|
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. (Re: Khalid Kodi)
|
الخيارات القانونية لوصول تقرير غولدستون إلى لاهاي آخر تحديث:الثلاثاء ,27/10/2009
خليل حسين
بصرف النظر عن النتيجة النهائية للتقرير، يعتبر هذا الإنجاز سابقة في المحافل الدولية ذات الصلة بالقانون الإنساني الدولي المتعلق بجرائم “إسرائيل” ضد الفلسطينيين. وبالوقت نفسه يعتبر مصير التقرير تحدياً حقيقياً لمجلس حقوق الإنسان التابع للجمعية العامة للأمم المتحدة كما لكل الهيئات والمنظمات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان.
ففي الوقائع والحيثيات القانونية، أتت فقرات التقرير المؤلف من 600 صفحة الكثير من القرائن التي تواجه “إسرائيل”، بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ورغم عدم التناسب في حجم الرد المتبادل بين “الإسرائيليين” والفلسطينيين الذي يعتبر من أسس وقواعد القانون الدولي المتعلق بالمدنيين أثناء الحروب، فقد أشار التقرير وبشكل متناسب بين الطرفين ما يشكل بشكل أو بآخر انحيازاً ل”إسرائيل” لجهة محاولة الإرضاء بعد الإدانة.
أما الأمر الأكثر أهمية فيه، وهو من ضرورات أي توصية أو قرار يصدره مجلس حقوق الإنسان هو متابعة الموضوع وملاحقته، ولذلك أوصى التقرير مجلس الأمن الدولي بمطالبة “إسرائيل” ببدء تحقيقات “مستقلة وتتفق مع المعايير الدولية” في احتمال ارتكاب جرائم حرب على أيدي قواتها، وتشكيل لجنة من خبراء حقوق الإنسان لمراقبة مثل هذه الإجراءات. وشدد على أنه إذا تقاعست “إسرائيل” عن القيام بذلك، فيجب على مجلس الأمن أن يحيل الوضع في غزة إلى مدعي المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
فمجلس حقوق الإنسان لا يملك صلاحية رفع القضية مباشرة إلى المحكمة الجنائية الدولية، فيما مجلس الأمن الدولي هو صاحب السلطان في ذلك، كما له شروطه الخاصة وآلياته المحددة وفقا للنظام الداخلي لمجلس الأمن الدولي وكذلك للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
فإحالة القضية من مجلس الأمن الدولي إلى المحكمة الجنائية تتطلب شروطاً عدة، تتعلق أولاً وأخيراً بقرار عنه ذات صفة موضوعية لا إجرائية، أي بمعنى آخر وجوب صدور القرار على الأقل بتسعة أصوات يكون من بينها أصوات الدول الخمس الكبرى، أي لا ينبغي لأية دولة من الخمس التي تمتلك حق النقض معارضة القرار والتصويت ضده.
كما أن إحالة القضية على المحكمة الجنائية الدولية يعتبر عملاً عقابياً للطرف الموجّه ضده (كأشخاص وليس دولة)، والمقصود هنا الضباط “الإسرائيليون” الميدانيون والقادة الذين أعطوا الأوامر العسكرية ونفذوها، إذ إن المسؤولية لا تقع فقط على الجنود أو الفئات التي نفذت بل القادة العسكريين وحتى السياسيون منهم في بعض الحالات إذا توسع التحقيق بذلك.
علاوة على ذلك، إن رفع مجلس الأمن الدولي القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية، مرتبط بأمر آخر، هو تقرير مجلس الأمن نفسه، أن الدولة التي وُجِه إليها القرار وهي “إسرائيل”، هي ليست قادرة على إجراء التحقيق وفق المعايير الدولية، أو هي ليست راغبة بذلك. باعتبار أن المحكمة الجنائية الدولية ليست بديلاً عن المحاكم الوطنية، وإنما تعتبر مكملاً ومساعداً للمحاكم الوطنية وفقا لنظامها الأساسي.
في الحالة الأولى، وهو أن القرار ذات صفة موضوعية لا إجرائية، ما يستدعي إجماع الدول الخمس الكبار على ذلك، وهو أمر بالتأكيد متعذر لجهة رفض الولايات المتحدة التصويت عليه، باعتبارها بداية قد صوتت ضد التقرير، فكيف سيكون موقفها عند بدء تنفيذ الإجراءات العملية له، إضافة إلى ذلك ثمة موقف مبدئي أمريكي في موضوع مجلس حقوق الإنسان وآليات عمله التي تم إقرارها، فقد رفضت المجلس جملة وتفصيلاً من أساسه، بكونه مجلساً فرعياً تابعاً للجمعية العامة للأمم المتحدة الجهاز الذي لا يمكنها التحكّم بتوصياته ومقرراته كما هو مجلس الأمن على سبيل المثال، ومن هنا كان طرحها أن يكون المجلس جهازاً رئيسياً لا فرعياً على غرار الأجهزة الستة للأمم المتحدة، بحيث يكون لها اليد الطولى في تحديد وسائل وآليات عمله المفترضة.
في الجانب الثاني، وهو اشتمال التحقيق على كل من نفذ وأعطى الأمر من ضباط وسياسيين وغيرهم، وهنا تبدو القضية أشد تعقيداً من الوجهة السياسية والقانونية. فالمحكمة الجنائية الدولية هي بحكم نظامها الأساسي وآلياتها القانونية توجّه اتهاماتها إلى الأشخاص بذواتهم الشخصية لا بانتمائهم لدولهم، وبالتالي التهمة توجه إلى “إسرائيليين”، وبالتالي لا الدولة “إسرائيل”، ولا تقتصر القضية هنا بل الموضوع الأساس إذا تعدى نطاق التحقيق الرتب العسكرية إلى الرؤساء والقادة السياسيين، فمثلا ماذا لو وجهت التهمة إلى رئيس مجلس الوزراء “الإسرائيلي” أو وزير الدفاع أو للمجلس الأمني المصغر، وهم جميعهم لديهم حصانات سياسية ودبلوماسية على الأقل في إطار الدولة؟ وكيف سيتم التحقيق معهم في “إسرائيل” نفسها وفقا للمعايير الدولية؟
صحيح أن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يسقط الحصانة عن القادة السياسيين للدول، ويعتبرهم مسؤولين عن أوامرهم التي تؤدي إلى جرائم ضد الإنسانية أو جرائم حرب أو غيرها، إلا أنّ صعوبة تنفيذ ذلك يبدو أمراً صعباً من الناحية العملية، إذ مهما بلغت قوة القوانين الدولية تبقى سيادات الدول الأكثر حضوراً وقوة على الصعيد الدولي، وبخاصة الدول ذات الشأن الدولي أو صاحبة العلاقات الاستراتيجية مع من يهيمن على النظام العالمي. وبمقاربة بسيطة، هل سيكون تعامل المحكمة الجنائية الدولية مع أحد القادة السياسيين “الإسرائيليين” في حال إدانته هو نفس التعامل الذي تمّ به مع الرئيس السوداني عمر حسن البشير مثلاً؟ سؤال يصعب الإجابة عنه بالإيجاب.
أما الجانب الثالث، وهو تقرير مجلس الأمن، إذا كانت “إسرائيل” غير قادرة أو راغبة، فهل من المتصوّر أن يتجرأ مجلس الأمن ويقرّر ذلك، ثمة سوابق في هذا الإطار. في أعقاب مجزرة جنين عام 2002 صدر القرار 1405 عن مجلس الأمن الدولي بناء على لجنة تقصي للحقائق، المضحك المبكي فيه ما ورد في الفقرة الخامسة منه إذ اعتبر “أن موت الفلسطينيين”، إذ استعمل كلمة “موت” ولم يستعمل أقله كلمة “قتل” مثلاً إن لم نقل مجزرة، وكأن جميع من استشهدوا في المجزرة ماتوا بسبب الرشح أو الزكام أو أي مرض بسيط متعارف عليه.
في المقلب الآخر من الموضوع، إذا لم يتمكن مجلس الأمن لسبب أو لآخر من إحالة القضية على المحكمة الجنائية الدولية، كيف ستتجه الأمور، ثمة خيار آخر متعلق بمدّعي المحكمة الجنائية نفسها، وفي هذا الإطار يمكنه التحرّك عفوا إذا كون ملفاً فيه قرائن وأدلة وهي بطبيعة الأمر موجودة بكثرة، لكن السؤال يُطرح من جديد، إذا تمكن اوكامبو من تخطي الشروط الإجرائية كموافقة قاضي البداية، هل سيحرك القضية عفواً، أم كما هي السوابق سيغض الطرف عنها، كما حصل في بعض القضايا المتعلقة أيضاً بجرائم “إسرائيل” في لبنان؟
ثمة عشرات القضايا التي يندى لها جبين الإنسانية التي لم تجد لها مكاناً في العدالة الدولية، وكأن الجرائم الدولية ومحاكمها باتت من الشعارات البرّاقة وعدة شغل النظام العالمي في عصرنا الراهن، فالمحاكم الجنائية الدولية بمختلف أنواعها الجنائية الدولية والجنائية الخاصة والمختلطة أيضاً لم تصل إلى أحكام ترضي أصحابها، ولا حتى إلى لوائح ترضي قضاتها أنفسهم.
دول قُسمت، ومجتمعات أبيدت، وحقوق انتهكت، وما زالت الدول الكبرى تلهو بلعبة المحاكم الدولية وحقوق الإنسان وجرائمها، ولا نقول ذلك يأساً أو تيئيساً، بقدر ما هو عدم المضي في الإفراط بالتفاؤل. صحيح أن القانون ينشئ الحق، لكن تحصيل الحق يستلزم أيضاً القوة، أين نحن العرب والمسلمين من لغة القوة التي نواجه بها في كل قضية صغيرة وكبيرة؟
أستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | Khalid Kodi | 10-19-09, 11:57 PM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | Khalid Kodi | 10-20-09, 00:01 AM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | Khalid Kodi | 10-20-09, 00:09 AM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | Mohamad Shamseldin | 10-20-09, 00:26 AM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | Salwa Seyam | 10-20-09, 02:02 AM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | كمال عباس | 10-20-09, 04:22 AM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | كمال عباس | 10-20-09, 02:48 PM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | nazar hussien | 10-20-09, 03:08 PM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | Khalid Kodi | 10-21-09, 01:14 AM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | بريمة محمد | 10-21-09, 01:17 AM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | Bashasha | 10-21-09, 04:43 AM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | Bashasha | 10-21-09, 04:53 AM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | Mohamad Shamseldin | 10-21-09, 08:04 AM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | Bashasha | 10-21-09, 06:15 PM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | محمد حسن العمدة | 10-21-09, 06:47 PM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | Bashasha | 10-21-09, 07:47 PM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | كمال عباس | 10-21-09, 08:14 PM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | Bashasha | 10-22-09, 01:51 AM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | Bashasha | 10-22-09, 02:26 AM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | nazar hussien | 10-22-09, 07:24 AM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | كمال عباس | 10-22-09, 02:52 PM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | Bashasha | 10-23-09, 08:48 PM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | كمال عباس | 10-23-09, 06:10 PM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | Khalid Kodi | 10-27-09, 03:59 AM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | Khalid Kodi | 10-27-09, 04:02 AM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | nazar hussien | 10-27-09, 08:03 AM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | Khalid Kodi | 10-27-09, 12:20 PM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | Khalid Kodi | 10-30-09, 04:13 AM |
Re: المحكمة الجنائية الدولية تتجه "إسرائيل"، بين دارفور وفلسطين ، للجرم وجه واحد. | Khalid Kodi | 10-30-09, 04:17 AM |
|
|
|