|
أقوم من نوم الاقى النوم أنوم تانى
|
هذه المقولة التى كانت شهيرة جدا فى زمنا حتى اننا وضعنا لها لحنا شجيا واضفنا لها بيتا فاصبحت
اقوم من نوم الاقى النوم انوم تانى وجوة النوم انسى كل احزانى
كنا فى ذلك الوقت نستخدم هذه الاغنية لمداعبة المتأخرين عن دوام المدرسة من الطلبة أو حتى من الاساتذة كما كنا نحي بها قدوم الاجازة كنوع من الشوق للراحة و النوم.
الحقيقة أنه لم يحدث ان ارتحنا فى اى اجازة كاغلب الطلاب فى ذلك الوقت إذ كان يحرص الآباء على الحاق ابنائهم بمختلف المهن حتى لا يركنوا للنوم و الكسل او تضييع الوقت فى اشياء قد تضرهم وكان ابى من ضمن هؤلاء الآباء فقضينا معظم اوقات اجازاتنا المدرسية ونحن نعمل او نتعلم السباحة او اى منشط آخر فقد كانت هذه المناشط متوفرة و برسوم رمزية.
اذكر انه حتى فى زمن المدرسة كان الوالد يوقظنا يوم الجمعة ابكر من ايام المدرسة و يشغلنا بسقى الزهور التى كانت لها العشرات من الاصيص الموضوعة فى كل مكان بالمنزل و تنظيف الاشجار و الحيشان وحتى خارج المنزل بما فيها جداول الخريف الصغيرة. كان هذا يتم وسط احتجاجاتنا ودمدمتنا بينا وبين نفسنا" عليكم الله حسع ابونا ده مشغول كل الاسبوع صباح ومساء بدل ما ينوم ليهو حبة يوم الجمعة يتعب نفسو و يتعبنا كده لييه؟"
خطرت لى هذه الخواطر بسرعة عندما كان طبيب الاسنان اللبنانى يحاول أن يحدد لى موعدا : " السبت بتصحى بكير" " ممكن تسعة ونصف تكون هنا؟"
ابتسمت و قلت له اننى اكون خارج فراشى يومى الاجازة عند السابعة صباحا وحكيت له باختصار عن ماذا كان يفعل بنا آباءنا فى ذلك الوقت فتعجب وقال " يوم الاجازة انا بنام حتى الواحدة ولما افيق بيكون خلاص نص اليوم ضاع"
قلت له كان ابى يقول أن النوم موت وانت نايم بتفوتك نص احداث الدنيا المثيرة. قلت لنفسى ربما كان معه حق فقد كان يعمل صحفيا لكننى اعترف ان الصحو المبكر متعة خاصة لا يعرفها الا من يمارسونه.
ربما تكون هذه الخواطر مدخلا لمناقشة موضوع هام يؤرق مضجع الآباء و الآمهات هذه الايام وهو قدوم الاجازة و السهر المستمر للأبناء الذين اصبحوا كالخفافيش ينامون طيلة النهار و يصحون كل الليل و حقيقة يعانى الآباء بشدة من هذه التصرفات التى لم كانت منعدمة لأجيال بعدنا ولكن مع انتشار اجهزة الكمبيوتر و النت و الموبيلات و القنوات الفضائية على مدار ال 24 ساعة اصبح من الصعوبة بمكان السيطرة على طريقة حياة الابناء فقد اصبح السهر التام فى الاجازة ظاهرة عامة وحقيقة لا يجد لها الكثير من الآباء أى حل.
بعض الآباء يقول ان الاولاد مادامو فى البيت فلا توجد مشكلة ولكنى اقول ان الوجود الدائم للابناء فى البيوت يفقدهم التواصل الطبيعى مع الآخرين واكتساب الخبرات الضرورية للحياة كما ان ما يشغلون به انفسهم داخل البيوت لا يشكل اى ذخيرة ايجابية لحياتهم المستقبلية فتجئ الاجازة وتذهب و يخرج منها الابن او البنت بدون اضافة اى شئ لحياته.
هذه المشكلة التى كانت تقتصر على ابناء المغتربين فقط تسللت للسودان مع عودة بعض هؤلاء الابناء للأجازات واصبحت منتشرة الآن.
من غبر المنصف مقارنة ما تربينا عليه مع ما تربى عليه و يتربى عليه اطفال ومراهقو هذه الايام ولكن لا يمكن أن يكون ما يحدث شيئا صحيا لابد ان تكون هناك بعض الحلول ربما من الافضل ان نفتح نقاشا هنا و نتور ببعض الاراء و يا حبذا اراء المختصين والى ذلك الوقت دعونا نغنى مرة اخرى
اقوم من نوم الاقى النوم تانى مرحبا باجازة مفيدة و سعيدة
|
|
|
|
|
|
|
|
|