|
Re: سعاد إبراهيم أحمد: لها في حجب أنواط النضال شوؤن (Re: Hussein Mallasi)
|
وكنت ألقى المحمدين سراً ويحسنان إليّ بطيب الطعام والشراب. وكنت أجدهما كما عهدتهما مثلاً في النبل وحب السودان. ولم يكن بمقدورهما بالطبع النأي من لطعات النظام الأخرق خلال تأديتهما لخدمتهما للوطن في ملابسات استشرى الاستبداد حتى سمي للناس أحزابهم. بل وكنت أنا سراً وعلناً مع اتفاقية سلام الجنوب. بل كان رأيي أنها لم تمنح الجنوبيين استحقاقهم الثقافي كما ينبغي. والأدهى أن الجنوبيين، الذين أثاروا ثائرة الحرب الأهلية في الستينات باسم ثقافتهم الأفريقية، قبلوا بمطل القوميين الشماليين وكفوا عن الحديث عن ثقافتهم متى اقتسموا السلطة (كراسيها) والثروة. وقد كتبت عن هذا في كتابي ''الماركسية ومسألة اللغة في السودان'' الذي صدر في 1976 وجددت طبعه منذ سنوات. خشيت من ''نجرة'' الشيوعيين على الشاعرين وغيرهم من رموزنا الثقافية. وكتبت وثيقة عنوانها ''نحو حساسية شيوعية مبتكرة تجاه الإبداع والمبدعين'' لتربيتهم في أدب الإحسان إلى المبدعين المستحقين للاسم. وقلت فيها إن الشاعر خَلق آخر حتى قال ماركس إن الشاعر بحاجة إلى ''حنان'' هكذا. ومع أننا نريد للشاعر أن يكون في صفنا ضد الظالمين الحذا بالحذا إلا أنه لا يجوز عقد مجلس تأديب له متى تخلف عن هذا الصف. والتمست من رفاقي ألا يحاسبوا الشاعر على ما بدا لهم من هنات في إبداعه بل أن يصبوا جام حسابهم على البيئة الاجتماعية والسياسية التي ربما ألجأته للتقية. وكنت استلهم في هذا الموقف حكمة سمعتها في مناسبة ثقافية بقسم السراي بسجن كوبر. فقد قال لنا أحدهم إن صاغة الذهب متى كنسوا دكانهم عادوا بوسخه أدراجهم إلى الدكان ولم يلقوا به للخارج كما يفعل أصحاب المحال غير الصاغة. فوسخ الصاغة ذهب أيضاً. ولم أرد بالمثل هنا سوى تحكيم العقل في التصرف في الموارد الشحيحة النادرة مثل الذهب والمبدعين. وقد روعتني السيدة سعاد إبراهيم أحمد منذ أيام حين خلعت عن الأستاذ وردي من طرف واحد لقب ''فنان الشعب'' لود بعض رموز الإنقاذ نحوه. ولسعاد في حجب أنواط النضال شوؤن. وقد سبقت سعاد منذ نحو ثلاثين عاماً إلى خلع اللقب عن وردي وإن اختلفت الأسباب. فقد قلت له إن اللقب غير خائل عليك فأنت أكثر تعقيداً من محتوى نوط ''شاعر الشعب''. أنت أجمل من هذا الهتاف.
(يتبع)
|
|
|
|
|
|
|
|
|