حيدر وحساب البيدر: الشماليون فى الحركة الشعبية

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-23-2024, 07:01 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2009م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-25-2009, 12:27 PM

عبدالغفار محمد سعيد
<aعبدالغفار محمد سعيد
تاريخ التسجيل: 04-17-2006
مجموع المشاركات: 10075

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حيدر وحساب البيدر: الشماليون فى الحركة الشعبية (Re: عبدالغفار محمد سعيد)

    منتدى(الأحداث 9 )

    د. حيدر إبراهيم علي:(2ـ2 )

    قياداتنا تتمحور حول الإدعاء، والتعالي الفارغ، وإنفصام الفكر والسلوك والخواء الفكري والروحي والنرجسية
    على رأس مفوضية انتخابات شموليون لم يعرف عنهم التعامل مع نظم ديمقراطية
    من المستحيل قيام سودان جديد بعقل قديم
    سيكون هناك سودانان: أحدهما قديم في الجنوب، والآخر اكثر قدماً في الشمال.
    إتفاقيات السلام لن تحدث تحولات ثقافية واجتماعية عميقة تتجاوز الانقسامات الإثنية والجهوية

    حوار: صلاح شعيب


    Quote: الأسئلة: التي يثيرها (منتدى الأحداث) تهدف إلى معرفة آراء الخبراء، والأكاديميين، ونشطاء المجتمع المدني في بعض القضايا والمواضيع التي فرضت نفسها في واقع الجدل السياسي، بعضها منذ الإستقلال وأخرى جاءت في السنين الأخيرة، ولا زالت معلقة ولم تجد حلولا ناجعة من قبل الحكومات المتعاقبة. في الأيام السابقة إستضفنا عددا من الناشطين، كل في مجاله، لمعرفة تصوراتهم ورؤاهم حول الكيفية التي بها يمكن معالجة هذه القضايا، وإشباع هذه المواضيع حوارا بين النخب المتعددة في مشاربها الفكرية والسياسية والإثنية والثقافية والإجتماعية. وسنواصل هذه الحوارات بأمل خلق مساحة لحرية التداول، تتنوع فيها الآراء ليحدد القراء مواقفهم من الإجابات المطروحة بكل حرية وموضوعية سواء من المنتمين إلى هذه التيارات السياسية أو تلك. وإنطلاقا من قاعدة ( الحرية لنا ولسوانا) نأمل أن نتيح الفرصة لكل ألوان الطيف السياسي والثقافي دون إنحياز، كما نأمل أن تجد كل هذه الآراء طريقها للنشر ليستخلص القراء الكرام المفيد منها في معرفة عمق التباين في أفكار ومرجعيات النخب السودانية في تحليلها عند الإجابة على هذه الاسئلة، والتي هي لا تمثل كل الاسئلة الضرورية التي تشغل ذهن الرأي العام والمنتمين لهذه التيارات. إن الهدف الأساسي من فكرة (منتدى الأحداث) هو تعزيز ثقافة الحوار الديمقراطي
    حول هموم وأسئلة المهتمين بالقضايا الوطنية، وكذلك تعميق أمر الإعتراف بالآخر، والاستنارة برؤى الناشطين في
    حقول الحياة السودانية مهما كان الإختلاف الفكري معها. وسيواصل المنتدى في المستقبل التطرق لكل القضايا
    إجابات الدكتور حيدر إبراهيم علي، الأكاديمي، ومدير مركز الدراسات السودانية على أسئلة الجزء الثاني لـ


    : (منتدى الأحداث) الحيوية. وفي هذه المساحة نقرأ معا

    ** هل ترى اي غياب في القيادة السياسية المجمع عليها والقادرة على وضع التصورات الفكرية لما ينبغي ان يكون عليه واقع الدولة السودانية؟

    ( - ) كان موقفي الناقد للأحزاب وقياداتها السياسية نظرياً، ولكن عرفتهم عن قرب خلال فترة المنفي والعمل في الخارج خلال الفترة 1990 حتى 2001 ثم بعدها في الداخل مجدداً. وكانت نتيجة هذه المعرفة المباشرة أنهم فقدوا
    رصيدهم الضئيل أصلاً من الاحترام والأمل. تكاد صفات الجمود وغياب الخيال والرياء والضحالة والمناورة تكون صفات فهي تتميز بقدر كبير من الادعاء، والتعالي والإحتيال لتمويه الخواء الفكري والروحي
    والنرجسية . وجدت مسرحاً سمجاً يملأ خشبته المهرجون والحواة وبالعو الأمواس ومرقصو القردة. الفارغ، وإنفصام الفكر والسلوك ، ووجدت آنذاك في مونولوج كبير الرحيمية، حارة التمبكشي، خير وصف لتلك
    المهزلة، وكنت أردد مع بعض الأصدقاء:
    كان في ثلاثة في حارة التمبكشي
    اتنين عمي.. وواحد ما بشوفشي
    لقوا تلات ريالات.. اتنين براني وواحد ما بسرشي
    اشتروا بيهم تلات وزات.. اتنين طارن وواحدة ما رجعتشي
    دخلوهم الفرن.. اتنين حرقوا وواحدة ما طلعتشي
    لما كلوهم زعلوا من بعضهم..
    وحيزعلوا من آيه ؟ اذا كل اللي اتقال ما حصلشي

    من العبث الحديث عن هذه القيادات بجدية، قيل لمظفر النواب: لماذا شعرك بذئ؟ فرد على السائل: أرني موقفاً أكثر بذاءة مما نحن فيه؟ وقد يقول المرء هنا، أرني موقفاً أكثر عبثية وكوميديا سوداء مما نحن فيه لكي أقول ماهو أكثر جدية؟
    الزعامات: زعيم تلبسه وهم الكونية والعالمية لذلك غلّب انه زعيم كوزوموبوليتان
    (Cosmopolitan)
    رغم إنتمائه لطائفة شديدة المحلية حتى داخل الوطن. يقال إن العالمية – على الأقل في الأدب وجائزة نوبل – هي
    القدرة على التعبير عن المحلي. يهمه تقديم محاضرة عن المياه العذبة في روما أكثر من حفر بئر للشرب في مناطق نفوذه في الغرب خلال ثلاث سنوات من الحكم (86 – 1989 ). زعيم آخر يتسلى بلعبة صراع الديكة في حزبه ويضحك في كم قفطانه في حبور وسعادة. وكلما تكاثرت الصراعات زادت اللعبة إثارة ومتعة والقى فيها بمزيد من حطب الخلافات. الزعيم الثعلب كلما خفتت عنه الاضواء كسر الظلام والصمت بتصريح سياسي متفجر وإن لم يجده فجراب الفتوى ملئ بالاثارة و الديني
    .(Striptease)
    قيادات إنتقلت بسهولة من عقلية بيوت الاشباح الى الحديث عن اكتساح الانتخابات النزيهة والحرة ومعهم حديثهم المر والاستفزازي والذي لا يحترم احدا والقدرة على تطبيع الكذب والفساد. زعماء الكهوف واساطير الأولين مع
    التعالي والادعاء بسدانة المعرفة والتحليل والعلم. قيادات لأحزاب تتساوى عددية اللجنة المركزية او المكتب السياسي مع عدد العضوية والجمعية العمومية. المسرح السياسي رماد شامل وحصاد هشيم فهل يخرج طائر فينيق من هذا الركام والرماد؟

    * هل أضعف بروز التيارات والأفكار (الإثنية أو الجهوية) إلى سطح العمل السياسي الهمة القومية في كل مناحي الحياة، وهل ترون أن هذه التيارات والأفكار ستختفي في حال الوصول إلى سلام دائم في كل أنحاء القطر عبر تسوية قومية؟
    ( - ) ماهي مظاهر الهمة القومية منذ الاستقلال؟ وماهي البرامج والسياسات التي سعت الى وجود سودان تعددي متسامح ومستقل التنمية وعادل في توزيع الموارد؟ تم تكريس الانقسامات القبلية والاثنية بطرق مختلفة من أهمها التوزيع الجغرافي للدوائر الانتخابية والذي هو في حقيقته توزيع قبلي. فمنذ انتخابات 1953 تسمى بالدوائر الانتخابية – على سبيل المثال: بقارة عرب، دار مساليت شمال وجنوب، نظارة الفونج وشمال الفونج، الحلاوين، سنار كواهلة جوامعة شرق، دار حمر، الجبال الوسطى، البديرية، دار حامد، الكبابيش، حمر الجنوبية، جوامعة
    غرب، المسيرية الزرق، الهدندوة، الامرأر والبشاريين، الشلك، النوير، مورو.. الخ وحين تغيرت التسميات – شكلياً – احتفظت العوائل القبلية بدوائرها المغلقة (المقفولة) مثل زاكي الدين، الصديق طلحة، يوسف العجب،
    عائلة هباني ومادبو وبحر الدين وحمد الملك، والشيخ ود بدر علي التوم، ابو سن، الهندي، محمد ابراهيم فرح، سرور رملي، نقد الله، بابو نمر، ترك، المكاشفي.. الخ لم يتم دمج العناصر السودانية في وطن واحد ولكنها كيانات قبلية متجاورة. وخسرت القوى الحديثة معركتها مع القبلية والاثنية، فالنميري الذي تبنى شعار ثورة اكتوبر بتصفية الادارة وأصدر قرارات فوقية اعاد في النهاية الادارة الأهلية. والنظام الاسلاموي الحالي عاد الى
    جاهلية القبيلة بقوة بسبب انتهازيته اذ وجد فيها البديل للانتماءات الحزبية والايدويولوجية. فعمل على تقوية الولاءات القبلية وفي كثير من الأوراق الرسمية الآن توجد خانة لبيان القبيلة. فقد أعادوا السودانيين الى علاقات أولية تقليدية – يسميها بعض الانثروبولوجيين بدائية وهذا بالتأكيد على حساب علاقات المواطنة والحوار والعمل والمهنة خلافاً لعلاقات الدم والمصاهرة والقرابة الدين بقوة في تحديد العلاقات القومية، وفي داخله ايضاً تشققات أخرى من خلال اختلافات الطرق الصوفية والمذهبية ايضاً. وللدين في تجلياته المختلفة دوره في المساعدة من الهروب امام تحديات الحداثة والتغيير الاجتماعي. إذ يعطي بعض الأمن والملاذ للخائفين من رعب الحرية والاختيار بإعطائه الأجوبة الجاهزة والمريحة واعفاء الفرد من قلق البحث والشك. تظهر تضامنية صوفية او دينية لكنها لا ترقى الى التضامنية القومية العابرة لحدود الطريقة او العقيدة او القبيلة. ولا اعتقد ان اتفاقيات السلام سوف تنجح في احداث تغييرات وتحولات ثقافية واجتماعية عميقة تتجاوز الانقسامات الأثنية والجهوية. بل العكس، فالنظام الفيدرالي هو «تحديث» ومأسسة للقبلية في شكل مختلف. فالسودان موعود بتنامي ظاهرة الأثنية والجهوية طالما غاب المشروع القومي الوحدوي متعدد الثقافات. وفي صحف اليوم 15/6/2009، صدام بين قبيلة لو نوير وجيكاني نوير (لاحظ قبيلة واحدة) راح ضحيته 40 شخصا. ألاحظ استخدامنا لمصطلحات ومفاهيم غير دقيقة في السياق السوداني، كما في السؤال، مثل "فكر" الاحزاب والتنظيمات السياسية، القواعد، القيادات. هذه تسميات
    فيها بعض التجاوز ولكن نقبل بها رغم ذلك في هذا الحوار. فالاحزاب الكبرى لا تحتاج لفكر كما ان قواعدها لا
    تطالبها بذلك. فهل تظن ان حزب الأمة يوزع برنامجه على الناخبين في الجزيرة ابا، او الحزب الاتحادي
    الديمقراطي على جماهيره في سنكات ثم يدور نقاش واختلاف ؟ الحالة السودانية فريدة وغريبة، فهي تطلق اسم الديمقراطية على البرلمانية، واسم الحزب على الطائفة، واسم القيادات على ابناء وبنات الامام او مولانا. وقبل ايام أعلن حزب المؤتمر الوطني "انسلاخ" حوالي ستة آلاف من الاتحاديين وبقياداتهم من الحزب الاتحادي الديمقراطي وانضموا للمؤتمر الوطني. ونقرأ الآن السيد فتحي شيلا القيادي بحزب المؤتمر الوطني وبعد سنوات في نفس الموقع في الحزب الاتحادي والتجمع الديمقراطي في الخارج وبعد ان خرق آذاننا بـ:سلم تسلم، سلم مفاتيح البلد. والمرحوم احمد سليمان من مؤسسي الحزب الشيوعي السوداني الى قيادي في الجبهة الاسلامية القومية.
    والفريق عبدالرحمن سعيد من القيادة الشرعية ليلقي كلمة ضافية وحماسية في ذكرى انقلاب 30 يونيو الذي أطاح به من الجيش وشرده في الخارج. والسيد الصادق المهدي من الديمقراطية عائدة وراجحة الى التراضي الوطني مروراً بتهتدون. يا صديقي لا تبحث عن المواقف الثابتة والجماهير الوفية فكل هذا لا يوجد الا في ذهنك فقط. وفي النقطة الأخيرة لابد لنا من اعادة النظر في رومانسية التغزل في الشعب السوداني وصفاته. وهذه شعبوية ساذجة – ان صح تحريف مفهوم شعبوية الذي توصف به نظم جماهيرية اقرب الى المستبد العادل امثال بيرون في الارجنتين – واقصد بها هنا تمجيد الشعب بلا شروط وتحفظات. نحن نكرر شعبنا عظيم وننسب الى الاستاذ محمود محمد طه قوله: شعب عملاق يحكمه اقزام. ومن المفارقة، كانت هناك حشود جاءت لكي تتفرج على اعدام الاستاذ بتهمة الردة ورددت هتاف: الله اكبر ! حين اعدم. أي شعب هو مادة خام او كتل صماء من البشر اذا لم يتم نشر الوعي بينه وتنظيمه وتحديد اهدافه القومية. لقد اهلمنا هذا الشعب في الفترة الاخيرة ولم يعد هذا الشعب يحتج او يرفض او يتمرد او يصرخ. صحيح خرجت كثير من الكوادر النقابية والمثقفين ولكن هذه الفترة أليست كافية لاحلال عنصر جديد. حتى الاتحادات الطلابية يسيطر عليها الآن الاسلامويون، وعذر تزوير الانتخابات مرودود لانه لو حدث فلابد ان يقاوم ويكشف. النظام الحالي لا يحترم شعبه فلابد ان يفرض الشعب الاحترام، اذ نلاحظ ان النظام لا يهتم بأي اتهامات او نقد من الداخل ولكن اي كلمة تصدر من مؤسسة أجنبية مهما كانت قيمتها، يهتم بها النظام وعلى مستوى آخر، لم تعد الحكومة تهتم ببرمجة قطوعات الكهرباء واعلانها على الناس وذلك لانها تعلم ردود فعلهم. وهذه من مظاهر اعادة صياغة الانسان السوداني أي سلبه القدرة على الاحتجاج والمعارضة وتأكيد كرامته وحقوقه. لا توجد قيادات ولا قواعد ولا فكر، هذا سديم سياسي بلا ملامح وهو ايضاً من سمات عصور الانحطاط

    * أيهما أقوى تاريخيا في تجربة دولة ما بعد الاستقلال: صراع الهوامش الجغرافية مع الجولة المركزية، أم صراع الآيدلوجيا والدولة؟


    ( _ )هذا السؤال تمت الاجابة عليه ضمناً في الاسئلة السابقة. واكرر غياب الدولة، اذ لا يمكن قيام انقلاب بثلاثمائة عسكري أغلبهم من السلاح الطبي والمدنيين المرتدين لزي عسكري. والانقلاب يلغي الاشكال الجبنية السابقة للدولة بالفصل التعسفي والتسريح لعناصر مكونة لجهاز الدولة تم تعليمها وتأهيلها بأموال الشعب لتخدمه. ويقوم الانقلاب الجديد (بثورة تعليمية) تلغي المناهج والكتب المدرسية وتغيرها في شهور قليلة قد تكون خلال العطلة المدرسية. وهذه الدولة غير المكتملة تقوم بفرض اللبس على المرأة وبتحديد مواعيد الاستيقاظ والنوم ولكن تعجز عن اجلاس تلاميذ المدارس ولا توفر لهم الكراسي والكتب. بعد الاستقلال كانت دولة السيدين والرخص التجارية والمشاريع الزراعية. ثم (دولة النميري) الذي احتفل بعيد ميلاد لينين المئوي عام 1970 وبعد عام 1983 كان يفخر بعدد الايدي التي قطعها بعد قوانين سبتمبر. وأخيراً انتظرنا من المشروع الحضاري دولة المدينة فاوصلنا الى الامنوقراطية والجوكية وخليك سوداني. أين الدولة في كل هذا حتى نتحدث عن قوتها او ضعفها او صراعها ؟


    * المثقف سوداني: ماهي حسناته وعيوبه وهل يتحمل بعض الوزر في فهم كيفية العلاقة بين السلطة والمثقف ما بعد فترة الاستقلال؟


    ( _ ) ر غم ان الاخ د. عبدالسلام نورالدين مهد لنا بتعريفات للمثقف الا أن حتى لها شئ متبقي. لا أريد ان اكرر ما قيل وأميل لتعريف اجرائي فضفاض يفرضه الاستخدام والفهم السودلانيين إذ نستطيع "مط" المفهوم تاريخياً ليشمل الشيوخ والفقراء الذين قارعوا السلاطين او حازوا على حق الشفاعة وابطال الاحكام، ونسميهم انتلجسيا السلطنة الزرقاء ولازمت الميوعة وعدم الدقة استخدام مفهوم المثقف. لذلك كانت دوائر الخريجين اشارة لإمتياز (المثقفين) أي المتعلمين في اختيار خاص في الانتخابات. وقد تسمح عدم الصرمة المفاهيمية لوصف كل من يصوت في هذه الدائرة بانه من المثقفين. وهناك خلط سائد بين المثقف والأديب او المهتم بالأدب. فكل من يحفظ الشعر ويستشهد به وله لغة عربية خطابية، يجوز على صفة مثقف وفي الفترة الاخيرة مع الهبوط العام، قد يصعد الى: مفكر. ومن آليات بسط هيمنة الاسلامويين صناعة المفكرين : والمثقفين. فقد بدأت بتعليم جامعي في جامعات لا تملك مقومات مدرسة ثانوية لا اساتذة ولا معامل ولا مكتبة ولا حرم جامعي ولا نشاط... الخ ففي هوجة
    الثورة التعليمية فتحت 26 جامعة خلال فترة وجيزة، وكأني بهم يخلطون بين انشاء جامعة وبناء جامع .
    الآلية الثانية هو تعويم الشهادات او اغراق المجتمع بشهادات عليا بدون شروط ومؤهلات. وأصبح الحصول على درجة الدكتوارة في سهولة الحصول على شريحة موبايل. وكثر اللقب لدرجة تساوت مخاطبة الشخص بيا دكتور او يا حاج لا تفرق كثيراً. ورأيت رسائل دكتوارة لا يعرف اصحابها طريقة اثبات المراجع والمصادر وكتابة الهوامش. كما ان الغالبية العظمى ليس لديها المام بأبجديات لغة أجنبية ثانية. يضاف الى ذلك ضحالة وتفاهة الموضوعات التي تبحث. وأخيراً سهولة منح درجة الاستاذية .
    الآلية الثالثة وهي استغلال وسائل الاعلام بالذات المرئية في تلميع اشخاص بعينهم، وحضورهم الدائم المعروض على المشاهد وتقديمهم كخبراء ومختصين وعالمين بكل شئ. ويتم تداول اسماء لشخصيات محددة وتفرض على الندوات والمؤتمرا والملتقيات. وهكذا كونت السلطة نخبتها وهذه علاقة جديدة. فقد كانت النخبة او الصفوة في الماضي موجودة وينحاز جزء او قطاع منها الى السلطة ويبرر وينظر لها. ولكن الاسلامويين اضافوا الى ذلك صناعة نخبة وفرضها من خلال عملية تزييف وعي طويلة ومستمرة بلا كلل. اعتقد ان المثقف السوداني الحقيقي لابد له من صفتين ان يكون نقدياً ولا يرى انه ليس في الامكان احسن مما كان، بل العكس تماماً. والصفة الثانية التي روج لها سارتر ان يكون ضميراً شقياً لشعبه او لأمته او جمهوره. وفي هذه الحالة يحدد المثقف بوظيفته فهو مع التغيير ويعمل من أجله وهو مستقبلي. لذلك يصعب ان تدرج السلفي والمحافظ ضمن المثقفين. شخص مثل اليوت شاعر مجيد ولكنه رجعي، وشتاينبك كاتب ممتاز ولكن تأييد لامبريالية امريكا في أواخر أيامه تنقص من قدره. ولدينا في السودان لقويون وشعراء وأدباء وعلماء نابغون ولكنهم لم ينحازوا للتغيير والتقدم. وهذا ما سماه النبي الكريم: علم من لا ينفع. وكان يردد انه يخشى على أمته من عالم يضلها بعلمه. هؤلاء علماء غير مثقفين.
    علاقة المثقف بالسلطة فيها كثير من الالتباس. أولاًَ لابد من الاقرار بوجود اشكال للسلط ( وان شئت السلطات) وليس السلطة السياسية فقط. وهنا ينسى المثقف انه صاحب سلطة معرفية او فكرية أقوى من تلك السياسية وحين عقد برتران رسل وسارتر محاكم الضمير للحرب في فيتنام والاسلحة النووية، استخدموا سلطة المثقف.


    وهناك من يقول ان الثقافة هي سياسية المجتمع والسياسة هي ثقافة الدولة، فهل يستطيع المثقف السوداني ان
    يفرض هيمنته على المجتمع ؟ ولكن المثقف السوداني يفتقد روح المبادأة والمغامرة، لذلك لابد له من الحزبية
    والسياسية الضجة لكي يجد الأمان. وهذه أولى سقطات المثقف السوداني والذي كان عليه ان يقتدي بصيحة نيتشة
    عش في خطر ! وفي بحث المثقف السوداني عن الأمان يعيش الثنائية والشيزوفرنية فهو منقسم الى نقيضين في واحد. ويتسطيع ببراعة ان يفصل بين القول والفعل او الممارسة. ينطق باكثر النظريات تقدماً ويتصرف ويسلك كأعتى الرجعيين. وهو بالتأكيد عند أزمة منتصف العمر سوف يبحث عن شيخ وطريقة صوفية يغسل فيها طيش الشباب او كما يقول الاسلامويون الجدد من اليساريين والليبراليين: جاهليتنا السابقة. وبالتالي يدين أفضل سنوات
    حياته ويعمل على نكرانها والتخلص منها وهذه مأساة المثقف السوداني .
    هناك وجه آخر للمأساة التي يعيشها المثقف السوداني وهي الفوات التاريخي. فنحن نعيش بالزمن الفلكي في القرن الحادي والعشرين، ولكن بالزمن العقلي والحضاري حدث لنا تثبت في القرن السادس عشر وبالتحديد بداية دولة الفونج ( 1504 ) فالمثقف يقرأ ويتحدث عن آخر النظريات الحداثية وما بعد الحداثة ولكن يعيش فعلياً في أزمنة تاريخية خاصة حين يتعامل مع أسرته الممتدة: كما ان الحياة العامة الخالية من المسارح ودور الاوبرا وصالات العرض وزيارات الفرق الموسيقية العالمية والمؤتمرات الدولية التي تتيح التفاعل مع عقول الفرق الموسيقية العالمية والمؤتمرات الدولية التي تتيح التفاعل مع عقول أخرى.. الخ لذلك يتحدث كثير من المثقفين عن الرواية الجديدة وقصيدة النثر وهم جالسون بخشوع على "بنبر" امام بائعة الشاي: حليوة، قرب المركز الثقافي الالماني، أذكر انني حين رأيت هابرماس في جامعة فرانكفورت منتصف السبعينيات، داهمني خاطر غريب يقول: انا مالي وهابرماس بينما والدتي ما زالت تدق الزار وجدي في القرير يكتب حجبات ويعطي المحاية والبخرة ! واذكر
    مناقشات القاهرة قبل عقد من الزمان، وكان أحد المتحمسين (الحداثيين) يملأ الجو بفوكو ودريدا والتفكيكية، ويقطع حديثه ليذهب الى الحمام لكي يبصق السفة ويعود. وكنت أقول له يستحيل ان يتجاور داخل هذا الفم التمباك وفوكو في آن واحد ! وفي نقاشات أخرى عن الموسيقى وأدورنو كنت أقول للاصدقاء ان هذه الموضوعات اكبر مننا تاريخياً وليس نظرياً لأن جدة (او حبوبة) ادورنو كان لديها بيانو في غرفتها تعزف عليه قبل النوم !
    يشبه المثقف السوداني بلده السودان في ممارسة هدر الامكانات. اذ تجد المثقف يهدر امكانياته في مجالات عادية ولدي كثير من الأمثلة لهذا الهدر وأقولها بالاسم دون حرج. فمن الشخصيات التي اتأسف عليها الاستاذ عبدالله زكريا والذي كان يمكن ان يكون جمال حمدان (شخصية مصر) السوداني في الجغرافيا، وهذا رأي استاذه حمدان ايضاً. فقد أهدر عمره في القيام كان يمكن ان يقوم به عمال سوداني كان يعمل بالجماهيرية في مصنع الاحذية بمصراته. وأقصد الدعوة للجان الشعبية والثورة وهناك الدكتور كمال شداد، دكتوارة في المنطق ( الفلسفة) من الستينيات ويضيع طاقته في مشاجرات الوالي والارباب والكاردينال وقبله د. حليم وهناك د. عبداللطيف البوني استاذ علوم سياسية متميزة يضيع طاقاته كمستشار او ككاتب عمود في عدد من الصحف الصفراء وكثيراً ما اتساءل هل الأفيد للسودان جهد اطباء مثل الدكاترة حسين ابوصالح والشفيع خضر وغازي صلاح الدين
    ومصطفى خوجلي ومصطفى عثمان اسماعيل وغيرهم كثر، في معالجة السودانيين الذين يجمعون كل أمراض الدنيا، ام هدر معرفتهم وخبرتهم في (اللغلغة) السياسية والتي يجيدها اي شخص من طرف السوق العربي .
    وأخيراً هل حقيقة: كل امرئ يحتل في السودان غير مكانه ؟



    المصدر:

    حوار منعته الرقابة :د.حيدر إبراهيم: سرق الإسلاميون المس...تأميم الشعب السوداني
                  

العنوان الكاتب Date
حيدر وحساب البيدر: الشماليون فى الحركة الشعبية عبدالغفار محمد سعيد07-23-09, 03:18 PM
  Re: حيدر وحساب البيدر: الشماليون فى الحركة الشعبية عبدالغفار محمد سعيد07-23-09, 06:27 PM
    Re: حيدر وحساب البيدر: الشماليون فى الحركة الشعبية عبدالغفار محمد سعيد07-24-09, 12:13 PM
      Re: حيدر وحساب البيدر: الشماليون فى الحركة الشعبية عبدالغفار محمد سعيد07-25-09, 12:27 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de