انصار السنة سيحكمون السودان..................

Quote: حول لقاء الختان مع الدكتورة ست البنات - جريدة الصحافة فتاة نزار.. وكبوة أول المشوار رباح الصادق نزار عوض عبد المجيد صاحب صباح الرائعة، مجلة الصغار (والكبار) التي رافقت مشوار الديمقراطية الثالثة وذوت مع "الإنقاذ"، أخرج في منتصف التسعينيات صحيفة "فتاتي" والتي "بالرغم من صدورها في عهد تراجعت فيه حرية الصحافة السودانية إلى أدنى مستوى وتعرضها لإيقافات متلاحقة، فقد بلغت الكمية المطبوعة من العدد الأخير خمسين ألف نسخة وقد كان ذلك ضعف ما تطبعه كل الصحف السودانية مجتمعة في ذلك الوقت".. ثم ذوت "فتاتي" بعدها، ومؤخرا بشرتنا شركة الآفاق الجديدة بأن كل من فتاتي وصباح ستعاودان الصدور.. كثيرون ممن أدمنوا "صباح" التي عدت بحق إحدى إشراقات الديمقراطية السودانية، أو من تابعوا فتاتي كرشة في زمان المحل أشرعوا القلوب واستعدوا لنفحات جديدة، وكم كان مخيبا أن يصدر العدد الأول في 11 مارس المنصرم وهو يحمل في طياته تناولا شائها لإحدى أهم قضايا فتيات السودان ألا وهي قضية الختان.. كان التناول شائها لأنه عرض وجهة نظر وحيدة: هي وجهة نظر المدافعين عن الختان، بينما أغفل منابر وشخصيات عديدة لها آراء مناوئة فظهر كأنما دعاية مرسلة من أجل ختان البنات، وبالرغم من أن ذات العدد حمل خبرا عن "مؤتمر حول الدين وعلاقته بعادة تشويه الأعضاء التناسلية في شرق إفريقيا" في 29-30 مارس الماضي، إلا أن الخبر جاء مقتضبا، بينما أعطي اللقاء مع الدكتورة ست البنات خالد المحاربة بدرجة فارس من أجل الإبقاء على ختان البنات وزنا كبيرا وخرجت الدعاية في الصحف عن العدد الأول وهي تبشر به. إن الناظر لمسيرة تقدم ونهضة المرأة السودنية لا يناله شك أن هذا اللقاء وشبيهاته من معرقلات تلك المسيرة، والناظر لسيرة "صباح" والمرجو من "فتاتي" لن يتردد في أن يقول: إنها كبوة أول المشوار!.. فلماذا هي كبوة؟. لأن التناول لهذه القضية الهامة والحساسة جدا يجب أن يكون موضوعيا ومتزنا، ويمكن لأحدهم أن يغمض عينيه عن الدعوة لمحاربة الأصوات التي تدعو للختان لأجل عيون بنات السودان وسلامتهن، ولكن ليس بإمكانه أن يغفل ضرورة توازن الخطاب بين المؤيدين والمعارضين حتى يتاح للقارئ الترجيح بين الأقوال اللهم إلا أن تكون "فتاتي" نفسها مبشرة بختان البنات، وهنا فلن نقف عند وصف ما قامت به بأنه كبوة جواد أو هفوة فارس، بل ستكون "فتاتي" نفسها إحدى حفر الظلام في بلادنا وما أكثرها تحت حكم "الإنقاذ".. وكنا قد كتبنا من قبل مشيرين لبعض تصرفات السيد رئيس الجمهورية حين أيد بعض المنادين بختان الإناث وأساء حملة محاربته واتهمها بالعمالة للغرب في العام 2003م، وذلك بالرغم من أن جمهورية السودان قد تبنت رسميا استراتيجية للقضاء على ختان الإناث منذ العام 1992م وهو عام "إنقاذي". بالرغم من ذلك أيضا صدرت العديد من الوثائق من جهات رسمية تابعة للدولة تؤيد الختان ليس أولها ولا آخرها الفتوى رقم 10/د/26هـ الصادرة عن مجمع الفقه الإسلامي برئاسة الجمهورية في مايو 2005م والتي أشارت لها واحتفت بها الدكتورة ست البنات.. فهل تريد "فتاتي" حقا أن تلحق بهذا "الركب الميمون"؟!! كان كبوة أيضا لأن الخطوط العريضة للقاء كانت: "المنظمات التي تحارب الختان الشرعي تدعو للإباحية والشذوذ" و"إنهم يقودون المرأة للانسياق وراء شهواتها".. ولا يخفى هنا الإرجاف في حق كل من يدعو لوقف ختان البنات، وما نقمت منهم ست البنات إلا أنهم يخالفونها في الرأي الفقهي والعلمي وهذا لم يقل به حتى الأئمة الأربعة.. فهل الدكتورة آمنة عبد الرحمن ؟ رئيسة جمعية محاربة العادات الضارة- المدلية بخمارها على جيبها داعية للإباحية الشذوذ وهي المستجيبة لنداء ربها فيما هو دون ذلك؟!.. وهلا تفضلت السيدة ست البنات بإيراد أمثلة لمن نادى من منظماتنا بالإباحية والشذوذ أو دعا المرأة للانسياق وراء شهواتها؟ إنها حينما أرادت أن تضرب الأمثال لم تجد سوى الحديث عن أن الدعوة لوقف ختان البنات ستتبعها الدعوة لوقف ختان الأولاد وحتى هذه لم تجد مثلا سودانيا فاستعانت بأحاديث الدكتورة نوال السعداوي!!.. إننا نبشر الدكتورة بأن دعوة وقف الختان كانت دعوة الصالحين في السودان من لدن الشيخ حمد ود أم مريوم، والآن يقف إلى جانبها إمام الأنصار، وقادة الختمية أمثال الشيخ أبو سبيب، وكذلك شيخ الصوفية المغفور له بإذن الله الشيخ البرعي صاحب المدحة الرائعة: علموهن.. أكرموهن.. لا تختنوهن!!. إن محرر "فتاتي" حينما يضع تلك الخطوط العريضة "المثيرة" للإعلان عن لقائه إنما يحبذ الإثارة حتى ولو بلغت حد الإرجاف، ومثل هذه التهم الجزافية ممنوعة بحق الأفراد والمؤسسات قانونا ودينا ومستنكرة عرفا.. فهي من أسأم كبوات فتاتي في ثوبها الجديد. وكان اللقاء كبوة لما احتوى عليه من درجة عليا من انعدام المصداقية، فالدكتورة (اختصاصية أمراض النساء والتوليد) التي تتهم المنظمات العاملة في حقل ختان البنات، تخفي وتراوغ حول أسئلة كثيرة بعضها وجهت للدكتورة ومن ناصرها في هذا المنبر من قبل: فالذي يتابع دعوتهم للختان الشرعي وما يقصدونه يعلم علم اليقين أنهم يتحدثون عن نوع من الختان لم نعرفه في السودان بعد ولا تعرف عنه المنظمات المحاربة شيئا، لقد أوردنا من قبل حديث الدكتورة فتحية حسن ميرغني الأستاذة بجامعة أم درمان الإسلامية بعنوان «تأصيل ختان الإناث» حول تعريف الختان غير الشرعي أنه: شقطع أي جزء زيادة على قلفة البظر ويشمل الختان الفرعوني (الكامل) والمتوسط والفرعوني المحسن وغيرهما. وعليه فإن الختان الذي يقطع فيه جزء من البظر يدخل في الختان غير الشرعي فهو من درجات الفرعوني وليس من «السنة».. وبعد أن أوردت حديثها (في ورقتها الثرة التي رجعت فيها لمصادر فقهية وعلمية كثيرة منها ورقة كتبتها الدكتورة ست البنات) خاطبت هذا التيار المنادي بالختان المسمى شرعي قائلة :( إن الضجة التي قامت بين المجيزين لنوع أسموه شالسنةد والناشطين لمكافحة كافة أشكال الختان ضجة نظرية وحسب. إن كل أنواع الختان التي تجري في السودان حتى التي يسمونها سنة هي غير شرعية حتى بمفهوم من رأوا شرعية ختان البنات. ولو أرادوا أن ينفذ ما يدعون له فعليهم أن يأتونا بخبراء جدد يتأكدون من وجود "الفضلة" قبل إزالتها (ومعلوم أنها تختلف من بلد أو إثنية لأخرى)، ويحرصون ألا يشوه خلق الله ولا تمس المختونة في عضو حيوي وعليهم أن ينادوا بتوقيت جديد للختان الذي يؤيدون يمارس بعد بلوغ الفتيات (لأن الفضلة الشبيهة بما لدى الذكور التي يشيرون لها لو وجدت فليس قبل سن الرابعة عشر). وقبل كل شيء عليهم أن يعلنوا صراحة أن كافة أنواع الختان الممارسة حاليا بما فيها المسمى «سنة» هي غير شرعية) وأن ينتظموا في صف محاربتها كتفا بكتف مع المنادين لمحاربة كافة أنواع الختان الموجودة في السودان الآن.. هذا لو كانوا صادقين أو كن صادقات فيما يقلن. هذا من ناحية. من ناحية ثانية فإن الدكتورة ست البنات تقول أن الختان الذي يدعون له موجود في أمريكا ويسمى ختان الحب، وهذا صحيح فبعض النساء في أمريكا يسعين لإزالة الغلفة كوسيلة لزيادة المتعة في العلاقة الزوجية ؟ أسوة بختان الرجل- وهذا نفسه ما أكدته ورقة الدكتورة فتحية راجعة لبحوث الدكتورة ست البنات، وهذا بالطبع يعني أن نوع الختان الذي يدعون له ينتج عن مزيد من المتعة، فكيف بالله يعن للدكتورة ست البنات أن تقول أن الداعين لوقف الختان "يقودون المرأة للانسياق وراء شهواتها" إلا إذا كانت تدعو ليس لما يصفونه في أوراقهم بالختان الشرعي، ولكن للفرعوني بدرجاته والذي يسعى بدون وجه حق لأن يقضي على متعة المرأة جزئيا أو كليا؟! ونحن لسنا في حاجة للخوض في النصوص الإسلامية للتأكيد أن العلاقة الزوجية السليمة ليس فيها غمط لحق المرأة أن تقضي نهمتها كما الرجل وقد قال رسول الله لابن عمر (إن لأهلك عليك حقا).. إن هذه الدعوة فاقدة المصداقية ساقطة في مقياس العقل والدين معا.. إننا لا نظن أن المنظمات التي اتهمت ورميت بتلك التهم ستصمت عنها، ولا نظن أن دعوة الدكتورة ست البنات ستصيب شيئا في نهاية الأمر ولو عوقت قليلا، فوقف ختان البنات هو نداء الدين المستنير والعقل المتقد والمصلحة الراجحة، وسينمحي ختان البنات إن عاجلا أو آجلا مثلما انمحت الشلوخ كوسيلة للزينة فالزبد يذهب جفاء.. وإن من سلمن من الختان سابقاً في عصر جداتنا مساء إليهن وإلى ذريتهن، فإنهن في جيلنا تكاثرن مفخرة ودليلا على استنارة ذويهن، أما بالنسبة لجيل بناتنا أو لنكون أقل تفاؤلا ونقول "حفيداتنا" فستكون المختونة هي المشوهة التي تستحق الشفقة أو الدليل على جهل ذويها وبعدهن عن الجادة.. وسنرى ذلك بأم أعيننا بإذن الله لو كان بالعمر بقية.. نعم هذا الأمر لن تغيره هذه الأصوات النشاز التي لن تفلح إلا في توقيع سيمفونية محاربة الختان بشكل أفضل.. بالطبع فإن حكومة السودان مواجهة الآن بأن تحسم مواقفها ومواقف رسمييها بين استراتيجية محاربة كافة أشكال الختان التي اتخذتها وأهرقت عليها الأموال، وبين التيارات المناوئة داخل رئاسة الجمهورية بأذرع الفتوى والاساءة للمكافحين (وعلى رأسهم حكومة جمهورية السودان) إن مثل هذا الطريق الملتوي التي تسلكه الحكومة (أجري مع الصيد وطارد مع الكلاب) لن ينفع لا الصيد ولا الكلاب، وهو طيرق غير جدير بحكومة تحترم نفسها وشعبها.. أما "فتاتي" فعليها أن تثبت حقا أنها من أجل فتاة السودان، وأن ما قامت به لم يتعد كونها كبوة جواد، فتكفر عن ذلك التناول الشائه بتجنيد نفسها جندية مخلصة من أجل خير البنت السودانية ووقف مسلسل معاناتها.. لقد كانت إنعام في العام الماضي شهيدة من ضمن شهيدات عملية الختان الأثيمة، وعلى فتاتي أن تصطف لوقف قطعان شهيدات "الجهل" اللائي يسبلن وتزهق أرواحهن أو تشوه أعضاؤهن ونفسياتهن وتضر صحتهن فداء لعيون الظلام، أو أن تدشن بحق منبر ناشر للظلام، لا سمح الله.