|
تأريخ الكهرباء
|
تاريخ الكهرباء
( البطاطير.........البطاطير.. يا يوسف) حديث عبد القادر حارس المزرعه 1 تواعدنا عند شجرة يطفىء فيها الخريف العاطل ظمأه ، كانت الى جهة الماء و البرق تعدو ، و الماء من يدى يتدفق و البرق يضىء من صدف اناشيدى. تخيرنا بين الأحاجى فيئا و ظلا ، و مرقدا فوق اشلاء الرمل، ثم ولدتنى التى اسميتها امى و انا فى مدارج النطق اتعثر ، حملتنى و خيوط الذاكرة الداكنةالخضرة زمانا، حتى نسيت ملامح الملح و زبانية المركب ، الاشداء ، القساة القتلة ، حملونا على ظهر المركب ، نساء و رجالا، دون ثياب، على ظهر المركب العارى، نتوسد نتوءات خشب البلوط البارزة مثل العظام ، و من خلفنا الساحل ينأى حتى تلاشى فى ضباب اربعمائة عام من الأسرو الفوضى و العدم. 2 نظرت الى جسد ( مس جارفس) ، عيناها مثبتتان فى سماء الغرفة ترقب دنو الساعة الأخيرة فى نهاية القرون الأربعة ، بجانبها زوجها ( جو) يحن لسماع صوتها يخرج من بين شفتيها و لو لمرة واحدة يتيمة ، الصوت الذى سمعه مرارا دون ان يحفل به سوى سنوات العشق الأولى ، مختلطا بصوت الحاكى العتيق الذى تدور فيه اغنيات ( جيمس براون) دون ملل او انقطاع ، حدثتنى ذات يوم ، انها التقت ( جو) و هى غارقة فى اغنية ،(please please please) شاب فارع اسود الأهاب ، ابيض الاسنان و القلب ، ولدت له ألأطفال ، شبوا و تفرقوا ، بحثا عن الرزق ، هاهى و ( جو) يلتقيان للمرة الأخيرة ، قال الطبيب ان ليس لها سوى سويعات ، تزيد او تنقص، لا يهم ، محض دقائق عالقة فوق جدران اربعمائة عام من المسغبة. هدأت الى طمأنينة ساعتها الأخيرة، فكأنما الزمن يتقدمها ناظرا اليها و هى تتخاذل عن اللحاق به ، يهيل رمادا و شحوبا فى منابت شعرها ، يتسرب فى رئتيها و نبضها المتسارع الى همود مثل مقطوعة ل( كاونت بيسى) تأتى الى ختام و تلاش. تبادلنا حديثا خافتا و ( جو) ،تغاضينا صفحا عن لوم الأمل المندحر فوق جبينه المتفصد بالعرق. 3 كانت ( منسية) تشرب المريسة ، و تأتى الى مهرجان صراع ( النوبة) عصر كل جمعة ، بيدها اليمنى عصاة مزركشة بشرائط من قماش ملون و خرز ، تتقافز و تتثنى على ايقاع الطبل المثبت بين ساقى رجلين يقفان ظهرا لظهر ، تسبح فى الفراغ مثل فراشة ، تتوسط دائرة الرجال الذين لمعت أجسادهم المسقاة بزيت السمسم و اقدامهم الموشحة بشرائح السعف و العلب الصغيرة الفارغة ، تقتات بصوتها الحاد من همس الصدور و رزيمها و هزيمها ، غذاء السلوى لأحزانها المستترة تحت لزوجة الكهرباء ، جاءت يوما فى غير موعد المهرجان، و البثور تغطى جسدها الرقيق ، صاح السابلة من رعب ..الجدرى...فرجمها الرجال و الصبية بالحجارة فقضت مثل زانية او كلب عقور ، خمدت انفاسها فأنكمشت ساعتها الأخيرة الى ثوان محضة عالقة فوق جدران احزانها ، ما تيسر لها ان ترى الخرطوم تخفى بثورها ، حتى لا ترجم كالزانية . كانت الكهرباءتشحذ شفرةالحب بألسنتها، و توقد العشق فى الأسطوانة القديمة ، حتى علاها الغبار وولدت على متنها الكهرباء الساكنة ، وولد معها عارها، و انطفأ السراج حين نضب الزيت و ظلت الأسطوانة فى دورانها ووقدتها معلقة فى خيط الكهرباء ،و قلب ( مس جارفس) فى خفقانه ينبض تحت وقع اوركسترا ( كاونت بيسى) ، ينبض فى جسد ميت ، و الكهرباء تسرى تضىء كل شىء ، الا ابتسامة أخيرة على شفتيها ، ضلت طريقها حال انطفاء السراج، ابتسامة ظل ( جو) يحلم برؤيتها فى عطش رغبته الى اجتياح جسدها مثل سريان الكهرباء فيه، شوقه الى شرخ فى الأسطوانة تتعثر فى احابيله الأبر و تتساقط الأغنيات فى هوة اخدوده، ثقب فى الزمن تتأخر فيه الأغنيات عن عصرها ، و تسقط من خلاله ( منسية) فى فراغ التخاذل عن اللحاق برمق منه. انقضت لعبة عصر الجمعة، وتواترت الكهرباء فى مجيئها و رواحها مثل محنة او مواقيت صلاة ، و عند الشجرة اطلقنا ( الكايوتى) فى الفضاء نتصيد البرق ، و نصنع الكهرباء ، نضىء صدف الأناشيد و القبلات و رسائل العشق الألكترونية ،، عند الشجرة حملنا ثوبها ننفض عنه ( الشراء) ، فألتصق الشراء بالخيوط و عار الكهرباء الساكنة، و حين ادركنا الونى، جلسنا فوق مقاعد شجر البلوط و كهرباءها البريئة ، فولدتنى التى اسميتها امى و انا فى مدارج النطق اتعثر ، و ( مس جارفس) ترمقنى بعين تشع بسحر الكهرباءو ابتسامة من النتروجين. 4 سنار ازدحمت جذوع الاشجار و تكالبت على جانب الخزان الجنوبى ،و احذية من البلاستيك الملون ولكن معظمها اسود ، سقطت من أقدام فلاحات ( السوكى ) و هن فى رحلتهن عبر الخزان ، قال عمى من اعماق بشرة كالقمح ( المحنة ..نار قصب) ، و طفق يشرح لى بعزم مخلص معنى قوله ، اشترى لى جلبابا تفوح منه رائحة الكهرباء و هو يترحم على روح والدى ، و فى السماء طيور الرهو و السمبر تسبح فى استرخاء مزاحها مع الزمن ، و على جانب الخزان الشمالى تفصد الماء مثل العرق على جبين ( جو) ، و اماله المندحرة. أضاعت ( زينب) فى موسم الخفاض حذاءها البلاستيكى الملون ، بيد انها واظبت على عبور الخزان حافية ، مع بقية الصبيات يهزجن ( يا الله ..متين نشوف الخرتوم) ، عبد القادر ، حارس المزرعة لم يكن يكف عن طلب الكهرباء ( يوسف...البطاطير .....البطاطير....قلت ليك البطاطير ) ، و حين رأى محمد المسامير تغطى السماء فى حلمه ، ماتت زوجته زينب، فواصل حجامة جسده فى صبر و جلد و اخفى احزانه فى كهرباء روحه، يمتلىء الكوب الفارغ بالدخان، فيضعه على جسده العارى حتى تنبت على سطحه بثور ممتلئة بماء عكر ، يفصدها بالموسى ، و يطلق تنهيدة حرى. ( يوسف ..يوسف...البطاطير) و المذياع يؤنس وحدته مختبىء من زمن يوشك المركب فيه على الأقلاع.
تاج السر الملك
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
تأريخ الكهرباء | Tagelsir Elmelik | 04-09-08, 11:50 PM |
Re: تأريخ الكهرباء | دينا خالد | 04-10-08, 07:44 AM |
Re: تأريخ الكهرباء | طلال عفيفي | 04-10-08, 08:14 AM |
Re: تأريخ الكهرباء | ibrahim fadlalla | 04-10-08, 01:01 PM |
Re: تأريخ الكهرباء | Tagelsir Elmelik | 04-10-08, 11:25 PM |
Re: تأريخ الكهرباء | Tagelsir Elmelik | 04-10-08, 06:08 PM |
Re: تأريخ الكهرباء | Rihab Khalifa | 04-10-08, 11:47 AM |
Re: تأريخ الكهرباء | Tagelsir Elmelik | 04-11-08, 03:41 PM |
Re: تأريخ الكهرباء | الجندرية | 04-10-08, 04:44 PM |
Re: تأريخ الكهرباء | وجدي الكردي | 04-10-08, 07:54 PM |
Re: تأريخ الكهرباء | Tagelsir Elmelik | 04-12-08, 12:16 PM |
Re: تأريخ الكهرباء | Tagelsir Elmelik | 04-14-08, 06:02 PM |
Re: تأريخ الكهرباء | Tagelsir Elmelik | 04-11-08, 03:48 PM |
Re: تأريخ الكهرباء | الجندرية | 04-11-08, 11:31 PM |
Re: تأريخ الكهرباء | Tagelsir Elmelik | 04-14-08, 02:42 PM |
Re: تأريخ الكهرباء | Adil Osman | 04-10-08, 10:01 PM |
Re: تأريخ الكهرباء | Tagelsir Elmelik | 04-11-08, 03:51 PM |
Re: تأريخ الكهرباء | esam gabralla | 04-10-08, 10:27 PM |
Re: تأريخ الكهرباء | Emad Abdulla | 04-10-08, 11:31 PM |
Re: تأريخ الكهرباء | khatab | 04-11-08, 03:11 AM |
Re: تأريخ الكهرباء | Saifeldin Gibreel | 04-11-08, 06:32 AM |
Re: تأريخ الكهرباء | Tagelsir Elmelik | 04-12-08, 06:08 PM |
Re: تأريخ الكهرباء | Tagelsir Elmelik | 04-12-08, 04:08 PM |
Re: تأريخ الكهرباء | Tagelsir Elmelik | 04-11-08, 05:56 PM |
Re: تأريخ الكهرباء | على عمر على | 04-11-08, 06:50 AM |
Re: تأريخ الكهرباء | ريهان الريح الشاذلي | 04-11-08, 09:44 AM |
Re: تأريخ الكهرباء | Tagelsir Elmelik | 04-12-08, 08:28 PM |
Re: تأريخ الكهرباء | Mohamed Yassin Khalifa | 04-12-08, 10:09 PM |
Re: تأريخ الكهرباء | Tagelsir Elmelik | 04-13-08, 11:53 AM |
Re: تأريخ الكهرباء | Tagelsir Elmelik | 04-13-08, 11:35 PM |
|
|
|