أن يحتفظوا بهذه المبادئ في رؤوسهم، العدالة والمساواة وغيرها، فإنهم يترددون جدًّا في قبول حقيقة أنه تم انتهاك حقوقهم باتساق تام. هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكنني أن أشرح بها الخدعة العقليّة التي تمنع الشعب الأمريكي من اعتبار الرئيس ورجاله مجرمي حرب.
    ديسباتش: إذا تركنا كارثة العراق جانباً، ما رأيك في بصمات إدارة بوش على المشروع الإمبريالي الأمريكي؟
    زن: أعتقد أن الإمبراطورية الأمريكية وصلت إلى حدودها القصوى في الشرق الأوسط. ولا أعتقد أن لها مستقبلاً في أمريكا اللاتينية. أعتقد أنها استهلكت ما تملك من قوة هناك ونحن نرى صعود حكومات لا ترغب أن تكون عميلة للولايات المتحدة الأمريكية. قد يكون هذا واحداً من الأسباب الذي يجعل من حرب العراق درساً مهمًّا لهذه الإدارة. فيما عدا العراق، لا يوجد مكان آخر يمكنهم الذهاب إليه. لذلك دعني أوضح الأمر كما يلي.. أنا أرى أن الانسحاب من العراق عندما يحدث – وهذا مزيج من الاعتقاد والتمني (يضحك على نفسه) – سيكون الخطوة الأولى في تقزيم الإمبراطورية الأمريكية وعودتها إلى التخندق داخل حدودها. على كل حال، نحن لسنا أول دولة في التاريخ تُجبر على فعل ذلك.
    أود أن أقول إن ذلك سيكون بسبب المعارضة الداخلية الأمريكية، ولكن أشك جدًّا أن يكون بسبب معارضة بقية العالم لغزوات أمريكية جديدة في أماكن أخرى. في المستقبل.. إنني أعتقد أن 11 سبتمبر قد يمثل بداية انحلال الإمبراطورية الأمريكية. وهذا يعني أن ذات الحدث الذي بلّور المساندة الشعبية للحرب فوريًّا، قد يمثل في المدى الطويل – وأنا لا أدري كم سيستغرق ذلك – بدية إنهاك وتفتت الإمبراطورية الأمريكية!
    ديسباتش: ستكون هناك مفارقة في هذا الأمر!
    زن: نعم.. بالطبع.
    ديسباتش: أريد أن أتحول إلى موضوع الحرب. لقد كتبتَ أن احتمال إنهاء الحرب ليس أمراً طوباويًّا تماماً. هل تعتقد حقًّا أن الحرب يمكن أن تنتهي؟ أم أنها مغروسة في جيناتنا؟
    زن: بالرغم من أن هناك الكثير من الأشياء غير الواضحة لي، إلا أن هناك شيئاً واحداً واضحاً: إنها ليست جيناتِنا. كلما قرأت روايات، حتى لأشخاص ذهبوا للحرب، تقترح أن هناك شيئاً ما في العقل الذكوري يحتاج مثل هذا العنف والعسكرة، لا أصدقها. أنا أقول هذا بناءً على تجربة تاريخية. أي إذا قارنت الحالات التي قام فيها أناس – ذكور غالباً – بارتكاب جرائم عنف مدنيّة وذهبوا إلى الحرب مع أناس ارتكبوا جرائم عنف ولكن لم يذهبوا إلى الحرب، رفضوا الحرب، ستجد أن أكثرية الناس لا يريدون الحرب بطبيعتهم.
    قد يريدون أشياء كثيرة مرتبطة بالحرب: القيادة.. الإثارة الناتجة عن الإمساك بالسلاح وغيرها. أعتقد أن هذا يشوش على الناس. الإثارة والقيادة يمكن أن تأتي بطرق أخرى مختلفة، ولكنها تأتي من الحرب – بالرغم من ذلك – فقط إذا تم التلاعب بعقول الناس. بالنسبة لي.. الحجة القوية ضد أي اندفاع نحو الحرب هو المدى الذي تضطر الحكومات أن تلجأ له لحث الشعوب للذهاب للحرب: الدعاية والتضليل الضخمان اللذان شاهدنا أمثلة لهما مؤخراً. ولا أنسى القَسْر. ولذلك.. أنا لا أؤيد إطلاقاً فكرة الميل الطبيعي للحرب.

    ديسباتش: أنت نفسك ذهبت للحرب!
    زن: كنت في العشرين. عملت قاذف قنابل في الفرقة الجوية الثامنة ضمن طاقم طائرة B-17 الذي قام ببعض العمليات الأخيرة منطلقاً من بريطانيا. لقد ذهبت شابًّا راديكاليًّا، معادٍيًّا للفاشية، ومؤمناً بهذه الحرب، ومؤمناً بفكرة الحرب العادلة ضد الظلم. في نهاية الحرب، بدأت أشك في إمكان تبرير الخراب الذي فعلناه: تدمير المدن، هيروشيما وناجازاكي، القصف الذي اشتركت فيه. وبالتالي.. بدأت أشك في دوافع قادة الحلفاء: هل كانوا فعلاً مهتمين بخطر الفاشية؟ هل كانوا فعلا مهتمين بمصير اليهود؟ أم أنها كانت حرباً من أجل إمبراطورية جديدة؟ في القوات الجوية، قابلت شابًّا متأثراً بتروتسكي وقال لي: «هذه حرب إمبريالية». صدمني. قلت له: «حسناً.. أنت تحارب! لماذا أنت هنا؟». أجاب: «أنا هنا لكي أتحدث مع أناس مثلك!». لم يحولني إلى مذهبه، ولكنه هزني قليلاً.
    بعد الحرب، وبعد مرور السنوات، لم أتوقف عن تأمل الوعود التي قيل لنا إن تلك الحرب ستحققها. الجنرال جورج مارشال أرسل لي – وستةَ عشرَ مليون جندي آخر – رسالة يهنئني بكسب الحرب ويخبرني كيف سيصبح العالم أفضل الآن لهذا السبب. حسناً.. خمسون مليون شخصاً قتلوا، والعالم – حقًّا – لم يختلف! أنا أقصد أن هتلر وموسوليني اختفيا، وكذلك الجيش الياباني، ولكن الفاشية والعسكرة والعنصرية بقيت في كل أنحاء العالم، وبقيت كذلك الحروب. ولذلك، توصلت إلى استنتاج أن الحرب، مهما كان الحل السريع الذي تقدمه – هزمنا هتلر أو صدام حسين الآن –، ومهما كان الحماس المتدفق.. فإن النتيجة تكون مثل المخدرات: تشعر أولاً بالابتهاج، ثم تعود إلى الخلف نحو شيء رهيب! ولذلك بدأت أعتقد أن كل الحروب، حتى الحروب ضد الشر، ببساطة لا يمكن أن تنجز أي شيء. في المدى الطويل، إنها – ببساطة أيضاً – لا تحل المشكلة. وأثناءها يموت أعداد ضخمة من البشر.
    كما استنتجت أيضاً أنه إذا أخذنا في الاعتبار التقدم التكنولوجي المذهل للحرب الحديثة، فإن الحرب تكون حتماً ضد الأطفال وضد المدنيين. عندما تنظر إلى نسبة القتلى من المدنيين إلى العسكريين، إنها تتغير من 50-50 في الحرب العالمية الثانية إلى 80-20 في فيتنام، والآن ربما تصل إلى 90-10 في العراق. هل تعرف جرّاح الحرب الإيطالي جينو سترادا؟ لقد كتب «البَبْغَاوات الخُضْر: يوميات جرّاح حربي». لقد كان يقوم بعمليات جراحيّة في أفغانستان والعراق وأماكن أخرى. تسعون في المائة من الناس الذين أجرى لهم عمليات كانوا من المدنيين. عندما تواجه هذه الحقيقة، يجب أن تعرف أن الحرب الآن دائماً ضد المدنيين.. ولذلك هي ضد الأطفال. لا يوجد هدف سياسي يمكن أن يبرر ذلك.. ولذلك.. فإن التحدي الأعظم أمام الجنس البشري في عصرنا هو حل مشاكل الاستبداد والعدوان دون اللجوء للحرب. (يضحك بخفوت) إنه عمل صعب ومعقد، ولكن لابد من مواجهته، وهذا ما فعلته عندما أصبحت ناشطاً في حركات مناهضة الحروب منذ الحرب العالمية الثانية.
                  

العنوان الكاتب Date
وداعا (Howard Zinn ) - هوارد زن .... أعظم مؤرخى المهمشين . Khalid Kodi01-29-10, 03:58 AM
  Re: وداعا (Howard Zinn ) - هوارد زن .... أعظم مؤرخى المهمشين . Khalid Kodi01-29-10, 04:00 AM
    Re: وداعا (Howard Zinn ) - هوارد زن .... أعظم مؤرخى المهمشين . Khalid Kodi01-29-10, 04:02 AM
      Re: وداعا (Howard Zinn ) - هوارد زن .... أعظم مؤرخى المهمشين . Khalid Kodi01-29-10, 04:08 AM
        Re: وداعا (Howard Zinn ) - هوارد زن .... أعظم مؤرخى المهمشين . Khalid Kodi01-29-10, 04:09 AM
          Re: وداعا (Howard Zinn ) - هوارد زن .... أعظم مؤرخى المهمشين . Khalid Kodi01-29-10, 04:12 AM
            Re: وداعا (Howard Zinn ) - هوارد زن .... أعظم مؤرخى المهمشين . Khalid Kodi01-29-10, 04:28 AM
              Re: وداعا (Howard Zinn ) - هوارد زن .... أعظم مؤرخى المهمشين . Khalid Kodi01-29-10, 04:35 AM
                Re: وداعا (Howard Zinn ) - هوارد زن .... أعظم مؤرخى المهمشين . mansur ali01-29-10, 04:55 AM
                Re: وداعا (Howard Zinn ) - هوارد زن .... أعظم مؤرخى المهمشين . Salwa Seyam01-29-10, 05:43 AM
                  Re: وداعا (Howard Zinn ) - هوارد زن .... أعظم مؤرخى المهمشين . Bakry Eljack01-29-10, 06:29 AM
                    Re: وداعا (Howard Zinn ) - هوارد زن .... أعظم مؤرخى المهمشين . Khalid Kodi01-29-10, 10:35 PM
                      Re: وداعا (Howard Zinn ) - هوارد زن .... أعظم مؤرخى المهمشين . Khalid Kodi01-29-10, 10:39 PM
                        Re: وداعا (Howard Zinn ) - هوارد زن .... أعظم مؤرخى المهمشين . Khalid Kodi01-29-10, 10:47 PM
                          Re: وداعا (Howard Zinn ) - هوارد زن .... أعظم مؤرخى المهمشين . Khalid Kodi01-29-10, 10:53 PM
                            Re: وداعا (Howard Zinn ) - هوارد زن .... أعظم مؤرخى المهمشين . Khalid Kodi02-02-10, 02:26 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de