|
سَنةْ الجّحَمّ-من مذكرات فاطنة تمر السوق.
|
(1)
-وفاطنِة اللالوُبا، شَبه ضوء الرتِينة، تمر السُوقـ، الكلام السمعنا فوّكا دا شنوه؟ كان الغيظ يلهبُ السماء والتراب وما بينهما، يمضغ القطاطي، ويمزق نياط صخور الوديان الى كومة من اللظي الحامي، ريح السّمُوُم بطشت برمال الصحراء من افخاذ الوادي فهربت لتطّمُر خياشيم البيوتات، كلاب الحّي هزلت ولم تعد تقوي على النُباح من فرط الجوع، والافق تتراقص في مداه اشباح من رِهاب، والسراب بحر يهرب من نفسه الى احشاءه، السماء تسربلت بلون احمر قاني اضحي مثل سجادة كشميرية مصبوغة لم تتم، وموج من الرمل يركض من قلب السديم الى بطن الوادي، الارض تشققت وتفسّخت مثل ثعبان يلفظ قشور جلده، حتي شجرة التبلدية في لُبُّ السوق، تبرّجت وتعّرت من اغصانها وبدأت سؤتها امام العالمين، عاصفة تُرابية تمسح رؤس الفُرقّان وتكنس (الضريسة) الى حيث ينام العِباد وتتغلغل في مسامات جُدارن الغرف المخلوقة من اعواد البُوص واغصان شجر الكِتّر، غُرف تبحلق في بؤسها ببلاهة تتوسل النسيم العليل كي يُقبّلها بعد ان تلفّحتها روائح دخّان حطب السِدّر واللّعوت، افترش الصمت صدر الفراغ واتكئت (العناقريب) في حضن بعضها البعض، كنسوة في مأتم جنائزي، العيال يلعبون تحت شجرة النَبقْ المُسنّة حفاة عراة كيوم الحشر، البئر يتيمة الحي الحزين،نضبّ ماؤها واستحالت وكر لحيوان ابونضلاف وعياله، الذئاب التي تدبّ في بطن الظلام كي تتسول الدجاج والسخلان، هاجرت غرب الوادي ولم يعد احد يسمع عُوائِها، الا المسجد المعروش من البروش والقصب اكتظ بالمصلين المسنّين والشباب والغلمان والنساء، وامسي مثل سبيطة بلح،مثل منحلة نحل، كعنقود عنب، او كقندول ذُرة، وعندما يتوسد المغيب الجبال، ينَسل عبدالله قرشين الى حيث لا احد يراه ويذوب وسط العتمة، خلف القطاطي والفرقان ينحر اوتار ربابته ليخلق اللّحن المقدّس.
|
|
|
|
|
|