|
Re: قراءة في أوراق: منبر السلام العادل ... (Re: Gafar Bashir)
|
منبر السلام العادل / الشمال:
القبلية / العنصرية / الجهوية / الاستعلاء الثقافي / التمييز العنصري – الديني – الثقافي - الإثني
هذه المفاهيم مهما اختلفنا حولها لا تزال تمثل مفاهيم إجتماعية في الأساس تنتظم وتنتشر في جميع أجزاء السودان بكيفية وكمية تختلف من مكان لآخر لكنها تشكل جزءاً من صياغتنا مهما كان انتماؤنا الثقافي أو الإثني أو القبلي ... أو الجغرافي وهي ليست مقصورة علي السودانيين فهي مفاهيم كونية في الأساس تنتظم الكرة الأرضية. الشعوب التي نجحت في تحجيم هذه المفاهيم إستطاعت إستيعاب هذه التوجهات من خلال مؤسسات سياسية واجتماعية واقتصادية شكلت أوعية لصهر المجتمع وايجاد مصالح مشتركة تتجاوز أفق القبيلة ... وبرغم أن السودان خطا عدد من الخطوات في ذات الاتجاه إلا ان هنالك ردة حدثت حينما استولت الجبهة الإسلامية علي السلطة وفرغت المؤسسات الحكومية من مفاهيمها القومية كما ان عجز الكيانات السياسية الأخري عن التماسك في مواجهة هذا التقسيم الجديد جعل الجميع يركض في كل الانحاء بحثاً عن ملجأ آمن في القبيلة والثقافة ...
إذن اذا كانت هنالك من أرض خصبة يمكن أن تنتشر فيها مثل هذه الافكار فهي سودان اليوم بكل تركيبته وتوجهاته .. مضافاً إليها ان المنبر في الأساس لم يخاطب العقل بل العاطفة وهي تشكل جزءاً كبيراً من الشخصية السودانية لذا نجد شخصاً مثل الطيب مصطفي يكتب في افتتاح مقاله ((بين مذبحة ملكال وقبيلة النعام!! )):
(( تتواصل مأساة السودان الكبرى التي بدأت منذ أغسطس 1955م بما عُرف بتمرد توريت الذي قُتل فيه وفي 13 مدينة ومركزاً بجنوب السودان مئات الشماليين ويستمر التطهير العرقي لأبناء الشمال لكن هذه المرة في مدينة ملكال التي شهدت مصرع العشرات من الشماليين تم دفنهم في مقابر جماعية لتكون شاهدًا جديدًا مع عدد من سابقاتها المنتشرة في مدن وقرى الجنوب على المأساة ولتحكي عن قصة شعبين متنافرين تأبى قبيلة النعام من سياسيي السودان منذ فجر الاستقلال إلا أن تحشرهم في وطن التناقض والتنافر... تأبي إلا أن تعذِّبهم وتقهرهم رغم أنف التاريخ والجغرافيا ورغم مشاعر الكراهية التي جعلت الزعيم الجنوبي بوث ديو يقول منذ الستينات ومن داخل الجمعية التأسيسية (لو كنت شماليًا لانتحرت) والتي جعلت (الجلابي) أو المندكورو هو الشيطان الرجيم عند معظم أبناء الجنوب ورغم ذلك يستمر مسلسل الانتحار البطيء في نفق وحدة الدماء والدموع. ))
وإطلاق مثل هكذا أحاديث للعاطفة الشمالية مليئ بالدموع والبكاء والنحيب ومحتشد بالعواطف من كراهبة ومقولات يتم إستدعاءها ... لا يعدو كونه تغييب للعقل علي حساب العاطفة ... وهو ما لاتحتاج له اية قضية عادلة كما وأنه ابتزاز أكثر منه طرح سياسي او فكري لا يختلف عن الابتزاز الديني الذي مارسته الجبهة الاسلامية طوال عقود ....
وللأسف فان هذه الدعوة وفي مثل هذه الاجواء التي نعيشها لا شك وانها ستجد قبولاً .. ليس لأنها صحيحة بل لأن الخصم ... خصم هذه الدعوة أيضاً لا يجد في الكثير من الأحيان سوي اللجوء يدوره إلي استدعاء القبيلة والي مخاطبة العاطفة .... ليدخل الجميع في مأزق يمكن ان يصل الي حدود الحرب التي خرجوا منها قبل قليل ....
لذا سيظل هذا الابتزاز العاطفي قائماً في مواجهة أهل الشمال ... تستغله الجبهة الإسلامية في تنفيذ برنامجها ... ثم تلقي به ليلتقطه منبر السلام العادل ومن يأتي بعده ولا مجال في الحقيقة لمحاصرته سوي محاصرة المفاهيم التي يرتكز عليها إجتماعياً ... وسياسيا ... وقانونيا .
|
|
|
|
|
|
|
|
|